حقي زيلان: بيشمركة الديمقراطي الكردستاني قتلوا رفاقنا في كمين غادر

الناجي الوحيد من الكمين الغادر الذي نصبته قوات الديمقراطي الكردستاني في منطقة خليفان يتحدث عن الواقعة، مؤكداً على أن الهدف من الكمين هو "القضاء على المجموعة وقتل الرفاق دون أسرهم أو منعهم من العبور".

تمكن أحد مقاتلي الكريلا من ضمن المجموعة التي استشهدت في منطقة خليفان إثر كمين غادر نصبته بيشمركه الديمقراطي الكردستاني، من النجاة والوصول مرة أخرى إلى مناطق الكريلا، ليسرد بنفسه وقائع الكمين الغادر والجريمة التي ارتكبتها قوات الديمقراطي الكردستاني بحق خيرة أبناء شعبنا الكردستاني وحماة الكرامة والشرف.

والحديث هنا للمقاتل حقي زيلان، الناجي الوحيد من المجزرة التي ارتكبتها قوات الديمقراطي الكردستاني:

"أنا حقي زيلان، كنت أؤدي مهامي في منطقة قنديل حينما كلفني مقر القيادة باستلام مهمة أخرى في منطقة بهدينان؛ حيث قمنا نحن المجموعة المؤلفة من سبعة رفاق ورفيقات بالاستعداد للذهاب إلى منطقة بهدينان؛ وكان من ضمن الرفاق السبعة، اثنان ممن يعرفان الطريق والمنطقة جيداً وكانا دليلين لمسيرتنا نحو بهدينان (قوريا).

قبل البدء بمسيرتنا الراجلة نحو بهدينان، تلقينا بعض التوجيهات والتنبيهات من مقر القيادة بخصوص مسيرتنا والمخاطر التي قد تواجهنا، حيث قال الرفاق القادة لنا: "احذروا المؤامرات والمشاكل التي قد تعترض طريقكم، واتخذوا تدابير الأمان اللازمة"؛ جاءت هذه التوجيهات والتحذيرات نظراً لحساسية المرحلة التي نعيشها وبشكل خاص بعد أن فقد مقر القيادة الاتصال مع ثلاثة من رفاقنا الكريلا بالقرب من قرية بيخمي في ناحية خليفان، بعد تعرضهم لكمين غادر أيضاً من قبل بيشمركه الديمقراطي الكردستاني.

وعلى هذا الأساس غادرنا منطقة قنديل في مساء الـ 23 من آب الماضي، ونحن مدركون أهمية المرحلة التي نعيشها وحساسيتها، متوخين أعلى درجات الحيطة والحذر؛ وتمكننا من الوصول إلى نهر الزاب الكبير في منطقة خليفان دون أية مشاكل تذكر، لقد كانت مسيرتنا ليلاً فقط والاستراحة والاختباء نهاراً مع استمرارية المناوبة واستطلاع محيط النقطة التي نتوقف فيها، حيث تحاشينا المرور بالقرب من أية مناطق سكنية أو نقاط تمركز عسكرية، الأمر الذي جعل مسيرتنا تطول أكثر من المعتاد.

وصلنا إلى حافة نهر الزاب الكبير في منتصف ليلة الـ 28-29 من آب، حيث كان مجرى النهر في النقطة التي سنعبر منها واسعاً ومنسوب المياه منخفضاً بشكل يسمح لنا بالعبور، وكنا حذرين جداً نترقب حركة الجوار من جميع الأطراف أثناء عبورنا النهر؛ كما تجدر الإشارة إلى عدم وجود أية نقاط تمركز عسكرية أو نقاط تفتيش و سيطرة لبيشمركه الديمقراطي الكردستاني أو أية قوة أخرى بالقرب من تلك المنطقة.

قوات الديمقراطي الكردستاني فتحت نيران أسلحتها علينا دون سابق إنذار

بعد اجتيازنا النهر، أردنا أخذ قسطٍ من الراحة على حافة النهر، وكان الرفيق الشهيد سردم جودي في مقدمتنا حيث كان هو أحد الدليلين (قوريا)، ومن خلفه الرفاق الشهداء شورش جولمرك، شورش ماردين، تولهلدان، آخين، بروسك؛ وأنا في مؤخرة المسيرة؛ حيث بدأنا التحرك وفق قواعد سير الكريلا؛ وبينما لم نكن قد ابتعدنا عن حافة النهر بمقدار 100 متر، ومن دون سابق إنذار أو تنبيه أوتحذير تعرضنا لنيران كثيفة من أسلحة ثقيلة رشاشة من فوق التلال المحيطة، ونحن في منطقة سهلية لا يوجد فيها ما يمكن أن نحتمي بها.

بيشمركه الديمقراطي الكردستاني تقصدت قتلنا دون أَسرِنا أو جرحنا أو منعنا من العبور

لقد تعرضنا بالفعل لكمين غادر يفتقد لأدنى المعايير الانسانية وقوانين الحرب، فقد فتحوا نيران رشاشاتهم علينا دون السؤال عن هوياتنا ومن نكون نحن..!؟ أو حتى دون سابق إنذار بالوقوف أو إطلاق طلقات تحذيرية؛ نعم كانت نواياهم عدوانية وغايتهم فقط قتلنا، ولم يكونوا يهدفون إلى أسرنا أو جرحنا أو منعنا من العبور في تلك المنطقة...حينما فتحوا نيران رشاشاتهم علينا، سقط الرفاق الذين كانوا مباشرة واستشهدت الرفيقة تولهلدان وآخين وبروسك على الفور، حيث كانوا قريبين مني جداً، وتأكدت من ذلك بعد مناداتهم عدة مرات إلا أنني لم أتلقى أي رد منهم، ولأنني كنت في مؤخرة الرتل لم أتلقى أية إصابة من نيران البيشمركه، وبكل أسف اقول بأنني سمعت صوت الآهات و الأنفاس الأخيرة للشهيدة تولهلدان وآخين وبروسك، حيث كانت هناك بعض الصخور التي مكنتني من الاختباء بينها.

استغرق إطلاق النار الكثيف نحو 15- 20 دقيقة بشكل متواصل، حيث صرخت وناديت على الرفاق شورش وسردم بأعلى صوتي وسط تعالي أصوات نيران الرشاشات، ولكنني لم أتلقى أي رد منهم أيضاً؛ كانت الظلمة حالكة جداً في تلك الليلة وسقط سلاحي من يدي؛ وأدركت أن إطلاق الرصاص يأتي من طرف واحد دون أي رد من الرفاق؛ تواصل أصوات الرصاص بشكل متقطع من الساعة 02:30 في منتصف الليل وحتى بزوغ الفجر، ولم يكن بمقدوري أن أفعل شيئاً في تلك المنطقة السهلية المفتوحة، حيث اكتفيت بالتمويه والاختباء ولم أرى شيئاً؛ ومع ساعات الصباح وشروق الشمس، ساد صمت رهيب تلك المنطقة إلى أن سمعت أصوات عربات مدرعة تابعة لـ بيشمركة الديمقراطي الكردستاني تقترب من موقع الكمين حيث كان رفاقنا الشهداء يرقدون، و عرفت أنهم بيشمركه الديمقراطي من أصواتهم التي كنت اسمعها؛ وفي تلك الأثناء سمعت رشقات نارية من (9- 12) طلقات من بنادق آلية نوع (M-16) بشكل متقطع بفترات زمنية متقاربة جداً، وأعتقد أنهم بذلك كانوا يطلقون النار على الرفاق لتأكيد قتلهم؛ وبعدها انقطعت أصوات الرصاص وكذلك حركة العربات بشكل نهائي.

مكثت في مكاني بين الصخور يومين متتاليين، ومن ثم قررت متابعة المسيرة والمسارعة في الوصول إلى مناطق الرفاق في بهدينان حيث كنت أعرف تلك المنطقة جيداً وإخبارهم بالواقعة....لقد كنت أسير حافي القدمين حيث فقدت حذائي أثناء الكمين، مما اضطررت إلى تقطيع بعضاً من ملابسي ولفها حول قدمي لأتمكن من السير في تلك الجغرافية الوعرة؛ وبعد أن ابتعدت من مكان الواقعة قليلاً ومن بعيد وقفت أتأمل المكان الذي استشهد فيه رفاقي ورفيقاتي، و استطلعت محيط تلك المنطقة، حيث لم ألحظ أية نقاط عسكرية بالقرب منها.

وصلت إلى الرفاق بعد مسيرة 16 يوماً...

توغلت وسط غابة كثيفة في جبال بهدينان حيث عثرت على طريق رفيع بين الأدغال، كتلك الطرق التي يستخدمها الكريلا في انتقالاتهم وتحركاتهم، وبعد المسير مسافة زمنية التقيت برفيقتين كانتا تجلسان تحت شجرة؛ فرحت كثيراً بذلك اللقاء وكأنني ولدت من جديد وانضممت مجدداً إلى صفوف الكريلا، وناديت على الرفيقتين بأعلى صوتي متسائلاً: هل أنتم رفاق؟ وكان الجواب بالإيجاب: نعم، نحن رفاق من الكريلا....وأنا أكرر السؤال أكثر من مرة وأتلقى الجواب بالإيجاب مرات أخرى؛ وجلست بعدها مع الرفيقتان لأسرد لهما تفاصيل الكمين الغادر الذي تعرضنا له، وكانت كلتا الرفيقتان مندهشتان جداً من كيفية تمكني من الإفلات والخلاص حياً من ذلك الكمين والوصول إلى مناطق الكريلا.

بعد أن سألت الرفيقتان عن اليوم والتاريخ، أدركت بأنه أصبح لي 16 يوماً وأنا أسير مبتعداً عن مكان المجزرة؛ يمكن أن تكون تلك صدفة محضة..! إلا أن اسمي الرفيقتان كان ذو معنى كبير بالنسبة لي، اسم إحداهما هيفي (أمل) والأخرى روج (شمس)؛ حيث كان يعني لي: "التوجه صوب الشمس بأمل كبير".

على الجميع أن يدرك أن المتواطئين مع العدو التركي هاجمونا غدراُ

من الواضح للجميع أن المتواطئين مع العدو التركي من بيشمركة الديمقراطي الكردستاني، نصبت كميناً غادراً لنا، ولم تكن غايتهم منعنا من العبور أو أسرنا أو جرحنا، بل استهدفوا القضاء على المجموعة وقتلنا جميعاً، وإلا كان بإمكانهم إطلاق رشقات تحذيرية....كل الرفاق الشهداء في تلك المجموعة التي استشهدت على يد البيشمركة كانوا يأملون التوجه صوب كردستان الحرة وجبال ديرسم وسرحد وبوطان، وكانوا يخطون كل خطوة لهم في تلك المسيرة على هذا الأمل.

أنا على ثقة تامة بأن شعبنا الوطني الكردستاني وبشكل خاص شعبنا في جنوب كردستان والشبيبة الكردستانية الغيورة سوف تحمل سلاح هؤلاء الرفاق والرفيقات لمقاومة العدوان التركي الغاشم، وعليهم أن يعلموا بأن عملاء الاحتلال التركي والخونة نصبوا كميناً غادراً لأبناء هذا الشعب الكردستاني، ولا بد من الانتقام من العدو والثأر لدمائهم الطاهرة، وأنا أتعهد بالسير على خطى الرفاق الشهداء والثأر لهم حتى الرمق الأخير.