لم تكن الأولى.. قصة خطة "أمن حدود" تركيا بطول 30 كيلو متراً

تسعى دولة الاحتلال التركي إلى إخراج الشعب الكردي من المنطقة الحدودية لمسافة 30 كم بذريعة "المنطقة الآمنة"، لفرض سيطرتها على المنطقة واحتلالها.

تواصل الدولة التركية، التي تأسست على إبادة القيم المادية والمعنوية للشعوب ومعتقدات الأناضول وميزوبوتاميا وتطورت على إبادة الشعوب، سياسات وأعمال الإبادة الجماعية ضد الأكراد.

فتم إبادة الأرمن، الآشوريون، الكلدان، الرومان، الإيزيديون، الشركس والعرب وتهجيرهم واحداً تلو الآخر خلال مراحل الانهيار العثماني وإنشاء تركيا. ثم بدأت عملية الإبادة الجماعية للكرد والعلويين وتستمر منذ مائة عام.

والمجزرة التي شنها العثمانيون ضد الآشوريين والسريانيين والكلدانيين قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى مستمرة الآن في روج آفا.

وتحاول الدولة التركية غزو شمال وشرق سوريا بطرد الكرد على بعد 30 كيلومتراً إلى الجنوب. فقد استخدمت هذه السياسة قبل مائة عام من قبل الدولة التركية ضد الآشوريين الذين تم نفيهم إلى سوريا.

أحد ضحايا المجازر التي ارتكبتها الدولة التركية هو بنيامين إيشو يوحانا. حيث هاجرت عائلة يوحانا بعد مجزرة سيفو، من وادي تيار التابعة لناحية جلي في جولميرك إلى جنوب كردستان ومن ثم إلى غرب كردستان. حيث ذكر يوحانا بأنه استقر في البداية في مدينة سري كانيه، الا انه ابعد عن المنطقة الحدودية بمسافة 30 كم بسبب الهجمات التي تشنها دولة الاحتلال التركي، واستقر في تل تمر.

وصرح بنيامين إيشو يوحانا بأن نفس السياسة مفروضة الآن على الكرد وذكر أن غضب الدولة التركية ضد شعوب المنطقة التي تم ذبحها لن ينتهي، وأنها تريد الآن أن تُمارس سياستها ضد الشعب الكردي كما فعلت مع الآشوريين.

وأشار يوحانا إلى أن معظم الآشوريين في تل تمر تم نفيهم من قبل العثمانيين من منطقة جولميرك وقال: "نحن من منطقة جولميرك، الإمبراطورية العثمانية أمرتنا بالانتقال إلى العراق، بقي قسم منا في العراق، واستقر قسم آخر في سري كانيه".

كما أشار يوحانا إلى أن اجداه قد استقروا في سري كانيه، ولكن الدولة التركية ضغطت على فرنسا التي كانت آنذاك مهيمنة في سوريا، وأخبرتها أنها لن تقبل أن يكون الأشوريون والسريان على المنطقة الحدودية.

وقال: "لقد صرحت الدولة التركية بأنها لن تقبلنا بأن نكون على الحدود، وضغطت على فرنسا، وأكدت بأنها ستتمرد ضدهم ولن تكون الحدود آمنة". أخبرتنا فرنسا أيضاً أننا يجب ألا نبقى في مدينة سري كانيه وجعلونا نستقر في منطقة واقعة في محيط نهر الخابور بين تل تمر والحسكة".

وأوضح أن 33 قرية آشورية وسريانية في المنطقة قد أُنشأت بعد ضغط الدولة التركية على المنطقة، وأن الدولة التركية تتبع الآن نفس السياسات ضد الكرد. وقال: "الدولة التركية عدو قاسي ومجرم لجميع الناس". مؤكداً أنها تقتلنا واحد تلو الاخر.

وقد شهد يوحانا، وهو من قرية تل هرمز على مشارف نهر خابور، هجمات داعش على القرى الآشورية. وأشار إلى أن الدولة التركية شريك لداعش وقال: "في ليلة 23 شباط 2015، فتحت الدولة التركية السد. بعد فترة طويلة، كانت المياه مرتفعة للغاية لأول مرة. وهدفهم من ذلك عدم وصول المساعدات للمنطقة".

واختبأ يوحانا وراء شجرة بعد هجمات داعش وهكذا أنقظ نفسه من بطش داعش، حيث تحدث عن تلك الفترة وقال: "في وقت متأخر من المساء، قمت بسحب نفسي واقتربت من وحدات حماية الشعب. أخبروني أنهم سيأخذونني إلى مدينة الحسكة. إلا أنني لم أوافق على ذلك. وأخبرتهم بأني لن أتحرك من مكاني إلى أن تحرروا قريتي، لقد بقيت مع وحدات حماية الشعب 3 أشهر، بعدها تم تحرير قريتي".

وذكر يوحانا أنه بعد الهجمات والمذابح التي ارتكبتها داعش، هاجر جزء كبير من الآشوريين والسريانيين والكلدانيين والأرمن إلى المنطقة وأصر أقاربه على أنه يجب أن يهاجر، لكنه رفض، قائلاً: "ليس لدي مكان أذهب إليه، هذه هي منطقتي. أخبرتهم بذلك ولم أذهب إلى أي مكان".

وصف بنيامين إيشو يوحانا كيف قتلت الدولة التركية الآشوريين والسريانيين والكلدانيين والأرمن، والآن تريد أن تفعل الشيء نفسه مع الكرد، قائلاً: "انظروا إلى ما تم القيام به في سري كانيه. لقد تم إحراق جميع المنازل وتدميرها، ويسلبون جميع ثرواتهم ويرسلونها الى تركيا، والدولة التركية مجرمة، ويجب أن يقف العالم ضدها. لكن لا أحد يستجيب لنا. ولم يستجب أحد عندما تمت ارتكاب المجازر بحقنا، ولا يمكننا التصدي لهذا العدو الظالم إلا إذا توحدنا معاً وأصبحنا يداً واحدة".