ولطالما كانتا إيران والسعودية على طرفي نقيض لما يزيد على عقد تجاه كثير من الملفات الإقليمية، وتحولت تلك الملفات إلى ساحة لتصفية الحسابات في ظل توتر تقليدي بينهما كان لها انعكاساته في العراق وسوريا واليمن.
توقعات بانفراجة مرتقبة خصوصا في سوريا
"أظن أننا سنكون أمام انفراجة كبيرة"، بتلك العبارة استهل محمود الشناوي مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط حديثه، لوكالة فرات للأنباء، عن تأثير التقارب السعودي – الإيراني على الأزمة السورية، قائلا إن الملف السوري شهد حالة من الجمود إلى حد ما، ومن المعروف أن طهران كانت الداعم الرئيسي والأول لنظام بشار الأسد، وعلى النقيض منها كانت المملكة العربية السعودية وكانت من الرافضين لوجود بشار على رأس النظام وكانت دائما ما تسعى إلى التغيير في سوريا وإيجاد حل لا يكون الأسد عنصرا فيه.
وتابع مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط بشأن الموقف السعودي أنه مؤخرا وقبيل إبرام اتفاق عودة العلاقات بين الرياض وطهران أكد وزير الخارجية السعودي أن المملكة ليس لديها مانعا في التعامل مع نظام الأسد، وبالتالي هناك ليونة في المواقف في ظل تقارب مع إيران، وهذا يمكن أن يساعد في مسار الحل السياسي للأزمة على نحو يرضي كافة الأطراف خصوصا الأطراف الإقليمية.
وكان الأمير فيصل بن فرحان آل سعود وزير الخارجية السعودي صرح في 19 فبراير الماضي خلال مؤتمر ميونخ للأمن بأن الدول العربية بحاجة إلى نهج جديد حيال سوريا، مؤكدا أن هناك إجماعا عربيا على أنه لا بد من الحوار مع دمشق وأنه لا جدوى من عزل سوريا.
ويجمع مراقبون على أن تصريحات وزير الخارجية السعودية حملت رسالة واضحة بما لا يدع مجالا للشك أن موقف "الرياض" يتغير تجاه النظام السوري، أسوة بأطراف عربية أخرى مثل دولة الإمارات العربية المتحدة الجارة الخليجية للمملكة.
ويؤكد "الشناوي" في ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء أن التقارب السعودي الإيراني سيذيب الجليد في كثير من الملفات وخصوصا الملفين السوري واليمني، لافتا إلى أن هناك توجه عربي تقوده مصر في الوقت الحالي يسعى إلى تحريك المياه الراكدة في الأزمة السورية.
مصالحة قريبة مع النظام السوري في ظل تقارب طهران والرياض
يتفق طارق البرديسي الخبير في العلاقات الدولية مع رأي "الشناوي"، ويقول، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء، إنه من المتوقع أن يكون هناك ما يمكن تسميته "تبريد مواقف" بين السعودية وإيران ينعكس على الأوضاع في سوريا، والملف السوري تحديدا هو الذي سيشهد التأثير الأكبر للتقارب بين طهران والرياض لأنه واقعيا بات الملف الأسهل والأيسر والأقرب للحل.
ويوضح "البرديسي" أن زيارات المسؤولين العرب لسوريا وهدوء اللهجة التركية تجاه النظام السوري كلها تحركات تؤكد بوضوح أن المصالحة مع النظام السوري تقترب، وأن عودة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية باتت قريبة، ولن تكون مصالحة كاملة مع النظام بقدر ما أنه توجه يحمل قدرا من التهدئة والتبريد في معظم الملفات.
وأكد خبير العلاقات الدولية أن الدول المنخرطة في الأزمة السورية بات لديها قناعة بأنه لم يعد هناك داع لسياسة التطاحن والعراك، وإنما البحث عن صيغة يكون الجميع فائز فيها، لافتا إلى أنه بناء على ذلك من المتوقع جدا أن تكون هناك علاقات طبيعية بين السعودية والنظام السوري بل وكل الأنظمة العربية مع الحكومة السورية، مشددا على أنه لا منفذ بالنسبة للأزمة السورية غير هذا المسار الذي تسير فيه.
توقعات بعودة سوريا إلى مقعدها بالجامعة العربية خلال القمة المقبلة
وفي 11 نوفمبر من عام 2011 قرر وزراء الخارجية العرب في اجتماع عقد بالقاهرة تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية، إلى حين التزام النظام السوري بتنفيذ بنود مبادرة عربية، في إجراء أتى كعقاب سياسي نفذ بداية من 16 نوفمبر 2011.
تقول دكتورة هدى رؤوف الباحثة المتخصصة في الشأن الإيراني، لوكالة فرات للأنباء، إن التقارب السعودي الإيراني من شأنه تسهيل عودة سوريا إلى الحاضنة العربية، بل ومن المتوقع أن تكون سوريا حاضرة خلال القمة العربية المقبلة.
وأضافت أنه من الطبيعي أن ينعكس التقارب بين الدولتين على الوضع في الأزمة السورية، وخصوصا كما أشرت فيما يتعلق بالعلاقات العربية مع الحكومة السورية، لافتة إلى احتمالية عودة العلاقات بشكل مباشر بين الرياض ودمشق، مستشهدة في ذلك بتصريحات وزير الخارجية السوري وكذلك ما قامت به الإمارات من قبل.
أما عن مسألة توقف جميع مظاهر الأعمال المسلحة في سوريا في ظل هذا التقارب، تقول الباحثة في الشؤون الإيرانية إنه يجب أن نضع في الاعتبار أن هناك فصائل أخرى مثل تنظيم داعش الإرهابي وبعض القوى المرتبطة بتركيا المتصارعة مع نظام بشار الأسد، وبالتالي الأمر لا يقتصر على طبيعة العلاقة بين المملكة ونظام بشار الأسد.