مصر تدعو لتسوية الأزمة السورية وتحقيق تطلعات الشعب السوري وتنديد عربي بالتدخلات الإيرانية والتركية

نددت دول عربية باستمرار التدخل الإيراني والتركي في الأزمة السورية وما يحمله ذلك من تداعيات خطيرة على مستقبل سوريا وسيادتها وأمنها واستقرارها ووحدتها الوطنية وسلامتها الإقليمية، فيما دعت مصر لدعم التسوية السياسية للأمة.

وأكد وزير الخارجية المصري سامح شكري في كلمته اليوم أمام اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، أن لم يعد مقبولا أن يستمر نزيف الدم واستنزاف الموارد في بؤر الأزمات المفتوحة في المنطقة. وتابع شكري خلال كلمته: "ألم يئن الأوان للعودة لمفاوضات جادة ونزيهة تفضي للتسوية السياسية الضرورية للأزمة في سوريا الشقيقة، بما يحقق المطالب المشروعة للشعب السوري، ويستعيد بناء مؤسسات الدولة السورية، ويتيح مواجهة الإرهاب وعودة سوريا إلى مكانها الطبيعي بين أشقائها العرب؟".

وأكد شكري خلال الاجتماع الذي انعقد بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية بالقاهرة، أن بلاده "ضاقت ذرعا" من استمرار التراخي في مواجهة خطر الإرهاب المستشري في المنطقة، والذي يحظى بدعم مباشر من أطراف إقليمية معروفة توجهاتها، وقنوات إمدادها، بل وسبق وأن ضبطت من قبل أجهزة الأمم المتحدة بالجرم المشهود تنقل سلاحاً وعتاداً وأموالاً ومقاتلين لبؤر التوتر في المنطقة؟

وأعاد وزير الخارجية المصري على أن المقاربة الشاملة المتضمنة في قرار "تطوير المنظومة العربية لمكافحة الإرهاب" الذي اعتمدته قمة القدس الأخيرة بالظهران بالمملكة العربية السعودية، هي الآن أكثر إلحاحاً مما مضى. مضيفا: "فلن يكتب لمنطقتنا أن تتخلص من خطر الإرهاب بشكل كامل ونهائي، إلا من خلال هذه المقاربة الشاملة التي تكافح الإرهاب أمنياً، وتمنع في الوقت نفسه مصادر دعمه وتمويله، وتئد منابعه الأيديولوجية المتطرفة الساعية إلى تجنيد المزيد من الإرهابيين والترويج لطروحاتهم الشاذة. ومن البديهي، أن مثل هذه المقاربة الشاملة تستلزم بكل وضوح مواجهة حاسمة مع أي طرف، شقيق أو جار، يتورط في احتضان العناصر الإرهابية أو دعمها بأي شكل من الأشكال. إن مصر ستستمر، مع أشقائها من الدول العربية المحاربة للتطرف والإرهاب، في مواجهة لا هوادة فيها حتى دحر هذا الخطر تماماً ونهائياً من منطقتنا".

وأشاد الوزير المصري بمستوى وفعالية مشاركة الدول العربية الشقيقة في أعمال القمة العربية الأوروبية الأولى – التاريخية - التي عقدت في شرم الشيخ أواخر الشهر الماضي، وهي القمة التي ناقشت كافة المسائل السالفة بتعمق واستفاضة، مما انعكس في نجاح القمة وظهورها بهذا المستوى الرفيع. وأكد أن مصر تتطلع لمواصلة العمل مع أشقائنا العرب والدول الأوروبية الصديقة للبناء على ما تناولته القمة وترجمته لخطوات عملية للارتقاء بالعلاقات العربية-الأوروبية وتعزيز الرؤية المشتركة للتحديات التي نواجهها معاً عبر ضفتي المتوسط.

وفي سياق ذي صلة، طالبت الكويت، اليوم الاربعاء، بالإسراع في تنفيذ حل سياسي في سوريا، مؤكدة أن عودة دمشق لمحيطها العربي أمر يسعد الأسرة العربية. وقال وزير خارجية الكويت، صباح الخالد الحمد الصباح، خلال مؤتمر صحفي اليوم مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، إن "بدء العملية السياسية في سوريا وعودتها إلى أسرتها العربية سيسعدنا كثيرا في دولة الكويت". وكان وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير قد أكد قبل يومين ان موقف بلاده من عودة سفارتها لدى دمشق لا يزال بدون تغيير.

وبدوره، أشاد وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم بالعمليات العسكرية التي قادتها القوات العراقية ضد تنظيم "داعش " الإرهابي والتي أسفرت عن استعادة جميع الأراضي العراقية التي كانت تحت سيطرتها ،مؤكدا أن هذه الهجمة الإرهابية التي تعرضت لها البلاد من أشرس الهجمات التي تعرضت لها البشرية ، حيث أسفرت عن عشرات الآلاف من الضحايا والجرحى، فضلا عن تدمير مدن عراقية بأكملها ونزوح الملايين من مناطقهم.

وفيما يتعلق بالقضية السورية، أكد الحكيم على رفض العراق التدخل الأجنبي في سوريا حفاظا على وحدة أراضيها وسلامة شعبها، وضرورة إيجاد حل سياسي (سوري- سوري ) يشمل جميع مكونات الشعب السوري، ويؤمن عودة اللاجئين والنازحين ، كما أعرب عن تأييد بلاده لاستعادة سوريا مقعدها في الجامعة العربية.

إدانة عربية للتدخلات الايرانية وقلق من برنامجها الصاروخي

أدانت اللجنة الوزارية العربية الرباعية المعنية بتطورات الأزمة مع إيران وسبل التصدي لتدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول العربية، التهديدات الإيرانية المباشرة للملاحة الدولية في الخليج العربي ومضيق هرمز، وكذلك تهديدها للملاحة الدولية في البحر الأحمر عبر وكلائها في المنطقة، بما في ذلك استهداف مليشيا الحوثي الإرهابية مؤخرا لناقلة نفط سعودية في مضيق باب المندب؛ والتي تشكل انتهاكًا لمبادئ القانون الدولي.

وعقدت اللجنة اجتماعا بمقر الامانة العامة لجامعة الدول العربية، برئاسة دولة الإمارات العربية المتحدة ومشاركة مملكة البحرين، المملكة العربية السعودية، مصر، الأمين العام لجامعة الدول العربية، على هامش اجتماعات مجلس الجامعة.

وأدانت اللجنة الوزارية استمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، واستنكرت في ذات الوقت التصريحات الاستفزازية المستمرة من قبل المسؤولين الإيرانيين ضد الدول العربية، كما أعربت اللجنة عن قلقها البالغ إزاء ما تقوم به إيران من تأجيج مذهبي وطائفي في الدول العربية، بما في ذلك دعمها وتسليحها للميليشيات الإرهابية في بعض الدول العربية وما ينتج عن ذلك من فوضى وعدم استقرار في المنطقة يهدد الأمن القومي العربي، الأمر الذي يعيق الجهود الإقليمية والدولية لحل قضايا وأزمات المنطقة بالطرق السلمية وطالبتها بالكف عن ذلك.

كما أدانت اللجنة مواصلة دعم إيران للأعمال الإرهابية والتخريبية في الدول العربية، بما في ذلك استمرار عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية إيرانية الصنع من داخل الأراضي اليمنية على المملكة العربية السعودي بما في ذلك الأماكن المقدسة، والذي يشكل خرقًا سافرًا لقرار مجلس الأمن رقم 2216الذي ينص على ضرورة الامتناع عن تسليح ) المليشيات، مؤكدة على دعمها للإجراءات التي تتخذها المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين من أجل التصدي لهذه الأعمال العدوانية حماية لأمنها واستقرارها.

وأكدت اللجنة الوزارية إدانتها واستنكارها للزيارات والتصريحات الاستفزازية للمسؤولين الإيرانيين تجاه الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة (طنب الكبرى – طنب الصغرى –وأبو موسى)، بما في ذلك الزيارة التي قام بها مؤخرًا القائد العام لقوات الحرس الثوري الإيراني إلى جزيرة أبو موسى يوم 30 يناير 2019.

واستنكرت التدخلات الإيرانية المستمرة في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين، وقيامها بمساندة الإرهاب وتدريب الإرهابيين وإيوائهم، وإثارة الفتنة والنعرات الطائفية، ومواصلة التصريحات المعادية وعلى مختلف المستويات بغية زعزعة الأمن والاستقرار فيها وتأسيسها لجماعات إرهابية بالمملكة ممولة ومدربة من الحرس الثوري الإيراني وذراعيه كتائب عصائب أهل الحق الإرهابية وحزب الله الإرهابي.

ورحبت اللجنة بقرارات عدد من الدول بتصنيف ما يسمى بسرايا الأشتر الإرهابية في مملكة البحرين والتي تتخذ من إيران مقرا لها، كمنظمة إرهابية، وعدد من أعضائها على قائمة الإرهاب، ويعكس هذا الموقف إصرار دول ا لعالم على التصدي للإرهاب على الصعيدين الإقليمي والدولي، وكل من يقوم بدعمه أو التحريض عليه والتعاطف معه، ويمثل دعما لجهود مملكة البحرين والإجراءات التي تقوم بها في تعزيز الأمن والاستقرار والسلم فيها.

ورحبت بالتقرير المقدم من مملكة البحرين حول التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للمملكة خلال الفترة من يناير – ديسمبر 2018، والذي يؤكد مواصلة إيران دعمها للإرهاب، وإثارة الفتن لزعزعة الأمن والاستقرار في المملكة، بما يتنافى مع مبدأ حسن الجوار واحترام سيادة الدول واستقرارها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وفقًا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وأكدت اللجنة على دعم مملكة البحرين في كل ما تتخذه من إجراءات للحفاظ على أمنها واستقرارها.

استمرار التدخل الإيراني والتركي في الأزمة السورية يهدد مستقبلها

كما نددت اللجنة الوزارية العربية باستمرار التدخل الإيراني والتركي في الأزمة السورية وما يحمله ذلك من تداعيات خطيرة على مستقبل سوريا وسيادتها وأمنها واستقرارها ووحدتها الوطنية وسلامتها الإقليمية وأن مثل هذا التدخل لا يخدم الجهود المبذولة من أجل تسوية الأزمة السورية بالطرق السلمية وفقا لمضامين جنيف 1.

وأعربت اللجنة عن التضامن مع قرار المملكة المغربية بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران نظرًا لما تمارسه هذه الأخيرة وحليفها حزب الله الإرهاب ي من تدخلات خطيرة ومرفوضة في الشؤون الداخلية للمملكة المغربية عبر محاولة تسليح وتدريب عناصر تهدد أمن واستقرار المغر ب، والذي يأتي استمرارًا لنهج إيران المزعزع للأمن والاستقرار الإقليمي.

كما أعربت عن قلقها من البرنامج النووي الإيراني بما في ذلك بشأن جدية التزام وقدرة هذا الاتفاق على منع إيران، بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة من الحصول على السلاح النووي في المستقبل، خاصة في ظل سياسات إيران العدائي ة في المنطقة.

وأكدت على ضرورة مراقبة تطورات هذا الملف، مدينه استمرار إيران في تطوير برنامجها للصواريخ الباليستية وتزويد الحوثيين بها، وأدانت إطلاق الصواريخ إيرانية الصنع والتي استهدفت من خلالها "ميليشيا الحوثي الإرهابية" المملكة العربية السعودية، بما في ذلك إطلاق أكثر من 200 صاروخًا باليستيًا على عدد من المدن السعودية، بما فيها العاصمة الرياض، والذي قوبل بإدانة عربية ودولية واسعة؛ والتأكيد على أن ذلك يشكل تهديدًا جديًا للأمن والاستقرار في المنطقة.