الهلال الأحمر الكردي.. خدمات رغم الصعوبات والمعاناة في التعامل مع المنظّمات الأمميّة

يقوم الهلال الأحمر الكردي بالعمل في المجال الإنساني بعموم مناطق شمال وشرق سوريا, في ظلّ "الحاجة الماسّة" للعمل الإغاثي نظراً لوجود "تقصير" من المنظّمات الإنسانيّة التابعة للأمم المتّحدة بخصوص تلك المناطق, وفقاً لإداريّين في الهلال.

وقالت الرئيسة المشتركة للهلال الأحمر الكردي, جميلة حمي, في حديث خاص لوكالة فرات للأنباء ( ANF) إنّ قكرة تأسيس هذه المنظّمة الإنسانيّة "كانت هامّة جدّاً" حيث كان لها دور كبير في الأحداث على الأرض "في ظلّ تراجع وغياب الخدمات الطبّية والرعاية الصّحية والحصار الذي فُرض على مناطق روج آفا في الكثير من الأوقات".

"في البداية ومنذ بداية المعارك في مدينة سرى كانية, كانت الإمكانيات معدومة لدرجة أنّ الكثير من العمليات الجراحية كانت دون تخدير عام. إسعاف المدنيين كان بالسيّارات المدنية. الصعوبات كانت كبيرة في البداية إلى أن اثبت الهلال الأحمر وجودة ميدانياً من خلال التواجد في الأماكن الخطيرة وتقديم المساعدة اللازمة للمدنيين والجرحى من كل الأطراف دون تمييز".

وبخصوص عمل الهلال الأحمر الكردي في مخيّمات منطقة الشهباء, حيث يتواجد النازحون العفرينيّون الذين هجّروا من أرضهم قسراً إبّان دخول جيش الاحتلال التركي والفصائل الإرهابيّة الموالية له, أوضحت حمي أنّ للهلال 6 نقاط طبّية تعمل في الشهباء موزّعة على مخيّمات سردم, برخودان والعودة, إلى جانب نقاط أخرى في مناطق إحرص, تل رفعت وزيارة وهذه النقاط تمّ وضعها "من أجل تقديم الخدمات الصّحية لمهجّري مقاطعة عفرين منذ بداية الهجمات التركيّة على المقاطعة".

وأضافت حمي بالقول: "منذ بداية وصول أهالي عفرين إلى مناطق الشهباء, والتي تعتبر غير آمنة بشكل جيّد حيث تتواجد الألغام والمتفجّرات, كانت الأوضاع قاسية وسيّئة للغاية, مع ضعف الإمكانيات وقلة الكوادر الطّبية والأدوية والمساعدات الإنسانية. كذلك صعوبة معالجة المرضى وإرسالهم إلى مستشفيات مدينة حلب بسبب مضايقات من قبل النظام السوري. لكن مع مرور الأيّام وبفضل مجهود الإدارة الذاتية, تحسّنت الأوضاع نوعاً ما.

وإلى الأن نعاني من إرسال الأدوية والمساعدات إلى مخيّمات الشهباء بسبب مضايقات النظام السوري, فمنذ ستّة اشهر لم نتمكّن من إرسال كمّيات من الأدوية إلى تلك المخيّمات بسبب النظام. كذلك تنتشر بعض الأمراض المعدية في المخيّم وعليه قمنا بفتح مخيم عزل لهؤلاء المرضة حتى لا تنتقل العدوى إلى باقي القاطنين في المخيّم. 

"أعداد القاطنين في مخيّمات الشهباء في زيادة ونقصان لكن تقديراً يوجد نحو مئتي ألف شخص".

وأشارت جميلة حمي إلى "صعوبات" كانت تعترض عمل الهلال الأحمر الكردي "من أجل تحسين ظروف مهجّري عفرين", مستدركة أنّها ومن خلال زيارتها إلى مخيّمات الشهباء لامست "تحسّناً" في الأوضاع هناك, مضيفة "هناك حالة من الاستقرار, وتشكّلت مؤسّسات ضمن المخيّمات من أجل الخدمات والمساعدات. إلى جانب الخدمات الطبّية وبالتنسيق مع إدارة المخيم, نقدّم بعض الخدمات الأخرى, مثلاً إحدى المنظّمات كانت تعمل على وضع أجهزة تسخين الماء للمخيّم لكنّها لم تنهي المشروع فقامت منظّمتنا بإنهائه".

وعبّرت الرئيسة المشتركة للهلال الأحمر الكردي عن أسفها من عدم تلقّي المنظّمة ولا الإدارة الذاتية "الدعم الكافي" لمساعدة المهجّرين المقيمين في مخيّمات الشهباء "من الناحية النفسيّة, هناك حاجة إلى تقديم المزيد من المساعدات, فسوء الأوضاع الإنسانيّة في المخيّمات يؤثّر سلباً على العاملين فيها".

ونوّهت حمي إلى زيارتها ضمن وفد للهلال إلى ستّ دول أوروبيّة, حيث طرح الوفد ملفّ عفرين وقدّم لتلك الدول "وثائق عن الجرائم والانتهاكات" التي ترتكبها قوى الاحتلال بحقّ المدنيّين, إلى جانب ملفّ خاص بأعداد المهجّرين قسراً من بيوتهم وأراضيهم, موضحة أنّ الوفد لم يتلقّى استجابة "كافية" من تلك الدول.

"نحن كمنظمة نعمل على أن نكون صوت مهجري عفرين, وانتقدنا سياسات المنظّمات الدوليّة التي لا تراعي مبادئها الإنسانيّة وتعمل وفق سياسات تراعي مصالح بلدانها".

وتابعت بالقول "يوجد في مناطق شمال وشرق سوريا 13 مخيّماً, الهلال الأحمر الكردي يقدّم خدمات مختلفة لكلّ المخيّمات وأهمّها الخدمات الطبّية. لكن مع هذا نؤكّد أنّنا عاجزون عن تقديم افضل الخدمات لقاطني هذه المخيّمات. في الهول فقط يوجد نحو 65 ألف شخص بحاجة إلى الكثير من المساعدة وإلى اليوم لم نتلقّى أيّ دعم دولي يذكر. نحن ندعوا المنظّمات الدولية إلى تقديم الدعم بشكل عاجل لتأمين الرعاية الصّحية لكلّ النازحين واللاجئين لدينا".

من جانبها, أوضحت العضو في مكتب الحماية والدعم النفسي في الهلال الأحمر الكردي, ريم هويت أمّ لمكتبهم عدّة مشاريع يعملون عليها "منها مشاريع توعويّة ومشاريع حماية الطفل إلى جانب أخرى خاصّة بالمرأة".

وشرحت هويت, في حديثها لنا, تلك المشاريع ومنها "مساحات صديقة" الخاص بالأطفال في مخيّمات الهول, مبروكة, كرى سبي (تل أبيض) وعين عيسى, مشيرة إلى محاضرات للمرأة عن مرض سرطان الثدي في قامشلو وريفها و"حاليّاً لنا حملة بعنوان مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي على طلاب المرحلة الإعدادية في مدينة قامشلو وريفها. أيضاً لنا حملة عن النظافة الشخصية في قامشلو إلى جانب مشروع مناهضة العنف ضدّ المرأة في الرقة وريف دير الزور.

"يوجد في كلّ مستوصف تابع  للهلال الأحمر الكردي مستشار  من مكتب الدعم النفسي"

فيما أكّد عضو مكتب المراقبة والتقييم في الهلال الأحمر الكردي, سيبان خليل على أنّ المكتب "يركّز على حماية المستهلك أو المستفيد من خدمات الهلال", منوّهاً إلى وجود صناديق شكاوي في كلّ المراكز التابعة للمنظّمة و"تتمّ الاستجابة للشكاوي التي تردنا خلال مدّة أقصاها 15 يوماً".

"الهلال الأحمر الكردي عضو في نظام الإنذار المبكّر, حيث أنّ نقاطنا الطبّية متواجدة في عموم مناطق شمال وشرق سوريا. لهذا لنا دورنا في التبليغ عن أيّ من الأمراض المعدية بشكل فوري".

ولفت خليل في حديثه لوكالة فرات للأنباء ANF إلى أنّ معظم الشكاوي التي ترد إلى الهلال الأحمر الكردي هي عن نقص الأدوية في المراكز الصّحية, عدم توفّر أجهزة التصوير, مؤكّداً في الوقت ذاته أنّ "موجة النزوح الكبيرة التي يشهدها مخيّم الهول تحديداً, ستؤدّي إلى ظهور أوجه قصور بشكل أو بآخر في العامل, لكن بالرغم من ذلك, طاقم الهلال يبذل قصارى جهده بالتعاون مع فريق الطوارئ لتقديم الخدمات الممكنة والمتوفّرة لديهم".

بدوره, قال عضو مكتب الإعلام والتوثيق في الهلال الأحمر الكردي, أحمد ابراهيم أنّهم يعملون على متابعة مشاريع وأعمال الهلال في كلّ المخيّمات, المستشفيات والنقاط الطبّية في شمال وشرق سوريا, بالإضافة إلى توثيق أعداد المستفيدين من خدمات المنظّمة وتوثيق الحالات التي تصل من مناطق القتال.

"عدد المستفيدين من خدمات الهلال الأحمر الكردي في العام 2018 1220365 شخص في النقاط والمراكز الصحية في عموم مناطق شمال وشرق سوريا".

وذكر ابراهيم أنّ في فترة الهجمات التركية على عفرين "كان لنا دور كبير في توثيق الجرائم التي طالت المدنيين في عفرين من قبل تركيا والجماعات المرتزقة. هذه الوثائق نرسلها إلى العديد من المنظمات الدوليّة منها المرصد السوري لحقوق الإنسان".

وتابع ابراهيم بالقول: "في الحقيقة, كلّ الجهات والمنظّمات الدولية التي نقدّم لهم وثائقنا تتعامل وفق مصالح وسياسات الدولة التي تتبع لها. لهذا لاقينا فتوراً في التعامل بشكل جدّي مع هذه الوثائق, كما قلنا ما حصل في عفرين من جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية لم تلقى صدى واسعاً لدى الجهات والمنظّمات الحقوقية الدولية, والسبب هو تخوّف وانحياز تلك الجهات. أكثر الجهات التي تتواصل معنا هي المرصد السوري لحقوق الإنسان, لكنّ باقي الجهات الأخرى تمتنع عن الأخذ بهذه الوثائق".