كوباني لم تسقط بل أسقطت قوى الاحتلال والوحشية

انتهت وحشية داعش في قلعة المقاومة في كوباني، وقُضي على أخطر المرتزقة بإرادة الأبطال، وحُررت هذه الأرض بفضل أبناء هذا الشعب، وآثار الأبطال المتواجدة في كل شارع من شوارع كوباني.

في مدينة صغيرة، ومع انعدام أقل الفرص، وفي الجو البارد والقارس، اجتمع المقاتلون المقاومون و تمركزوا في قلب كوباني، ووصلوا إلى كوباني من الأجزاء الأربعة لكردستان، وكانوا يعلمون بأن الكرد ليسوا أولئك الناس الذين يستسلمون ويخنعون أمام العدو، ونقشوا في قلعة المقاومة كوباني خريطة النضال والبطولة في صفحات التاريخ.  

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها الكرد لهجوم وحشي كهذا، بل فُرضت الإبادة الجماعية على الكرد لمئات السنين، لكن لم يتم إبادتهم أبداً، فالشعب الكردي كان يقاوم دائماً، لكن التاريخ كان يغض الطرف عن الكرد، فالهجوم كان في هذه المرة من أجل الإبادة والنهب وهزيمة إرادة بنات وأبناء الشعب الكردي، لكن لم يكن يعلموا بأن هؤلاء لن ينحنوا ويستسلموا أمامهم، وأن الكرد سوف يكتبون التاريخ في كوباني.

كان رئيس جمهورية الدولة التركية، رجب طيب أردوغان، يقول "كوباني على وشك السقوط، وستسقط"، لكن مع مقاومة تلاميذ القائد عبدالله أوجلان لم تسقط وأظهروا بأنها لن تسقط أبداً.

ففي 26 كانون الثاني 2015، زفت وحدات حماية الشعب (YPG) ووحدات حماية المرأة (YPJ) بشارة تحرير كوباني، ولقد أصبحت هذه البشارة بمثابة الشرارة لهزيمة وحشية داعش، الذي كان يزعم قائلاً "سنبني دولة إسلامية".

بعد أن اُحتلت مساحات واسعة من أراضي سوريا والعراق من قِبل داعش، أصبحت كوباني المكان الأول لهزيمة داعش، وأصبحت كوباني مع مقاومة وحدات حماية الشعب (YPG) ووحدات حماية المرأة (YPJ) رمز المقاومة وتردد صداها في جميع أرجاء العالم.

متى وكيف تم تأسيس داعش؟

بحسب بعض المصادر والوثائق، فقد تأسس تنظيم مرتزقة داعش في العراق عام 2003 على يد أبو مصعب الزرقاوي تحت اسم 'جماعة التوحيد والجهاد'، وفي العام 2004، ضم إلى صفوفه القوى الأخرى للمرتزقة، وأطلق على نفسه 'تنظيم القاعدة والجهاد في بلاد الرافدين'، وفي العام 2006، أضاف بعض القوى الأخرى للمرتزقة ضمن صفوفه وغيّر اسمه إلى 'مجلس شورى المجاهدين'، وفي 12 تشرين الأول 2006، أطلق على نفسه اسم 'الدولة الإسلامية في العراق'، وبعد مهاجمته لسوريا في 8 آيار 2013، غيّر اسمه وأصبح 'الدولة الإسلامية في العراق والشام' (داعش).   

احتل تنظيم داعش في الفترة الممتدة بين عامي 2014 و2019 مساحة واسعة من الأراضي السورية والعراقية، وفي تلك الفترة، احتل مرتزقة داعش الذين قدموا من دول مختلفة أكبر المدن العراقية والسورية، مثل الرقة وديرالزور وتكريت والفلوجة والموصل.

لماذا كوباني؟

كانت أعين المتوحشين ترصد كل المدن الكردية، وكان اهتمامهم منصباً بشكل خاص على مدينة كوباني، المدينة التي عبر منها القائد عبد الله أوجلان لأول مرة إلى سوريا، وهي المدينة التي اشتعلت فيها شرارة ثورة 19 تموز.

لقد جعل مرتزقة داعش من احتلال كوباني هدفهم المنشود، وقالوا "سنؤدي صلاة العيد في كوباني"، لكن لم يتحقق هدفهم، لم يكن يعلموا بأن كوباني ستقف في مواجهتم، وأن كوباني هي الخطوة الأولى لمقاومة الشعوب، لقد أرادوا أن يقضوا على ثورة الشعب التي انطلقت من كوباني، لكن لم يعلموا بأن كوباني ستصبح الألم النازف في قلوبهم.      

لقد كانت كوباني من الناحية الجغرافية مكاناً استراتيجياً، كانت حلقة الوصل بين مقاطعتي عفرين والجزيرة، وقد أراد داعش احتلال كوباني لقطع هذه العلاقة، وأيضاً من أجل الوصول إلى حدود غرب وشمال كردستان، لهذا السبب، أراد في البداية إغلاق البوابة الحدودية والفصل بين أهالي شمال وغرب كردستان، وثبت من خلال العديد من الوثائق أن الدولة التركية دعمت داعش بقوة في هذا الموضوع.

بدأ مرتزقة داعش في ليلة 15 أيلول بشن هجماته على كوباني، وهاجموا كوباني بالأسلحة الثقيلة من الأطراف الغربية والجنوبية والشرقية، وبدأ الهجوم في قرية تليك غرب كوباني، وبالمقابل، قام مقاتلو وحدات حماية الشعب ومقاتلات وحدات حماية المرأة بالعديد من العمليات الفدائية في هذا المكان، من أجل منع وصول مرتزقة داعش إلى مركز مدينة كوباني، ومثل الملحمة البطولية في 16 أيلول في مدرسة سرزوري، ومثل تلة دولي وقريتي كلميته وكوركه، ومثل مشتنور، التي خلقت فيها أرين الأسطورة بجسدها، وأصبحت أسطورة.

ووصل مرتزقة داعش في 5 تشرين الأول إلى مدينة مدينة كوباني، لكن ، كانت وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة قد وعدت بإرادتها وتصميمها بعدم التخلي عن أرضها، وشن مرتزقة داعش الهجوم بكل أنواع الأسلحة الثقيلة والدبابات والمدافع، في حين كان مقاتلو وحدات حماية الشعب ومقاتلات وحدات حماية المرأة يتسلحون فقط بسلاحهم، حيث سطروا بالأسلحة الخفيفة مقاومة فريدة لا نظير لها خلال 134 يوماً من المقاومة.

وكان رئيس جمهورية الدولة التركية رجب طيب أردوغان يقول، "كوباني على وشك السقوط، وستسقط"، لم يكن يعلم بأن تلامذة القائد عبدالله أوجلان كانوا قد أقسموا بالأرض والمقاومة، وأن هذا التصميم و زغاريد المرأة المقاومة والإرادة القوية للمقاتلين حالت دون تحقيق داعش لأهدافه وأمل الدولة التركية في ذلك.   

كوباني لم تسقط، بل أسقطت قوى الاحتلال والوحشية

تعرضت مدينة كوباني للتدمير بنسبة 70% نتيجة الهجمات، وأصبحت كوباني رمزاً للمقاومة من خلال القسم والعهد اللذان أقسما بهما وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة، فهذه المدينة بمساحتها الصغيرة، والتي أوقفت وحشية تنظيم داعش، أصبحت مثالاً للعالم أجمع، إن الوحشية التي كانت تعُرف بقطع الرؤوس والاغتصاب اندحرت في مواجهة مقاومة وإرادة وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة، وبعد 134 يوماً من المقاومة تم زف بشارة تحرير كوباني في الساعة الثالثة إلا عشر دقائق، يوم 26 كانون الثاني 2016، وقال مقاتلو وحدات الشعب ومقاتلات وحدات حماية المرأة "لم تسقط كوباني وسوف لن تسقط".      

أصبحت كوباني البداية، وفيما بعد تحررت المدن والبلدات والقرى السورية بشكل تدريجي، حيث تم تطهير مدن منبج والرقة والطبقة بشكل متتالي، ومحاصرة داعش في بقعة جغرافية صغيرة في الباغوز، واستسلم 3 آلاف مرتزق من مرتزقة داعش أنفسهم لقوات سوريا الديمقراطية (قسد).

وانتهت وحشية تنظيم داعش على الأراضي المحررة، وهزيمة أخطر عناصر المرتزقة بإرادة الأبطال، وتحررت هذه الأرض بفضل أبناء هذا الشعب، وهنالك في شارع من شوارع كوباني آثار وبصمات للأبطال.

فالدولة التركية، التي تُعرف على أنها أكبر داعم لتنظيم داعش، لم تستطع ضبط نفسها أمام هزيمة داعش والقبول بها، لذلك، فهي تشن الهجمات منذ العام 2015 وما بعد، على مناطق شمال وشرق سوريا.