قره يلان: إذا سفك الكرديُّ دَمَّ الكردي حينها تكون الكارثة

قال عضو اللجنة القيادية لحزب العمال الكردستاني (PKK)، مراد قره يلان، إنهم لا يريدون أن يضعف أي حزب كردي في هذه المرحلة حيث تتصاعد هجمات الدولة التركية، وقال: "إذا أراق الكرد دماء الكرد، فسوف نخسر 100 عام أخرى؛ وحينها تكون الكارثة الحقيقية".

في لقاء أجرتها وكالة فرات للأنباء (ANF)، قَيَّمَ عضو اللجنة القيادية لحزب العمال الكردستاني، مراد قره يلان، ثورة 19 تموز في روج آفا، ومقاومة الكريلا المستمرة في زاب وآفاشين ومتينا، والتأكيد على أهمية الوحدة الوطنية والوضع الأخير مع الحزب الديمقراطي الكردستاني.

قال قره يلان: "إن داعش التي تمثل خطراً كبيراً على البشرية، مُنيت بالهزيمة بثورة روج آفا"، وأشار إلى أن نظام الإدارة الذاتية الديمقراطية في روج آفا هو نظام مثالي في المنطقة بأكملها؛ كما نوه قره يلان إلى أن نظام الإدارة الذاتية في روج آفا يواجه حالياً مخاطر كبيرة، مؤكداً على وجوب أن تتضامن جميع القوى المناصرة للديمقراطية والحرية مع شعب روج آفا وتدافع عن روج آفا ضد هذه المخاطر.

وشدد قره يلان على أن الوضع المقلق الذي طرأ بعد إرسال الحزب الديمقراطي الكردستاني تعزيزات وحشود عسكرية إلى مناطق الكريلا ما زال مستمراً، وقال: "في أعقاب الوضع الخطير الذي طرأ في جنوب كردستان،  نزل أبناء الشعب الكردستاني في مجموعات كبيرة من المثقفين والفنانين والكُتاب والسياسيين إلى الساحات في الأجزاء الأربعة من كردستان و المهجر، وأدلوا بتصريحات عبروا فيها عن مطالبتهم بالوحدة؛ وبذلك برز رأي عام وتوجه موحد في مواجهة هذا الوضع الخطر، ومرة أخرى أتوجه بالشكر إليهم على حساسيتهم هذه، فالخطر الذي ذكرناه من قبل لم يمر بعد! ولكن أتمنى أن تحدث تطورات إيجابية على الجانبين، كي يزول هذا الوضع الخطِر في أسرع وقت ممكن. نعم، لدينا خلافاتنا ولكن! يجب ألا يُضعِفَ أحدنا الآخر، حتى لو لم نكن متحدين تماماً، ونحن من جهتنا لا نريد أن يَضْعُفَ أي حزب كردي، ولا أحد يسعى وراء إضعاف الحزب الديمقراطي الكردستاني،  كما نأمل أيضاً أن يخرج الاتحاد الوطني الكردستاني بقوة من مشاكله الداخلية".

و ذَكَّرَ قره يلان بأن بعض القوى الكردية تؤمن فعلاً بما تروجه وتدعيه الدولة التركية، "بأن مشكلتها مع حزب العمال الكردستاني فقط..!"، مشيراً  إلى أن الدولة التركية ترى من مثلث حزب العمال الكردستاني  وروج آفا وجنوب كردستان أمراً خطيراً عليها".

-  دخلت ثورة روج آفا عامها التاسع؛ ماذا تقول بمناسبة ذكرى الثورة؟

بداية أهنئ جميع أبناء الشعب الكردستاني والعالم الإسلامي بمناسبة قدوم عيد الأضحى المبارك، لا سيما عوائل الشهداء؛ ثورة روج آفا أتمت عامها التاسع، وبهذه المناسبة أهنئ شعبنا الكردستاني وجميع شعوب الشرق الأوسط بهذه المناسبة السعيدة، كما أحيي ذكرى كل شهداء روج آفا بامتنان في شخص الشهيد خبات ديريك وكلهات وأرين ميركان وأفيستا خابور، وأنحني بكل احترام أمام ذكراهم؛ لقد بذلنا تضحيات جسام وملاحم بطولية في روج آفا، وأتمنى الشفاء والعافية للجرحى. إن ثورة روج آفا ليست لم تقتصر على الشعب الكردي وحده، بل شمل الكرد والعرب والآشوريين، لذلك هي ثورتهم أيضاً وثورة كل الشعوب التي تعيش في سوريا، وهي ثورة حرية المرأة بالدرجة الأولى.

لولا ثورة روج آفا والمقاومة التاريخية في كوباني، ولولا الضربة القاصمة لداعش، لما كان من الممكن سقوط الرقة عاصمة داعش، ولم يكن من الممكن هزيمة إمبراطورية داعش بهذه السهولة؛ لقد كانت داعش بلاءً على البشرية جمعاء، ويعلم الجميع أن ثورة روج آفا لعبت دوراً رئيسياً في إنهاء تهديد داعش للإنسانية؛ بهذا المعنى، كانت ثورة روج آفا أيضاً ثورة الإنسانية، لقد خلقت قيماً للإنسانية، وقد أثبت النظام المطبق في روج آفا اليوم، بأنه النظام المثالي في كل سوريا والشرق الأوسط، ولكن! علينا أن نعلم بأن هذا النظام لا يزال يواجه مخاطر كبيرة، ويتوجب على كافة القوى المناصرة للديمقراطية والحرية أن تتضامن مع شعب روج آفا وتدافع عن روج آفا ضد هذه المخاطر.

في الشهر الماضي، دخلت قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني المناطق التي تسيطر عليها الكريلا في متينا؛ لقد أدليت حينها ببيان هامٍ للغاية، وتم تداول بيانكم بشكل واسع، برايكم هل انتهى الخطر الذي ذكرته في البيان أم أنه لازال مستمراً؟

الوضع الخطِر لا يزال مستمراً، وقد ذكرت الحقائق حينها وأشرت إلى خطورة الموقف، وفي أعقاب الوضع الخطير الذي طرأ في جنوب كردستان،  نزل أبناء الشعب الكردستاني في مجموعات كبيرة من المثقفين والفنانين والكُتاب والسياسيين إلى الساحات في الأجزاء الأربعة من كردستان و المهجر، وأدلوا بتصريحات عبروا فيها عن مطالبتهم بالوحدة؛ وبذلك برز رأي عام وتوجه موحد في مواجهة هذا الوضع الخطر، خصوصاً أصدقاء الشعب الكردي من الأمميين الذين تحركوا وجاؤوا إلى جنوب كردستان وأسسوا مبادرة الدفاع عن كردستان في هولير وما زالوا يعملون على ذلك؛ هذا شيء مشرف وقيِّم للغاية، وأنا بدوري أنقل لهم شكري وتحياتي وأتمنى لهم النجاح".

مرة أخرى، عقد الفنانين الكرد لقاءات وأدلوا بتصريحات وشكلوا وفداً وجاء ذلك الوفد إلى جنوب كردستان، أحييهم أيضاً وأُثمن جهودهم التي لا تقدر بثمن، لقد لعبوا دوراً هاماً واستطاعوا التأثير على الرأي العام، ولكن علينا أن ندرك أن  جهودهم وعملهم لا تقدر بثمن. لعبت هذه القوى دورها وشكلت الرأي العام. لكن هذا الوضع الخطير لم يمر بعد. لأن القوات العسكرية ما زالت في مواقعها؛ نتيجة جهود القوى التي ذكرتها هدأت الأوضاع قليلاً، لكن الخطر ما زال مستمراً. وقد أدلى رئيسنا المشترك الرفيق جميل بايك بتصريح هام يوم الأربعاء الماضي ، قال "بأن أحد الأشخاص التقى الكاك مسعود الذي قال بأنه لا زال ملتزماً بوعده في "عدم السماح بإراقة دماء الكرد"، حقيقةً نحن سعداء بذلك ومستعدون للقيام بأي مسؤولية تقع على عاتقنا على أمل أن تحدث تطورات إيجابية من الجانبين وأن يتغير الوضع الخطير في أسرع وقت ممكن.

 

ذكرت في تصريحك السابق أن الاقتتال الداخلي بين الكرد ستكون كارثة حقيقية! لماذا استخدمت هذا الوصف؟ كما انكم في حزب العمال الكردستاني تضعون الوحدة الوطنية الكردستانية في أعلى سلم أولوياتكم؛ لماذا الوحدة الوطنية بين الكرد هامة وضرورية في هذه المرحلة؟

هذا أمر يتعلق بالمراحل التي عشناها في السابق، لذلك يتوجب قراء المرحلة الراهنة بتمعن، وأود الإجابة على هذا السؤال من خلال عدة نقاط:

أولا؛ إن فهم المخطط الجديد للدولة التركية خلال الأعوام  الستة الماضية هام للغاية، حيث تسعى الدولة التركية إلى توسيع رقعتها لأجل التهرب من حل القضية الكردية، وتريد بسط نفوذها على المنطقة برمتها، وهي تسير في تنفيذ هذا المخطط بشكل متسارع وعلني، وهذا المخطط يقوم على أساس الاحتلال والتمييز العنصري، الأمر الذي يشكل خطراً كبيراً على كل شعوب المنطقة وبالأخص على الشعب الكردي، وعلى السياسة الكردية أن تدرك هذه الحقيقة جيداً.

ثانياً؛ تم إبرام معاهدة لوزان لمدة 100 عام ولم يتبق سوى عامين إلى حين انتهاء مدة هذه الاتفاقية؛ وكما هو معروف، بأن معاهدة لوزان شكلت إهانة كبيرة لنا نحن الكرد؛ لقد تم إنكار الكرد الذين هم أقدم شعوب المنطقة وتم تقسيم كردستان إلى أربعة أجزاء واُرتكبت مجازر كبيرة وصلت إلى حد الإبادة الجماعية على مدار 98 عاماً ووقعت مآسٍ كبيرة، ولا يزال هذا الوضع مستمراً. كان الأمر كما لو أن المنطقة برمتها أصبحت سجناً للكرد، لقد عانى شعبنا كثيراً حيث تم ذبح الآلاف من أبناء الشعب الكردي من قبل دول الاحتلال، والسبب وراء كل ذلك كانت تلك المعاهدة المشؤومة، أوقعت هذه المعاهدة ظلماً لا يوصف على الشعب الكردي، ولكن الدولة التركية تقول الآن "بأن حقها قد هُضِمَ وأنها ظُلِمَتْ في لوزان!"، حيث يقولون بأن حقنا في الميثاق الملي قد سُلِبَ منا، وعوملنا بشكل ظالم!" وتسعى الدولة التركية الآن لاستعادة الميثاق الملي التي تنشده، وهم الآن يتحضرون بالفعل لذلك سياسياً وعسكرياً وقانونياً، ولا شك بأن ذلك يشكل خطراً كبيراً علينا، ولا يمكن لأي سياسي كردي أن يتجاهل هذه الحقيقة.

ثالثاً؛ كما هو معروف، فإن الحرب العالمية الثالثة تدور رحاها في المنطقة،  والجميع يعلم أنه سيتم إعادة هيكلة منطقة الشرق الأوسط بعد هذه الحرب؛ لذلك تبذل الدولة التركية والدول الاستعمارية الأخرى جهوداً كبيرة للحصول على حصة لها من هذا الوضع، ونحن الكرد لأجل أن نعيش بحرية كأمة وشعب على هذه الأرض علينا أن نكون متحدين لا منقسمين، كي لا تتكرر لوزان ثانية مرة أخرى؛ ولذلك يتوجب علينا اتباع استراتيجية وطنية مشتركة، وإذا لم نتبع مثل هذه الاستراتيجية، و انشغلنا ببعضنا البعض وتسببنا في الاقتتال الداخلي بين الكرد، فسوف نخسر 100 عام أخرى حيث ستكون الكارثة الحقيقية حينها، وهذا هو بالضبط مخاوفنا. بعبارة أخرى ، في عام 2023، يجب أن ننفذ استراتيجية مشتركة. يجب ألا نضعف بعضنا البعض، يجب أن تكون السياسة الكردية قوية، هذه المرحلة ليست اعتيادية بل إنها مصيرية وطارئة، ولهذا السبب يجب ألا نفكر بشكل تكتيكي، لأن هذه المرحلة تستدعي مقاربة استراتيجية؛ بالطبع لدينا خلافاتنا ولكن! حتى لو لم نتحد، ينبغي ألا يُضْعِفَ أحدنا الآخر، ونحن بدورنا لا نسعى وراء إضعاف أي حزب كردي، ولا أحد يريد أن يَضْعُفَ الحزب الديمقراطي الكردستاني".

نأمل أن يخرج الاتحاد الوطني الكردستاني بقوة من مشاكله الداخلية

سمعنا أن الاتحاد الوطني الكردستاني يعاني من بعض المشاكل الداخلية، نأمل أن يقوم مسؤولو الاتحاد الوطني الكردستاني بحل مشاكلهم بالعقل السليم والخروج بقوة من هذه الأزمة، وأقول هذا لكل التنظيمات الكردية، وهذا ينطبق أيضاً على حزب العمال الكردستاني؛ فالعدو يقول "بأن مشكلتي هي مع حزب العمال الكردستاني فقط"، وللأسف، قالت بعض القوى الكردية كررت قول العدو هذا، كما لو أنه كان صحيحاً؛ لا أعلم هل مقاربتها تكتيكية أم ماذا، ولكن لو كانوا حقاً يعتقدون ذلك، فذلك عارٌ عليهم، لأن استراتيجية الدولة التركية واضحة ومشكلتها ليست مع حزب العمال الكردستاني بل مع الشعب الكردي برمته، فهي ترى في وجود الشعب الكردي تهديدًا لها؛ وفي الواقع هي تنظر إلى مثلث حزب العمال الكردستاني وجنوب كردستان وروج آفا خطراً كبيراً يهدد وجودها، بمعنى آخر ترى الهوية الكردية تهديداً عليها؛ نفس الكلام قاله صدام حسين في الماضي؛ حينما قال بأن مشكلته ليست مع الكرد، بل فقط مع البيشمركه!، واليوم تقول الدولة التركية وتدعي الادعاء نفسه.

قلتم في بيانكم السابق "يمكننا كسر قوة العدو وهزيمته"، رغم أن العدو يتمتع بمستوى معين من القوة ويستخدم تقنية العصر المتقدمة، كيف ستتمكنون من هزيمة هذه القوة؟

صحيح أن العدو يشن هجمات مكثفة على جنوب كردستان ومناطق الدفاع المشروع، كما أنه يستخدم تكنولوجيا عسكرية متطورة في شن هجماتها الاحتلالية، حتى في الوقت الذي تمر فيه تركيا بأزمة اقتصادية، فهي تستثمر كل مواردها في خدمة الحرب، حيث تقصف جنوب كردستان صبح مساء، من خلال ذلك يمكننا أن نرى مدى الأهمية التي توليها الدولة التركية لاستراتيجيتها، وهنا يكون التساؤل عن كيفية هزيمتنا للعدو؟ الوضع حساس للغاية ونحتاج إلى تعزيز الوحدة الوطنية في هذه المرحلة، وقد تحدثنا عن ضرورة اتخاذ موقف وطني، وهذا هو أحد الأسباب التي دفعت الدولة التركية إلى شن هجماتها الاحتلالية على آفاشين وزاب ومتينا منذ ما يقارب 86 يوماً، ونحن نؤكد بأن لدينا الفرصة لهزيمة العدو لو اتخذنا موقف وطني موحد تجاه العدو.

العالم بأسره أصم وأبكم حيال استخدام الدولة التركية للأسلحة الكيماوية

بعد احتلال عفرين عام 2018، ركزنا نحن المقاتلين على الأساليب والتكتيكات الجديدة في الحرب؛ وكنا نستعد لمحاربة الدولة التركية منذ 3 سنوات؛ لقد قمنا بالفعل باستعدادات كبيرة لمحاربة الدولة التركية وجهاً لوجه، نعم يقع على عاتقنا عبء كبير ونحن ندرك ذلك، حيث يخوض المئات من أصدقائنا الآن حرباً ضروس وجهاً لوجه مع العدو على مسافة أمتار قليلة، هذه هي حقيقة الحرب المستمرة منذ 86 يوماً، وأهلنا في المنطقة شهود عيان على الحرب الدائرة، كما أن وسائل إعلام جنوب كردستان تتجه إلى المنطقة التي تدور فيها الحرب، ولكن لا أحد يرى أو يريد أن يرى ما يحدث في آفاشين وزاب.

كما أريد أن أذكر بأن العدو أراد محاصرة الكريلا من خلال السيطرة على منطقتي مروانوس وبانيستا في غرب آفاشين ومنطقة مام رشو شرق أفاشين. أراد السيطرة بالهجوم من كلا الجانبين، لكنه فشل في تحقيق ذلك على مدار 40 يوماً، جاءت قوات العدو وتراجعت بعد أن منيت بخسارة كبيرة، ثم جاءت لشن هجوم جديد في السابع من حزيران، وبدأت طابورا عربان بالهجوم من المكان نفسه وخاضت معركة على مدار 4 يوماً أخرى، وحينما أيقنت دولة الاحتلال التركي أنها تتعرض للهزيمة، لجأت إلى استخدام الأسلحة الكيماوية ضد قوات الكريلا في هذه المناطق، وبالرغم أننا أوضحنا ذلك للرأي العام وطالبنا بتشكيل لجان دولية للتحقيق، إلا أنه للأسف الرأي العام أصم وأبكم حيال جرائم دولة الاحتلال التركي.