في الوقت الذي فرض فيه الاتحاد الأوروبي عقوبات على تركيا لتنقيبها غير القانوني عن الغاز قبالة ساحل قبرص، تجد أنقرة نفسها مجددا وحيدة وبعيدة عن معادلات الطاقة الجديدة في شرق المتوسط، بعد أن أخذ التكتل الاقليمي في مجال الغاز ومقره القاهرة دفعة قوية من المجتمع الدولي بمشاركة الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي في اجتماعه الثاني، وتأكيد واشنطن وبروكسيل على دعم التعاون بين بلدان المنتدى لتحقيق أمن الطاقة في تلك المنطقة في مواجهة الاستفزازات التركية.

واستقبل المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية المصري ريك بيرى وزير الطاقة الأمريكي في أول زيارة له الى القاهرة، والسفير فرانسيس فانون مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشئون الطاقة وتوماس جولدبرجر القائم بأعمال السفير الأمريكى بالقاهرة والوفد المرافق حيث تم خلال اللقاء بحث الترتيبات المتعلقة بانعقاد المؤتمر الوزاري لمنتدى غاز شرق المتوسط الذى تستضيفه القاهرة بالإضافة إلى بحث سبل دعم وتعزيز التعاون بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية.

وأشار الملا خلال اللقاء أن مشاركة الوزير الأمريكي في اجتماعات المنتدى بصفة مراقب يعطى دلالة واضحة ومهمة على دعم الولايات المتحدة الأمريكية وإعطاء دفعات للمساهمة في تحقيق الأهداف المنوط بالمنتدى إنجازها.

كما أكد الوزير أن التغييرات الإيجابية التي شهدها قطاع البترول في مصر شجعت العديد من الشركات الأمريكية الكبرى للعمل والاستثمار لأول مرة في مصر في أنشطة البحث والاستكشاف ، حيث حصلت شركة إكسون موبيل على مناطق امتياز وتسعى للتوسع في هذا النشاط.

ومن جانبه أكد الوزير الأمريكي على دور مصر كمصدر موثوق للطاقة، مشيرا الى تقديم كافة الخبرات والتكنولوجيات لمصر لتعزيز مكانتها الطبيعية كمركز مهم للطاقة بالمنطقة، وان هناك استعداد ورغبة قوية من الشركات الامريكية للتوسع والاستثمار والعمل في مصر. وأضاف أن مشاركة الولايات المتحدة الامريكية في اعمال منتدى غاز شرق المتوسط يأتي دعماً للشراكة بينها وبين دول شرق المتوسط والاستفادة من الطاقة في تحقيق السلام.

وبحث الملا ايضا مع كونستا نتينوس هادزيداكيس وزير الطاقة والبيئة اليوناني تفعيل ودعم التعاون الثنائى بين البلدين في مجال البترول والغاز والفرص المتاحة في قطاع البترول والتي تسهم في التوسع في جذب الشركات اليونانية للعمل في مصر، وتحقيق المزيد من النجاحات في أنشطتها .

وبحث الوزيران الترتيبات المتعلقة بعقد المؤتمر الوزاري الثانى لمنتدى غاز شرق المتوسط الذى تستضيفه مصر غدا الخميس بمشاركة اليونان ودول المتوسط ووزير الطاقة الامريكى والاتحاد الاوروبى في اطار القناعة المشتركة لدى الدول الأعضاء بأن التعاون واكتشاف احتياطيات إضافية في منطقة شرق المتوسط سيسهم في تحقيق الاستقرار والفائدة المشتركة لشعوب الدول من ثرواتهم الطبيعية ومن البنية الأساسية المتاحة .

ومن جانبه، أكد الوزير اليونانى أن الاكتشافات الغازية التي تمت في منطقة شرق المتوسط ستسهم في دعم الروابط الاقتصادية والسياسية بين دول المنتدى وتفتح آفاقاً جديدة للتعاون، وأن الفترة القادمة ستشهد نمواً متزايداً ومشاركة فعالة لتعظيم الاستفادة من الثروات البترولية الكامنة في مياه المتوسط، مضيفاً أن الاكتشافات الغازية التي تحققت بشرق المتوسط ستفتح شهية الشركات العالمية للتوسع في عمليات البحث والاستكشاف في حوض المتوسط واكتشاف ثرواته، مؤكداً أن منتدى شرق المتوسط يعد آلية فاعلة لإقامة تعاون إقليمى يحقق مصالح الجميع ويسهم في تحقيق تأمين إمدادات إضافية من الطاقة لصالح شعوب المنطقة، بحسب بيان لوزارة البترول المصرية.

الى ذلك، كان وزير الطاقة القبرصي يورجوس لاكوتريبيس قد أكد الأحد أنه من المتوقع أن يصدر مجلس الوزراء القبرصي الموافقة على تراخيص استغلال حقل أفروديت للغاز مما سيمهد الطريق إلى استغال الحقل تجارياً.

وتم اكتشاف حقل غاز أفروديت في الرقعة 12 من المنطقة الاقتصادية الخالصة في قبرص في عام 2011، وتم تقييمه على أنه حقل جيد ولديه كميات تتراوح بين 3.6 إلى 6 تريليون قدم مكعب بمتوسط 4.5 تريليون قدم مكعب تقريباً. علاوة على ذلك، أعلن ائتلاف (نوبل بنسبة 35%وشل 35%وديليك 30%) في عام 2015 أن حقل أفروديت هو اكتشاف تجاري. أبرمت الحكومة القبرصية اتفاقية معدلة مع شركاء أفروديت حول توزيع الإيرادات، مما يمهد الطريق أمام صادرات الغاز إلى مصر.

وأوضح الوزير القبرصي أنه سيزور القاهرة لحضور الاجتماع الثاني لمنتدى غاز شرق البحر المتوسط الذي يضم سبع دول في المنطقة بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة كمراقبين.

وقال "إن منتدى شرق المتوسط عبارة عن منصة تعاون أنشأتها هذه الدول السبع حتى نتمكن من التعاون فيما يتعلق بتنمية موارد الهيدروكربون في شرق المتوسط سواء فيما يتعلق بالبنية التحتية المشتركة أو غيرها من القضايا ذات الاهتمام المشترك".

كما ذكر الوزير أن اجتماعاً رباعياً جديداً سيعقد في أثينا على مستوى وزراء الطاقة بين قبرص واليونان وإسرائيل بمشاركة أمريكية، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن يتم تحديد التفاصيل والتاريخ في الأيام المقبلة.

في سياق متصل، قال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز، في تصريحات لوكالة أنباء "رويترز" اليوم الاربعاء، إن إسرائيل ستبدأ تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر في غضون أربعة أشهر على أقصى تقدير.

وذكر الوزير الإسرائيلي، في تصريحاته، أن اتفاق شراء حصص في خط أنابيب شركة غاز شرق المتوسط بين البلدين، سيتم استكماله "في غضون أسابيع"، مضيفا أنه "من الممكن إقامة المزيد من الروابط بين مصر وإسرائيل".

الجدير بالذكر انه في مطلع العام 2019، أعلنت كل من مصر وإسرائيل وقبرص واليونان وإيطاليا والأردن وفلسطين من القاهرة إنشاء "منتدى غاز شرق المتوسط" لتأسيس منظمة دولية تحترم حقوق الأعضاء.