بايك: ناضل القائد أوجلان من أجل تحقيق واقع الحرب الشعبية الثورية

قال الرئيس لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK)، أن نموذج التطبيق الفعلي في حلوان له تأثير في نظام الكونفدرالية الديمقراطية الذي طوره القائد أوجلان في وقت لاحق، وأن نضال الشعب الكردي أصبح من رواد نضالات الحرية والديمقراطية في العالم في نهج حرية المرأة.

الجزء الثالث والأخير من حديث الرئيس المشترك للهيئة التنفيذية في منظومة المجتمع الكردستاني (KCK)، جميل بايك، لوكالة فرات للأنباء (ANF) بمناسبة الذكرى الـ (41) لتأسيس حزب العمال الكردستاني (PKK).

- بالتزامن مع تأسيس حزب العمال الكردستاني، كيف أثرت التطورات على المجتمع الكردي وتوجيهه نحو قيادة النضال؟ ما هي الأحداث والظواهر والعوامل التي لعبت دوراً في ذلك؟

كان هناك صراع ضد الفاشيين، ومع استشهاد الرفيق حقي قرر ظهرت مشكلة الحماية الذاتية في كردستان بشكل جاد، بناءً على ذلك، تم اتخاذ قرار محاربة العملاء والخونة والمتعاونين مع الدولة التركية.... من طرف تم اتخاذ قرار التحول الحزبي كَرَدْ على المجزرة التي ارتكبت بحق الرفيق حقي قرر ومن طرف آخر تم استهداف ومعاقبة الأشخاص المتورطين في المجزرة واحدًا تلو الآخر، هذا أعطى ثقة كبيرة للكوادر والشعب حيث أن الحركة لن تغفر أبداً للعملاء والخونة وظهر تفكير بوجوب معاقبتهم.

بعد ذلك ثم اتخاذ قرار محاربة العصابات الموالية للدولة التركية والتي تعمل مع فاشية حزب الحركة القومية (MHP) في حلوان، تلك العصابات التي كانت تمارس ضغوط كبيرة على الشعب وترهب الناس من خلال قتل الرفيق خليل جاوغون، لم يكن حينها لدى حركتنا أي تنظيم أو خبرة عسكرية أو حتى أسلحة، وكانت المرتزقة حينها منظمين ومسلحين من قبل الدولة وفاشية (MHP) حيث اعتقد الناس أنه لا يمكن محاربتهم وكانوا خائفين، وفي مثل هذا الوسط السلبي، بدأ الصراع بتوجيه ضربة كبيرة للمرتزقة في حلوان وتحرير الناس من ظلمهم في حلوان، وتم تسليم البلدية للشعب في الانتخابات الأولى التي تم فيها انتخاب شخص من عامة الشعب وهو الرفيق نادر تمل الذي كان يعمل بصفة عامل في تكسير الحجارة، ليصبح رئيساً للبلدية، وأصبح هناك نموذج إدارة البلدية يضم الرجال والنساء من عامة الشعب، لإدارة أمورهم بأنفسهم، حيث انتصر الكفاح ضد المهيمنين... كان ذلك الأول من نوعه في تاريخ كردستان، أي أن نموذج التطبيق الفعلي في حلوان له تأثير في نظام الكونفدرالية الديمقراطية الذي طوره القائد أوجلان في وقت لاحق.

أثرت المقاومة والنضال في حلوان ضد المرتزقة، على منطقة الرها (أورفا) وكامل محيطها، وخاصة في منطقة أورفا حيث بدأ الناس يحيلون مشاكلهم إلى حركتنا، وانحصرت الدولة داخل مبانيها وتحولت البلديات في باطمان وسري كانيه (جيلان بينار) إلى بلديات تخدم الشعب، ولم يقتصر ذلك على باطمان، بل تجاوزها إلى كافة الأقضية والنواحي المحيطة بها، وبادر الجميع إلى عقد العلاقات مع بلدية باطمان والاستفادة خدماتهم، وأدى ذلك إلى تطوير النضال الاجتماعي في كل مكان، والتنشئة الاجتماعية لهز السلطة من الطبقة الحاكمة الكردية والخونة والمتعاونين وفتح المجال أمام الشعب.... زادت هذه التطورات من الثقة في حزب العمال الكردستاني وكانت لها الدور في مشاركة الكثيرين في أنشطة الحركة والانضمام إليها... حيث انزعجت الدولة التركية من مجمل هذه التطورات في كردستان وارتكبت في المقابل مذبحة مرعش وفرضت نظام الأحكام العرفية.

ومن ثم تطورت مقاومة سيورك، ربما لم تصل إلى النتيجة المرجوة، لكن مرتزقة عائلة بوجاق تلقت ضربة قوية، ودمرت الرعب من عائلة بوجاق الذي كان يحيط بـ (سيورك) والقرى المحيطة بها، حيث تم انتزاع العديد من المناطق من تحت سيطرتهم، وقد تم وضع الحد لعمليات النهب والمجازر ووضع اليد القسري على ممتلكات الناس. هكذا تكون الإقطاعية الكردية وأصل الخيانة والعمالة للدولة التركية قد تلقت ضربات كبيرة، أدى ذلك إلى زيادة الوعي العام وزيادة المشاركة في الكفاح، ثم تم إعلان الأسبوع الأحمر وتم معاقبة العديد من المستعمرين والجلادين والمعتقلين، شارك الشباب والشعب في حملة "الأسبوع الأحمر" في مناطق كثيرة من كردستان، ووصل الشعب إلى درجة الاعتماد على نفسه في الكفاح من أجل الوجود والحرية. مع هذا الصراع، شهدت نظام الإبادة الجماعية المتمثل في دولة الفاشية التركية تطورات تسببت في تلقي الدولة التركية ضربات متتالية في كردستان، وتم استبدال الخوف الذي أوجده الإقطاع الكردي والدولة التركية في المجتمع والشعب الكردي بالإرادة والتصميم على المقاومة.

في الواقع، خلق النضال لعدة سنوات فكرة أن أي جريمة لن تمر دون عقاب في المجتمع، وانتشر في المجتمع فكرة ظهور حركة سياسية في المجتمع مثل حزب العمال الكردستاني، وهذا مكّن الشعب وسلحهم بالشجاعة والجرأة في محاربة المجرمين، وسيطر الخوف والذعر هذه المرة على مرتكبي الجرائم، لجأ العديد من المجرمين إلى الحركة من أجل أن يتوبوا وينجوا بأنفسهم لتخليص نفسها، وقامت الحركة حينها بمقاضاتهم علانية أمام الشعب، واتخاذ القرار الذي يراه الشعب مناسباً بحقهم، سمح هذا التطور للحركة بالنمو أكثر وأصبح أملاً للشعب، وكان لصراع السنوات الأولى دوراً مهماً ورئيسياً في  تطور حرب الكريلا والانتفاضات لاحقًا.

- مع تطور كفاح حرب الكريلا، ومشاركة جميع شرائح المجتمع وخاصة النساء وحدوث الشهادة، كيف أثر ذلك على المجتمع الكردستاني وما نوع التغييرات والتحولات التي أحدثها؟

حقيقة أن الحركة أثرت على شرائح كبيرة من المجتمع وأدت إلى زيادة الانضمام والمشاركة من جميع الشرائح، وكانت الدولة التركية خائفة من هذا التطور، وعندما أدركت الفاشية إلى جانب القوى الخائنة والعميلة الكردية أنه لم يعودوا قادرين على منع تطور حزب العمال الكردستاني، قرروا محاربتها مباشرة، من خلال ارتكاب المجازر وتوسيع الاعتقالات وممارسة شتى أشكال التعذيب. لكنهم لم يتمكنوا من إرضاخ الشعب. أدى هذا النضال إلى تطوير واقع الحرب الشعبية الذي ناضل من أجلها القائد أوجلان؛ فمن جهة كانت الانتفاضات الشعبية تتطور ومن الجهة الأخرى كان هناك تحسن في شكل تنظيم حرب الكريلا وتطويرها، حيث شارك الشباب في الحركة منذ البداية وعُرِفَ حزب العمال الكردستاني منذ البداية في المجتمع كحركة شباب، وحينها بدأت المرأة في المشاركة في العمل التنظيمي والحركة الجماهيرية، أي أن تلك المرأة التي لم تكن قادرة على مغادرة منزلها، أصبحت الآن تشارك في الحراك الجماهيري وتنضم إلى حزب العمال الكردستاني، لم يكن مقبولاً القيود المفروض على المرأة حتى ولو لم يكن كما هو اليوم.... إن النهج المتبع في اكساب المرأة خصوصيتها، وإعطائها قيمتها للمرأة ومنحها قوة الإرادة، مكّنت المرأة من الثقة والمشاركة والنضال ضمن صفوف حزب العمال الكردستاني. خاصة أن زيادة مشاركة المرأة في الكفاح عززت الكفاح من أجل الحرية ضد السلطة الحاكمة في كردستان وجذبت انتباه الجميع. أدت إلى تطوير ثورة ديمقراطية كبيرة، سببت التغيير في عقلية المجتمع وكذلك إضعاف النظام الذي يهيمن عليه العقلية الذكورية. أدت المشاركة المتزايدة للمرأة إلى حدوث تغييرات كبيرة في المجتمع، وقد أدى ذلك إلى زيادة التزام المرأة تجاه القائد أوجلان وحزب العمال الكردستاني (PKK)، كيفما اكتشف الفرد والمجتمع الكردي حقيقته الخاصة به مع ، كذلك المرأة الكردية حصلت على هويتها الخاصة والاعتماد على قوتها الذاتية مع القائد أوجلان وحزب العمال الكردستاني، مضيفة بذلك اللون إلى الثورة مما جلبت حيوية أكبر للثورة.

منذ البداية، اهتم حزب العمال الكردستاني بالمرأة وأعطاها القيمة والمكانة اللائقة وعارض القيود المفروضة عليها، وأخذت المرأة مكانها في صفوف الكريلا منذ البداية، ومع تصاعد مقاومة الكريلا، حدثت انتفاضة في المجتمع الكردي بنسائه وشبابه وشيوخه، لقد تطور الانتفاضات بالكامل على شكل ثورة ديمقراطية، اجتماعية، ثقافية ووطنية، وكل انتفاضة أحدثت تغييراً كبيراً في الكرد، وحرر الشعب الكردي من جميع القيود والأغلال التي في أقدامه وركض بحماس كبير نحو حياة حرة وديمقراطية، وكانت المرأة والشبيبة من رواد تلك الثورة الديمقراطية منذ البداية، وحتى الشيوخ كبار السن كان لهم نشاط متزايد في هذه الثورة، حيث تكشف صور انتفاضات أعوام التسعينيات عن هذا الواقع، فقد كان الشيوخ كبار السن ينضمون إلى الانتفاضات متكئين على عكازاتهم الخاصة بهم، ويتضح جلياً أن هذه الثورة تشمل المجتمع بأسره من عمر 7 إلى 70 عامًا، ومن هذا المنطلق هي ليست فقط ثورة سياسية، بل أحدثت معها تطورات ثورية أحدثت تغييرات في الشعب الكردي وكردستان والشرق الأوسط، كيف اصبح الشعب الكردي اليوم من رواد النضال والثورة في الشرق الأوسط، كذلك أصبح من رواد نضالات الحرية والديمقراطية العالم في نهج حرية المرأة، إن ثورة الشعب الكردي قد أخذت طابعاً عالمياً وهي أمنت بذلك التقاء خط ثورة الشعوب الديمقراطية مع الأممية، حيث أن ثورة كردستان قد أحدثت تطورات كبيرة وستستمر في إحداث هذه التطورات بشكل أكبر من الآن فصاعداً.

- هل يمكنك تقييم دور تقرب القائد أوجلان وحزب العمال الكردستاني (PKK) تجاه الشهداء في تطور الكفاح؟

إن مقاربة القائد أوجلان وحزب العمال الكردستاني تجاه الشهداء، كانت على أساس تحميل المعاني لكل حالة استشهاد وجعلها إحدى أسباب وموجبات تطوير الفكر والنضال والمقاومة، حيث مقولة " الشهداء هم قادتنا المعنويون، ونحن جنودهم" اثر بشكل كبير على المجتمع وللمرة الأولى  يتم تقييم أهمية الشهداء في النضال من أجل وجود وحرية مجتمع كردستان من قبل القائد أوجلان، وبذلك يعتبر المجتمع الشهداء أعظم القيم بالنسبة له، وفي ظل جميع الظروف كان يقوم على حماية هذه القيم. لقد أعرب دائما عن نفسه بهذه القيم. أولئك الذين لا يخلقون قيمهم في التاريخ يتعرضون للفناء، وعندما فهم المجتمع الكردستاني هذه الحقيقة أصبح فخوراً دائماً بشهدائه، وتعهد بإحياء ذكراهم وتخليدهم واعتباره واحب أساسي، وما ظفر به الشعب الكردي من مكتسبات جميعها بفضل الشهداء وحمايته والدفاع عنها هي بفضل الشهداء، وقد وصل شعبنا اليوم بفضل الشهداء وأكتسب الأمل وأرتقى من شعب مجهول إلى واحدٍ من أجمل شعوب العالم ومن رواد شعوب العالم وتعلق عليه الآمال.