أربع سنوات على تحرير مدينة "كري سبي" (الحلقة الثانية)

رغم كل بذور الفتنة من مخلفات نظام البعث والجماعات المسلحة المتشددة، وبعد أربع سنوات من تحرير كري سبي، تحولت إلى نموذج للحياة والعيش المشترك على أساس فكر ومشروع الأمة الديمقراطية. 

الخطر الحقيقي، الذي يهدد المجتمع السوري بعد الأزمة المستمرة حتى اليوم هو الشرخ بين مكونات الشعب السوري على أساس الدين، الطائفة، المذهب، الهوية والعرق.

وعلى العكس تماماً وخلال هذه السنوات تمكنت مكونات مدينة كري سبي (تل ابيض) وبمكوناتها الأربعة الرئيسية من تمتين العلاقة فيما بينها ووأد التمييز والعنصرية بكل أشكالها، إضافة إلى نبذ التفرقة والعنصرية التي كان يحاول نظام البعث والجماعات المتشددة زرع بذورها بين مكونات المنطقة. 

ويعيش في منطقة كري سبي أربعة مكونات رئيسية: الكرد، العرب، التركمان والأرمن.

وفي إطار نظام الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا تعتبر منطقة كري سبي مقاطعة مستقلة ضمن إقليم الفرات. وهي منطقة تتوسط إقليم كوباني، مدينة الرقة وإقليم الجزيرة. بسبب هذا الموقع الاستراتيجي دائماً هي مستهدفة من قبل الدولة التركية.

وعن مكونات مقاطعة كري سبي يقول الرئيس المشترك للمقاطعة حميد العبد: "قبل أربعة سنوات وعند تحرير مقاطعة كري سبي وتشكيل الإدارة كان عدد المكون العربي والتركماني المشاركين في الإدارة قليل جداً ويعدون على الأصابع أما اليوم وبعد التعرف على مشروع الادارة الذاتية الديمقراطية بشكل جيد يشارك أكثر من 500 شخص في مؤسسات الإدارة وهناك أكثر من 2500 آخرين قدموا طلبات التعين في مؤسسات الإدارة.

ولإدارة المقاطعة تشكلت مؤسسات خدمية واجتماعية عديدة منها: التعليم، المرأة، الزراعة، الاقتصاد، المحروقات، العمل والشؤون الاجتماعية، البلديات والكثير من مؤسسات المجتمع المدني.

وعن عمل المؤسسات وإدارة المقاطعة تقول الرئيسة المشتركة للمقاطعة هيفين إسماعيل: "هناك خصوصية لمقاطعة كري سبي في الجانب التعليمي، وهذا لأن المناهج الدراسية تدرس بثلاثة لغات، كذلك هناك تقدم ملحوظ لنشاط وعمل المرأة حيث أنها وفي السابق كانت أسيرة في المنزل ومحرومة من حقها في المشاركة في كافة مجالات الحياة وسوق العمل والتعليم". 

وانعكست نتائج الحرب والصراع الدائر منذ سبعة سنوات على كافة المكونات في سوريا، لكن أهالي مقاطعة كري سبي، والذين هم على مواجهة مباشرة مع تركيا ويعانون من التهديد بشكل يومي تعرفوا بشكل أوضح على عقلية الدولة التركية وأطماعها التوسعية على حساب الشعوب الأخرى. 

وعن هذه الأوضاع وتهديدات تركيا، يقول الرئيس المشترك للمقاطعة حميد العبد: "إن أهلنا في المقاطعة وكغيرهم من أبناء باقي المناطق والمحافظات في سوريا تعبوا من الحرب والقتال، في بداية الأزمة السورية كانوا يثقون بالدولة التركية التي كانت تطلق الوعود الكاذبة، لكن وبحكم التجربة وفي الجانب العملي تبين أن تركيا على العكس تماماً مما تدعي. بل هي التي تعمل بكل جهد لإطالة الأزمة السورية وتعيق كل الجهود الرامية إلى حل الأزمة، لهذا أبناء المنطقة هم أكثر من يعرفون الدولة التركية وحقيقة أطماعها".

بدوره يقول السيد مصطفى صالح، أحد الشخصيات المعروفة في منطقة كري سبي: "خلال السنوات الأربعة الماضية، أي منذ تحرير المقاطعة من داعش تغيرت عقلية وفكر أبناء المنطقة مئة درجة وهذا بفضل مشروع الأمة الديمقراطية، كما أن فهم هذا المشروع بالشكل الصحيح قضى على الخلافات والحساسية التي كانت موجودة في القبل ما بين مكونات وأبناء المنطقة".

ويضيف صالح "اليوم الكرد، العرب، التركمان والأرمن يعيشون فيما بينهم كالأخوة، وهذا لأن حل الأزمة السورية هو الالتفاف حول المشروع الذي يحقق العيش المشترك، ما لم يكن هناك تقبل للأخر فمن الغير ممكن بناء هيكل الحياة المشتركة وحل الأزمة. منذ مئات السنوات وهذه المكونات تعيش فيما بينها في سلام، لهذا نؤكد أن مصيرنا مشترك ولا بديل عن الحياة المشتركة دون تمييز وعنصرية".

وتحولت مقاطعة كري سبي منذ تحريرها إلى نموذج للعيش المشترك وأخوة الشعوب، وتم مؤخراً إعلان تشكيل المجلس العسكري للمقاطعة مهمتها حماية الحدود وحفظ الأمن في المقاطعة وحمايتها من أي تهديد وهجوم".