جنوب كردستان: حلحلة على حساب انجاز ومخاوف من تقسيمه

في ظلّ انقساماتٍ حادّة بين الحزبين الرئيسين في جنوب كردستان, وتوقعات بعدم قدرة حكومة الإقليم الحفاظ على المنجزات التي تحقّقت حتى الآن, تبدو الملامح العامة للحياة السياسية هناك غامضة, خاصةً بعد تحالفات الاحزاب الكردية مع أطراف مختلفة في بغداد.

في الوقت الذي تتباين فيه الاراء حول المساعى الاخيرة للاحزاب الكردية في جنوب كردستان لحلحلة الازمة مع بغداد، وجدوى اللقاءات التي شهدتها بغداد بين وفود وشخصيات كردية مع المسؤولين هناك، وفيما تبرز مخاوف من ان يؤثر الانقسام السياسي في جنوب كردستان على وحدته وعلى الإنجازات الدستورية التي حققها الكرد ابان سقوط النظام السابق، تبقى اصابع الاتهام موجهة الى حكومة جنوب كردستان التي يسيطر عليها الحزب الديمقراطي الكردستاني، وجناح من الاتحاد الوطني الكردستاني، بسبب عجزها عن تحقيق توحيد في الصف الكردي قبل الاستفتاء، وحتى بعده وانفراده في اتخاذ قرارات مصيرية تبعاتها يدفعها المواطن الكردي في جنوب كردستان.

ومع ان المواطنون في جنوب كردستان يترقبون ان تفضي اللقاءات والحوارات مع بغداد على اقل تقدير بعودة الاستقرار الاقتصادي وصرف رواتب الموظفين، الا ان الأنباء الواردة من بغداد، والتي تتناقلها وسائل الاعلام العراقية عن مسؤولين في بغداد و تركز احيانا على التششت والانقسام الكردي واحيانا اخرى فضل طرف على اخر او حزب على اخر، وكل ذلك يدخل في اطار حسابات تتعلق بعضها بالمعادلة الانتخابية، فجنوب كردستان والعراق مقبلان على استحقاق انتخابي بعد اشهر قلة. النائب جاسم محمد جعفر البياتي، المقرب من رئيس الوزراء حيدر العبادي، كشف عن ان الوفد المعارض الذي زار بغداد قبل ايام حاول ان يجد حالة من التفاضل للسليمانية. وكانت حكومة جنوب كردستان ذكرت في بيان لها ان الوفد الكردي لا يمثل الحكومة وانما كتل واحزاب من التغيير والجماعة الاسلامية باضافة الى جماعة مقربة من اتحاد الوطني الكردستاني في اشارة الى تحالف الديمقراطية و العدالة التي يتزعمها برهم صالح القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني.

واضاف البياتي ان "الوفد حاول ان يكون هناك اهتمام خاص للسليمانية والحكومة الاتحادية تريد الحديث مع كل الكرد وبعض الاطراف لا تتنازل عن بعض النقاط الدستورية والمهام الاتحادية وما ذنب سليمانية ان تتألم من قضايا اقتصادية ورواتب الموظفين". واوضح البياتي ان الوفد يريد ان يوصل رسالة مفادها ان حكومة جنوب كردستان متجاوزة ليس لها شرعية برلمانية لأن رئيس البرلمان استقال وبعض الوزراء استقالوا. فيما تواردت انباء عن شروط وضعها العبادي من ضمنها ان يكون التعامل مع حكومات المحافظات في جنوب كردستان، وذهبت تقارير اخبارية ابعد من ذلك لتذكر انه هناك مساعي لتعديل الدستور العراقي، مايشكل خطرا حقيقيا على الدستور باعتباره انجاز كردي في العراق بعد صدام.

ولكن تصريحات المسؤولين في بغداد تعكس الواقع في جنوب كردستان ففي ظرف اسبوع توجهت وفود وشخصيات الى بغداد دون ان يكون هناك اي تنسيق بينها، فيما تبدو حكومة جنوب كردستان متخبطة على جميع الاصعدة واهمها تصحيح الاخطاء التي كانت ىسببا في دخول اربيل ازمة خانقة جعلتها تستجدي بغداد في نهاية المطاف وبغداد من ناحيتها تريد استغلال الموقف لصالحها بان تبدو اكثر مركزية مايتنافى مع مبدأ الدستور العراقي الذي ينص على ان النظام في العراق اتحاد فيدرالي، ومانتج عن كل تلك اللقاءات مجرد وعود اطلقها العبادي، اما عن طريق ظهوره الاعلامي الاسبوعي او مانقلته مصادر مطلعة لما دار في الاجتماعات بين الوفود وحكومة بغداد. واخرها كانت وعود كشفتها نائبة عن التغيير في مجلس النواب العراقي عن تعهد ابداه العبادي بتحويل موظفي جنوب كردستان الى موظفين اتحاديين لتخليصهم من سطوة الاحزاب في اربيل وذلك عبر تسليمهم الرواتب عن طريق البطاقات الذكية، وأن العبادي ابلغ أعضاء الوفد الكردي أن هذه الخطوة هي لتخليصهم من سطوة الأحزاب في اربيل، في إشارة إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني.

ولايغيب عن مشهد الخلافات بين اربيل وبغداد التسريبات عن اتفاقات وتحالفات بين احزاب وكتل سياسية في جنوب كردستان مع احزاب وكتل سياسية في بغداد في اطار الاستعدادات لدخول المعركة الانتخابية المقبلة.

واشار تقرير لصحفية لندنية، انه من المتوقع ان يتحالف رئيس الحكومة حيدر العبادي مع برهم صالح القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني والذي شغل عدة مناصب في بغداد وجنوب كردستان، وأن "برهم صالح هو أحد أقرب الأطراف الكردية إلى العبادي، لكن الغموض الذي يحيط بموعد إجراء الانتخابات يعطل حسم أي تحالف حاليا".

وجاء في تقرير صحيفة العرب اللندنية، مانسبته الى سياسي كردي ان "الأحزاب الكردية تعتقد أن بغداد هي بوابتها الوحيدة نحو بناء شعبية جديدة لها في جنوب كردستان بعد الفشل في توحيد الصف الكردي لحل ازماته، كما ان كل الأحزاب الكردية التي لديها مشاكل مع البارزاني تحاول إخبار الشعب الكردي بأنها تعمل مع بغداد لحل أزمة موظفي الرواتب في جنوب كردستان وتوفير المشتقات النفطية للسكان في فصل الشتاء القاسي".

وهناك معلومات عن تنافس خفي بين نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي والعبادي على استقطاب القيادات الكردية تحسبا للتوازنات داخل برلمان ما بعد انتخابات 2018"، وانهناك تقارب بين الديمقراطي الكردستاني ونوري المالكي. وكانت مفوضية الانتخابات اجازت لحزب الدعوة الاسلامية بزعامة نوري المالكي وعضوية القيادي فيه رئيس الوزراء حيدر العبادي الاشتراك بقائمتين في الانتخابات. ويبدو من المشهد ان المواطن الكردي امام خيارات احلاها مر في ظل غياب ارادة توحد الصف الكردي في جنوب كردستان وتنطلق منه مخاطبة بغداد لحل الخلافات.