فورين بوليسي: الحكومة السوريّة والأمم المتّحدة تمنعان دخول المساعدات إلى شمال وشرق سوريا

أكدت مجلّة "فورين بوليسي" أن المنظمات الدولية قطعت مع الحكومة السورية المساعدات عن الناس الأكثر فقراً وحاجةً في شمال وشرق سورية أثناء أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19).

وأشارت إلى أنه وبضغط من روسيا، الحليف الرئيسي للرئيس السوري بشار الأسد، تم إصدار تعليمات إلى وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة بوقف تمويل البرنامج الإغاثي عبر الحدود العراقية إلى شمال وشرق سوريا، مما وجه ضربة للجهود الدولية للاستجابة لتفشي كورونا، ووفقًا لمصادر دبلوماسية وإغاثية وتوجيهات سرية من الأمم المتحدة.

وأكد تقرير صدر مؤخراً عن المجلة بأن "الأمم المتحدة أبلغت وكالات الإغاثة التابعة لها قبل عدة أسابيع أنه لم يُسمح لها بتمويل جمعيات خيرية خاصة تعمل في شمال وشرق سوريا إلا إذا كانت مسجلة في دمشق وأُذن لها بالعمل هناك من قبل الحكومة السورية التي أثبتت عدم رغبتها أو عدم قدرتها على تلبية الاحتياجات الصحية للمنطقة".

وهذا يعطي الحكومة السورية، حق النقض (الفيتو) على مساعدة شمال وشرق سوريا لاستخدامها كسلاح ضد سكان المنطقة، وكذلك تعاونت تركيا وروسيا في هذا الجهد، حيث حرمت تركيا المياه عن 460000 شخص في شمال وشرق سوريا.

ويشير التقرير إلى أن الدكتاتوريات والأنظمة التي تنتهك حقوق الإنسان هي التي تسيطر على المساعدات الدولية، حيث توجه تلك الانظمة المساعدات عبر الجمعيات الخيرية المرتبطة بها وتستخدمها لتمكين الموالين لها فقط وتهميش الآخرين.

كما توقفت منظمة الصحة العالمية عن دعم شمال وشرق سوريا، وهي منطقة يقطن فيها الملايين من الناس كانوا يعانون من فظائع داعش، وتعمل منظمة الصحة العالمية مع الحكومة السورية فقط بدلاً من توفير وصول متساوٍ للمساعدات على الأرض السورية المقسمة بسبب النزاع.

ويقول التقرير "اتضح الآن أن الناس في شمال وشرق سوريا يُعزلون بشكل متزايد من قبل القوى العظمى التي تريد منهم التوقف عن العمل مع الولايات المتحدة وإما أن يكونوا تحت سيطرة تركيا أو نظام الأسد المدعوم من روسيا".

ويشير التقرير إلى أن مجلس الأمن الدولي "الذي عمل تحت ضغط من روسيا، على إغلاق مركز مساعدات إنسانية بتفويض من الأمم المتحدة في 10 كانون الثاني/يناير عند معبر اليعربية «تل كوجر» على الحدود السورية - العراقية، وهذا ما حرم الأمم المتحدة من تفويض قانوني صريح للعمل في تلك المنطقة".

وتقول المجلة: "إن روسيا وإيران وتركيا يريدون أن تغادر الولايات المتحدة شرق سوريا لعدة أسباب:

يريد النظام السوري أن يتم حل قوات سوريا الديمقراطية وأن تصبح جزءًا من قوات النظام السوري، وتريد روسيا وإيران من الولايات المتحدة مغادرة شرق سوريا، وتريد تركيا التي تعمل بشكل وثيق مع روسيا وإيران، أن تغادر قوات سوريا الديمقراطية المنطقة حيث غزت تركيا جزءًا من شرق سوريا العام الماضي، وأرسلت مجموعات متطرفة لمهاجمة المدنيين".

وبحسب المجلة الأمريكية "جعل وباء كورونا الأمور أكثر سوءاً، عبر محاولات يائسة  للحصول على الدعم الطبي، حيث اشتكت السلطات في شمال وشرق سورية من أن منظمة الصحة العالمية لم تبلغهم عن الرجل المصاب بكورونا في قامشلو، وبحسب ما ورد أبلغت منظمة الصحة العالمية مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) ولكن الأمر استغرق أسبوعًا آخر لإبلاغ السلطات المحلية".

وفي 7 أيار/مايو، قطعت تركيا والمتطرفون الذين تدعمهم في شمال سوريا المياه عن 460000 شخص في شمال وشرق سوريا، وتتفق تركيا والحكومة السورية على محاولة فرض المعاناة على السكان المحليين وعزلهم والتأكد من عدم تلقيهم أي مساعدة.

وأكدت الفورين بوليسي إن الطريقة التي تعمل بها الأمم المتحدة تحرم الأشخاص غير الموالين للحكومة السوري من تلقي أي مساعدة في سوريا، وعلى سبيل المثال أرسل برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة مساعدات مدعومة من الأمم المتحدة إلى المدينة التي تديرها الحكومة السورية قبالة دير الزور عندما كانت تحت حصار داعش بين عامي 2015 و 2017، عبر إسقاط تلك المساعدات جواً، وفقًا لموقعها على الانترنت، ومع ذلك، لم تفعل الأمم المتحدة ذلك مع سكان شمال وشرق سورية في الرقة أو قامشلو أو كوباني أو إدلب، أو في مخيمات اللاجئين أو المناطق خارج سيطرة الحكومة السورية.

ويشير تقرير الفورين بوليسي إلى أن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية طلب بالفعل من مكتب الأمم المتحدة للشؤون القانونية أن ينظر في شرعية توفير الإغاثة للأشخاص الذين لا ترغب الحكومة السورية في إغاثتهم.

وخلص الخبراء إلى أن "الأمم المتحدة يمكنها فقط تمويل الوكالات المسجلة والموافقة عليها من قبل الحكومة السورية"، وهذا يعني أن الحكومة السورية يمكنها أن تقرر من الذي يحصل على المساعدة، ويمكنها التمييز ضد من لا تحبهم، بما في ذلك لأسباب سياسية أو عرقية ودينية.

ويبدو أن هذا يتعارض مع كل الكلام الذي تنشره الأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة لحقوق الإنسان بخصوص الحصول على الرعاية الصحية.

وأوقفت الحكومة السورية المساعدات الموجهة إلى شمال وشرق سوريا واشترطت لإرسالها على أن تذهب فقط إلى المناطق التي تريدها، وتريد الحكومة قطع المساعدات لعزل المناطق في شرق سوريا لإحضارها إلى طاولة المفاوضات.

وحاول التحالف الأمريكي المناهض لتنظيم داعش بقيادة واشنطن أن يفعل ما بوسعه للمساعدة في شمال وشرق سوريا، وأن تساعدهم في جهود تحقيق الاستقرار بعد مرحلة داعش، تم تقديم بعض الدعم المحدود يخص توليد الكهرباء، ولو كانت مدينة الرقة والمدن الأخرى التي كانت تعاني في السابق تحت حكم داعش، تنتظر الأمم المتحدة لكانت ستظل في الظلام.

ANHA