بعد تحرير شنكال من قبل حزب العمال الكردستاني( (PKKو وحدات مقاومة شنكال(YBŞ) ووحدات المرأة في شنكال (YJŞ)، تم تأسيس الإدارة الذاتية والمؤسسات الذاتية في شنكال ؛ لمنع المزيد من الهجمات والمجازر على شنكال والإيزيديين، وبعد هذه الجهود الحثيثة في شنكال، أرادت تركيا والحزب الديمقراطي الكردستاني والحكومة العراقية وبحجج مختلفة استكمال مخطط داعش الإرهابي الذي اعلنه في آب 2014 وبدأوا بتوقيع اتفاقية جديدة بشأن الإبادة الجماعية للايزيديين.
في التاريخ البشري وخاصة في المجتمع الايزيدي عُد 3 آب 2014 تاريخ لا يمكن نسيانه وعرف هذا اليوم بأنه أمر جديد وسمي بفرمان 73، في هذا اليوم فرت القوات العراقية وبيشمركة الحزب الديمقراطي الكردستاني من شنكال، وتم البدء بالهجوم وتنفيذ الخطة التي كانت قد أعدت للإبادة الجماعية في شنكال، حيث توجهت داعش بكل قواها إلى شنكال ومحيطها، وفي الوقت الذي كان الجميع يخشى من مواجهة داعش الإرهابي، هب حزب العمال الكردستاني وقوات الدفاع الشعبي ووحدات المرأة الحرة ستار لمساندة أهالي شنكال ومحاربة داعش حيث توجهوا إليها بواسطة 12 آلية عسكرية، كما تمكن مقاتلو وحدات حماية الشعب (YPG)، ووحدات حماية المرأة (YPJ) من فتح ممر إنساني في روج آفا لنقل أهالي شنكال وإنقاذهم من المجازر ومن الهجمات الوحشية والإبادة الجماعية، كما قاوم مقاتلونا مع مجموعة من الشبيبة الايزيدية في شنكال.
في خضم الإبادة الجماعية كان لابد من إعادة هيكلة الوجود من جديد، وتأسيس قوة خاصة نابعة من إرادة الإيزيديين، للتصدي لهذه الهجمات الوحشية، تمكنت الشبيبة الايزيديية من تنظيم أنفسهم بمساعدة مقاتلي وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة وقوات الدفاع الشعبي، وتم تأسيس وحدات مقاومة شنكال والتي ضمت الشباب والشابات الايزيديين للدفاع عن أنفسهم وكرامتهم وأرضهم.
فيما بعد أخذت وحدات مقاومة شنكال وأسايش ايزيديخان على عاتقهم مهمة حماية شنكال وشعبها من المجازر، كما أسست الشابات الايزيديات قوة خاصة بها تحت اسم وحدات المرأة في شنكال؛ من أجل تحرير النساء اللواتي وقعن في قبضة داعش الإرهابي، والانتقام لهن، وجاء اليوم الذي قاتلت فيه داعش الإرهابي في الرقة والباخوز وأنقذت مئات النساء الإيزيديات من قبضة داعش الارهابي.
وفي هذا السياق فإن الإدارة الذاتية في شنكال التي تأسست في 14 كانون الثاني 2015أخذت على عاتقها تنظيم المجتمع الايزيدي.
وفي الوقت الذي كان المجتمع الايزيدي ينظم نفسه من جديد، وأصبح ذو قوة، قامت الدولة التركية بتهديد الحزب الديمقراطي الكردستاني PDK والحكومة العراقية من أجل إخراج حزب العمال الكردستاني PKK من شنكال وإن لم تفعل ذلك فإنها ستعاود مهاجمتها، إلا أن حزب العمال الكردستاني بعد أن قام بواجبه على أتم وجه قرر الانسحاب، حيث أصدرت قوات الدفاع الشعبي HPG في 1 نيسان 2018 بيان لها وأعلنت أن مهمتها في شنكال قد انتهت، وأنها ستنسحب من أجل أمن المجتمع الايزيدي.
بعد ذلك لم يبقى أية حجة لتدخل تركيا والحزب الديمقراطي الكردستاني والعراق في شنكال، لكن الحزب الديمقراطي الكردستاني والعراق كانا يرغبان بالعوة إلى شنكال، وتولي إدارتها كسابق عهدها قبل هجوم 3 آب2014 ، إلا أن الأمر لم يكن بهذه السهولة.
ويظهر التقويم أن التاسع من تشرين الأول عد يوما حالكاً، فهو يصادف اليوم الأول من المؤامرة الدولية ضد القائد عبد الله أوجلان، وبالتزامن معها أعلنت الحكومة العراقية برئاسة رئيس الوزراء آنذاك مصطفى الكاظمي، وحكومة الحزب الديمقراطي الكردستاني PDK في هولير، عن توصلهما إلى اتفاق بشأن تنظيم الأمن والحكم في شنكال وقالوا أن هذه الاتفاقية مرتبطة بتنظيم الوضع الأمني والإداري في شنكال.
منذ بداية إعلان هذه الاتفاقية انتفض الشعب الايزيدي، واعتبر أن هذه الاتفاق نوع آخر من أنواع الإبادة الجماعية إلا أنه يتم تغطيتها بغطاء قانوني، وأكدوا على أنهم لن يفسحوا الطريق لهؤلاء الذين تركوهم في براثن داعش الإرهابي وتسببوا في الإبادة الجماعية للشعب الايزيدي للعودة إلى شنكال.
هذه الجهات التي تركت شنكال تواجه مصيرها ولاذت بالفرار، دون أن يلتفتوا إلى إرادة شعب شنكال وتركوا شنكال وايزيدخان في مواجهة داعش دون حماية، كانت تهدف إلى إنهاء وحدات حماية الايزيديين واسايش ايزيدخانه.
لم يتمكن الحزب الديمقراطي الكردستاني والعراق من تنفيذ هذه الاتفاقية لذا أرادوا كسر إرادة أهالي شنكال عن طريق التهديدات وتجاهل الهجمات الجوية التركية.
وفي هذا السياق بدأت الهجمات الجوية التركية بهدف إنقاذ قادة وزعماء الايزيديين من الإبادة الجماعية، وتنظيم المجتمع الايزيدي، حيث استهدفوا في البداية عضو تنسيقية المجتمع الإيزيدي زكي شنكالي ،فيما بعد مام بشير، ثم القائد العام لوحدات حماية شنكال YBŞ ، زردشت شنكالي ، ومؤخرا دجوار بدل.
استشهد قياديو المجتمع الايزيدي أثناء الهجمات، إلا أن الايزيديين صمدوا وتمسكوا بمؤسساتهم ومقاتليهم، كما انضم الشباب والشابات الأيزيديين إلى وحدات حماية شنكال YBŞ ووحدات المرأة في شنكال YJŞوتعاهدوا بأن ينظموا أنفسهم من أجل مجتمعهم.
هذه الأطراف التي وقعت على الاتفاقية، عندما أدركوا انهم لم يتمكنوا من ذلك، سعوا لكسر إرادة المجتمع الايزيدي من خلال وسائل وطرق مختلفة، ولهذا السبب زاد كل الحزب الديمقراطي الكردستاني وتركيا من ضغوطاتها على الحكومة العراقية، من أجل التدخل في شنكال.
في هذا الإطار عُقدت العديد من اللقاءات بين الإدارة الذاتية وحكومة بغداد، رغم الوعود بإيجاد الحل إلا أن العراق لم تكن طرفا في الحل، ولم تأبه لرغبة الأهالي بل على العكس سعت إلى التدخل العسكري في شنكال
أحد هذه المقابلات كانت في 15 آذار 2021 ، عندما زار وفد أمني عراقي رفيع المستوى برئاسة مستشار الأمن القومي قاسم العرجي، رئيس أركان الجيش، ونائب رئيس أركان الأمن الوطني، نائب رئيس الغرفة المشتركة للعمليات، قائد القوات البرية، مدير الاستخبارات العسكرية، وأحد القياديين الذين يقودون العمليات غربي نينوى، شنكال واجتمعوا مع ممثلين عن مجلس الإدارة الذاتية الديمقراطية في شنكال.
وأعلنت الأطراف الكردية في شنكال خلال الاجتماع أنهم بحثوا في عدد من القضايا من بينها الوضع الأمني، ودور قوات اسايش ايزيدخانه في حماية شنكال وايزيدخان، وعودة اللاجئين وإعادة إعمار شنكال، والنقاش حول العمل المشروع للإدارة الذاتية في شنكال، كما ذكر الوفد العراقي أن مجلس الإدارة الذاتية تأسس وفقا للمادة 120 من الدستور العراقي.
على الرغم من المناقشات واللقاءات الكثيرة، إلا أن الحكومة العراقية لم تتخلى عن تهديداتها ومع مرور الوقت بدأت بالتدخل، وكلما طالب الإيزيديون بحقوقهم، تقف القوات العراقية في طريقهم وتهددهم بالتدخل.
كما حاول الجيش العراقي، بتاريخ 20 نيسان 2021، الدخول الى قرية تل زرك غربي شنكال، وفي تلك المحاولة وقف أهالي المنطقة في طريق الجيش العراقي ولم يسمحوا لهم بدخول منطقتهم.
حيث تعتبرهذه القرية هي إحدى الأماكن التي قاومت ضد هجمات مرتزقة تنظيم داعش الإرهابي، وصمد شبابها حتى النهاية، وكان هذا أيضاً حدثاً مثيراً للاهتمام، لماذا تتجه الحكومة العراقية باتجاه هذه المنطقة.
أمرت محكمة الموصل في 21 نيسان بإعدام أربعة شبان إيزيديين اعتقلتهم قوات الأمن العراقية بتهمة قتل شاب من قبيلة شمر في 16 أيلول 2020 على الطريق بين تل عزيز وقضاء شنكال، ونظم الإيزيديون في شنكال احتجاجات سلمية في ذلك الوقت ورفضوا قرار المحكمة، وقالوا:" ارتكب آلاف المرتزقة من تنظيم داعش الإرهابي مجازر بحق الأشخاص الأحرار، ولا نقبل أن يتم إعدام شبابنا بتهم عارية عن الصحة".
وتزامناً مع تزايد الهجمات ازدادت التدخلات؛ ولكي يكون المجتمع الإيزيدي قادراً على المقاومة والنضال بقوة، قام بتنظيم نفسه، وعقد اجتماعاً طارئاً للمجتمع الإيزيدي في 25 آذار بمشاركة المجلس التنفيذي للإدارة الذاتية الديمقراطية في شنكال، وقيادي وحدات مقاومة شنكال (YBŞ) واسايش ايزيدخان.
وفي الآونة الأخيرة، مع تصاعد الهجمات الوحشية لدولة الاحتلال التركي على جنوب كردستان وروج آفا، كانت شنكال والشعب الإيزيدي أحد أهداف وتهديدات دولة الاحتلال التركي، إضافة لذلك، ازدادت تهديدات الحكومة العراقية أيضاً.
وهدد الجيش العراقي في 18 كانون الثاني 2022 قوات اسايش ايزيدخان وطالبهم بالانسحاب من مناطقهم، كما تم اعتقال ثلاث صحفيين في المنطقة في اليوم ذاته.
وقصفت الطائرات المسيرة التابعة لدولة الاحتلال التركي في 7 كانون الثاني 2022 سيارة الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية في خانصور بشنكال مروان بدل، واستشهد بدل وأصيب طفلاه بجروح على إثره.
كما شنت الطائرات المسيرة التابعة لدولة الاحتلال التركي في 21 كانون الثاني، مرة أخرى وادي شيلو في شنكال، حيث استشهد اثنين من وحدات مقاومة شنكال (YBŞ) يدعى آزاد وايزدين وأنور تولهلدان، وأصيب اثنان من مقاتلي وحدات مقاومة شنكال، وكان الشهيد آزاد إيزدين هو أحد قيادي وحدات مقاومة شنكال.
وكل هذا يدل على أنه بغض النظر عن مدى إصرار الإيزيديين على مقاومتهم وإرادتهم، فإن الهجمات التي تستهدفهم لن تتمكن من كسر هذه الإرادة، كلما كان الإيزيديون منظمون، سيحمون أنفسهم وقواتهم، وسيتمكنون من تحقيق الاعتراف بالإدارة الذاتية واستقلالية شنكال في الساحة الدولية.
إذا لم يتمكن العراق والحزب الديمقراطي الكردستاني PDK من دخول شنكال حتى الآن وتنفيذ مخططاته، فهذا بفضل عزيمة وإرادة شعب شنكال، وكلما قاومت شنكال كلما استطاعت العيش بحرية وسلام.