كوجر: سوريا مقبلة على خيارين لا ثالث لهما

أوضح عضو اللجنة التنفيذية لحركة المجتمع الديمقراطي (TEV-DEM) حسن كوجر أن سوريا مقبلة على خيارين إما بناء نظام ديمقراطي، أو العيش في ظل نظام سلفي، مؤكداً أن الكرد قادرين على تحقيق النصر من خلال تمسكهم بالإرادة ودعم قوتهم الذاتية.

تحدث عضو اللجنة التنفيذية لحركة المجتمع الديمقراطي (TEV-DEM) حسن كوجر تحدث عن العزلة المشددة على القائد الكردي عبد الله أوجلان والتهديدات التركية لمناطق شمال وشرق سوريا وقرار الولايات المتحدة الأمريكية الأخير بصدد سحب قواتها من سوريا.

وأكد كوجر في حوار خاص مع وكالة فرات للأنباء (ANF)، أن الهدف من العزلة المشددة المفروضة على القائد الكردي عبد الله أوجلان هو إضعاف وتقليص دور حركة التحرر الكردستاني.

وقال: إن "هذه العزلة المفروضة على أوجلان تتم من قبل دول المؤامرة لكن عبر تركيا، وعلى رأسهم محكمة حقوق الإنسان الأوروبية ولجنة مناهضة التعذيب في المعتقلات وهم مسؤولون وبشكل مباشر عن فرض هذه العزلة. والهدف منها هو عزل وإبعاد القائد أوجلان عن المجتمع".

وأضاف "مع تشديد العزلة بدأت عمليات تدمير المدن الكردستانية في شمال كردستان، ثم بدأت عملية احتلال عفرين واليوم تحاول تركيا احتلال مناطق شمال وشرق سوريا".

وشدد كوجر على ضرورة تقيم الوضع الراهن والتهديدات التركية بشكل دقيق قائلاً: إن "المرحلة تتطلب مقاومة كبيرة ، فالكرد في هذه المرحلة يخوضون معركة الوجود، وهذه المعركة هي في نفس الوقت ضد المجتمعات في الشرق الأوسط، لهذا على الكرد أن يدركوا حساسية المرحلة وخوض النضال والمقاومة وفق مطالبها". وأشار كوجر إلى أهمية حملات الإضراب المفتوحة عن الطعام التي انطلقت تضامناً مع حملة البرلمانية ليلى كوفن، وأن هذه الحملات تأتي ضد المؤامرة التي تستهدف الكرد والمنطقة، مشدداً على ضرورة توسيع نطاق هذه الفعاليات وتكثيفها.

وعن الهجمات التركية واحتلال عفرين قال: إن "هجمات تركيا على عفرين لا تعتبر مسألة احتلال منطقة جغرافية فقط بل هي عملية هدفها القضاء على مشروع تأسس على فكر القائد الكردي أوجلان وعلى مبدأ الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب. لهذا نحن نعتبر كل الهجمات على عموم كردستان على علاقة مباشرة مع العزلة المشددة المفروضة على أوجلان، فالنضال لرفع العزلة هو نضال لتطبيق مشروع يخدم كل المجتمعات والشعوب المستضعفة ضد سياسات المؤامرة.

وتطرق كوجر بالحديث إلى قرار الرئيس الأمريكي بسحب قوات بلاده من سوريا، موضحاً أنها وبهذا القرار تريد إيصال رسالة لهم، لتركيا ولروسيا.

وتابع: "الولايات المتحدة الأمريكية تريد أن تقول لنا: أمريكا لا تريد الاعتراف سياسياً بالإدارة الذاتية. لهذا علينا أن نفهم هذه الرسالة بشكل جيد فهي تريد أن تقول لنا إنها لا تقبل بمشروعنا الديمقراطي وفي نفس الوقت تريد أن تؤكد دعمها للسياسة التركية الداعمة لإرهاب داعش والسياسة التي تهدد بها تركيا كل العالم. فتركيا هي نفسها داعش فكيف لها أن تحاربها!؟. التاريخ لم يشهد إرهاب منظم بقدر إرهاب الدولة التركية وهي أعنف وأكثر إرهاباً من تنظيم داعش، بشكل يومي ترد أنباء من عفرين حول الجرائم والممارسات الإرهابية التي تقوم بها تركيا من جرائم قتل، مجازر، عمليات تطهير عرقي، تغير ديموغرافي، محاولات إبادة الثقافة واللغة، وهذا ما لم تقم به أي قوة إرهابية".

وواصل حديثه: "لكن أيضاً علينا أن لا ننسى أن هذا حصل على مرأى ومسمع العالم كله دون أن يعترض أحد على هذه الجرائم. وعلى هذا الخيار الوحيد أمامنا هو تصعيد النضال والمقاومة لحماية قيمنا وكرامتنا.

والسؤال هل ستقوم تركيا بمحاربة داعش في حال شنت حملتها في شمال وشرق سوريا؟ في الحقيقة لا أحد يصدق هذا. وحتى اليوم توجد مراكز ومقرات لمرتزقة داعش في المدن التركية ومؤخراً تم احتجاز سفينة تركية تنقل الأسلحة إلى مرتزقة داعش في ليبيا. ولن يصدق أحد أن سبب دخول تركيا مناطق شمال وشرق سوريا هو من أجل محاربة داعش كما تدعي، بل على العكس".

وأكد كوجر أن الاستراتيجية الأمريكية في سوريا تدخل مرحلة جديدة، وأن هناك محاولة لخلق استراتيجية حرب جديدة في سوريا إلى جانب إغلاق ملف داعش.

وشدد على أن الحرب في سوريا ستتحول إلى حرب دولية وبمعنى آخر نستطيع أن نقول انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية هي بداية تدخل جديد. أمريكا لن تخرج بهذه السهولة من سوريا وهذا لأن مشروعها لا يختصر على سوريا وحدها بل يستهدف كل الشرق الأوسط. وفي إطار اتفاق أمريكي تركي فمن الممكن أن تشن تركيا هجومها على مناطق شمال وشرق سوريا وهذا لأن أمريكا تريد تضييق الخناق على روسيا، والحقيقة أن من يدفع تركيا إلى مناطق شرق الفرات هي روسيا، النظام السوري وإيران، لماذا؟ الهدف كان دفع تركيا إلى مواجهة أمريكا وخلق صراع بين حلفين في الناتو، إضعاف الناتو وبهذا يزداد نفوذها في سوريا.

وأضاف "الهدف الثاني لروسيا هو إعادة هيمنة النظام السوري على مناطق شرق الفرات. بالنسبة لهم إذا ما شنت تركيا هجومها على شرق الفرات فالإدارة الذاتية الديمقراطية ستكون بحاجة إلى روسيا والنظام السوري، لكن الانسحاب الأمريكي من المنطقة كان الرد المناسب لهذه المؤامرة. وكان هذا الانسحاب رسالة إلى روسيا بأنها فشلت في جعل حليفين في الناتو يتواجهان، بل على العكس فالمواجهة ستكون بين تركيا وروسيا".

ولفا إلى أن قرار الانسحاب أيضاً كان رسالة إلى دول الاتحاد الأوروبي، فغالبية دول الاتحاد ورغم أنهم مشاركين في التحالف الدولي لمحاربة داعش إلا أنها ومن الناحية العملية لا تشارك ولا ترسل قواتها. وهي بهذا القرار تريد دفعها إلى المشاركة الفعلية وتحمل مسؤولياتها. أيضاً الاتحاد الأوروبي في بعض النقاط لا يدعم سياسة الإدارة الأمريكية وخاصة فيما يتعلق بإيران والدعم الأوروبي لتركيا. بهذا تحاول أمريكا كسب دعم دول الاتحاد في إطار السياسة الأمريكية. في الداخل الأمريكي أيضاً كانت هناك معارضة لسياسات الإدارة الأمريكية الحالية وعلى ما يبدو أنها تحاول تغير سياستها.

وأضاف "لا شك أن الولايات المتحدة الأمريكية وبهذا القرار أوصلت رسالة إلى تركيا أيضاً، رغم أن هناك ملامح اتفاق لكن الرسالة مفادها أن على تركيا أن تمارس سياساتها في إطار الناتو، بعد أن تجاوزت حدودها".

وتابع: "عندما ننظر إلى كل هذه الرسائل بشكل عام نلاحظ أن مرحلة جديدة ستبدأ في سوريا. إذا ما هي هذه السياسة والاستراتيجية الجديدة؟ من وجهة نظري ، أمريكا تحاول تحقيق استراتيجياتها في منطقة الشرق الأوسط، في العام 2019 تحاول تضيق الخناق على القوى الداعمة لروسيا، مثل إيران. ومن جانب آخر محالة للملمة قوة الناتو المشتتة مرة أخرى".

وأوضح كوجر أن "سوريا ستشهد توازنات، تحالفات واتفاقات جديدة، والمهم بالنسبة لنا هو حماية وتوسيع مكتسبات شعبنا.

أردوغان يحاول إجبارنا على التركيز على مناطق شرق الفرات حتى ننسى عفرين، وهذا لن يحدث أبداً.. تركيا تقول: "لقد أخذنا عفرين وحان الدور على مناطق شرق الفرات"، لكننا سنواصل المقاومة لاسترجاع عفرين. هناك احتمالات لتغير كل التوازنات السياسية في المنطقة وتركيا خائفة من هذا لأنه يعني انسحاب القوات الأمريكية من المنطقة سيجبر تركيا على الانسحاب أيضاً. وأكد كوجر ضرورة عدم الاعتماد على القوى الخارجية، والتعامل معها على أساس مراعات وحماية مصالح مكونات المنطقة. وما لم تكن تلك العلاقة مبنية على أساس ضمان وحماية مصالح شعبنا فلن تكون هناك أيه علاقات. وشدد على ضرورة الاعتماد على الذات من الناحية السياسية، العسكرية والدبلوماسية.

ولفت كوجر إلى أن ثمن الحفاظ على مكتسبات المجتمع قد يكون كبيراً، لكن على الجميع أن يثق في قدرته وقوته الذاتية. وقال: "من الناحية الدبلوماسية سنتحاور مع الدول الإقليمية وهدفنا هو إبعاد الخطر عن مجتمعنا، لكن في المقابل علينا أن لا نعتمد ونعلق آمالنا على هذه المساعي فقط. من الناحية الاقتصادية، السياسية والمعنوية يتوجب على جميع مؤسساتنا أن تحضر نفسها بشكل جيد لخوض هذه المعركة ضد هجمات الدولة التركية المؤكدة.

هدف تركيا القضاء على هذه المكتسبات. وعلى الجميع أن يدرك ويفهم جيداً أن القوى الخارجية لا يمكن الاعتماد عليها لأنها لا تملك تلك الإرادة والعزيمة التي يمتلها أصحاب القضية. واختتم كوجر حديثه قائلاً: إن "سوريا مقبلة على خيارين لا ثالث لهما؛ الأول هو بناء نظام ديمقراطي، والثاني نظام سلفي.

والسؤال هل سيقبل العالم بوجود هذا النظام السلفي؟ وإذا ما نفذت تركيا تهديداتها وشنت هجومها فمؤكد أن النظام الذي سيتشكل في سوريا هو نظام سلفي".