بينما يتابع العالم تبعات عملية قتل زعيم داعش من قبل الولايات المتحدة في بلدة أطمة التي تحتلها تركيا في الشمال السوري، وبين شكر الرئيس الأمريكي جو بايدن لقوات سوريا الديمقراطية لمساعدتها في العملية والمواقف التركية من هذا الشكر والتقدير الأمريكي لدور قسد، تبقى تساؤلات عديدة حول حقيقة ما يجري في مناطق عدة من التي تحتلها تركيا في الشمال السوري، وخاصة عفرين المحتلة وسياسة التغيير الديموغرافي المتسارعة التي تتم على قدم وساق والأغرب في المسألة الجماعات والأطراف التي تدعم هذه العمليات ما يفتح الباب على تساؤلات عدة حول الأسباب التي تدفع أطراف عدة للجوء إلى هذه الخطوات التي لا تخلو من خيانة واضحة لحالة الإنسانية.
ومن بين أغرب المواقف في السياق تأتي المواقف الفلسطينية الداعمة والمسيرة للاحتلال التركي في الشمال السوري بصور مختلفة لعل أغربها جمع الأموال لتسريع عمليات التغيير الديموغرافي خاصة في عفرين المحتلة.
الملمح الغريب كان للافتات تعددت مناطق رفعها في الشمال السوري تُعبر عن كم المشاريع التي تُمولها جماعات وشخصيات بل ومدن كان أبرزها لافتة مشروع دعمه كما كُتب "أهالي قلنسوة وأهل الخير في الداخل الفلسطيني"، ولافته أخرى تشير إلى أن أهل عرب ٤٨ قدموا مساعدات وصور دعم لبناء مساجد وبناء قرى كاملة، وذلك عبر جمعية ما يسمى بالأيادي البيضاء تركية الأصل والتواجد، وذلك في سبيل استغلال القضية الفلسطينية لتمرير مخططات التغيير الديموغرافي التي تتم على قدم وساق منذ ثلاثة أعوام وحتى الآن وعلى مرأى ومسمع من الجميع.
الغريب في الأمر أن الفلسطينيين في الداخل الإسرائيلي، وخاصة منسوبي الحركة الإسلامية في إسرائيل (الجناح الجنوبي)، يتحركون بصورة متسارعة من أجل دعم حركة التغيير الديموغرافي عبر بناء تجمعات سكنية بأكملها ويعبرون عن فخرهم بذلك بصورة تدعو إلى الأسى، وهو ما ظهر مؤخرا في قرية كاملة بنها جمعية الإغاثة ٤٨ وذلك لإحلال ٦٠٠ أسرة في شمال سوريا، وهو الأمر الذي يفتخر به رئيس الحركة التي تأسست قبل عقود بالسير على خطى الإخوان المسلمين، ثم سرعان ما انقسمت إلى قسمين شمالي حظرته إسرائيل وجرمته، وجنوبي فاعل في الحياة السياسية داخل إسرائيل بل ويدعم أعضاءه فكرة يهودية الدولة ويُسق الحجج والمبررات لها، وهو نفسه التيار الذي يعمل مع تركيا على دعم عمليه التغيير الديموغرافي في الشمال السوري، متخذا من اسم فلسطين والمقاومة ذريعة وغطاء للانتهاكات التي تتم وتتسارع على قدم وساق.
وبصلف منقطع النظير يكشف حماد أبو دعابس رئيس الجناح الجنوبي للحركة الإسلامية في إسرائيل، الذي انتهت رئاسته للحركة قبل أيام قلائل، أن الحركة تتبع لها جمعيات من بينها الإغاثة ٤٨ والمرخصين من قبل إسرائيل يرسلون الأموال بالبنوك الإسرائيلية إلى تركيا من أجل تمويل ودعم مثل هذه المشاريع المتسارعة، بما يُسهم في تثبيت الاحتلال التركي لشمال سوريا.
وبدوره يقول الرئيس الجديد للحركة صفوت فريج إن حصيلة ما تم جمعه من تبرعات لحملة "فاعل خير" التي أطلقتها جمعية الإغاثة48- الحركة الإسلامية لبناء وحدات سكنية في الشمال السوري، إلى أكثر من 1500 منزل، وأنها لا تزال الحملة مستمرة وتشهد إقبالًا كبيرًا وتهدف إلى جمع ثمن بناء 1800 منزل.
وحتى اللحظة يبقى التساؤل حول ما يريد هؤلاء من تلك المنطقة وعلاقة إسرائيل وتركيا بهذه الحملات التي تهدف بالأساس إلى إحداث تغيير ديموغرافي في كل الشمال السوري بما يُفيد تركيا ويُغير الخريطة السكانية في تلك المناطق، وهو الأمر الذي يدعمه ويؤيده كل عناصر جماعة الإخوان الإرهابية وبصورة تلفت إلى أن ثمة محاولات لتمرير تلك العمليات التي تحتاج إلى وقفة لما لها من تبعات تسهم في ترسيخ الاحتلال التركي للشمال السوري بدعم كل هؤلاء عبر دعاوى بأنهم يدعمون اللاجئين.
وقد حاولت وكالة فرات وعبر وسائل التواصل الاجتماعي أخذ تعليقات من رئيس الحركة الاسلامية والذي ينشر صور القرى المبنية وعمليات التبرع لكنه لم يعقب على أسئلة الوكالة الموجهة له رغم تلقيه لها.
العجيب فعلا أن كل ما هو إخواني يُعبر عن دعم هذه التحركات بمشهد يُثير الشك والريبة، لكن كان أبر من عبر عن دعمه لتحركات الحركة في دعم الاحتلال التركي وعمليات التغيير الديموغرافي كان الإرهابي المصري يحيى موسى الذي أعلن صراحة دعمه لتحركات الجمعيات التابعة للجماعة الفلسطينية في الداخل المحتل، والتي يتضح منها ملامح دعم الاحتلال الإسرائيلي لها لاسيما أنها تتم عبر بنوك إسرائيل الرسمية وبقبول واضح رغم منع أي تحركات شبيهة للقسم الشمالي من الجماعة.
وتأتي مواقف موسى والتي أعلنها على صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي تزامنا مع إصدار حكم من القضاء المصري بإحالة أوراقه مع تسعة آخرين من قيادات الاخوان إلى المفتي، وهو الحكم الذي أصدرته الدائرة الأولى إرهاب والمنعقدة بطرة في مصر، الأحد الماضي، لأخذ الرأي الشرعي في إعدامهم، لاتهامهم بتشكيل مجموعات مسلحة لتنفيذ عمليات عدائية ضد أفراد وضباط الشرطة ومنشآتها.
وحددت المحكمة جلسة 19 يونيو للحكم في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"كتائب حلوان".