المناطق المحتلة في جنوب كردستان

محاولات الاحتلال التي تقوم بها الدولة التركية وهجماتها على جنوب كردستان، بالتعاون مع الحزب الديمقراطي الكردستاني مستمرة منذ العام 1991م، والتي أسفرت عن إنشاء العشرات من المقرات والقواعد العسكرية، حيث يتواجد أكثر من عشرة آلاف جندي تركي على أراضي الإقليم.

بدأت الحملة الأولى للاحتلال التركي على أراضي جنوب كردستان في العام 1983م، هذه الحملة العسكرية التي حملت اسم " المطاردة الساخنة"،  جاءت على أعقاب توقيع اتفاقية أمن الحدود ما بين بغداد وأنقرة؛ حيث منحت بغداد الإذن لأنقرة بموجب هذه الاتفاقية بالتوغل ضمن الأراضي العراقية (جنوب كردستان) بعمق 10 كم والسماح لهم بالقيام بحملة عسكرية. 

توغل الجيش التركي مسافة 5 كيلومتر في أراضي جنوب كردستان، وبدأ بتاريخ 25 أيار/مايو 1983م حملته العسكرية بمشاركة سبعة آلاف جندي، مستهدفاً أماكن تمركز قوات الكريلا التابعة لحزب العمال الكردستاني، ومن ناحية أخرى بدأ الجيش العراقي من جانبه بشن هجمات على مقاتلي الـ PKK من الجهة الجنوبية.

    وفي نفس السياق تتالت الحملات العسكرية التركية على جنوب كردستان؛ فقد كانت الحملة الثانية في تشرين الأول/أكتوبر 1984، وكذلك الثالثة بتاريخ 12 آب/أغسطس 1986م؛ لتأتي الحملة الرابعة  في 4 آذار من العام 1987م وتتعرض من خلالها، الكثير من مناطق جنوب كردستان للدمار على إثر قصف طائرات الاحتلال التركي، وتدفع بالحزب الديمقراطي الكردستاني نحو استهداف ومحاربة مقاتلي الـ PKK؛ ولكن جميع هذه الحملات العسكرية وعلى الرغم من شدتها وضراوتها إلى أنها منيت بالفشل على الدوام.

انطلقت الانتفاضة الشعبية الكردية ضد نظام صدام حسين في آذار العام 1991م، انطلاقاً من مدينة "رانيا" وتمددت خلال مدة قصيرة لتشمل مناطق بهدينان، زاخو، صوران وصولاً إلى حلبجة؛ حيث أثمرت هذه الانتفاضة عن طرد النظام البعثي من معظم أراضي جنوب كردستان؛ في ذلك الوقت تدخلت الولايات المتحد الأمريكية بقوة عسكرية اسمتها "قوات المطرقة" وأنشأت منطقة آمنة من خلال فرض حظر جوي ، لترسم بذلك حدود إقليم كردستان.

وفي العام 1992 م قامت الولايات المتحدة الأمريكية باستدعاء  الحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK) والاتحاد الوطني الكردستاني (YNK) إلى واشنطن، ودفعهم إلى تشكيل برلمان جنوب كردستان؛ حيث نتج عن هذا البرلمان قرارٌ وحيد ألا وهو محاربة حركة التحرر الوطنية الكردستانية .

وبعد هذا القرار ما كان للحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK) والاتحاد الوطني الكردستاني (YNK)، إلا أن ينضما إلى جانب الدولة التركية في حربها ضد حزب العمال الكردستاني (PKK)؛ والبدء بعملية مشتركة في تشرين الأول/أكتوبر من العام 1992م، تحت اسم عملية  " السندويش".  مع انطلاقة هذه العملية العسكرية المشتركة، سعت الدولة التركية إلى كسب حزب الديمقراطي الكردستاني (PDK) والقوى الكردستانية الأخرى إلى صفها وزجهم في حربها ضد حزب العمال الكردستاني.

بعد فشل جميع العمليات العسكرية السالفة الذكر، بدأت حملة عسكرية مشابهة في العام 1995م،  تحت اسم عملية "الفولاذ"؛ وعلى نفس المنوال في العام 1997م  تقدمت قوات حزب الديمقراطي الكردستاني (PDK) الجنود والآليات العسكرية التركية في مواجهة كريلا حزب العمال الكردستاني،  في إطار الحملة العسكرية التركية الهادفة إلى القضاء على حركة التحرر الوطنية واحتلال مناطق حاج عمران، جومان، قنديل، قرية برديشالي.

ومنذ العام 2007م كثفت الدولة التركية من غاراتها الجوية على أراضي جنوب كردستان، وآخر حملة برية للاحتلال التركي كانت في شباط من العام 2008م واستهدفت حينها منطقة الزاب ؛ ومنذ نيسان/ إبريل 2018 م كثف الاحتلال التركي من هجماته على مناطق خاكورك، جبال شقيف، نهر لولان والمناطق المحيطة إلى يومنا هذا.

الجدير بالذكر أنه وبعد تشكيل برلمان جنوب كردستان، وقرارها الأول والوحيد كان حينها محاربة حزب العمال الكردستاني، تم البدء بحملة عسكرية ضخمة في تشرين الأول/أكتوبر 1992 ضد كريلا الـ PKK، حيث تزامنت وهذه الحملة بناء قواعد عسكرية تركية داخل أراضي جنوب كردستان، لتكون بذلك بداية احتلال تركي دائم.

الحملة التي بدأها الاحتلال التركي بنشر وحدات وعناصر الاستخبارات التركية السرية في دهوك وزاخو، أسست بعدها لبناء قواعد ومقرات عسكرية تركية بشكل رسمي وبموافقة حكومة الإقليم منذ العام 1996م؛ ووفقاً لوسائل الإعلام التركية فقد بنت الدولة التركية أول قاعدة عسكرية لها في جنوب كردستان في العام 1994 م، ضمن الحدود الإدارية لمدينة صلاح الدين  والتي تبعد 25 كيلو متر عن مدينة هولير؛ هذه القاعدة العسكرية خاصة بالقوات التركية الخاصة.

فيما بعد بدأ الاحتلال التركي بنشر قواته في نقاط  متعددة من هولير، زاخو، دهوك، ديانا، باتوفا، بامرني، آمديه وكاني ماسي.

وفيما يلي أسماء القواعد العسكرية التي أنشأها الاحتلال التركي داخل أراضي إقليم جنوب كردستان خلال 23 عاماً:

  • قاعدة باتوفان العسكرية.
  • قاعدة كاني ماسي العسكرية (تل باروخي).
  • القاعدة العسكرية الجوية واللوجستية في بامرني.
  • قاعدة سنكي العسكرية.
  • قاعدة بيكوفا العسكرية (كري بيه).
  • القاعدة العسكرية في زاخو.
  • القاعدة العسكرية في سيريه (شيلادزه).
  • القاعدة العسكرية في سيريه (شيرتي).
  • القاعدة العسكرية في كوبكي.
  • قاعدة قمري العسكرية في برواري.
  • القاعدة العسكرية في كوخا سبي.
  • القاعدة العسكرية في معبر داوتيا.
  • القاعدة العسكرية في جبال سرزيري.
  • القاعدة العسكرية في منطقة زيلكان في مضيق جبل مقلوبي.
  • قاعدة بعشيقة العسكرية (شمال شرق الموصل).

إلى جانب هذه القواعد والمقرات العسكرية تم تشكيل مقرات تابعة للاستخبارات التركية (MÎT)، وتنتشر غالبية هذه المقرات في محافظة دهوك، هولير، بلدة باتوفان التابعة لمدينة زاخو. كما وتوجد مقرات للاستخبارات التركية في مركز مدينة زاخو ومحافظة دهوك.

وقامت تركيا خلال السنوات الماضية باحتلال الكثير من المواقع في جنوب كردستان وهي:

ليلكان، نافميركان، خلكيري، بلاسني، خلفان، كلي رش، أراكا، خمي، بزني، بي نافوك، جنارو، جبال كتكان، رشملي، شاباني، كاني رش، قونكري وسوسني.

بالإضافة إلى هذه المواقع بدأت قوات الاحتلال التركي منذ تاريخ 28 أيار/مايو الماضي، بشن هجمات على مواقع في جبال شقيف، تل الشهيد درويش، الشهيدة سارا ونهر لولان في خاكوركه.

إلى جانب المدفعية والدبابات والأسلحة الثقيلة الموجودة في المقرات والقواعد العسكرية في جنوب كردستان،  يوجد أكثر من عشرة ألاف جندي تركي في هذه القواعد.

من بالغ الأهمية الإشارة إلى أن قوات الاحتلال التركي المتواجدة في هذه القواعد العسكرية شنت الكثير من الهجمات على المدنيين في جنوب كردستان، وقامت بعمليات خطف مدنيين وقتلهم؛ ومن الجهة الأخرى يغتنمون كل فرصة تتاح لهم لشن هجماتهم على حركة التحرر الوطنية الكردستانية؛ كل هذه الخروقات والانتهاكات خلقت حالة احتقان واستهجان داخل المجتمع الكردي ودفعت بهم في الكثير من الأوقات إلى المطالبة  بخروج قوات  الاحتلال التركي من جنوب كردستان.

وإلى جانب ذلك دعت الحكومة العراقية مراتٍ عدة لخروج الاحتلال التركي من أراضي جنوب كردستان، وفي العام 2005م  دعا برلمان إقليم كردستان إلى خروج الاحتلال التركي بشكل رسمي، ولكن حزب الديمقراطي الكردستاني (PDK) عطل قرار البرلمان، كما عطل محاولات الحكومة العراقية الداعية إلى خروج الاحتلال التركي أيضاً.

ومنذ ذلك الوقت يواصل مواطني إقليم جنوب كردستان تنظيم الفعاليات الداعية إلى خروج الاحتلال التركي، أكثرها قوة كانت تلك المظاهرة التي تحولت إلى انتفاضة مناهضة للوجود الاحتلال التركي داخل أراضي الإقليم، حيث قام الأهالي بمحاصرة القواعد العسكرية التركية في آمديه وبامرني في العام 2008م،  وجاءت هذه الانتفاضة معبرة عن غضب الأهالي من قيام جيش الاحتلال التركي بالهجوم على منطقة الزاب؛ حينها أحكم الأهالي محاصرة القواعد العسكرية التركية ومنعوا خروج المدافع والدبابات من القواعد للمشاركة في الحملة العسكرية التركية.

مظاهرة أخرى انطلقت ضد جرائم الاحتلال التركية التي راح ضحيتها عدد من المدنيين كانت بتاريخ 25 كانون الثاني 2019، حيث انتفض مواطنو جنوب كردستان وعلى الرغم من تدخل قوات الأمن ومحاولة منع المظاهرة في "ديرالوك" رداً على الجرائم التركية بحق المدنيين، وفي نفس اليوم انتفض أهالي "شيلادزه" وقاموا بمهاجمة قاعدة "سري" العسكرية وقام المتظاهرون بحرق الآليات والمعدات العسكرية في القاعدة رداً على جرائم الاحتلال التركي مطالبين بخروج الاحتلال التركي من أراضي جنوب كردستان.