بسيه هوزات: أمريكا لم تغير من استراتيجياتها في المنطقة

أوضحت الرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK) بسيه هوزات أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تغير من استراتيجيتها في سوريا ، لكنها تبني علاقات تكتيكية وتغير من سياساتها الحالية عبر تركيا لإعادة تنظيم وترتيب سوريا.

بسيه هوزات وفي الجزء الثاني من حديثها لوكالة فرات للأنباء (ANF) تطرقت إلى مسألة التوازنات والتحالفات في سوريا وخاصة مناطق شمال وشرق سوريا.

وأشارت هوزات إلى قرار الولايات المتحدة الأمريكية بسحب قواتها من سوريا موضحة أن هذا القرار الأمريكي لم يكن مفاجئ وقالت:

"اذا ما فهمنا جيداً أسباب التدخل الأمريكي في سوريا، سنفهم جيداً سبب قرار الانسحاب ، كما يجب تقيم وتفسير هذا القرار كجزء من سياسات واستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية في عموم الشرق الأوسط.

فهي بهذا القرار لن تتخلى عن سوريا ولم تغير من سياساتها في الشرق الأوسط بل هي إعادة تنظيم تلك السياسات. أمريكا ومنذ مدة طويلة تمارس سياستها تجاه إيران ، كوريا الجنوبية وسوريا. ومع بداية حرب الخليج واحتلال العراق للكويت بدأت مرحلة الحرب العالمية الثالثة. ومع هذا الصراع في منطقة الشرق الأوسط كانت هناك محاولات لإعادة التوازنات في ما يخدم مصالح الرأسمالية العالمية ، وإحدى اهم الأهداف في المنطقة هي سوريا. وهذا ظهر من خلال التدخل الصريح في ثورات "الربيع العربي" في الشرق الأوسط. سبب اخر للتدخل الأمريكي في سوريا هو محاولة إضعاف الدولة السورية ، توجيه نظام الأسد في ما يخدم مصالحها وسياساتها بشكل يمنعه من إزعاج إسرائيل وكذلك منع ظهور أي حركة ثورية حقيقية. لهذا فإن وجود داعش في سوريا كان سبباً محفزاً لأمريكا بالتدخل في سوريا، واستطاعت أمريكا استغلال هجمات داعش على مدينة كوباني والتدخل عبرها في سوريا. أثناء مهاجمة داعش لكوباني بدأت الولايات المتحدة الأمريكية بشن غارات جوية ضد داعش ومن اجل إضفاء الشرعية على تدخلها وبهذا مهدت للتدخل في سوريا وبات أمراً واقعاً.

وأشارت هوزات إلى المقاومة الكبيرة التي أبداها مقاتلو YPG/YPJ ضد هجمات داعش في كوباني وتابعت: "داعش تلقى ضربات موجعة في كوباني وكانت المقاومة كبيرة وخاصة مقاومة المرأة الكردية وهذا ما أثر بشكل كبير على الراي العام العالمي وساهم في دعم المقاومة عالمياً. ثورة روج آفا كان لها تأثيرها على العالم بشكل كبير والانتصار في معركة كوباني كانت سيمنحها دعماً مضاعفاً على مستوى العالم. لكن أمريكا استغلت هذه الأجواء والاستفادة من الثورة وتحسين صورتها المشوهة أمام العالم وأمام شعوب الشرق الأوسط من خلال دعم المقاتلين الكرد ضد إرهاب داعش.

الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ اليوم الأول من التدخل في سوريا بشكل مباشر تحاول إضعاف ثورة روج آفا وتحريفها عن مسارها الثوري ، السيطرة عليها. بناء نظام هيمنة في سوريا وفق مصالحها. وهي إلى حد ما تمكنت من اتخاذ بعض الخطوات في هذا الاتجاه لكن لم تتمكن من تحقيق كل ما تريد.

وأوضحت هوزات أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تغير من استراتيجيتها في سوريا فقط ما تقوم به اليوم هي تغير العلاقات التكتيكية والسياسات الحالية.

وأضافت: "الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ الأن تحاول من خلال تركيا إعادة ترتيب وتنظيم سوريا وفق مصالحها. وهي ستعمل على استخدام بعض القوى التي تعارض ثورة روج آفا منذ البداية وهذا من خلال حليفتها في الناتو تركيا، وكذلك من خلال الجماعات المرتزقة المدعومة من قبل تركيا. تصريحات أردوغان "لن نتخلى عن العرب في مواجهة داعش ولن نتخلى عن الكرد في مواجه YPG" هي ملامح واضحة لشكل السياسات المخطط لها لاحتلال مناطق شمال وشرق سوريا. الجانب الواضح للسياسات الأمريكية تشكل خطراً حقيقياً على كل المكونات في سوريا وتعني شرعنة لمحاولات الاحتلال التركي لسوريا تعميق الحرب الأهلية في سوريا وبقاء الأزمة والصراع".

وأكدت هوزات أن هذا القرار سيكون له تأثير حقيقي وقالت: "سيكون هناك إعادة هيكلة للتوازنات في سوريا، محاولات الولايات المتحدة الأمريكية للبقاء قوية في سوريا من خلال تركيا سيكون سبباً لدفع روسيا، إيران ونظام البعث بإعادة النظر في سياساتهم. دور الكرد وقوات سوريا الديمقراطية واضح لكل الأطراف وعداء الكرد والقوى الديمقراطية ستكون خطوة لن تخدم مصالح أي طرف ، بل على العكس سيكون ضرراً لمصالحهم. الكرد اليوم هم المحرك الأساسي للديمقراطية في المنطقة وضمان الوحدة. وهم القوة الرئيسية القادرة على ضمان وحدة المنطقة وتحقيق الديمقراطية. كل طرف يقيم علاقات جيدة مع الكرد سيحقق النجاح وكل طرف يحاول استغلال الكرد والاستفادة منهم في تحقيق مصالحهم سيكونون هم الأطراف الخاسرة في المعادلة".

ولفتت هوزات إلى أن الكرد دائماً ما اكدوا أن سياستهم مبنية على أساس وحدة سوريا وتحقيق الديمقراطية ودائماً ما كانوا يسعون إلى الدخول في حوار مع الحكومة السورية. وعلى هذا نعتبر أن السياسة الأمثل التي تخدم مصالح سوريا هي الاتفاق مع الكرد والقوى الديمقراطية في سوريا. واكبر خطر يهدد سوريا هو اتساع النفوذ التركي في سوريا. تركيا دولة احتلال وتعمل وفق السياسات العثمانية الجديدة وتحاول اقتطاع أجزاء من سوريا وضمها إلى حدودها، ونظام أردوغان وحليفه باخجلي لا يزال يحلمون بتحقيق الحلم العثماني القديم.

واذا ما كانت الحكومة السورية وحلفائها يدركون الحقيقة ويبحثون عن مصلحة الشعب السوري ووحدة أراضيها وضعت سياساتها وفق هذه الأسس ، فسيكون بمقدورهم التصدي لمحاولات الاحتلال التركي وتخليص سوريا من هذه الخطر المحدق بها.

الخيار الوحيد للتصدي لهذا الخطر الجديد الذي يهدد سوريا هو الاتفاق الديمقراطي مع الكرد. وبهذا فقط سيعود الأمن والاستقرار إلى سوريا وتتعافى من هذه الحرب. وفي حال اتخاذ أي خيارات اخرى فستكون هناك حروب وصراعات كبيرة لسنوات طويلة في سوريا وهذا ما تسعى إليه تركيا.

وأشارت هوزات إلى أهمية المرحلة بالنسبة للشعب الكردي بالقول: "اذا لم يتمكن الكرد من تحقيق وحدتهم الوطنية في هذه المرحلة الحساسة فسيكونون أكثر من يخسر. فنحن في مرحلة انهارت فيها كل التوازنات والتحالفات السابقة في المنطقة وبناء تحالفات وتوازنات جديدة. بداية القرن العشرين كان بهذا الشكل وبسبب عدم وحدة الصف الكردي والخلافات الداخلية لم يكن الكرد طرفاً في المعادلة وبنيت كل التوازنات والتحالفات بشكل يعادي مصلحة الشعب الكردي. وعدم تحقيق الوحدة الكردية اليوم سيؤدي إلى نفس النتيجة السابقة .

تحقيق الوحدة الكردية في هذه المرحلة اهم من كل شيء في الحياة. الكرد يعيشون مرحلة تاريخية حساسة ومهمة للغاية ، رغم كل المخاطر إلا أن الفرص متاحة ليكون لهم كيان يمثلهم. وتحقيق الوحدة الوطنية سيكون بمثابة نصر على الصعيد السياسي. وفي حال لم تكن الأجواء مساعدة لتحقيق هذه الوحدة في الظروف الحالية فواجب كل القوى السياسية الكردية أن لا تكون طرفاً في معادة او الضرر بمصالح الغير الطرف الأخر من اجل مصالحه الحزبية الخاصة. ونأمل أن يتعامل كل طرف مع حساسية هذه المرحلة انطلاقاً من هذا المبدئ".