دويتشه فيله: ترامب وأردوغان يدفعان الاقتصاد التركي نحو الهاوية

الاقتصاد التركي يعاني حاليا من أزمة لا تعود أسبابها فقط إلى تهديدات ترامب وتراجع قيمة العملة، بل إلى ركود طال معظم القطاعات الأساسية بسبب سياسة أردوغان.

قال تحليل لإذاعة صوت ألمانيا "دويتشه فيله" أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أصبح عبء على اقتصاد البلاد، كما هو بالفعل عبء على سياستها الخارجية، معتبر أن ما يعانيه الاقتصاد التركي من مشكلات جوهرية قد تضاعفت أيضا مع تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتدمير الاقتصاد التركي.

"يعاني الاقتصاد التركي حاليا من أزمة لا تعود أسبابها فقط إلى تهديدات ترامب وتراجع قيمة العملة، بل إلى ركود طال معظم القطاعات الأساسية بسبب السياسة الاقتصادية المعادية للتعددية السياسية والاقتصادية التي يتبعها الرئيس أردوغان. فالصناعة التحويلة التي تشكل أكثر من 30 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي تعاني من ضعف الاستثمار والتراجع في الطلب بنسبة 9 بالمائة خلال العام الماضي. ويعاني قطاع البناء من وضع أسوأ بسبب تراجع قيمة الليرة وارتفاع أسعار المواد والمستلزمات التي أصابت الشركات الصغيرة والمتوسط بضربة موجعة"، بحسب المقال.

وتابع التحليل الذي أعده الدكتور إبراهيم محمد استاذ الاقتصاد السوري ومدير موقع دويتشه فيله الألماني، أنه "لولا انتعاش السياحة وتزايد أعداد اللاجئين الذي رفع الطلب على المواد الاستهلاكية لعانت صناعات المواد الغذائية والألبسة من وضع مماثل. وتأتي التطورات السلبية هذه لأسباب من أبرزها المخاطر السياسية الناتجة عن تعميق الانقسام السياسي الداخلي بسبب تقييد أردوغان للحريات وملاحقته لمعارضيه من ساسة ورجال أعمال. وجاء تدخله العسكري في سوريا والمعارضة العالمية القوية لذلك لتزيد الوضع سوءا وتؤجج الخلافات بينه وبين حلفائه في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. وهو الأمر الذي ينعكس سلبا على التجارة والاستثمارات المتبادلة. ويمكن وصف السياسة الاقتصادية التركية في الوقت الحالي بأنه طارده للاستثمارات أكثر منها جاذبة لها. وهو أمر يشكل طعنة قاتلة في ظهر الاقتصاد التركي الذي يحتاج لتدفق المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية بشكل حيوي. وإذا ما استمر الوضع على هو ما هو عليه في الوقت الحالي، فإن أردوغان سيوصل اقتصاد بلاده إلى الهاوية."

التأثير الأمريكي على الوضع المالي في تركيا

وأعتبر الكاتب أنه "اذا كانت تهديدات ترامب المتعلقة بتدمير الاقتصاد مبالغ فيها، فإن بإمكان واشنطن شل عمل قطاعات اقتصادية حيوية عديدة من خلال حظر معاملاتها المالية إذا وصلت العلاقات إلى نقطة القطيعة. غير أن الأمور لن تصل إلى هذه النقطة طالما بقيت تركيا في عضوية حلف شمال الأطلسي وهي التي تشكل بالنسبة له أهمية جيوسياسية فائقة."

ويظهر التأثير الأمريكي على القطاع المالي التركي بشكل خاص من خلال تهديدات ترامب الأخيرة والتي أفقدت الليرة نحو 6 بالمائة من قيمتها في غضون الاسبوعين الماضيين. وفي صيف العام الماضي 2018 ادت تهديدات سابقة إلى فقدانها أكثر من 30 بالمائة من قيمتها خلال أيام. ولم يفلح الاتفاق الأخير في 17 اكتوبر/ تشرين الأول في دفعها إلى التعافي مجددا سوى بنسبة 1 بالمائة. وتبدو العملة التركية اليوم من أسوأ العملات أداء بين عملات الدول الصاعدة والأكثر عرضة للتقلبات بسبب المخاطر الجيوسياسية الناتجة عن السياسة التركية تجاه سوريا وتوجه أنقرة المتزايد لتعزيز التعاون العسكري مع روسيا رغم معارضة حلفيتها التقليدية واشنطن لذلك. ويزيد الطين بلة السياسة الاقتصادية الداخلية التي تضعف ثقة المستثمرين بمستقبل تركيا كبلد مستقر. وهو الأمر الذي يظهر من خلال الهزات التي تتعرض لها البورصة التركية من فترة لأخرى. وتكمن أحد مشاكل تركيا الأساسية في أن ازدهارها الاقتصادي المعاصر اعتمد بشكل كبير على الاستثمارات الغربية التي تدفقت في فترة حكم أردوغان التي اتسمت بالانفتاح على الجيران وتعزيز الحريات والتعددية السياسية في وقدرت مؤسسة التجارة والآستثمار الألمانية حجم الدين العام بنحو 455 مليار دولار مقابل احتياطي لا يتجاوز 71 مليار دولار بحلول عام 2017. ومن المرجح أن الوضع أصبح أكثر سوءا منذ ذلك الحين على ضوء تزايد الخلافات السياسية بين أردوعان من جهة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من جهة أخرى.