فوزة يوسف: ثورة روج آفا أصبحت ميلاداً جديداً للنساء (2)

أكدت عضوة مجلس الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، فوزة يوسف، أن المرأة قادت ثورة روج آفا في العديد من المجالات، وبذلك أصبحت ثورة 19 تموز ميلاداً جديداً للنساء وعلامة فارقة في تاريخ الحركات النسوية.

في الجزء الثاني من حديثها حول ثورة روج آفا (ثورة 19 تموز)، تحدثت عضوة مجلس الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، فوزة يوسف، عن دور المرأة في ثورة روج آفا وأهم المكاسب والانجازات التي حققتها المرأة من خلال هذه الثورة على كافة الصعد.

وأكدت فوزة يوسف أن ثورة المرأة يمكنها أن تشكل أساس الثورات السياسية والاجتماعية، كما أن الثورات السياسية والاجتماعية تمهد الطريق لثورة النساء يمهد الطريق لثورة المرأة في الثورات السياسية والاجتماعية؛ وهكذا تربطها علاقة قوية بعضها البعض.

كما شددت أيضاً على أهمية الوحدة الوطنية والتعايش المشترك بين المكونات المتنوعة، وقالت "أن مبادرة الوحدة الكردية هي خطوة مهمة كذلك من ناحية حماية منجزات الثورة وجعلها دائمة، كما أن الوحدة التي تتأسس من منظور الأمة الديمقراطية تضم مكونات وشعوب متنوعة، والحفاظ على هذا التنوع مهم جداً، كلما حافظنا على وحدتنا وتضامننا، كلما قمنا بحماية حريتنا. إن حريتنا و تضامننا مترابطان ببعضهما البعض.

وإليكم الجزء الثاني من المقابلة التي أجرتها الصحفية نسرين دنيز:

ثورة روج آفا، هي ثورة تقودها المرأة منذ نشأتها. كيف تقيمون تأثير النظام الديمقراطي، الذي نما في إطار الأمة الديمقراطية وتم تجسيده في شمال شرق سوريا، على الشرق الأوسط  وشعوب العالم، وخاصة على نساء العالم؟

من السمات المميزة لهذه الثورة، هي انضمام العديد من النساء إلى صفوفها؛ في هذه الثورة، خرجت النساء من الموقف الداعم فقط، وأصبحن رائدات في جميع مجالات الحياة؛ لعبنَّ دوراً كبيراً في المجالات السياسية والدفاعية والثقافية، وفي بعض المناطق شاركت النساء بنسبة 50 في المائة. على سبيل المثال، في المجال السياسي، بدأ العمل بنظام الرئاسة المشتركة في روج آفا كردستان لأول مرة بشكل منهجي في العالم. كما هو موجود الآن في شمال وشرق سوريا. بالأساس أصبح نظام الرئاسة المشتركة، خطوة ثورية ونموذجاً لجميع المنظمات النسائية في العالم.

يوجد حالياً نظام رئاسة مشتركة في جميع الكومونات والمجالس في شمال وشرق سوريا. كما أن مجلس العدل النسائي، تجربة أولى في العالم للنظر في قضايا المرأة وعلى هذا الأساس يمكن للمرأة أن تكون فعالة في اتخاذ القرارات. كما لعبت النساء دوراً تاريخياً في مجالات الدفاع في كل من وحدات حماية المرأة (YPJ) وقوات الأمن الداخلي (Asayiş) وقوات حماية المجتمع (HPC) وكانت للمرأة دوراً كبيراً في القضاء على داعش في جميع جبهات المقامة.

كانت هناك ثورة اجتماعية موازية للثورة

ومن إحدى الاختلافات الأخرى، كانت التغييرات والتحولات الكبيرة في شكل التواصل ضمن الأسرة. يمكننا القول أن الإدراك الاجتماعي والفكر، شدَّ مجتمعنا من الفوضى التي أوقعته بها الذهنية الذكورية المهيمنة؛ بالإضافة إلى الثورة السياسية، رافق ذلك ثورة اجتماعية موازية لها وكانت مهمة جداً لمجتمعنا. وأصبحت ذات تأثير كبير على تحقيق التحول الديمقراطي داخل الاسرة. كانت للتغييرات التي حدثت في المجال الثقافي و السياسي، تأثير كبير على العلاقات بين المرأة و الرجل و العلاقات الأسرية. و بعبارة أخرى، ظهرت لنا حقيقة أن ثورة المرأة يمكنها أن تشكل أساس الثورات السياسية والاجتماعية، كما أن الثورات السياسية والاجتماعية تمهد الطريق لثورة النساء يمهد الطريق لثورة المرأة في الثورات السياسية والاجتماعية؛ تربطها علاقة قوية مع بعضها البعض.

هناك أيضاً تغييرات إيجابية في الرجل نفسه. لقد قاموا بثورة مع النساء وحاولوا تنظيم مجتمع حر، أرى أن هذا تطور إيجابي؛ عندما نقول ذلك، لا يعني البتة أننا انتهينا من الثورة وفعلنا كل ما نحتاج إليه من أجل الحرية، لأن الحرية شيء يجب تطويرها وتعزيزها وتنظيمها يوماً بعد يوم. ومع ذلك، فإن المكاسب التي تحققت لا يمكن استصغارها، ونحن النساء يتوجب علينا حماية الثورة ومكتسباتها.

لقد رأينا بأعيننا مدى تراجع مكتسبات المرأة في المناطق المحتلة لقرون ماضية... تمت العودة إلى ما تعرف بعصور الظلام في تاريخ البشرية، حيث تم تغطية رأس المرأة و إغلاق دماغها و خنق النساء وإغراقهم إضافة إلى دفنهم أحياء، تظهر الأحداث في عفرين وكري سبي وسري كانيه هذه الحقائق. يمكننا القول أن داعش وشركائها يستهدفنَّ حرية المرأة أكثر من غيرها. يمكننا القول أن النساء تمكنت من الانتقام من النظام الوحشي والظالم من خلل تحقيق ثورة المرأة.

نحن ننتظم يوماً بعد يوم

خلال السنوات القصيرة، تكون إرث عظيم لجميع النساء في العالم. كما أن ثورة المرأة في روج آفا لم تبدأ عام 2011، لأن المرأة الكردية لها تاريخي نضالي يمتد لأكثر من 30-40 سنة، فقط الظروف الموضوعية والذاتية أدت إلى ظهورها أكثر واقعية، وتم إعداد الظروف المناسبة لتكون أكثر قوة وتأثيراً؛ كما ساهمت المكاسب التي تحققت خلال هذه السنوات، بشكل كبير في تطور الجانب الفكري وعلم المرأة وتنمية المجتمع الحر في الحركات النسوية حول العالم. في الوقت نفسه، حدث تحول وتغيير كبير في إدراك الرجل.

مثلما قامت ثورة روج آفا بتحقيق التحول الديمقراطي في النظام السياسي، كذلك حققت التحول الديمقراطي في ذهنية الرجل من خلال ثورة المرأة. وبعبارة أخرى، يمكننا القول أن ثورة 19 تموز كانت ضد المرأة العبدة والرجل المتسلط. وقد مكّن ذلك من تحقيق تغيير وتحول كبير في مجتمعنا. كانت ثورة 19 تموز، ميلاد جديد بالنسبة للنساء وطريقة حياة جديدة، لم تعد النساء محكوم عليهن بالالتزام بالمنازل والتبعية للرجال، بل سنحت لهن فرصة حياة بديلة. هناك جوانب يمكن للمرأة أن تلعب فيها دوراً، كما رأينا في روج آفا كردستان، اتخذ خطوات تاريخية وكبيرة للنساء في شمال وشرق سوريا وحول العالم، وحدثت تطورات عديدة في الحركات النسائية وحدثت قفزات كبيرة بقيادة وحدات حماية المرأة (YPJ) ومؤتمر ستار.

في شمال وشرق سوريا، يوجد مجلس نسائي، حيث يضم جميع الحركات النسائية؛ كما تأسس مجلس المرأة السورية، وهذا يعني أن المنظمات النسائية في ظل الثورة، تغدو أقوى وأكبر، ولأجل ديمومة ثورة المرأة، على جميع النساء الدفاع عن مكاسب الثورة وحمايتها، كما تحتاج المرأة إلى تعزيز وتنمية تنظيمها ومنظمتها، لأن الثورة النسائية في مواجهة تهديدات كبيرة؛ جميعنا شهدنا الهجمات التي تعرضت لها الشهيدة هفرين، والأم عقيدة، بارين، أفيستا، زهرة، هبون والأم أمينة؛ كما نشهد هجمات يومية تتعرض النساء من قبل القوى المعادية للثورة والتي لا تريد أن تحدث هذه التغييرات. لهذا السبب، يتعين علينا نحن النساء العمل والدفاع ليلاً ونهاراً لجعل التغييرات والتحولات من أجل الحرية دائمة، وفي هذه المسألة يقع الدور الأكبر على عاتق النساء.

بعد هزيمة داعش، هاجمت الدولة التركية المنطقة واحتلت بعض الأماكن. ولا تزال هجمات الاحتلال مستمرة. ما الذي يمكن فعله للدفاع عن المكاسب والانجازات التي تحققت بتضحيات جسام لشعوب شمال وشرق سوريا، وضمان ديمومتها؟ ما هي رسالتكم حول ذلك؟

كما ذكرنا، كانت هناك تغييرات وتحولات كبيرة خلال السنوات العشر الماضية؛ كما تم تحقيق إنجازات ونجاحات كبيرة ولكن الحرب لا تزال مستمرة في سوريا، وهناك مخاطر كبيرة تتهدد ثورة 19 تموز، حيث هناك قوى معارضة عديدة للثورة لا تريد لها أن تتطور وتصبح دائمة،  هذه القوى المعادية تسعى إلى خنق هذه الثورة على الدوام؛ ونحن سكان شمال شورق سوريا وبالأخص الشعب الكردي، علينا أن ندرك قيمة هذه الثورة جيداً وأن نلتف حولها، توضح لنا الأوضاع في طرابلس وإدلب وعفرين وكري سبي وسري كانيه جيداً، أن العدو لا يريد الأخوة بين الشعوب ولا يريد الاستقرار والنظام الديمقراطي في المنطقة.

بل ينصب اهتمامهم على إغراقنا في التناحرات القومية والدينية والطائفية وبذلك تحويل هذا المكان إلى حمام دم، حماية لمصالحها وبالأخص الدولة التركية التي تأتي على رأس القوى الدولية التي تسعى إلى ذلك، حيث يمكنهم التضحية بجميع الشعوب من أجل مصالحها. لا بد لنا أن نحمي وحدتنا وتضامننا كشعب في جميع تحت كافة الشروط والظروف. يوماً بعد يوم يظهر لنا أهمية استراتيجية الأمة الديمقراطية والدعوة إلى أخوة الشعوب وتنظيمها خوة الشعوب وتنظيمها تعزيز الصفوف.

مرة أخرى نقول أن الدفاع عن النفس (الدفاع المشروع) ضروري أيضاً في المرحلة التي نعيشها؛ لذلك فالهروب من الحرب أو التوجه نحو اتجاهات مختلفة لن يجلب الحل، المهم هو توحيد قوتنا وطاقتنا معا وحماية إنجازاتنا من خلال توحيد الأفكار والتعايش المشترك.

الحفاظ على التعايش المشترك ضرورة حياتية

بمناسبة ذكرى ثورة 19 تموز، الإشارة إلى أن مبادرة الوحدة الكردية هي خطوة مهمة كذلك من ناحية حماية منجزات الثورة وجعلها دائمة، كما أن الوحدة التي تتأسس من منظور الأمة الديمقراطية تضم مكونات وشعوب متنوعة، والحفاظ على هذا التنوع مهم جداً، كلما حافظنا على وحدتنا وتضامننا، كلما قمنا بحماية حريتنا. إن حريتنا و تضامننا مترابطان ببعضهما البعض.

إن الموقف المجزأ يجلب الضعف، وفي الوقت نفسه، يعني أننا نجعل أنفسنا عرضة للتدخلات الخارجية، لكننا إذا اتحدنا، فلن تكون هناك مخاطر ولن تتزايد التهديدات وسيزول خطر الاحتلال، من خلال يمكننا الدفاع عن وحدة سوريا وتحقيق التحول الديمقراطية في سوريا؛ بوحدتنا سنتمكن من ضمان حقوق شعبنا وجعل مكتسبات ومنجزات ثورة 19 تموز (ثورة روج آفا) دائمة.

لذلك، علينا حماية بعضنا البعض سياسياً وعسكرياً واجتماعياً وفي كل مجال من مجالات الحياة. يجب أن نقدر قيمة أيام الحرية هذه، وعلينا أن نسعى جاهدين معاً لجعل هذه الأيام، تجلب لسوريا بأكملها نظاماً ديمقراطياً.

هي الحل لأزمات سوريا

كما قلنا سابقاً، بأن الثورة بدأت في درعا ولكنها أنتجت ثمارها في كوباني وقامشلو ومنبج والرقة ودير الزور. كما اصبحت ثورة روج آفا في 19 تموز ضمانة للتحول الديمقراطي في سوريا. يجب على جميع السوريين حماية نظام الإدارة الذاتية الديمقراطية، لأنه طريق الخلاص وحل لجميع مشاكل سوريا؛ إن الأمة الديمقراطية هي الحل ليس فقط لشمال سوريا وشرقها، بل لكل سوريا، وكلما تم الدفاع عن هذه الثورة، سيتم الدفاع عن مستقبل سوريا ووحدتها، سيكون أكثر دقة إذا تحرك الجميع بهذا الفكر.

على هذا الأساس، بمناسبة ذكرى ثورة روج آفا، أهنئ جميع أبناء الشعب الكردي في الأجزاء الأربعة كم كردستان وشعوب سوريا وجميع الأحرار، كما أهنئ جميع أسر الشهداء في الوقت الذي أنحني فيه إجلالاً وإكباراً لجميع شهداء الثورة، وأكرر عهدي لهم مرة أخرى؛ نعم بتكاتفنا ومقاومتنا حققنا العديد من المعجزات والأمور التي لم يكن البعض يتوقعها، يمكن لوحدة الشعوب وحرية المرأة والقوة الديمقراطية التغلب على جميع العقبات. وعلى هذا الأساس نبارك ثورة 19 تموز لجميع الشعوب.