ما هي مقترحات تركيا للجانب الروسي في الاجتماع الأخير؟ "تحليل"

بعد قرار الولايات المتحدة الأمريكية الانسحاب من سوريا, توجه وفد ضم مسؤولين كبار من الدولة التركية إلى موسكو لمناقشة هذا التطور الجديد. الوفد التركي عرض على الجانب الروسي تسليم جزء كبير من مدينة إدلب مقابل دخول جزء صغير من مدينة منبج.

بعد عودة العلاقات التركي الروسية, دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الولايات المتحدة الأمريكية بسحب قواتها من سوريا. وبعد أن اعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزمة على سحب قواته من سوريا, عاد ليدعو أمريكا إلى التريث بعد أن فقد كل أوراق الضغط للتدخل في سوريا.

تصريحات الإدارة الأمريكية بالقول: "حان الوقت للانتهاء من مباحثات الاستانة" وقرار ترامب بسحب قوات بلاده من سوريا, افرغ جعبة تركيا وافشل مخططاتها لتبقى في حيرة من أمرها. تركيا أقحمت نفسها بين روسيا وأمريكا وحاولت ابتزاز الطرفين في قضايا عده والجانب الأخر كثفت من تواجها العسكري على الحدود مع منبج في تلميح إلى محاولة احتلال جديدة.

في إطار السياسية الأمريكية الجديدة في سوريا, أعلن ترامب سحب قوات بلاده, في هذه الأثناء جميع القوى التي تدخلت في الأزمة السورية تحاول إبراز موقفها. وفي هذا الاطار أيضاً وبعد أن استشعرت الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا خطورة التهديدات التركية بدأت بعقد لاجتماعات واللقاءات الدبلوماسية مع الجانب الروسي والنظام السوري.

أجرت عدد من اللقاءات في مدين قامشلو, القاعدة الروسية في حميميم, دمش وموسكو. ونتج عن هذه الاجتماعات التوصل إلى نقطة مشتركة وهي التصدي لتهديدات الاحتلال التركي والجماعات المرتزقة التابعين لها على أساس انه العدو المشترك.

أيضاً وصلت تعزيزات عسكرية لقوات النظام السوري إلى بلدة العريمة التابعة لمدينة الباب, بتنسيق مع قوات جبهة الاكراد, مجلس منبج العسكري ومجلس الباب العسكري.

هذا الاتفاق في محيط منبج أي على حدود مدينة جرابلس المحتلة من قبل تركيا, تم بالتوافق مع الجانب الروسي واليوم ترفع راية ثلاثة في وجه محاولات الاحتلال وهي: الراية الروسية, السورية وراية جبهة الأكراد.

هذا الاتفاق والانتشار والتنسيق تم قبل وصول وفد تركي رفيع المستوى إلى موسكو والذي ضم وزير الخارجية مولود جاويش اوغلو, وزير الدفاع خلوصي اكار, مستشار الاستخبارات التركية حقان فيدان والمتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن. لهذا ينظر إلى هذه الخطوة على أنها خطوة تكتيكية.

قبل وصول الوفد التركي إلى موسكو, اكد قصر الرئاسة الروسي "الكرملن" في بيان وصول إلى هذا الاتفاق وصول قوات النظام السوري إلى العريمة. هذا البيان أشار إلى موقف روسيا, لكن وعن مقترحات الدولة التركية للجانب الروسي لم يشر إلى شيء.

ويذكر أن الاجتماع التركي الروسي والذي دام لمدة ساعة ونصف, ركز فيه الجانب التركي على مدينة منبج وقدم مقترحات للجانب الروسي كما حصل سابقاً في المفاوضات بشأن مناطق جرابلس, إعزاز, الباب وعفرين.

ووفقاً لعض المعلومات الواردة اقترح الوفد التركي على الجانب الروسي, تقدم القوات التركية وجماعات المعارضة المسلحة من جهة الشمال نحو مركز مدينة منبج لمسافة تتراوح ما بين 3 إلى 5 كيلو متر. والجيش السوري يتقدم من جهة الجنوب مسافة من 3 إلى 5 كيلو متر باتجاه مركز مدينة منبج. وتشكيل إدارة جديدة في منبج وتضم الجهة السياسية التي تمثل الجيش السوري الحر. وطرد الكرد من المدينة.

مقابل هذا وعد الجانب التركي بالسماح لقوات النظام السوري التقدم من جهة الجنوب نحو مدينة إدلب مسافة خمسة عشر وتسليم طريق منبج-الباب-حلب لقوات النظام السوري.

في مرحلة أعادت فيها الإمارات العربية المتحدة ودولة البحرين فتح سفاراتها في دمشق وأبدت المملكة العربية السعودية استعدادها لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري. يذكر أن الوفد التركي توعد للجانب الروسي أن تبدي خطوات إيجابية في هذا الجانب أيضاً.

وبعد أن دعت تركيا الولايات المتحدة الأمريكية التريث في سحب قوات بلادها من سوريا وتماطلت في عقد صفقة الصواريخ الروسية "إس 400" مقابل التحمس من جديد لعقد صفقة منظومة صواريخ الباتريوت الأمريكية, يذكر أن الجانب الروسي لم يكن متحمساً لقبول المقترحات التركية حول منبج.

أيضاً الجانب الروسي بانتظار اجتماع الوفد التركي مع الولايات المتحدة الأمريكية في الثامن شهر كانون الثاني المقبل. بمعنى  أن روسيا تفضل تتبع سياسة الترقب وتريد معرفة الموقف التركي بشكل كامل من التغيرات.

في تصريح له بعد الاجتماع مع روسيا وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو قال: "بصفتنا ضامنين لاتفاقية الاستانة, نحن ضد أي شكل من أشكال تقسيم الأراضي السورية, وندافع عن وحدتها السياسية". وبهذا التصريح يحاول اوغلو كسب ثقة الروس.

بدورة صرح نظيرة الروسي سيرغي لافروف بالقول: "من اجل إزالة خطر الإرهاب من جذوره في سوريا, توصلنا إلى اتفاق على التنسيق".

في ظل هذه التطورات لا تزال القوات الأمريكية متواجدة في مدينة منبج وتسير دورياتها بشكل منتظم, على الرغم من قرار ترامب المشكوك. الدوريات الأمريكية التي كانت تخرج على اطراف نهر الساجور باتت تنظم دوريات أخرى داخل مركز مدينة منبج, بالإضافة إلى طلعات جوية. كثافة هذه الدوريات البرية والجوية تزيد الشكوك حول نية أمريكا سحب قواتها من سوريا.