الشهباء: المواطن سيدو يتحدى الصعوبات عبر مهنة الحدادة ويُغَيّر ظروف التهجير القسري

رغم مشقة الحياة والظروف القاسية، التي فرضت على أهالي عفرين نتيجة الاحتلال التركي، اختار أحد المواطنين التغلب على تلك الظروف عبر مهنته (الحدادة) مستفيداً من الخردوات وحديد النفايات.

قال المواطن العفريني موسى سيدو: "نتيجة الهجرة القسرية من عفرين صوب مناطق الشهباء فكرنا أنا وعدد من أصدقائي أن نمارس مهنتنا في مجال الحدادة، ولذلك الهدف عملنا بحسب الإمكانيات البسيطة وقمنا بجمع الحديد والخردة القديمة والتي يمكننا الاستفادة منها وعملنا بها.

وأوضح الحداد موسى سيدو في حديثه لوكالة فرات للأنباءANF، حول عمله في مهنة الحدادة: "في بداية عملي في مهنتي الحدادة كان لدي محلاً في حلب ومن ثم انتقلت للعمل في تركيا.

سمعت أن عفرين تتقدم وتتطور وأشار سيدو إلى أنه بقي في تركيا لمدة ثلاثة سنوات، مضيفاً: "بالطبع عندما كنت في تركيا سمعت ورأيت كيف أصبحت تزدهر وتتطور عفرين لذلك عدت إلى وطني وبلدتي عفرين وقمت بافتتاح دكان للبدء بالعمل من جديد، وكانت الأشياء كثيرة ورخيصة في عفرين وكنا نعمل في مهنتنا وكل شيء على مايرام".

واستطرد: "العدو رأى بأن الوضع أصبح مستقراً وتطورت في كل نواحي الحياة الأمر الذي سبب لهم الذعر، والعالم بأكمله يعلم كيف قامت المرتزقة بمحاصرتنا وشن هجماتهم على عفرين وقاموا بإدخال المجموعات المرتزقة إلى داخل عفرين وأجبرونا على الخروج منها"

دكان للحدادة لمواجهة النقص في خزانات المياه وأشار سيدو إلى أنه بعد الهجرة من عفرين صوب مناطق الشهباء، قائلا: أتيت إلى هنا واقمت بجانب مكان عملي، في بداية هجرتنا فعندما كنا ننظر إلى الأهالي وموجات الهجرة ولدت لدي رغبة بافتتاح محل للحدادة نظراً لما شعرت به من نقص في المستلزمات وحاجات الناس لخزانات المياه وتصليحها بشكل مستمر، حيث كانت المنطقة عبارة عن مكان مهجور، لكن الأهالي اعتمدوا على أنفسهم وأدخلو بعض القطع من القماش والخشب بثقوب خزانات المياه منعاً لتسرب المياه بهدف استعمالها مؤقتاً، لأن جميع الخزانات كانت مثقوبة، وأيضاً كانوا يبقون بلا مياه، ولهذا السبب أردت أن افتح محلاً للحدادة هنا في الشهباء.

بدأت العمل بإمكانيات بسيطة وأوضح سيدو: بدأنا العمل بالإمكانيات البسيطة المتوفرة وبعد فترة رأينا بأن العمل يزداد هنا والأهالي بحاجة للعمل، وفي البداية كان يعمل معي عاملان فقط والآن وصل عدد العاملين هنا إلى عشرين عاملاً وإن سنحت لنا الفرصة سنقوم بزيادة العمال على حسب العمل والحاجة لأن العمل يزداد، لأنه عندما جئنا إلى مناطق الشهباء كانت منطقة مهجورة ومدمرة، وعلى سبيل المثال أي منزل تدخله يلزمه مفتاح أو يوجد شيء مكسور ويلزمه خزان للمياه ويحتاج التصليح والتجديد، ومع الوقت تقدم عملنا وتطور بشكل أكبر.

وتابع سيدو حديثه: عندما نقوم بصنع الأشياء نقوم بشراء الحديد من مدينة حلب وحتى وصوله إلى هنا تصبح التكلفة أكبى، فمثلاً إن كان أحد ما بحاجة لطاولة يجب أن يعمل لمدة شهر كامل كي يجمع ثمن هذه الطاولة وهذا إن كان لديه عمل يكسب منه لقمة عيشه، فرأينا بأن الأشياء هنا باهظة الثمن فعملنا بمبادرة من أنفسنا كي تكون تكلفة هذه الأشياء زهيدة الثمن.

وأشار سيدو إلى أنه بدأ العمل كخطوة اولى باستخدام البراميل، موضحا "كنا أينما رأيناها نأخذها لنصنع منها الأشياء الأكثر احتياجاً لدى الأهالي، فالطاولات التي نقوم بصنعها هي من البراميل أيضا نصنع من البراميل الكراسي وسلات القمامة وهزازات الأطفال أيضاً ونصنع منها مدافئ المازوت وقمنا بتجربتها وأصبحت أفضل من الجاهز، ويأتي الأهالي إلينا باستمرار ويطلبون أن نصنع لهم أشياء مثل الطاولات والكراسي والمقاعد فنقول لهم أحضروا لنا البراميل لنصنع ما تريدونه ونقوم بتلبية مطالبكم".

ولفت إلى أنه صنّع حتى موقد الغاز، الذي يطهى عليه الطعام، نظراً للظروف الصعبة التي يواجهها الأهالي في الشهباء.

وقال: في المستقبل إن عدنا إلى عفرين سنقوم بصنع أشياء أفضل من هذه لأن العمل سيكون بإمكانيات أكبر، ونحن على أمل العودة إلى عفرين في الوقت القادم.

وأوضح سيدو بأن مهنة الحدادة له مجالات واسعة وكبيرة، وهذا يعتمد على خبرة وإتقان الحداد لمهنته، فإن عمل بها الإنسان سيستفيد منها كثيراً، مثلا الأبواب والنوافذ والأشياء التي قمنا بصناعتها هنا، فعندما ننظر إلى عمل ومجال الحدادة نرى بأنه الأساس في العالم بأكمله، وبذلك نرى أنه بدون عمل الحدادة قد نواجه صعوبة في الحياة، لأنه يحمي من برد الشتاء وأيضاً من حر الصيف، والعمل هنا في مجال الحدادة يسير بشكل جيد.

وأنهى الحداد موسى سيدو حديثه عن الادوات التي صنعها وقال: "يعمل هنا مايقارب عشرين شخصاً ومسألة أسطوانات الغاز وغلاء الأسعار أمر معروف في سوريا ووصول سعر جرة الغاز إلى خمسة عشر ألفاً ناهيك عن مسألة إن كان متوفراً أم لا، فقمنا بمبادرة منا وصنعنا خزان صغير يسخن فيه الماء بواسطة الكهرباء".