كالكان: مقاتلو الحرية لن يتركوا عفرين للقوى الفاشية

قال عضو اللجنة التنفيذية في حزب العمال الكردستاني دوران كالكان إن أهالي عفرين أدوا دورهم في المقاومة، وأكد أن المرحلة القادمة ستكون مرحلة الانتقام لعفرين، كما ناشد جميع أهالي عفرين التحلي بالأمل والإرادة، وإن عفرين سوف تتحرر قريباً.

وأجرت صحيفة روناهي لقاءاً مع عضو اللجنة التنفيذية في حزب العمال الكردستاني دوران كالكان حول مجمل التطورات في المنطقة وبشكل خاص مقاومة عفرين، ومستقبل الأوضاع في المنطقة.

وفيما يلي نص اللقاء:

-          السيد كالكان، من المعلوم أن مقاومة عفرين التي أكملت 80 يوماً، مرت بالعديد من المراحل، فماهي الأسباب الأساسية لهذا الهجوم، وكيف تقيمون المرحلة التي وصلت إليها المقاومة؟ وكيف ستستمر المقاومة من اليوم فصاعداً؟

يجب إدراك واستيعاب حقيقة الهجوم الاستعماري التركي الذي بدأ في 28 كانون الثاني 2018، من جميع جوانبه التاريخية والكونية. لأنها تكشف أيضاً عن حقيقة جميع التطورات العسكرية والسياسية التي بدأت في المنطقة. إن هذا الأمر يشير إلى بداية مرحلة جديدة بالنسبة للحرب في روج آفا وسوريا وكذلك الحرب العالمية الثالثة. من المهم جداً تقييم وتناول وإدراك حقيقة هجمات النظام الفاشي التركي، ومقاومة شعب عفرين، ومقاومة نساء وشباب عفرين ومقاتلي وحدات حماية لشعب والمرأة وقوات سوريا الديمقراطية، في هذا الإطار التاريخي. عندها يمكننا رؤية المستقبل أيضاً بشكل جيد.

قد يكون الهجوم الفاشي وهجوم الإبادة الاستعماري لحكومة العدالة والتنمية والحزب القومي AKP-MHP على عفرين بدأ فعلياً في 20 كانون الثاني، ولكن تناول الهجوم من هذا الجانب فقط سيبقى ناقصاً. فالذين هاجموا كوباني في 15 أيلول كانوا مرتزقة داعش في ظاهرياً، ولكن قوى كونية مهيمنة كانت مشاركة خلف الستار. فقبل الجميع كانت تركيا تقف وراء داعش. وعليه فإن مقاومة كوباني كانت ضد جميع القوى الرجعية. وكذلك الأمر بالنسبة لمقاومة عفرين، فهي ايضاً مقاومة ضد النظام السلطوي الذي يمتد إلى 5 آلاف عام، وكذلك ضد نظام الإبادة المفروض على كردستان منذ مائة عام. مما لا شك فيه إن هذه الهجمات ليست الأولى التي تتعرض لها كردستان وعفرين، فمنذ مائة عام وكردستان تتعرض للهجمات. ومنذ مائة عام كان نظام الإبادة المتمثل بالجمهورية التركية هو الذي يقود هجمات الإبادة، بصفته  عدو الشعب الكردي وعدو الشعوب. وعليه من الأهمية بمكان إدراك واستيعاب خلفيات الهجوم على عفرين من الناحية التاريخية والكونية والإقليمية والمرحلية. ربما كانت فاشية AKP-MHP هي التي تقود الهجوم الحالي على عفرين، إلا روسيا والأمم المتحدة تدعم هذا الهجوم بشكل علني ومكشوف، كما أوروبا وأمريكا كذلك تدعمانه بأشكال مختلفة. وعلى الصعيد الإقليمي فإن سوريا والعراق وإيران أيدت الهجوم بشكل علني أيضاً. كما بعض القوى العملية الأخرى والتي تسمي نفسها بالمجلس الوطني الكردي شاركت في هذه الهجمات بشكل مستتر. بمعنى أن بعض الكرد الخونة أيضاً شاركوا في هذه الهجمات. بالنظر إلى كل هذه الأمور سندرك عمق وشمول هذه الهجمات بشكل أفضل.

-          بالنسبة لحركة حرية كردستان، ما الذي كان يمكن فعله لتفكيك وإفشال هذه التحالف الفاشي، أو ماذا بإمكان القوى ذات العلاقة أن تفعله لإعاقة هذا التحالف الفاشي؟

هذه أسئلة مهمة، ومواضيع تستحق النقد والنقد الذاتي. ما ظهر في عفرين لم تكن أموراً من جانب واحد, بل هناك عدة جوانب. فهناك جوانب فكرية وفلسفية وتاريخية. فهناك حاجة إلى النضال السياسي والدبلوماسي، كما أن هناك أيضاً الجوانب العسكرية والسياسية. بمعنى لم يتم إدراك واستيعاب الصراعات والتناقضات التي ظهرت بين القوى المسيطرة بشكل صائب. كان الاعتقاد السائد أن هذه القوى لن تتمكن أبداً من التصالح والتحالف. ولكن هذه القوى جميعاً هي ضمن الحداثة الرأسمالية، ربما تكون هناك خلافات جانبية بينها، ولكنها تتحد في مواجهة الشعوب. فعندما يبرز نضال الشعوب والنضال الديمقراطي، فإن بإمكان هذه القوى الاتحاد والتحالف، هذا موقف إيديولوجي، يجب ألا يخدع المرء ببعض المواقف السياسية.

في هذه النقطة تأتي أهمية النهج الثالث. أي ألا يكون ينحاز المرء، خلال هذه الصراعات، إلى جانب أية قوة. من الناحية السياسية يجب الحفاظ على النهج الثالث. ولكن من الناحية الإيديولوجية هناك نهجان، نهج الحداثة الرأسمالية ونهج الحداثة الديمقراطية. يجب ألا يتم الخلط بين النهج الإيديولوجي والنهج السياسية. من الأهمية الحفاظ على التماسك الإيديولوجي والمرونة السياسية في نفس الوقت. من هذه الناحية حدث بعض الخلط، فمن الناحية السياسية تم المبالغة في المواقف والتناقضات السياسية الموجودة. وعلى مثال المثال، عندما حققت قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب والمرأة نصراً عظيماً ضد داعش في الرقة، وهزمته عاصمته، فإن جميع قوى الحداثة الرأسمالية بدأت تخشى من ثورة الحداثة الديمقراطية التي بدأت في كردستان وانتشرت في سائر الشرق الأوسط، ورأت فيها خطراً وتهديداً. وبهدف إيقاف هذا التقدم، أيدوا ووافقوا على هجمات الدولة التركية ضد عفرين. ولكن ولأن القوى ذات العلاقة لم تدرك هذا الأمر بشكل جيد، ظهرت بعض النواقص في إدارة المرحلة، وعليه لم تظهر رؤية مستقبلية صائبة، ولم تظهر مساعي دبلوماسية وسياسية كافية.

-          هل تقصدون بذلك أن الدفاع عن عفرين ظل محصوراً بجانب واحد فقط؟

الدفاع، هو دفاع إيديولوجي وسياسي وعسكري ودبلوماسي. ظهرت نواقص من ناحية الحماية الإيديولوجية والسياسية من قبل قوى الحرية. كان من الممكن أن يكونوا أكثر نشاطاً وتأثيراً، كان من الممكن عزل الدولة التركية، وعزل المهاجمين.

من الناحية العسكرية تم إبداء مقاومة عظيمة، فخلال الشهرين الأولين جرت معارك مواجهة عن قرب. أردوغان كان يقول إنه سيسيطر على عفرين خلال يومين، كان يملك جميع إمكانيات القوى العالمية، لم يعترض أحد ضد تركيا. ولكن رغم ذلك فإنه لم يتمكن من دخول عفرين على مدى شهرين. خلال الهجمات الأولى تم إلحاق ضربات موجعة بقوات الفاشية التركية، وتم إفشال العديد من مخططاتهم. لقد استنفروا جميع إمكانيات تركيا وتلقوا دعم القوى المهيمنة، وبهذا الشكل تمكنوا من الوصول إلى عفرين. وعليه فإن وحدات حماية الشعب والمرأة وقوات سوريا الديمقراطية، أخذوا بعين الاعتبار حماية المجتمع من أية اضرار، كما أخذوا أوضاعهم العسكرية بعين الاعتبار وقرروا مواصلة المعارك بطريقة مختلفة. وعليه وبعد شهرين دخلت المقاومة مرحلة جديدة.

كما تتواصل المساعي الدبلوماسية والسياسية والإيديولوجية والدبلوماسية، الشعب انسحب إلى مواقع معينة وهو في حالة مقاومة. انسحب أهالي عفرين إلى مكان آخر وبشكل منظم، وهم الآن في حالة مقاومة. وداخل عفرين، فإن قوات الكريلا تواصل معاركها.  وفي الخارج وفي أجزاء كردستان الأخرى تتواصل المقاومة ضد فاشية AKP-MHP على أسس تحقيق كردستان حرة وشرق أوسط ديمقراطي. فأينما وجدت فاشية AKP-MHP يتصاعد هناك النضال من أجل الحرية والديمقراطية. وسوف تتعمق هذه المقاومة في عفرين وتنتشر في كل مكان، ومن المؤكد أنها سوف تنتصر.

-          قبل أيام قال مقاتلو الكريلا في عفرين "سوف ننتقم لعفرين في كل مكان من كردستان"، هل يمكن أن نسمي المرحلة القادمة بمرحلة الانتقام لعفرين؟

نعم، الجميع يرى الحقيقة. شباب ونساء وأطفال وشيوخ عفرين وصلوا إلى مستوى من الوعي السياسي. ونظموا صفوفهم ويواصلون المقاومة. ويدركون سبل المقاومة وأساليبها. كما ان شباب ونساء كردستان، وكذلك جميع القوى الديمقراطية والثورية والاشتراكية والتقدمية يثقفون بهم، ويعولون على المقاومة،  ويدركون أن المقاومة ستتواصل وتنتشر ي كل مكان. طبعاً مقاومة الانتقام سوف تنتشر في كل مكان.

بالتوازي مع مقاومة عفرين، سوف تظهر تطورات سياسية وعسكرية جديدة في سوريا وكردستان وتركيا والعراق. النضال لن ينحصر بالنضال العسكري ولن يبقى محصوراً بعفرين. كما أن النضال لن يبقى محصوراً في كردستان. مقاومة عفرين وانتصار الرقة سوف تفتح السبل أمام النضال من أجل الحرية في سائر الشرق الأوسط. كما أن القضاء على داعش يعتبر ضربة لفاشية AKP-MHP، وهذا الأمر سيجلب معه تطورات جديدة.

-          ماذا تقصدون بالتطورات؟ ما هي التطورات التي سوف تحدث؟

المثال الملموس هو باكور وتركيا، أردوغان نفسه قال في إحدى المؤتمرات "إننا نخوض حرب الوجود أو الفناء، إننا نسعى للبقاء، وسوف نستنفر كافة إمكانياتنا في سبيل ذلك", أي أنها الهاوية، ويكن لهذا النظام أن ينهار في أية لحظة. يمكن أن تشهد تركيا انتفاضة شعبية في أية لحظة. بإمكان مقاومة الكريلا أن تحرك المجتمع في أية لحظة. يجب أن يتوقع الجميع حدوث تغييرات استراتيجية في تركيا. عمر فاشية AKP-MHP لن يطول حتى نهاية العام. إنها تعيش مرحلة الإنهيار، وعليه يمكن أن تظهر في تركيا الشرارة التي قد تنير العالم.

المنطقة برمتها سوف تشهد صراعات وتناحرات وتحالفات جديدة. لذلك فإننا نحذر دائماً قوى باشور، فإذا لم يتصرفوا بحذر فإن سيقعون في فيما وقع فيه المجلس الوطني في عفرين. ولكن إن توخوا الحذر، يمكن تحويل هذه المرحلة إلى مرحلة الحرية والديمقراطية ووحدة الشعب الكردي وعقد المؤتمر الوطني الكردستاني. لقد وجهنا نداءات بهذا الصدد. ولا نعلم الآن ما هو موقفهم، ولكن إن لم يتصرفوا بشكل صائب، فإن تركيا لن تتوقف عن حدود عفرين. فإذا كانت قوتهم تسمح لهم فإنهم سيحتلون كامل روج آفا وباشور ايضاً. وهم أصلاً يهددون باحتلال شنكال، توجد لهم قوات في بعشيقا، يريدون الوصول إلى الموصل وكركوك، يريدون احتلال تل عفر. لقد خططوا لاحتلال شنكال وصولاً إلى كركوك وبناء دولة في هذه المنطقة. وكما يسعون الآن إلى بناء دولة مثل قبرص على خط جرابلس والباب وإدلب وعفرين، فإن يسعون إلى نفس الأمر في شنكال وصولاً إلى كركوك. ولأجل تحقيق ذلك يبذل الميت التركي والقوى الخاصة مساعي متواصلة، بمعنى أن هناك مخاطر تهدد باشور أيضاً، ويجب الدفاع عن باشور ضد الاحتلال التركي.

-          ماذا سيكون موقف شعب عفرين وموقف المقاومين من الآن فصاعداً؟

مقاومة عفرين أدت مهمتها، فمن ناحية ألحقت ضربة كبيرة بقوى الاستعمار والإبادة، كما كشف الحقائق. ووضعت أسس تحالفات وعلاقات جديدة. يجب إدراك هذه الحقيقة. وعليه فإنني أقول التالي؛ جميع الكرد في باكور وتركيا وباشور سوف يقاتلون من أجل الانتقام لعفرين. وكل شخص دخل عفرين تحت احتلال فاشية AKP-MHP، عليهم أن يعلموا أنهم جزء من هذا الاحتلال. الشعب الكردي لن يتوقف حتى تحرير عفرين وإخراجهم من هناك. ونؤكد أن قوات حرية كردستان لن تترك عفرين لفاشية AKP-MHP، على الجميع أن يدرك ذلك، وهذا الأمر سوف يتحقق خلال فترة قصيرة.

على أهالي عفرين البقاء في أماكنهم، شعب عفرين خاض مقاومة عظيمة ضد الاحتلال، أدى دوره ومسؤولياته، أبارك نضال شعب عفرين ونضال النساء والأطفال والشباب، لقد سطروا التاريخ. هم الآن موجودون بعزة وكرامة. الذين باعوا أنفسهم للمحتلين سيموتون يومياً بعارهم، أما شعب عفرين فسيعيش بشرف وكرامة. وإننا على ثقة أن الفاشية سوف تندحر، وستتحرر عفرين وسائر كردستان. يجب أن يكون هذا هو هدف نساء وشباب وشعب عفرين. يجب أن يكون هذا هو موقفهم. يجب ألا يفقدوا الأمل أبداً. القائد آبو يقول "الأمل أكثر قيمة من النصر" فإذا أبقى أهالي عفرين ومقاتلي الحرية أمل وإرادة النصر والحرية حية، فإنهم سوف يواصلون المقاومة ضد الاحتلال وينتصرون. ولكن يجب ألا يفقدوا الأمل والإرادة، يجب ألا يفقدوا ارتباطهم بالحرية، يجب أن يستوعبوا القائد آبو بشكل جيد.