عقب الكلمة الافتتاحية وكلمة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وقراءة الرسائل الواردة للمؤتمر الدولي الثاني للأديان والمعتقدات، بدأت فعاليات الجلسة الأولى تحت عنوان "أسس الإخاء"، أديرت من قبل نائب الرئاسة المشتركة لمؤتمر الإسلام الديمقراطي الشيخ عبد الرحمن بدرخان.
وتضمنت الجلسة الأولى 4 محاور رئيسة وهي (دور الأديان والمذاهب في الإخاء، الموانع والعقبات في الإخاء، التعليم والمناهج ودورها في السلم والحرب، دور الاستبداد في نشوء الحروب الدينية والمذهبية وكيفية التغلب عليها، المؤسسات والمراكز العالمية ودورها في الإخاء، أهم النقاط المشتركة لتقوية الاخوة بين الأديان والمعتقدات"، عبر 5 محاضرات رئيسة، وعدد من المداخلات.
في المحور الأول، أشار الرئيس المشترك لمؤتمر الإسلام الديمقراطي محمد الغرزاني إلى الدور التنويري الذي لعبته الأديان السماوية على اختلافها، وما شكلته الأديان مع ظهورها من ترسيخ الأخوة بين البشر، وكيف أنها وحدت جمعهم على فكار موحد، ولما حملته الأديان من قيم مشتركة مبنية على المحبة، والتسامح، والغفران والوحدة.
وركز محمد الغرزاني على أهمية القواسم المشتركة بين الأديان والمعتقدات، واعتمادها للبناء عليها للحد من محاولات التفرقة، وليتمكن كل مؤمن بالتحرك وفق معتقده ودينه، وللحد من الصراعات المصطنعة باسم الأديان والطوائف والمذاهب، وسد الطريق أمام النزاعات، وليسود الأمن والاستقرار بين البشرية.
وتطرق الباحث والأكاديمي والمحاضر في جامعة الشيخ خليفة بن زايد محمد حبش في مداخلة عبر مقطع فيديو مصور، إلى أهمية احترام الاختلاف، وتعزيز العلاقات الإنسانية، حيث أشار إلى أن الإنسان نداؤه الرحمة، والله نصب الهِداية على الأرض لتنتشر المحبة بين سائر البشرية.
كما ركز محمد حبش على مبدأ أخوة الشعوب، وأن الله عزز مبدأ أخوة الشعوب، وأن الدليل على ذلك خلق السموات والأرض ومن عليها باختلاف ألسنتهم، وذلك لتبادل الشراكة على هذا الكوكب.
وعن الموانع والعقبات في الإخاء، ضمن المحور الثاني، لفتت ممثلة الزردشتين في شمال وشرق سوريا الآسروان هدى شيخموس، إلى ما يشكل عائقاً أمام الإخاء بين البشر، وإعادته لغياب تطبيق ما تنص عليه الأديان والمعتقدات على أرض الواقع، وغياب المبادئ الأخلاقية، وظهور التعصب، وخطاب الكراهية المبني على أسس مغلوطة عن الأديان والالهة، وللذهنية المبنية على الإقصاء، وعدم التقبل.
وتطرقت إلى ما يدعو إليه الزردشتية لتشكيل مجتمع أخلاقي متجانس ومتأخٍ، يرفض خطاب الكراهية والتفرقة، ويعترف بالأديان الأخرى، والقوميات والإثنيات، وقالت: "هذا هدف جميع الأديان والمعتقدات الدينية، فجميعها بالنهاية تدفع للنهوض بالأخلاق".
أوضحت الآسروان هدى شيخموس: "لنكون أخوة حسب التعاليم الإلهية يجب اتباعها، وبذلك سنسهم في التعايش بإخاء".
وفي المحور الثالث، حول التعليم والمناهج ودورها في السلم والحرب، شارك رئيس مؤسسات "المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله"، العلّامة علي فضل الله، بمحاضرته بشكل كتابي، قرئت من قبل عضوة مركز ملتقى الأديان ومعتقدات ميزوبوتاميا في شمال وشرق سوريا علياء موسى.
يجب الدعوة إلى جبهة مجتمعية وطنية
وتضمنت: "يجب الدعوة جميعاً إلى جبهة مجتمعية وطنية، لتكون جبهة القيم الأخلاقية التي نتوحد من خلالها في مواجهة كل مساوئ وضعنا الراهن، لا يمكن لنا أن نبني مجتمعاً ودولة مستقبلاً إلا بتفعيل هذه القيم، ولا يمكن لنا أن نعيد الدين إلى دائرة الفعل والتأثير، إلا عندما تصبح الأخلاق بكل مكوناتها، وخصوصاً العدالة والتسامح والحرية، في صلب الإيمان الديني، وبذلك نحفظ إشراقة الدين ودوره، وإلا تحول الدين إلى مشكلة يسعى الناس للهروب منها إلى آفاق أخرى، ولا أرى إلا العبثية والتحلل والنفعية والسقوط الحضاري أفقاً، لا سيما بعد أن سقطت كل الأيديولوجيات، وهو ما لا نريده كمؤمنين برسالات الله الذي رفع الإنسان إلى المرتبة العليا التي تليق به في هذا الوجود".
وفي مداخلة مصورة للقس راعي الكنيسة الإنجيلية في ديرك، نعيم يوسف، في السياق ذاته، أكد على ضرورة اتباع التعاليم الإلهية، وحث المجتمعات عبر نشر الأيديولوجيات الصحيحة، بعيداً عن التحريف في ظل ما يشهد العالم من محاولات تشويه صورة الأديان والمعتقدات.
وضمن المحور الـ 4، حول دور المؤسسات والمراكز العالمية في الإخاء، شدد رئيسة مكتب الحريات الدينية في الكونغرس الأميركي سابقاً، نادين مينزا، على أهمية دور المؤسسات الدينية والمركز في نشر ثقافة الإخاء، ونبذ العنصرية والتفرقة.
وبيّنت أن المؤسسات تلعب دور رئيس في نشر أي ثقافة أو أفكار، بغض النظر عن ما يعود به سلباً على المجتمعات أو إيجاباً، وشددت على ضرورة مراقبة وتنظيم تلك المراكز للدفع بها لاتباع ثقافة الإخاء، والاعتراف بالآخرين، وتعزيز الإخاء والتنوع الثقافي والعرقي، والحفاظ على مجتمع متماسك.
وقالت: "كل ما نهدف اليه هو تعزيز ثقافة تقبل الآخر وتعزيز الظروف والحريات الدينية ليتيح الفرصة لكل شخص ليمارس دينه ومعتقداته".
وأشادت بما تشهده مناطق شمال وشرق سوريا، من ثقافة تقبل الآخر والتنوع الثقافي، داعية الجميع لزيارة المنطقة والتعرف على كيفية إدارة تلك المناطق، وكيف أنها تعزز العيش المشترك.
وفي المحور ذاته، وعبر مداخلة مصورة للأمين العام لمؤسسة المصريين للبحوث والدراسات الثقافية، سمير فاضل، أوضح أن المراكز لديها دور كبير، فالعديد من الدول تمكنت عبرها الدفع نحو الإخاء، وأفشلت محاولات التفرقة، وساعدت في نشر التسامح، وأنهت الصراع في العديد منها أيضاً، مما أنهى معاناة تلك المجتمعات، ولفت إلى أن مؤسسة المصريين للبحوث والدراسات الثقافية تسعى في المرحلة الراهنة إلى تحقيق التوافق المجتمع، وأبعاد المجتمع عن التطرف الديني، عبر سلسلة من الأعمال التي لا تزال جارية.
وضمن المحور عن دور اليزيدية في ترسيخ السلام المجتمعي، تطرق الرئيس المشترك للبيت الإيزيدي في شمال وشرق سوريا، سليمان حمو، لما يلعب الإيزيديين من أجل ذلك، وقالت: "تمد الإيزيدية يد السلام والمحبة إلى غيرها من معتمدي الأديان الأخرى، منذ مئات السنين ويعيش السني والشيعي والمسيحي والإيزيدي بين بعضهم البعض دون عوائق، وكانت بينهم علاقة محبة وإخاء، ولا زال الإيزيديون متمسكين بها، دون تسييس ودون تفرقة".
ويستمر المؤتمر الدولي الثاني للأديان والمعتقدات، الذي انطلقت أعماله تحت شعار "بأخوة الأديان نرتقي بالقيم الإنسانية"، بمشاركة أكثر من 300 شخصية، وستنتقل أعمال المؤتمر إلى مناقشة الجلسة الثانية عن دور المرأة في تعزيز أواصر الأخوة".