ناشونال إنترست: النووي التركي يزعج جيران أنقرة وحلفائها

أزعج حديث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن القنبلة النووية التركية، العديد من حلفاء تركيا وجيرانها.

قالت مجلة ناشونال إنترست الأمريكية إن الحديث الذي أطلقه  الرئيس التركي طيب رجب أردوغان، وتلميحه بأنه أصبح مهتماً بالحصول على الأسلحة النووية أزعج العديد من حلفاء تركيا وجيرانها.

وقال أردوغان، الأربعاء،: "إن العديد من الدول تمتلك صواريخ تحمل رؤوساً نووية، ليست واحدة ولا اثنتين. لكنا لا نستطيع الحصول عليها. وهذا الأمر لا يمكن أن أقبله، وليست هناك أي دولة متطورة في العالم ليست لديها أسلحة نووية".

ونقلت الصحيفة عن جوزيف سيرينسيوني، من مؤسسة سنتر فور أميركا بروغريس، قوله إن تركيا تستطيع صنع سلاح نووي إذا أرادت ذلك، لكنه سيستغرق عقوداً عدة، ولن يتم بين عشية وضحاها.

وصرح مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية، للمجلة: "نحن مدركون لهذه الأخبار، وتركيا طرف في معاهدة الحد من التسلح النووي، ولديها اتفاق الضمانات الشاملة مع وكالة الطاقة النووية، وهي قبلت الالتزام بعدم امتلاك السلاح النووي، وأن تلتزم بضمانات جميع النشاطات النووية السلمية. ونحن نولي اهتماماً كبيراً لاستمرار تركيا في الالتزام بهذه الالتزامات".

ووقعت جميع دول العالم، باستثناء الهند وإسرائيل وكوريا الشمالية، وباكستان، وجنوب السودان على اتفاقية الحد من الأسلحة النووية عام 1968.

واهتمت المجلة بموقف أرمينيا المجاورة لتركيا، مُشيراً إلى أنها لم تبد اهتماماً في حين أن اللجنة الوطنية الأرمينية في أميركا، وهي منظمة للأرمن في الشتات، تشكلت قبل تأسيس جمهورية أرمينيا المعاصرة، كان لها تعليق ضد أردوغان.
وقال المدير التنفيذي للجنة، أرام هامباريان: "تمتلك تاريخاً طويلاً في التعامل مع العدوان التركي، وكذلك في الإساءة لمواطني أرمينيا وتراثها ضمن تركيا، وبناء عليه فإننا نسمع دائماً عن أسلحة جديدة تنضاف إلى الترسانة التركية، التي كانت مصدر قلق شديد بالنسبة للأرمن في شتى أنحاء العالم".

ويعتقد مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط، سونير جاغابتي، أن تعليقات أردوغان كانت مدفوعة بإحساس عام بأن هذا النظام العالمي الأحادي القطب الذي تفرضه الولايات المتحدة بدأ يتهاوى، وهي وجهة نظر يعتنقها العديد من المسؤولين في حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، بما فيهم أردوغان نفسه.
وقال جاغابتي: يبدو أن المسألة لا تتعدى الكلام في الوقت الحالي، وهي مؤشر إلى سياسة الغموض الجارية، نظراً إلى الشعور بأن النظام العالمي (ينهار)، وتركيا ربما تريد أن تثبت في هذه المنطقة أنه إذا أرادت أن تصبح دولة نووية فيمكنها ذلك. وكانت تركيا حازمة جداً في تعاملها مع اليونان وقبرص اليونانية في البحر المتوسط. وأعتقد أن ذلك جزء من سياسة أردوغان في إرسال الرسائل إلى اليونان.

وادعى جاغابتي أن اليونان تحاول تغيير توازن القوى عن طريق التحالف مع إسرائيل، الدولة النووية الوحيدة في المنطقة، إذ تعتقد الولايات المتحدة أن إسرائيل صنعت نحو 200 رأس نووي سراً. ولكن السفارة الإسرائيلية لم تعلق بشيء.

وقال السكرتير الأمني في السفارة اليونانية، أريس باباجيورجيو، للمجلة إنه لم يرَ رداً رسمياً من الحكومة اليونانية، على تصريحات أردوغان، مُضيفاً "كل يوم هناك أشياء جديدة تأتينا من تركيا، فهناك الانتهاكات الجوية التي تحدث وفرق الاستكشاف التي تذهب إلى جنوب شرق البحر المتوسط إلى قبرص، إضافة إلى بعض التصريحات التحريضية من الحكومة التركية، في ما يتعلق بقضية الأراضي اليونانية، لكن هذه الأمور تحدث بصورة منتظمة".

وتطرق جاغابتي إلى ما نشره في ٢٠١٧ عن أردوغان، في كتابه "السلطان الجديد"، وفيه يقول: "أنت بحاجة إلى قضايا تهدف من خلالها إلى تضخيم مجدك، فهو يشير إلى أنه الوحيد الذي يجعل تركيا عظيمة، وبالطبع فإن السلاح النووي هو طريقة مثالية لتضخيم الأنا التركية، خصوصاً علينا أن نتذكر أن الأتراك هم أبناء إمبراطورية كبيرة".

وتقول المجلة إنه ومن جانب آخر تعتقد قوات سورية الديمقراطية، القريبة من الحدود مع تركيا، أن تصريحات أردوغان كانت موجهة إلى الجمهور التركي المحلي.

ونقلت الصحيفة عن الدبلوماسي من مجلس سورية الديمقراطية في واشنطن، بسام إسحاق قوله: "أعتقد أن أردوغان يدير مشكلاته الداخلية، عن طريق إثارة قضايا تروق للقوميين الأتراك".

ولفتت الصحيفة إلى أن تركيا حاربت تحالفاً من المقاتلين الأكراد والعرب والأشوريين في شمال سوريا، وأنها الآن تدفع باتجاه إنشاء منطقة آمنة، بالتعاون مع الولايات المتحدة، للحد من نفوذ قوات سورية الديمقراطية.

ولم ترد البعثة الدائمة للجمهورية العربية السورية في الأمم المتحدة، التي تمثل الحكومة السورية، على طلب المجلة بالتعليق، لكن إيران وهي حليف مقرب من الحكومة السورية وجار آخر لتركيا، لا تبدو سعيدة بحصول تركيا على القنبلة النووية.

وكتب المسؤول الإعلامي في بعثة إيران إلى الأمم المتحدة، علي رضا ميريوسفين، في إيميل إلى المجلة: إن موقف إيران من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى واضح، إذ إن إيران ترفض كل الأسلحة النووية، لأنه ليس لها مكان في معتقدنا الدفاعي، كما أنها تعارض المعتقد الديني للقائد الأعلى للثورة الإيرانية.

واتهمت الولايات المتحدة، وآخرون، إيران بأنها تعمل على صنع سلاح نووي. وفي عام 2015، وافقت إيران على تخفيض كمية اليورانيوم المخصب بنسبة 98%، وفتح منشآتها البحثية لمفتشي المنظمة الدولية للطاقة النووية، وبالمقابل إلغاء العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة عليها. لكن إدارة الرئيس ترامب انسحبت من الاتفاقية، وفرضت مزيداً من الضغوط على إيران، الأمر الذي دفعها إلى إعادة تخصيب اليورانيوم من جديد.

ويعتقد جاغابتي أن فشل الاتفاقية النووية مع إيران، دفع تركيا نحو تبني سياسة الغموض، إزاء السلاح النووي بصورة متعمدة.

ووفق سيرينسيوني، يشعر خبراء اتفاقية الحد من الأسلحة النووية بالقلق من أن إيران النووية يمكن أن تدفع دولاً أخرى إلى السعي لامتلاك القنبلة، من بينها تركيا.

ويقول سيرينسيوني إن تركيا تمتلك القاعدة الأكثر تطوراً، والشعب المتعلم الإمكانية الهندسية، ولا تكمن الصعوبة في القنبلة بحد ذاتها، إذ إن تصاميم هذه القنبلة وضعت قبل 75عاماً، لكن في المواد التي يتم وضعها داخل هذه القنبلة. وتكلف المنشآت المناسبة لصناعة الوقود النووي المخصص لهذه القنابل الكثير من المليارات، وسنوات من العمل الشاق.