مشاهد التهجير والقصف مهدت لبزوغ أحلامه في توثيق جرائم الاحتلال التركي

أحلامه الكبيرة في سنه الصغيرة، دفعته لتحقيق حلم كبُر في مخيلته يوم بعد يوم، ليقوم بصنع ما يشبه آلة التصوير(كاميرا) من الورق المقوى، لأهداف وضعها هو لنفسه منذ أن هُجر قسراً من مدينته عفرين المحتلة.

يُقارن كيان، الطفل العفريني المُهجر بين كاميرة الصحفي الذي يلتقط صوراً له، وكاميرته التي صنعها بيديه من الورق المقوى وبعض المواد القابلة لإعادة التدوير.

ورغم أن الأخير يعلم بأن إمكانيات ما صنعته يداه بسيطة، إلا أن التصميم في الوصول إلى هدفه بتجسيد الواقع الذي عاشه هو وأطفال عفرين،إبان الهجمات التركية على المدينة، دفعته ليضع أحلامه البريئة والتي تعكس مامر به هؤلاء الأطفال في خانة "بس أكبر رح صير صحفي".

أحلام يشير إليها بأنها الوحيدة القادرة على إطلاق العنان لذاكرته المخزنة بمشاهد موجعة من استهداف للمدنيين وعلى وجه الخصوص الأطفال، ومن بينهم رفاقه، إبان احتلال المقاطعة على يد جيش الاحتلال التركي ومرتزقته.

طفل شاهد على وحشية الاحتلال

ويعتبر كيان حبيب (11عاماً) أحد الأطفال المهجرين من مقاطعة عفرين المحتلة والذي كان شاهداً على الهجمات التي استهدفت قريته قورنيه ومدينته عفرين، من قبل جيش الاحتلال التركي ومرتزقته والذي كان يبلغ حينها من العمر، 7 أعوام فقط.

وحول ذلك، ينوه الطفل كيان إلى أن الاحتلال التركي وقبل أربعة اعوام من الآن وأثناء هجماته على مقاطعة عفرين، نشر الخوف والذعر بين الأطفال وخاصة مع انتشار أصوات هدير الطائرات وقصف المدافع.

 ويقول كيان بأن الاحتلال التركي قتل عدد من رفاقه وأقربائه ويصف المشهد بالقول" كان كل شيء من حولنا ينهار مشاهد الدمار كانت تحاصرنا في كل مكان، وكنا خائفين، فقد عدد من أصدقائي حياتهم خلال القصف، كنت أرى الكوابيس بشكل يومي، تلك المشاهد التي سبقت تهجيرنا من عفرين لم تفارقني يوماً".

وفيما يبدع كيان بأقلامه وألوانه في رسم شخصيات وأماكن، بقيت عالقة في ذهنه، يشير ايضاً إلى أنه يعمل على استثمار موهبته في رسم اماكن اثرية في عفرين بمعالمها الثابتة، تلك التي بقيت محفورة في ذاكرته.

"العالم لم يرى مأساة عفرين"

ويؤكد كيان بأنه ولحسن حظه، كان عمه يمتلك سيارة استطاعت إخرجتهم من مركز مدينة عفرين، إبان القصف التركي العشوائي الذي طال المدنيين في المدينة، وقال بأن الأبنية كانت تتحول لسحب من الدخان وتلال من الركام مع اشتداد القصف من قبل جيش الاحتلال التركي ومرتزقته.

كما ويسرد الطفل كيان قصة نزوحه بالإشارة إلى أنه صادف جرحى على الطرقات وأنه يتذكر الصدمة التي لاحقته مرراً بسبب هول عمليات القصف التركي والمشاهد التي رافقتها، ويقول بهذا الصدد" لقد أتوا (المرتزقة) لسرقتنا ونهبنا وقتلنا دمروا بيتنا وبيت جدي في القرية وسرقوا زيتوننا".

ويشير إلى أن كل تلك المشاهد إلى جانب الجرائم العديدة المرتكبة في مقاطعة عفرين لم يراها العالم، لذلك تندرج أحلامه المستقبلية ضمن أهداف عديدة أهمها فضح سياسات المحتل التركي وتعريف العالم بوحشيته.

الأحلام التي ستتوج عبر إكمال تعليمه واقتناء كاميرا لتوثيق ما اقترفته أيدي المجرمين، بحق مقاطعة عفرين وطبيعتها وأبنائها وتاريخها.

ويعيش الآن كيان مع عائلته في حي الأشرفية في مدينة حلب ويدرس في مدرسة ميخائيل نعيمة في الصف الرابع من المرحلة الابتدائية، وذلك بعد أن هُجر قسراً على يد جيش الاحتلال التركي ومرتزقته.

8 ساعات كفيلة بإنهاء حياة أحد الأطفال السوريين

تعتبر مرحلة الطفولة بالنسبة للعلماء من أكثر المراحل حساسيةً لما تحمل من تأثير مباشر في تكوين شخصية أجيال المستقبل الناشئة.

إلا أن موضوع الطفولة في سوريا مع بدء أزمتها التي امتدت على مدار الـ11 عاماً أصبح شيئاً ثانوياً أو غير مهم للأطراف المتصارعة التي باتت لا تفرق بين صغير وكبير أو حتى الحجر والبشر، أثناء خوض معارك فرض سيطرتها.

وفي تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسف في عام 2021 أشارت الأخيرة إلى أن 12 ألف طفل قتلوا أو أصيبوا في سوريا خلال 10 سنوات، أي طفل واحد كل 8 ساعات هؤلاء الأطفال الذين تمكنت الأمم المتحدة من التحقق من أنهم قتلوا أو أصيبوا، ومن المرجح أن تكون الأرقام الفعلية أعلى من ذلك بكثير.

التقرير نوه أيضاً إلى أن النزاع المندلع منذ عام 2011 تسبب في ترك90% من الأطفال السوريين في حاجة إلى المساعدة.

ويشير متابعون للشأن السوري، بأن احتلال الدولة التركية مرتزقتها لمدينة عفرين وتهجير أهلها وارتكاب المجازر بحق سكانها تسببت في إحدى أكبر المآسي التي خلقتها الأزمة السورية.