أكد المستشار راشد عبدالرحيم المستشار الاعلامي للسفارة السودانية في القاهرة في حوار خاص لوكالة فرات للأنباء ANF، أن علاقات السودان بتركيا علاقات معلنة وليس بها ما تخفيه الخرطوم، مشددا على أن جزيرة سواكن السودانية ذات الموقع الاستراتيجي لن يتم تحويلها إلى قاعدة عسكرية تركية، وإنما يتم ترميم آثارها، وقال ان هناك فرص كبيرة للتكامل مع مصر وخاصة بعد الزيارة الاخيرة للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للسودان، لافتا إلى وجود الكثير من المجالات للتعاون في اطار افريقي مع مصر، فإلى نص الحوار:
معلوم أن للكرد وجود في السودان منذ عدة قرون وخاصة منذ عهد الدولة الأيوبية، فكيف هو الواقع الأن.. وهل لديكم ذكريات معينة مع الكرد السودانيين؟
في السودان حاليا هناك عائلات كردية مشهورة جدا في مجالات مختلفة وخاصة في المجالات التجارية والصناعية وهم مشهورين بالاستيراد، أيضا، فمثلا منذ سنوات كان الكرد السودانيين مشهورين باستيراد بعض السلع مثل أجهزة الكاسيت والراديو وأجهزة النسيج والخياطة وهكذا. ومنذ عهد محمد علي كان قد استقدم العديد من الخبراء من قوميات كثيرة وكان من بينهم الكرد ايضا، ومازال احفادهم موجودين بالسودان، أتوا من المناطق العثمانية والمناطق المجاورة لها وخاصة من العراق وسوريا بالإضافة للأكراد من تركيا، وحضر منهم أعداد كبيرة للسودان وحتى الأن موجودين ولدينا زميل صحفي مشهور اسمه وجدي الكردي يعمل في الصحافة السودانية، ونحن نرتبط بعلاقات مصاهرة وأخوة من الكرد، والكرد لديهم الاسهام الفني والاستثماري والصناعي واصبحوا تماما سودانيين.
في ظل التقارب بين الخرطوم وأنقرة، هل السودان معني بنقل رفض الدول العربية للكثير من السياسات التركية، وخاصة مع زيارة الرئيس البشير الأخيرة لتركيا؟
الزيارة الاخيرة لم تكن لها علاقة بالقضايا الاقليمية، وهي على المستوى الثنائي ومقررة سلفا، ولغاية محددة كانت دعوة لحضور لافتتاح مطار اسطنبول، وهذه الزيارة لها دلالات، لأن تركيا الأن ستقوم ببناء مطار الخرطوم الجديد، وفي الزيارة الاخيرة للرئيس التركي كانت هناك رغبة لتطوير بعض المنشآت التركية في السودان مثل سواكن والخرطوم وغيرها، وتمت هذه المسألة في ميناء سواكن وهو صغير لا يتعدى 4 كم مربع كمساحة، التي بها الاثار العثمانية، ونحن لدينا مشروعات كثير مع تركيا على المستوى الاقتصادي.
تركيا كان لديها، ويمكن لا يزال، علاقات اقتصادية قوية في العراق وسوريا ومصر، ولكن في نهاية المطاف استغلت حضورها وعلاقاتها بجماعة الإخوان من اجل التدخل السياسي وربما العسكري أيضا، هل يمكن ان يتكرر ذلك في علاقاتها مع السودان؟
هناك سوء فهم لدور الاخوان المسلمين في السودان، فهو لا يفهم ولم يفهم في الاطار الصحيح في السودان، فكثير من الناس يعتقد ان الحكم الموجود حاليا في السودان هو وجه من وجوه حكم الاخوان المسلمين وهذا غير صحيح، فحركة الاخوان المسلمين معروف انها حركة نشأت في مصر على يد الشيخ حسن البنا ولها تاريخ محدد، ولكن نحن في السودان منذ بداية نشأة الحركة انقسمت وخرجت منها مجموعات عديدة، والمجموعة التي يظن الناس انها حركة الاخوان المسلمين في السودان بقيادة حسن الترابي هم أول من خرجوا على جماعة الاخوان وكان مشهور ما حدث، وحتى عندما تكلموا عن قيادة واحدة لحركة الاخوان المسلمين، السودان رفض وخرج، لأن قضايا السودان مختلفة عن قضايا الاخوان في مصر وسوريا وغيرها، ولذلك المجموعة الاخوانية السودانية انشقت عن التنظيم الأم، وهم موجودون الأن في السودان ولديهم نواب في البرلمان، ولكن عدد قليل، وليس لديهم عدد كبير ولا تأثير كبير، وعلاقاتهم بالخارج، سواء حينما كانوا في الحكم او قبلها او مشاركين في الحكم مع اخرين، كانت العلاقة منقطعة، ولم يكن للإخوان المسلمين السودانيين علاقة بالإخوان في مصر او سوريا او بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ومنذ الخمسينيات بدأ الاخوان في السودان طريق منفصل، ولا يوجد اي خوف من هذه المسألة، فيما يتعلق بالعلاقة بتركيا نحن نتعامل مع الدولة ولا نتعامل مع حزب، واي شيء يخالف أنظمتنا وقوانيننا سيرفض، وتعاملنا مع الدولة التركية مفتوح ومعلن، وحتى عندما كان هناك حديث حول وجود قاعدة عسكرية تركية في سواكن، دعينا اي شخص يدعي ذلك ان يأتي ويزور المنطقة، ولكن الاعلام كان طاغي، ومنطقة سواكن المشار اليها وحصلت فيها الترميمات من تركيا هي منطقة في حدود 4 كم مربع ولا تصلح لمدرج طيران حتى تكون قاعدة عسكرية.
والتعاون العسكري السوداني مع اي دولة معلن، ولدينا تعاون عسكري وثيق مع مصر والقيادات العسكرية المصرية العليا زارت السودان مؤخرا، كان لدينا تدريبات مشتركة مع قطر والامارات والولايات المتحدة، وليس لدينا ما نخفيه في علاقاتنا سواء الاقتصادية او العسكرية.
كيف ترى التعاون مع مصر إفريقيا، وسيما مع رئاسة مصر للاتحاد الافريقي خلال العام 2019؟
الرئيس السيسي قام خلال العام قبل الماضي بزيارات واسعة لعدد من الدول الافريقية، وهذه الزيارات تمهد لمشروعات تجارية كبيرة، ومصر لديها مشروعات بالفعل في عدة دول افريقية، ولديها بعثة طبية مُقدرة في جنوب السودان، وكل هذه المناطق السودان لديها فيها وجود ايضا، ويجب تنسيق جهودنا والتعاون على مساعدة هذه الدول في الكثير من القضايا، لأننا لا نتنافس على النفوذ في القارة الافريقية ولكننا لدينا منفعة نحققها، ولعل ابرز ميدان للتعاون هو دول حوض النيل، وكما نعرف دول حوض النيل الشرقي محدد بعدد من الدول التي بها قضايا متعلقة بقضية سد النهضة وغيرها، ولكن دول النهر الغربي ايضا لدينا معها الكثير من الملفات الهامة. وهناك دول كثير خرجت من الصراعات واصبحت حروبها من الماضي وتحتاج الى استثمار واعادة اعمار، ولدينا خبرة كبيرة في ذلك لنفع الدول الافريقية.
الزيارة الاخيرة للرئيس السيسي.. ما هي أبرز نتائجها؟
تكمن أهميتها في النظر إليها بكل ابعادها، فقد لاحظنا ان هذه الزيارة سبقتها 3 زيارات متبادلة هذا العام، مثل زيارة الرئيس البشير في مارس الماضي لمصر قبيل الانتخابات الرئاسية المصرية، وتبعتها زيارة للرئيس السيسي كأول زيارة خارجية له في الولاية الرئاسية الثانية، وما نلاحظه ان تلك الزيارات تتم خارج إطار البروتوكول، حيث يقدر رئيس الدولة أن هناك حاجة لزيارة الدولة الأخرى فيذهب مباشرة، ومعنى هذا ان العلاقة سلسة ومستمرة، ونلاحظ أيضا ان الرئيس البشير عندما زار مصر قبيل الانتخابات الرئاسية جاء لإعلان دعمه للرئيس السيسي وأكد أن ما وجدناه في الرئيس السيسي يجعلنا نقف دائما معه في كل الظروف، ونعتقد أنه هو الأقدر والأنسب لتولي المهام، في الفترة القادمة، وكانت الزيارة بعد الانتخابات وتولي الرئيس السيسي لمقاليد الحكم، كانت زيارته للخرطوم وهي الزيارة الخارجية الأولى له، في هذه الزيارات كانت هناك مبادرة من الرئيس السيسي لتطوير العلاقات وكان هناك اتفاقيات مشتركة، ولجان ثنائية برئاسة رئيس الوزراء من مصر، ونائب رئيس الجمهورية من السودان، واقترح الرئيس السيسي ان تكون اللجنة العليا المشتركة برئاسة زعيمي البلدين، فأصبحت برئاسة رئاسة الجمهورية، وهذا التطوير كان يستهدف اشياء معينة، بحيث توضع هذه العلاقة في اطار استراتيجي موحد ينظر إليها نظرة كلية، لا تتم في اطار قطاعات محددة، إنما نظرة كلية ويتم التباحث في الموضوعات بشكل موحد حتى يكون هناك تنفيذ متكامل، وايضا تتيح ان يكون هناك برنامج وجدول زمني للتنفيذ، لأنه كان هناك ملاحظة انه ليس كل ما يتفق عليه ينفذ، ولابد من أن تكون هناك جداول تستطيع القيادة ان تحاسب عليها المسؤولين في الدولتين، وبعد الاتفاق على هذا تم تطوير والنقلة الكبيرة في العلاقة، كان هناك مستويين، المستوى الرئاسي، واللجنة الوزارية، والان اضيف لها ما عرف بمستوى كبار المسؤولين او وكلاء الوزارات، فأصبحت المشروعات التي تأتي من القطاعات المختلفة، وتذهب للوكلاء الذين يدرسونها وترفع للوزراء ثم للقيادة العليا، فأصبحت المشروعات اكثر احكاما واكثر قربا من التنفيذ، وبها تمحيص أكثر، فالزيارة الاخيرة كانت قصيرة ونتائجها كبيرة حيث تم التوقيع على 13 اتفاقية، وهذا عائد إلى ان التحضير لها كان كبير، فعندما وصل الرئيس السيسي كانت كافة الاتفاقيات مكتملة وتم التوقيع على هذا العدد الكبير من المشروعات.
وضع العلاقة بين يدي الرؤساء يحل كافة المشكلات، وكذلك مشاركة المستويات الأدنى تعطي فرص لتنفيذ الاتفاقيات بإحكام، واهم ما كان في الزيارة هو حسم الكثير من القضايا التي كانت تؤجل من بينها مسألة المنتجات المصرية المصدرة للسودان، واتفاقية الحريات الاربعة بين مصر والسودان، بعد ان كانت قضية التأشيرات حسمت في القضايا السابقة، ولم تعد هناك سوى قضايا قليلة ونتمنى ان يساعد المناخ الايجابي في الوصول الى حل لها، منها بعض القضايا الصغيرة مثل قضايا المعدنيين السودانيين والمعدات التي كانت معهم، والقضية الأكبر هي قضية حلايب واعتقد الحل فهيا سيمهد لحل كل المشكلات الموجودة بين البلدين، وتم الاتفاق على ان توكل هذه القضية للقيادات العليا، وهي الان متروكة للرئيسين، واعتقد انها طالما في يد الرئيسين ستصل لحل يرضي الشعبين، وبذلك تصل العلاقات الى مستوى لا تعود بعده اية مشكلات. ونعمل على ربط السكك الحديدية، لأن الحكومات الاستعمارية جعل هناك فارق في نظام القضبان المعتمد لكي لا يحدث ترابط سككي بين البلدين.