شبيبة الكرد يفقدون حياتهم بسبب البطالة والتمييز

لم تترك ظاهرة البطالة المتفشية في محيط الشباب الكردي في شمال كردستان أمام الشبيبة إلا اللجوء إلى الأعمال الشاقة كقطاع البناء والتشييد وغيرها، لكنهم لم يسلموا رغم ذلك من التمييز ضدهم ولم تُتخذ معهم أية إجراءات سلامة مُتبعة.

تتفشى ظاهرة البطالة بصورة غير مسبوقة بين الشباب الكرد في شمال كردستان بصورة غير مسبوقة الأمر الذي يجعلهم يهجروا مدنهم وقراهم إلى المدن التركية الكبرى للبحث عن لقمة عيش شريفة، لكن رغم ذلك فإنهم يصطدمون بالعقبات والعواقب الكبيرة التي تواجههم، فأن تكون كردياً في عرف العمل التركي يعني أنك ستحصل على رواتب هزيلة، وليس هذا فحسب بل إن المهن والأعمال المُتاحة محددة بقطاعات بعينها من بينها مثلا قطاع التشييد والبناء الذي يشكل فيه الكرد حضور كبير للأسباب السابقة.

وفي المقابل من كل هذا فإن إجراءات السلامة المهنية تكون غائبة بكافة الصور خاصة عندما تكون العمالة كردية، فلا حقوق مادية حقيقية ينالوها ولا حتى حقوق إنسانية تضمن حسن بيئة العمل وأمنها بالنسبة للعاملين.

والتجارب والمآسي في هذا السياق كبيرة ومتعددة، كان أبرزها وأكثرها حضوراً على الساحتين الداخلية والدولية قضايا العاملين في المطار والتي تعتبر أقل ما قد يتعرض له المواطنين الكرد فعلاً في هذا السياق وسط تغييب تام لما يحدث.

وفي السياق يؤكد المحامي جمال دمير أن معدل البطالة في أمد غيرها من المدن الكردية مرتفع إلى حد كبير وأنه بالمقابل يتم النظر إلى الشبيبة الكردية باعتبارها عمالة ضئيلة الأجر وبالتالي فإنها تكون أكثر إفادة إضافة إلى أنهم لا ينفذون مهم شروط السلامة المهنية.

وتوفي الأسبوع الماضي عامل بعد سقوطه من الطابق الحادي عشر بمبنى تحت الإنشاء في مدينة وان، أثناء أدائه لعمله، في حالة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فقد توفي مؤخراً 27 شخصاً بنفس الطريقة، هذا غير الإصابات التي لا يمكن حصرها، وكل ذلك بسبب الحالة التي يجري خلالها التعامل مع الشباب الكرد الذي في محاولاته الجاهدة لإنهاء حالة البطالة المستشرية بين صفوفه سعى إلى الحصول على أي عمل مهما كانت درجته لاسيما أنه يبقى عمل شريف.

ويقول المحامي دمير: "يفقد المرء حياته بسبب عدم تنفيذ النظام الداخلي للسلامة في العمل. ويمكننا التأكيد بوقوع حوادث بهذا الشكل وفي حال لم تُتبع التدابير اللازمة ستقع حوادث كثير كهذه".

ولفت إلى أن السبب الأساسي للجوء إلى أعمال التشييد والبناء رغم صعوبتها تيمثل في البطالة وعدم توافر فرص عمل، مشيراً إلى أنها تعتبر من أكثر الأعمال خطورة وتحتاج إلى شروط سلامة كبيرة غير متوافرة.

ويشهد فصلي الصيف والخريف كثافة كبيرة في لجوء الشبيبة إلى العمل في مجالات غير آمنة لتوفير لقمة العيش، وكثير من هؤلاء الشبيبة يبتعدون عن ذويهم لسنوات طويلة في سبيل البحث عن عمل، ويتعرضون لمخاطر جمة، وقد يعودون إلى أهلهم بعد هذه السنوات إما مصابين بإصابات قد يكون بعضها خطيرة وتُقعدهم طول الحياة أو تعود جثامينهم إلى مسقط رأسهم بعد أن فارقوا الحياة في مشهد يُثير الأسى ويُؤكد إلى أي درجة يتم التعامل مع المواطن الكردي في هذه البلاد.

وتُشير التقارير إلى أنه وخلال عام ونصف وخاصة بين شهر آب وحزيران، فقد 27 شخصاً حياتهم خلال عملهم في مجال البناء والتشييد وأن افتقاد السلامة الأمنية كان السبب الرئيسي، والملمح الأساسي لمن فقد حياته في هذا السياق كان أن جميعهم من الشباب ومن أعمار مختلفة، أغلبهم يعول أسر كبيرة أيضاً.

وتحتاج مثل هذه الأمور إلى اهتمام من منظمات المجتمع المدني في تركيا وخارجها فالشبيبة الكردية بالفعل تعاني معاناة كبيرة فيعانون من التمييز المجتمعي كما تُنتقص حقوقهم بشكل يتعارض مع الميثاق العالمي لحقوق الانسان ومع كافة المواثيق الدولية الخاصة بالعدالة والمساواة وتوفير الحقوق للمواطنين.