ديار غريب... مشعل المقاومة والحرية

كان الشهيد ديار غريب ثورياً كردستانياً، وعضو اللجنة المركزية لحزب العمال الكردستاني وعضو منسقية الرئاسة العامة لمنظومة المجتمع الكردستاني، نهل من أفكار القائد عبد الله أوجلان وكان مشعلاً للمقاومة والحرية في جنوب كردستان.

كان ثورياً كردستانياً، وعضواً في اللجنة المركزية لحزب العمال الكردستاني وعضواً في منسقية الرئاسة العامة لمنظومة المجتمع الكردستاني. تعرّف على حزب العمال الكردستاني عن طريق القائد عبدالله أوجلان. كانت أفكاره تضيء مثل النور، رفع بجسده الشامخ، مشعل المقاومة والحرية في جنوبي كردستان، فيما أكدت جنوبي كردستان ارتباطها به حتى النهاية.. إنه الشهيد ديار غريب.

الشهيد ديار غريب والملقب بـ "هفال هلمت" قائداً نشطاً وصاحب دور ريادي كبير. مثّل الإرادة الحرّة للشعب الكردي وناضل أمام احتلال الدولة التركية في جنوبي كردستان كما ناضل أمام احتلال ومجازر صدام حسين.

يمّر اليوم عام كامل على استشهاد "هفال هلمت"، حيث أصبح نجمة تضيء السماء الثورية للشعب الكردي بشكل دائم.

ولد ديار غريب محمد سنة 1973 في قرية سويسينان التابعة لقراداغ. ولد هفال هلمت في كن أسرة وطنية، مرتبطة بأرضها وشعبها. وقد تخرج سنة 1995 -1996 من قسم الفيزياء في الكلية العلمية بجامعة صلاح الدين في مدينة هولير.

بدأ نضاله في إطار فكر وفلسفة القائد أوجلان في جنوبي كردستان خلال تسعينيات القرن الماضي، وكان نشطاً بين الطلبة. كانت معارك ومقاومة الكريلا تلفت انتباهه بجميع الأشكال، حيث كان الشبان والشابات يتوجهون في أفواج إلى جبال كردستان من أجل الانضمام لصفوف الكريلا.

جذبت فلسفة ونضال وأسلوب القائد أوجلان التي انتشرت في جميع أرجاء كردستان، انتباه هفال هلمت. وعندما كان يمارس نشاطاته بين الشباب، رأي أن نشاطه غير كافي لتأمين مطالب أبناء الجنوب. ويسعى حينها للوصول إلى الكريلا، من أجل رؤية ومعايشة الفكر والفلسفة الحرّة التي كان يتغنى بها القائد أوجلان عن قرب.

يرى هفال هلمت حرية كردستان في حرية الأسرة، وحرية المجتمع في حرية الفرد. كما يرى في حرية المجتمع حريةً لجميع الشعوب. ليتوج على إثر قناعاته الجديدة إلى جبال كردستان من أجل الانضمام لصفوف الكريلا.

يتوجه هفال هلمت سنة 1997 برفقة مجموعة من شبيبة جنوبي كردستان للقاء قائد الشعب الكردي عبدالله أوجلان. كان الشهيد هلمت صاحب فرصة كبيرة، لأنه استطاع اللقاء بالقائد أوجلان مع بداية انضمامه.

يتعرف حزب العمال الكردستاني ويفهمه عن طريق القائد أوجلان، ويتعلم لدى أوجلان أساليب النضال، كما يتعرف على الحياة بالإضافة أيديولوجية وفلسفة النضال الحرّ.

أبدى هفال هلمت تعباً كبيراً في نشاطه الساعي إلى تحقيق الوحدة والتوعية الوطنية، وكان مؤمناً بانتصار خط الحرية والديمقراطية وفكر القائد أوجلان. وصل سنة 1998 إلى جبال كردستان، وأضحى صاحب دور كبير وهام كعضو متقدم في جميع مجموعات النضال، لقد كان حزب العمال الكردستاني يمثل كل حياته.

شارك في إحدى الفترات ببطولاته في معارك شمالي كردستان ضد احتلال الدولة التركية. لقد كان يولي اهتماماً كبيراً بالتدريب الشخصي، ومؤمناً بعملية الحرية، وكان يمارس التنظيم بوعي قوي.

يعتبر هفال هلمت أحد مؤسسي حزب الحل الديمقراطي الكردستاني، وعضواً في مجلس قيادته بنفس الوقت. جرى انتخابه في المؤتمر الرابع للحزب رئيساً، وفي المؤتمر الخامس أعيد انتخابه كرئيس مشترك للحزب.

منذ سنة 2014 وحتى يوم شهادته، تولى العديد من المهام والمسؤوليات التنظيمية في إطار نظام منظومة المجتمع الكردستاني. وشغل عضو اللجنة المركزية لحزب العمال الكردستاني، وعضو المنسقية الرئاسية العامة لمنظومة المجتمع الكردستاني.

لم يكن مستوى التواصل والعلاقات لدى هفال هلمت مقتصراً على البشر، إنما كان يملك ارتباطاً وثيقاً مع الطبيعة. وكان يسعى لأن يشاطر هذا الشعور مع رفاقه، حيث امتلك حساّ كبيراً تجاه مسألة حماية البيئة.

وبحسب هفال هلمت، فإن مصدر المشكلة الكردية يعود إلى انقسام كردستان. وقد كان يوقن حقيقة أن الكرد أصحاب مجتمع تاريخي يعود عمره لعشرات الآلاف من السنين، لكن وطنهم تعرض إلى الانقسام بفعل الاتفاقيات الدولية. لذلك كان يرى في الوحدة الوطنية ضرورة لا محالة. كان مراده أن يؤسس الكرد وحدتهم ويصبح لهم وجود بارز. وحّذر مراراً من أن عدم توحيد الكرد لصفوفهم سيؤدي بهم إلى عدم تمكنهم من تحقيق أية مكتسبات، كما سيؤدي إلى فقدانهم ما كسبوه.

ولهذا كان يرى طريق الحل دائماً في تحقيق الوحدة الوطنية الكردية. لكنهم تعرض إلى خنجر غادر في ظهره، خلال مساعيه لتحقيق الوحدة الوطنية للبيت الكردي.

طالت يد الخيانة هفال هلمت، حيث استشهد يوم 5 تموز سنة 2019 في هجوم جوي للدولة التركية، وكشفت بعده منظومة المجتمع الكردستاني في بيان، أن يد الخيانة والعمالة ساهمت في فقدانه.

رفع هفال هلمت مشغلة المقاومة والحرية في جنوبي كردستان بروح فدائية. وكرر الثوريون وشعوب جنوبي كردستان ارتباطهم بنهج هفال هلمت في هذا الإطار.

انتفض أهالي جنوب وغرب كردستان بعد سماعهم نبأ استشهاد هفال هلمت، حيث شارك عشرات الآلاف في مناطق مختلفة من جنوبي كردستان في مراسم توديع هفال هلمت إلى مثواه الأخير.

ردد المشيعون "ديار لا يموت" بدون توقف. وكيفما كان مكتبة في نضاله، تحول بشهادته إلى شوكة في أعين الخونة والمحتلين. تكوم الجميع حول ضريح الشهيد هلمت، وعلى أساس أن حزب العمال الكردستاني هو حزب الشهداء، وكل شهيد يمثل نوراً يضيء النضال، قطعوا وعداً بالسير على نهجه.

كان الشهيد ديار غريب كاتباً وصحفياً، وصاحب 5 كتب تحمل اسم "قراءة جديدة لتاريخ كردستان"، "التاريخ القصير للعراق وجنوبي كردستان"، "الإدارة الذاتية الديمقراطية"، "أزمة النظام وموضوع القيادة في جنوبي كردستان"، بالإضافة إلى "بيان شبيبة جنوبي كردستان". وإلى جانب هذه الكتب، يمتلك الشهيد ديار غريب المئات من المقالات والدراسات والمحاضرات.

وزعت في مراسم أربعينية الشهيد ديار غريب، 500 كتاب. وحازت كتبه على مساحة كبيرة في قلوب الناس ومثلت شمعة فكرية أنارت فكر القرّاء.

تحدث الاستاذ إدريس عبدالله عن كتاب الشهيد هلمت الذي يحمل هنوان "بيان شبيبة جنوبي كردستان"، قائلاً: "كتاب بيان شبيبة جنوبي كردستان، هو كتاب مهم يتحدث عن طاقة ووجود وفعاليات الشبيبة في كردستان عامةً وفي جنوبي كردستان خاصةً. حيث لفت هفال هلمت في كتابه إلى دور الشبيبة في الناحيتين السياسية والاجتماعية."

كان لهفال هلمت مكانةً خاصة في عائلته. وكان يأمل من شقيقاته وأشقائه أن يكونوا شخصيات قوية، ويناضلوا ضد الذهنية الذكورية والمحافظة. ولم يكن يسمح بوجود أي تواصل مختلف بين الرجال والنساء.

كان هفال هلمت محباً لوالدته بشكل كبير، وكان دائماً يقول بصدد ذلك: "والدتي هي معلمتي الأولى في نضالي."

تقول والدة الشهيد ديار غريب، سعدية، في الذكرى الأولى لاستشهاد ابنها قائلةً: "فخورة دائماً بالشهيد ديار والشهيد دلير. فهما لم يضيعا اسميهما. لقد كان دائماً ديار ولقبه هلمت، وعدا ذلك حصل على لقب الشهادة. أن فخور ومسرورة جداً بوجود أولادي هؤلاء. ووجودهم محل سعادة لي ولجميع أبناء الشعب الكردي."

ورغم مرور عام كامل على استشهاد الثوري الذي لا يموت هفال هلمت، لا تزال تشكل ذكراه أملاً بالانتصار. وستظل أفكار نوراً يضيء طريق النضال.

يجري العمل على طباعة كتاب حول حياة نضال الشهيد هلمت، وذلك تزامناً مع ذكرى شهادته الأولى. ويحمل الكتاب عنوان "ديار غريب، بيان الشخصية الحرة والثورية الكردستانية". يتكون الكتاب من 6 فصول حيث يتحدث عن سيرة حياة الشهيد ديار غريب كما يتضمن كتاباته وأحاديثه في اللقاءات الصحفية. ويتم إعداد الكتاب من قبل الكاتب والصحفي حسن جودي.