تركيا المأزومة في الداخل والخارج.. صحف عالمية ترصد تداعيات المشهد الراهن

قال تقرير لشبكة "فوكس نيوز" الأمريكية أن الخلاف بين إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان تصاعدت إلى حد غير مسبوق، في الوقت الذي سلطت فيه العديد من وسائل الإعلام العالمية الضوء على الأزمات الداخلية التي يعيشها النظام التركي.

وقالت شبكة "فوكس نيوز" أن إدارة ترامب تخوض مواجهات متصاعدة مع تركيا بسبب خططها لشراء نظام الدفاع الجوي الروسي، ومع اقتراب الموعد النهائي لأنقرة للإختيار بين التراجع أو خسارة طائرات F-35 الأمريكية الصنع، وربما أكثر، في إشارة إلى إمكانية فرض عقوبات إضافية على أنقرة بموجب قانون مواجهة أعداء امريكا من خلال العقوبات.

في رسالة إلى وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، هدد وزير الدفاع الأمريكي بالإنابة باتريك شهانهان بشدة بمنع تركيا من الحصول على طائرات F-35 إذا استكملت صفقة صواريخ إس400 الروسية.

يقول المسؤولون الأمريكيون إن شراء تركيا لمنظومة S-400 يمكن أن يشكل تهديدًا للطائرات المقاتلة F-35، لأن النظامين لا يتماشيان مع بعضهما البعض، حيث تسعى الولايات المتحدة الى عدم اقتراب طائراتها من المنظومة الروسية التي يمكنها قراءة ملفات تعريف الطائرة المتطورة ومن ثم التغلب على إمكانياتها.

وأوضح شانهان أن الولايات المتحدة قد لا تتوقف عند حد تعليق مشاركة تركيا في البرنامج الخاص بF35، بل لمح الى احتمال فرض عقوبات على تركيا، حيث هناك تصميم من جانب الحزبين الديمقراطي والجمهوري لفرض عقوبات على أنقرة طبقا لقانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات CAATSA.

وردت تركيا بقسوة على رسالة وزير الدفاع الأمريكي إلى نظيره التركي، وقال مولود جاويش أوغلو وزير خارجية تركيا أنه لا يمكن أن تقبل بلاده منحها مهلة للتراجع، فيما شدد أردوغان على تمسكه بالصفقة التي تهدد بالإطاحة بالعلاقات بين الحليفين المفترضين في الناتو.

في وقت سابق من الأسبوع الماضي، وافق مجلس النواب على قرار يدين تحرك تركيا لشراء أنظمة الدفاع الجوي S-400 من روسيا. وقال القرار "الصفقة ستهدد سلامة التحالف بين الولايات المتحدة وتركيا وتقوض الناتو."

ونقلت الشبكة عن مسؤولين قولهم أنه حتى الأن لم يتحدد ما اذا كانت الولايات المتحدة ستسدد قيمة مشاركة تركيا في البرنامج أم لا، لكن يبقى التساؤل هو حول الطائرات الأربعة التي حصلت عليها تركيا بالفعل من طراز إف 35.

ومن المقرر أن يلتقي آكار وشانهان خلال إجتماع وزراء دفاع حلف الناتو الاسبوع المقبل، وذلك في الوقت الذي أكد فيه الرئيس التركي أنه تم "حل" مسألة إس 400 مع روسيا، وأن الصفقة تتم، مشيرا إلى أنه سيتم بدء تسليم المنظومة الشهر المقبل.

وبدورها، ناقشت مجلة "بيزنس إنسايدر" أزمة السلاح بين أنقرة وواشنطن، من زاوية تصميم تركيا على الخروج من المنظومة الامريكية وذلك بعد أن عرضت نموذج مقاتلة محلية الصنع من الجيل الخامس مخطط إنتاجها وذلك خلال معرض باريس الجوي 2019، من إنتاج شركة صناعة الطيران التركية.

وتم إطلاق برنامج الطائرة التركية الصنع TF-X ليحل محل أسطول سلاح الجو التركي القديم من طائرات طراز إف 16 الأمريكية، وتشارك شركة صناعة الطيران التركية في إنتاج طائرات إف 35، مما يمنحها المعرفة والمهارات اللازمة لتطوير مقاتلة من الجيل الخامس محلية الصنع، حسبما ذكرت الشركة على موقعها الرسمي.

ولفتت المجلة في تقريرها إلى أن الولايات المتحدة قد أكدت إن طرازي F-35 و S-400 غير متوافقين لأن الأخير يمكن أن يستخدم لجمع معلومات استخبارية عن المقاتلة الأمريكية، حيث منحت الولايات المتحدة تركيا مهلة حتى 31 تموز/ يوليو للتوصل إلى اتفاق.

وتابعت المجلة: "إذا فشلت تركيا في القيام بذلك، فستمنع الولايات المتحدة حليفتها من شراء طائرات F-35 وتوقف تدريب الطيارين الأتراك بشكل دائم على المقاتلة المتقدمة. وذلك بعد أن تم بالفعل تعليق البرنامج التدريبي".

ومن جانبها، ذكرت "جلف نيوز" في مقال بعنوان "هل ستصبح تركيا دولة مارقة؟"، أنه في الوقت الذي يفضل فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أو يدعي إقامة علاقات جيدة مع القوى المتصارعة في العالم، لكنه في الواقع يبتعد عن واشنطن باتجاه موسكو.

وتابعت الصحيفة: "وقعت تصدعات كبرى في التحالف القائم منذ فترة طويلة بين الولايات المتحدة وتركيا العضو أيضا في الناتو، والذي تحول من سيء إلى أسوأ بعد الانقلاب الفاشل الذي وقع عام 2016 بسبب إحجام إدارة ترامب عن تسليم فتح الله غولن المتهم بأنه وراء تدبير الانقلاب".

علاوة على ذلك، فإن الولايات المتحدة تستهجن إنحراف تركيا عن قيمها العلمانية السابقة ودعم الجماعات الإسلامية المسلحة، وأكد المقال إن الضربات الجوية التركية المتكررة على الأهداف الكردية في سوريا والعراق هي شوكة أخرى في خاصرة الجانب الأمريكي أثارت تهديدا من الرئيس ترامب بتدمير الاقتصاد التركي.

وذكر المقال إن الخلاف الأخير حول شراء تركيا لنظام الدفاع الصاروخي الروسي S-400، يمكنه خلق انقسام لا يمكن إصلاحه.

وقالت المقالة أن الخصومة المتبادلة يمكنها الوصول إلى نقطة الانهيار في العلاقات بين البلدين، وبين تركيا وأوروبا، في الوقت الذي تراقب فيه الولاياتالمتحدة قاعدة بديلة في اليونان، لبديل عن القاعدة الأمريكية في تركيا.

وأكدت المقالة أن دول الاتحاد الأوروبي تدعم قبرص بقوة في نزاع مع تركيا حول تنقيبها عن الغاز قبالة الساحل القبرصي، حيث أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تضامنه مع قبرص واحترامه لسيادتها. وقال إن أوروبا "لن تظهر ضعفًا في هذا الشأن".

 

الأزمة الإقتصادية

وفي الوقت التي تهدد فيه الولايات المتحدة بفرض عقوبات إقتصادية جديدة ضد أنقرة، ذكرت وكالة "بلومبرغ" الأمريكية أن تركيا عانت من عجز في الميزانية في آيار/ مايو الماضي، مقارنة مع فائض في نفس الشهر من العام الماضي ، في إشارة إلى أن السلطات تسعى لدعم الإقتصاد قبل إعادة انتخابات بلدية إسطنبول في هذا الشهر.

وبلغ العجز في ميزانية الحكومة المركزية 12.1 مليار ليرة (2.06 مليار دولار)، مقارنة بفائض قدره 2.7 مليار ليرة في نفس الفترة من العام السابق.

لا يزال نمو الإيرادات ضعيفًا، فيما ارتفعت الفجوة السنوية في الميزانية التركية إلى 118.7 مليار ليرة في شهر آيار/ مايو، مما رفع نسبة العجز إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.1 ٪، وأشارت الوكالة إلى أن تركيا مددت بعض التخفيضات الضريبية على السلع الاستهلاكية حتى حزيران/ يونيو الجاري، وفي وقت سابق من هذا الشهر، سجلت وزارة الخزانة عجزًا في الميزانية النقدية قدره 14.7 مليار ليرة في شهر آيار/ مايو.

ونقلت الوكالة عن خبراء في مجموعة جولدمان ساكس قولهم: "نحن نتوقع أن يرتفع عجز ميزانية الحكومة المركزية إلى 4.2 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019، أي أكبر من افتراض البرنامج المالي بنسبة 1.8 ٪"، مما يشير إلى أن إجمالي التمويل المطلوب من قبل تركيا سيصل إلى 295 مليار ليرة.