الإندبندنت: من احتل عفرين هم مرتزقة داعش

في مقالة للكاتب والمحرر  باتريك كوبيرون في صحيفة الإندبندنت البريطانية أوضح ان أعضاء ما يسمى بالجيش الحر الذين احتلوا عفرين هم من مرتزقة داعش سابقاً. محذراً من ان هذه الجماعات تنظر إلى الكرد والأقليات الغير مسلمة على أنها عدو يجب القضاء عليهم.

كاتب صحيفة الإندبندنت البريطانية الصحفي باتريك كوبيرون و المراقب للأوضاع السورية عن كثب والخبير في مجال الشؤون العسكرية. كتب مقالة عن الاحتلال التركي لعفرين. حذر فيها من احتمال حدوث تطهير عرقي و تغير ديموغرافي لعفرين المحتلة موضحا ان ما يسمى بالجش الحر المشارك في العدوان التركي على عفرين ما أغلبهم من أفراد تنظيم داعش و القاعدة سابقاً وان هذه الجماعات تعتبر الشعب الكردي و باقي الأقليات الغير مسلمة على انها أعداء لهم و يجب القضاء عليهم. كما اكد ان الولايات المتحدة الأمريكية و لتكون قادرة على البقاء في سوريا فهي بحاجة إلى دعم الشعب الكردي .

التحذير من الإبادة الجماعية

باتريك كوبيرون افتتح مقالته بالقول:

عفرين باتت تحت حكم الجيش التركي و الجماعات السورية المنضمة إلى الحملة التركي على عفرين. لكن لا تزال هناك مخاطر كبيرة. و السؤال المهم اليوم هو: بعد هذه السيطرة التركية هل سيكون الشعب الكردي والذي يمثل غالبية شعب المنطقة معرضا للإبادة العرقية أم لا؟.

أول ما قام به الجيش الحر الذي دخل عفرين هو تدمير تمثال كاوا الحداد الموضوع في مركز مدينة عفرين و الذي يعتبر من اهم الشخصيات التاريخية عبر الأساطير بالنسبة للشعب الكردي. الصور التي نشرت لهؤلاء تؤكد ان اغلبهم كانوا ضمن صفوف داعش و القاعدة في السابق. والذين يعتبرون الشعب الكردي و باقي الأقليات الغير مسلمة أعداء لهم.

خلال الأيام الأخير نزح نحو 200 الف كردي من عفرين اغلبهم يدركون انهم غير قادرين على العودة إلى منازلهم. وهذا يعني إضافة هذا العدد إلى الـ 6 مليون سوري غير قادر على العودة إلى منزلة و سيكون مجبراً على الهجرة التي بدأت منذ عام 2011. عدد تعداد سكان سوريا عام 2011 كان نحو 23 مليون نسمة أكثر من نصف هذا العدد بات مهاجراً و نازحاً وغير قادر على العودة إلى منزلة.

عفرين منطقة كردية تقع على الحدود السورية التركية غربي نهر الفرات, وكانت بالنسبة لتركيا لقمة سائغة. الطريق الوحيد الذي يربط عفرين ببقية المناطق الكردي شرق نهر الفرات يقع تحت سيطرة القوات السورية النظامية وهذه القوات سمحت بدخول و خروج المدنيين لكنها منعت دخول الأسلحة و القوات العسكرية إلى عفرين. قادات الـ YPG أكدت وجود نحو عشرة الآلاف مقاتل في هذه المنطقة لكن القوات المهاجمة تجاهلت هذه القوات. صباح يوم الأحد أعلن الجيش الحر اقتحام مدينة عفرين من ثلاثة محاور دون اي مقاومة. و تفيد بعض المصادر عن وقوع اشتباكات متفرقة في بعض المناطق.

الـ YPG منعت وقوع ضحايا بين المدنيين

المقالة أضافت: على ما يبدوا ان قوات الـ YPG ادركت عدم قدرتها على التصدي لهذا الهجوم لهذا انسحبت من المدينة لعدم وقوع ضحايا بين المدنيين. واذا ما كانت تفكر بهذا الشكل فهذا موقف عقلاني سيجنب وقوع المزيد من الضحايا.

نتائج الهجوم التركي على عفرين والذي بدأ منذ تاريخ 20 كانون الثاني 2018 باتت واضحة. سبب هذا الهجوم التركي على عفرين هي التصريحات الاستفزازية لوزارة الخارجية الأمريكية على لسان وزيرها السابق ريكس تيلرسون, و الذي قال: القوات الأمريكية ستبقى متواجدة على الأراضي السورية و ستبقى لتدعم بقاء القوات الكردية في إطار الاتفاق ما بين أمريكا و الـ YPG. وهذا جاء بعد ان تمكنت قوات الـ YPG من تحرير الرقة و بهذا تمكنت من السيطرة على ربع الأراضي السورية بدعم من قوات التحالف الدولي بقيادة أمريكا.

روسيا منحت الضوء الأخضر لتركيا

تيلرسون أكد بقاء القوات الأمريكية في سوريا, لكنه كان قد وعد تركيا بالخروج من سوريا بعد القضاء على داعش. كذلك شدد على ضرورة رحيل الأسد و أنهاء الدور الإيراني و تأثيرها على سوريا. حتى لو كانت هذه الأهداف غير صادقة لكنها كانت كافية لتشكيل حلف تركي روسي جديد.

بعد هذا فتح الرئيس الروسي المجال الجوي السوري اما الطائرات التركية فوق عفرين. وسمحت للطائرات التركية بقصف عفرين و احتلالها. لكن القوات الكردية اختارت المقاومة لأنها تدرك مدى قوتها و قدرتها لكن ولانها لم تكن قادرة على التصدي للهجمات الجوية التركية ولا تمتلك الأسلحة النوعية ضد الأسلحة التركية الحديثة لم يكن مقدورها الصمود أمام الهجمات التركية أكثر مما كان.

روسيا أيضاً كان هدفها خلق خلافات بين حلفاء الناتو تركيا عدو الشعب الكردي و أمريكا صديق و داعم الشعب الكردي على الأراضي السورية. هذا لأنها حاكمة على الأراضي غربي نهر الفرات وكذلك تريد ان تكسب تركيا إلى جانبها في تلك المنطقة.

احتلال عفرين لا يخدم الاستقرار سوريا في المستقبل

الكاتب وفي مقالة طرح هذا السؤال: ماذا سيحصل بعد احتلال عفرين؟ و أضاف: اهم ما يجب الانتباه إليه الأن هو هل ستحصل إبادة عرقية  و تعريب عفرين أم لا؟ هذه الممارسات( التطهير العرقي) باتت شكل من أشكال الحرب الأهلية التي بدأت في سوريا منذ 7 سنوات.

بالنسبة لتركيا فمكن الممكن ان يكون هذا الانتصار سهل. لكن وفي النتيجة فمن الممكن يضيف هذا النصر وزناً إلى الثقل التركي في سوريا و بهذا يكون لها دور أكثر فاعلية في التدخل في الأزمة السورية بشكل اكبر.

الرئيس التركي أردوغان هنا انتصر وفي تصريحه يوم الأحد قال: في مركز مدينة عفرين وبدل الرموز الارهابية رفع علم الأمان و السلام. تدمير الرموز الكردية في عفرين لا تبشر بالخير بالنسبة لمستقبل المنطقة. بعض المسؤولين الكرد في سوريا يؤكدون ان أردوغان يحاول بناء نظام مذهبي سني في شمال سوريا تحت سيطرة تركية.

و السؤال الأهم هو: ما الذي ينوي أردوغان فعله لاحقاً؟. لا شك ان تمكن من السيطرة على عفرين اليوم. لكن المنطقة الواقعة تحت السيطرة لكردية بشكل أساسي تمتد من مدينة منبج وصولاً إلى الحدود العراقية. هذه المنطقة الخاضعة للنفوذ الكردي والقوى الخرى التابعة لها جمعها خاضعة لحماية الولايات المتحدة الأمريكية. النقاط الأمريكية و آلياتها العسكرية تنتشر حول مدينة منبج كذلك بالنسبة لقوات الـ YPG ستكون المعركة اسهل بالقرب من هذه القواعد الأمريكية.

أمريكا بحاجة إلى القوات الكردية

الكرد يخشون ان تتخلى الولايات المتحدة الأمريكية عنهم. لكن اذا ما كانت أمريكا تنوي إبقاء في سوريا فهي ومن اجل حماية مصالحها الطويلة الأمد بحاجة إلى  قوة على الأرض. لهذا فالخيار الأفضل و الأوحد هو الشعب و القوات الكردية. احد المسؤولين الكرد يؤكد " اذا ما تخلت أمريكا عن الشعب الكردي في سوريا فهي ستكون مجبرة على الخروج من الأراضي السورية". من الممكن ان ينتهي الدعم الأمريكي للقوات الكردية لكن و إلى الأن لا توجد اي نوايا بهذا الشكل. واذا ما كان أردوغان ينوي على دخول اكبر المناطق الكردية في سوريا فلابد له ان ينتظر إلى ان يحين وقف الدعم الأمريكي للقوات الكردية.

المصدر: