مراد قريلان: وحدة الكُرد هي الطريق الوحيدة للحل

تحدث عضو اللجنة القيادية في حزب العمال الكردستاني، مراد قرايلان، في لقاء مع راجيو صوت الوطن، عن المخططات التي رسمتها الدولة التركية بالتعاون مع بغداد وطهران لمحاصرة كردستان الجنوبية. وتطرق قرايلان في حديثه إلى الانتصار الذي تحقق في الرقة.

أجرى راديو صوت الوطن لقاء مع عضو اللجنة القيادية في حزب العمال الكردستاني، مراد قرايلان، للحديث عن التطورات الأخيرة التي تشهدها المنطقة وبشكل خاص باشور كردستان وروج آفا. خلال اللقاء تطرق السيد قرايلان إلى الحديث عن الحرب المنظمة التي تشنها دول إقليمية ضد جنوب كردستان وسبل مقاومة هذه الهجمات. كما وتحدث قراسلان عن الانتصارات التي تحققت على الإرهاب في مدينة الرقة. وشدد قرايلان على الوحدة الكردية ووصفها بالحل الوحيد لخروج الكرد من أزماتهم.

نص اللقاء:

المرحلة التي نعيشها تقدم فرصاً تاريخيةً لقضية حرية كُردستان وشعبها. يجب تقييم هذه الفرص بشكل جيد لكي يعيش الشعب الكردي حراً ومستقلاً.

الدولة التركية تقف وراء الهجمات على كردستان الجنوبية 

بالطبع للدولة التركية دورٌ أساسي. هذه الهجمات من تخطيط الدولة التركية. بالطبع تتصدر الدولة العراقية والجيش العراقي المشهد، لكن علينا أن لا ننسى أن موقف العراق هو أكثر موقف مرن تجاه قضية الشعب الكردي. الدولة التركية شوفينية، عنصرية وعدوة .لو لم تصعد الدولة التركي من الموقف الإقليمي ولم تسعى لحلف ثلاثي مع إيران والعراق، لما كان موقف العراق اتخذ هذا الشكل. أي أن الدولة التركية تلعب دوراً أساسياً في رسم هذه الممارسات. العدو الأكبر للشعب الكردي في هذا العالم كله هي الدولة التركية وأردوغان، ولو لم يتدخل الجيش العراقي لتدخل الجيش التركي. أعتقد أن تركيا قالت: "لو رغبتم بتحجيم الأزمة وقطع الطريق أمام نزاع بيننا، عليكم حلُّ هذا الموضوع"، ونرى جلياً أن الدولة التركية تقول باستمرار "أنها تدعم خطوات العراق" و تقول "ما فعله العراق قليل". أي أن العراق أيضاً يتعرض لضغوط بدوره، من الواضح أنهم عقدوا اتفاقاً فيما بينهم.

يتوجب علينا أن نعرف عدونا بشكل جيد. بعض كُرد كردستان الشمالية ينتهجون نهج الخيانة والارتزاق؛ يعملون كمرتزقة لدى السلطة التركية لكي يشتركوا في السلطة ويحققوا مصالح شخصية، لذلك تراهم يقولون: "أردوغان صديق للكرد." هذا ليس صحيحاً، أردوغان عدوٌ غيّر نهجه وأسلوبه العدائي. هذه هي الحقيقة. قلناها سابقاً، اليوم من يمثل صدام حسين هو أردوغان، بل إنه أشد من صدام نفسه. قلنا ذلك قبل عامين. كل يوم يثبت التاريخ صحة توصيفنا. اتفاق أردوغان ودولت بهجلي لا يقتصر على الحرب ضد حزب العمال الكردستاني وتصفيته في كردستان الشمالية. اتفاقهما يقتضي الحرب ضد مكاسب الكُرد في كل أجزاء كردستان. في بعض المجالات بشكل عسكري، في مجالات أخرى يتبعان طرائق دبلوماسية وسياسية واقتصادية. لقد طوّروا مفهوماً جديداً له هدف وحيد وهو تصفية المكاسب الكردية في كردستان الشمالية والجنوبية والغربية. هذه حقيقة. من لا يرى هذه الحقيقة هو أعمى بمنطق السياسة. على كل متبصرٍ في السياسة أن يرى هذه الحقيقة.

أعتقد أن حقيقة هذا الموضوع تتكشف بشكل أكبر اليوم. كنا نعلم ذلك مسبقاً، واليوم تتكشف الخيوط أمام من كان يجهل الحقيقة فيراها اليوم بشكل واضح وجلي. خلال الأحداث، إن دور تركيا ونظام أردوغان محوري، وهم لا يخفون ذلك. الآن حين يتابع المرء بعض وسائل الإعلام في كردستان الجنوبية يرى أن هذه الوسائل تحاول بشتى الطرق أن تخفف من نبرة التحقير والتهجم اللفظي اللذين تمارسهما تركيا ضد إدارة كردستان الجنوبية. هذا خطأ. العدو يبقى عدواً. مهما تعاميت، سيستمر هو بعداءه. مثلاً، هناك تدريبات عسكرية في سلوبي. إلى متى ستستمر؟ يقولون: "ستستمر التدريبات العسكرية لحين تسليم معبر خابور أو معبر إبراهيم الخليل -كما يسمونه- إلى الدولة العراقية". الآن يُقال هناك اتفاق. قد ينهون هذه التدريبات الآن. لماذا تُجري دولة تدريبات وتحركات عسكرية على حدودها؟ لماذا يجري استعراض هذه القوات ضد تلك الدولة وذاك الشعب. إنها لغة التهديد. أنكرت الدولة التركية كردستان دوماً ومارست سياسة الإبادة ضدها ودوماً كان النهج الفاشي للدولة التركية سائداً في كردستان، واليوم تكمل تركيا هذه السياسة. مازال بعض الأشخاص يقولون كردستاننا هي كردستان الشرقية، أو الجنوبية أو الشمالية، أي أنهم يجزئون كردستان، لكن العدو لا يجزئها. الدولة التركية تنظر إلى كردستان كوطنٍ واحد، وإلى الكرد كجسدٍ واحد؛ لا فرق لديها بين كُرد كردستان الشمالية أو جنوبها، همها الوحيد أن لا يحصل أيُّ كرديٍّ على حقوقه. سياستهم قائمة على تعاملٍ واحد ضد كامل أجزاء كردستان، لذلك فإن الحادثة الأخيرة أثبتت أن القوى التي تنتهج سياسة تجزئة كردستان لن تنتصر. هذا إثبات آخر. انتهاج سياسة حماية الجزء خاطئ، يجب أن تكون مقاربتك قومية وأن تناضل في جزئك الكردستاني وفقاً لهذا المنظور. بالطبع أن تناضل في أي جزءٍ كردستاني وفقاً لشروط وظروف ذلك الجزء، لكن عليك أن لا تتناسى الأجزاء الكردستانية الثلاثة الأُخرى، وعلى سياستك أن تكون مبنيةً على هذا الأساس. يجب أن تكون هناك سياسة قومية. هكذا ستتمكن من الانتصار في جزئك الكردستاني. حتى أن مقاربات الدولة التركية تقوم على النظر إلى كردستان كوطن واحد.

لذلك نرى أن أردوغان ودولت بهجلي، أي نظام حزب العدالة والتنمية، يهاجمون كردستان الغربية بهذا الشكل، ويتهجمون سياسياً ولفظياً على كردستان الجنوبية، ويفرضون ظلماً لا مثيل له على القائد عبدالله أوجلان والشعب الكردي في كردستان الشمالية. على الجميع أن يرى هذه الحقيقة. عندما دمّرت تركيا مدن نصيبين، سور آمد، كفر وشرنخ، كان على ساسة كردستان الجنوبية أن يستخلصوا العبرة من سياسة الدولة التركية، ويبنوا موقفهم، ويتخذوا تدابيرهم، ويديروا سياساتهم على هذا الأساس.

ورغم الخسائر التي تكبّدناها خلال الهجمات الأخيرة، إلا أننا استخلصنا دروساً بليغة. إن تعلمنا من هذه الدروس وانتهجنا سياسة ديمقراطية وقومية موحدة، سننتصر.

 وحدة الكرد والعرب والسريان حققت انتصار الرقة

كنّا قد باركنا لشعبنا ولمقاتلي ملحمة البطولة بنصر الرقة، واليوم نبارك ثانيةً للمقاتلين الأبطال ولشعب كردستان الغربية. اليوم هو الواحد من شهر تشرين الثاني والذي يصادف اليوم العالمي للتضامن مع كوباني، وبهذه المناسبة أبارك لشعب كردستان الغربية بمقاومة كوباني، وأبارك لكل شهداء مقاومة كوباني من خلال استذكار القائد العسكري الكبير، الرفيق الفدائي كَلهات والرفيقة الفدائية آرين ميركان، وبهذه المناسبة نعاهدهم مرة أخرى بإكمال مسيرتهم.

مقاومة كوباني صفحة ذهبيةً في كتاب تاريخ شعب كردستان، إنها ملحمة بطولة. المقاومة التي عرَّفت العالم برمته بمقاومة الشعب الكردي، ومسيرة كفاح نيل حرية كردستان وكفاح المرأة الكردية الحرة. لذلك نرى أنّ لهذا اليوم معنى مهم. ساند العام أجمعه مقاومة كوباني. علينا أن لا ننسى أنَّ هذه المقاومة بُنيت على أكتاف الفدائيين الأبطال الذين قدموا من جبال بوتان وآمد ليخلقوا مقاومة تاريخية في كوباني. تخليد هذا اليوم وهذه المقاومة بُني على أساس فدائية أولئك الأبطال.

كما هو معلوم، خلال مقاومة كوباني التي امتدت من الرابع من تشرين الأول حتى الأول من تشرين الثاني، كانت هناك مسيرة صعبة وتاريخية. بقوتهم الذاتية وبالبنادق والقنابل اليدوية تمت المقاومة، وبعد أن انتقلوا إلى الهجوم، رأت القوى الدولية أن هناك قوة ذاتية قادرة على الدفاع عن نفسها وتحقيق النصر؛ عدد قليل من المقاتلين الذين يحملون أسلحة خفيفة تمكنوا من كسر هجمات داعش على أحياء كوباني وانتقلوا إلى الهجوم المضاد. بعد أن شاهد العالم هذه المقاومة، قرر تقديم الدعم الجوي. أي أنَّ أولئك المقاتلين الشجعان والشهداء الأبرار الأبطال الذين كانت الدماء التي سقوا الأرض بها والجسارة الكبيرة التي أظهروها خلال المقاومة نداءً وصرخةً سمعها العالم بأسره. أي أنّ أولئك الأبطال حققوا كل المكاسب بدمائهم.

لذلك فإن شعبنا في كوباني، وشعب كردستان الجنوبية وجميع الكرد يدينون لأولئك الشهداء الأبطال، لاسيما الرفيق القيادي كَلهات الذي لبىّ نداء كوباني في الرابع من تشرين الأول وغيَّر موازين القوى في محور مدينة كوباني، ونقل المعركة من الدفاع إلى الهجوم ليرتقي شهيداً خلال عملية هجومية بطولية في التاسع والعشرين من شهر تشرين الأول. حقيقةً، القادة العسكريون أمثال الشهيد البطل كَلهات يمثلون أساس ذكرى الواحد من تشرين الثاني، لأنهم وضعوا أساس نصر كوباني، والنصر هنا حقيقة.

قيل الكثير عن هذه المقاومة. وأنا كذلك، كمتابعٍ قريب لمجريات مقاومة كوباني، أستطيع قول بضع كلمات، لكنني أعتقد ان الكلام لن يفي تلك المقاومة حقها. كموضوع، مازال الموضع كبيراً، وكحقيقة، مازالت الحقيقة كبيرة. أعتقد أن هناك حاجة لمزيد من الوقت لقول الحقيقة.

قلنا أن نصر الرقة كان خطوة قيّمة. نصر الرقة يمثّل انتقاماً لكوباني وشنكال. صحيحٌ أن لنصر الرقة معانٍ أخرى أهمها فتح الباب أمام وحدة الكرد، العرب، الآشوريين والسريان وكذلك فتح الباب أمام ثورة الشرق الأوسط؛ لكن أساس النصر يكمن في خطوة الانتقام لكوباني وشنكال.

نعلم أن الهجوم على كوباني، في الأساس، كان من تخطيط داعش وحزب العدالة والتنمية. انتصرت كوباني وكان انتصارها بدايةً للقضاء على داعش، لكن الدولة التركية ونظام حزب العدالة والتنمية تواروا خلف الستار. الآن في عفرين، أزالوا الستار وظهروا للعيان. الآن تحاول الدولة التركية ممثلة بنظام حزب العدالة والتنمية الاعتداء على عفرين. يُقال "كان هناك بهلوانٌ يسقط عن الحبل مرةً تلو الأخرى فلا يتعظ!" هذا هو حال الدولة التركية. سقطت تركيا في كوباني؛ لكنها لم تعترف بسقوطها. وها هي تريد الاعتداء على عفرين، وتقولها بشكل صريح.

على شعبنا في عفرين أن يعي ما يلي: سنحمي شعبنا العزيز في عفرين كما حمينا شعبنا العزيز في كوباني. على شعبنا في عفرين أن يطمئن لذلك، لكن قبل كل شيء عليه أن يثق بنفسه، وبقوته، وبمقاتليه من وحدات حماية الشعب والمرأة. على شعبنا هناك أن لا يعتمد على أحد ويثق بذاته ومقاتليه. أن يثبت على أرضه ويغمس قدميه في ترابها. إن كانت المقاربة والموقف بهذا الشكل ووضعنا الدعم بالحسبان، ستنتصر مقاومة عفرين. مثلما تحوّل نصر كوباني إلى بداية فناء داعش، سيتحول نصر عفرين إلى بداية فناء نظام حزب العدالة والتنمية. هذه نتيجة مؤكدة. لذلك فإن تطوير مقاومة جبال عفرين لن تنحصر في جبال عفرين، بل ستلعب دوراً لكردستان كلها. وليس لكردستان وحدها، بل ستلعب دوراً هاماً لسوريا، تركيا، وللشرق الأوسط، لأن الهجمة الفاشية التي يديرها كُلٌّ من أردوغان ودولت بهجلي تمثل خطراً على شعب تركيا والشعب العربي والشعب الكردي بأكمله. إن اعتدوا على عفرين سيرتكبون خطأً ينهيهم ويحقق النصر للشعوب. مقاومة عفرين ستغدو مقاومة الشعب الكردي بأسره، وستغدو مقاومة الشعوب ضد فاشية حزب العدالة والتنمية. لذلك على كل كردي وكل مناضل من أجل الديمقراطية أن ينظر إلى كفاح شعب كردستان الغربية، وخاصة مقاومة عفرين، ضمن هذا المنظور.

في هذا الخصوص، أعتقد أن شعبنا لن يرى صعوبةً أبداً، وسيعزز كفاحه الذاتي. وكما قلنا سابقاً، إن وثق شعبنا بنفسه وقدراته، فمن المؤكد أنَّ النصر سيكون حليفنا.