بوصلة "سد النهضة" تتجه مجددا نحو مجلس الأمن وسط تحركات دبلوماسية من أطراف الأزمة

تتسارع تحركات دبلوماسية من جانب أطراف أزمة سد النهضة الإثيوبي، بهدف حشد الدعم والتأييد الدولي مع دخول الأزمة مرحلة جديدة من التصعيد، بدت معها بوصلة التحركات المكثفة تتجه نحو المحافل الدولية.

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالاً هاتفياً، يوم الثلاثاء، مع أنطونيو جوتيريش سكرتير عام الأمم المتحدة، حيث استعرض الوزير شكري أخر التطورات في ملف سد النهضة، مؤكداً على ثوابت الموقف المصري الداعي إلى ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة؛ كما تم التأكيد على خطورة استمرار إثيوبيا في اتخاذ إجراءات أحادية نحو الملء الثاني دون التوصل لاتفاق وأثر ذلك على استقرار وأمن المنطقة، فضلا عن أهمية دور الأمم المتحدة وأجهزتها في الاسهام نحو استئناف التفاوض والتوصل إلى الاتفاق المنشود، وتوفير الدعم للاتحاد الأفريقي في هذا الشأن.
هذا، وقد قام كذلك وزير الخارجية بتوجيه خطابات الى كل من سكرتير عام الأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن ورئيس الجمعية العامة، وطلب تعميمها كمستند رسمي تم من خلاله شرح كافة أبعاد ملف سد النهضة ومراحل التفاوض المختلفة وأخر التطورات.
وجاء ذلك غداة مباحثات مصرية-روسية عرضت خلالها موسكو مساعدة أطراف النزاع في الوصول إلى حل تفاوضي، كما أكد وزير خارجية روسيا –العضو الدائم في مجلس الأمن- سيرجي لافروف، على دعم بلاده لحقوق مصر التاريخية وحصتها في مياه النيل، والذي يمثل المصدر الرئيسي للمياه العذبة في البلد الذي يعيش به أكثر من 100 مليون نسمة.
وقال السفير عزت سعد سفير مصر سابقا لدى موسكو ومدير المجلس المصري للشؤون الخارجية، في تصريح خاص إلى وكالة فرات للأنباء ANF إن الموقف الروسي واضح بشأن دعم مصر في موقفها الدبلوماسي والقانوني القوي في الأزمة، وهو ما أعرب عنه صراحة الوزير لافروف خلال زيارته للقاهرة، حيث أكد دعم موسكو الكامل لحقوق مصر وحصتها التاريخية الثابتة في مياه النيل، مشيرا إلى أنه "لا يخفى أن الجانب الروسي قد عرض الوساطة في الأزمة ليس فقط خلال الزيارة الأخيرة، وإنما منذ استضافته للقمة الروسية- الأفريقية الأولى عام 2019 حينما تولت مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي، حيث شهد هذا العام زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى روسيا للمشاركة في القمة، كرئيس لمصر وللاتحاد الإفريقي لهذا العام، فضلا عن ما يتعلق أيضا بعرض المساعدة الفنية من أجل الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم وعادل بشأن ملء وتشغيل السد الإثيوبي، وهو موقف لا ينفصل عن مواقف موسكو التاريخية من مصر ولاسيما المساهمة في بناء وتمويل السد العالي المشروع المائي والقومي الأبرز خلال تلك الحقبة التي شهدت تعاونا مصريا سوفياتيا، على الرغم من كون روسيا من بين دول منابع الأنهار في العالم".
وقال مدير المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن تأمين موقف دولي لصالح الموقف المصري-السوداني في الأزمة يمنع تمادي إثيوبيا في الاجراءات الاحادية، ويلزم الاطراف ويشجعها على الوصول في أقرب وقت ممكن إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن السد يتطلب وجود إجماع بين أعضاء مجلس الأمن الدائمين وعدم استخدام أي من الدول الخمسة للفيتو، مؤكدا أهمية صدور موقف من مجلس الأمن سواء في شكل بيان أو قرار ملزم.
وبينما تسعى إثيوبيا، هذا الشهر، وهي دولة منخفضة الدخل وتواجه صعوبات اقتصادية، إلى خطة إنقاذ مالية في اجتماعات الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وسط انتقادات دولية لقيام حكومة رئيس الوزراء آبي أحمد بمواصلة "حملة الأرض المحروقة" على إقليم تيجراي شمال البلاد كما وصفتها صحيفة فاينناشيال تايمز البريطانية أمس، قال "سعد" إن حصول إثيوبيا على هذا الأمر يرتبط بظروف ومراعاة معايير عدة اقتصاديا وسياسيا، وواقع الأمر يوحي بأن هناك رفضا دوليا لما تقوم به أديس أبابا داخليا، مشيرا إلى أن تعنتها في العديد من القضايا الخارجية ينبع كذلك بالأساس من محددات ترتبط بالداخل بصورة تجعل مواقف البلد رهينة الاستهلاك الداخلي للقضايا التي لا تخدم المصالح المشتركة لأثيوبيا مع جيرانها وشركاءها، فضلا عن خصومها أو المختلفين معها حول قضايا جوهرية، بما في ذلك القوميات والأقاليم المناهضة لسياسة الحكم الحالي.
وبدوره، أكد هشام بن محمد الجودر سفير مملكة البحرين لدى جمهورية مصر العربية والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية أن موقف مملكة البحرين واضح وداعم لجميع الجهود المبذولة والمواقف والقرارات التي تتخذها جمهورية مصر العربية لحل أزمة ملء وتشغيل سد النهضة والحفاظ على الحقوق المائية والاقتصادية للدول وفق القوانين الدولية، وفي الحفاظ على أمنها القومي وأمنها المائي، وحماية مصالح شعبها وحقها المشروع في الحياة، وجهودها المخلصة لتحقيق السلم والاستقرار الإقليمي.
وأشار إلى أن الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين كان في مقدمة زعماء العالم في تأييده لمصر الشقيقة، حيث أكد جلالته في شهر آذار مارس من العام الماضي خلال استقباله وزير الخارجية المصري سامح شكري تضامن مملكة البحرين مع مصر، لضمان حقوقها المشروعة في حصتها من مياه نهر النيل، وأن هذا النيل يمثل شريان حياة للشعب المصري، وأن أمن مصر يعد ركيزة أساسية في الحفاظ على الأمن القومي العربي.
وأوضح هشام بن محمد الجودر أن مجلس وزراء مملكة البحرين أكد خلال اجتماعه الاعتيادي الأسبوعي الذي عقد يوم الاثنين الماضي برئاسة الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، عن تضامنه مع مصر في الحفاظ على أمنها المائي وضمان استقرارها وتنميتها، مؤكدًا دعم المملكة للجهود المبذولة لحل أزمة ملء وتشغيل سد النهضة.
وأعرب سفير مملكة البحرين عن اعتزاز بلاده قيادة وحكومة وشعبا بالدور التاريخي الريادي لمصر في حماية الأمن القومي العربي وحرصها على صون المصالح العربية ووحدة الصف بين العرب وتعزيز أسس السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.
من جهة أخرى، قالت الخارجية الإثيوبية، يوم الثلاثاء، إن المفاوضات الثلاثية بقيادة الاتحاد الإفريقي هي الطريقة الوحيدة القابلة للتطبيق للتوصل لنتيجة مربحة للدول الثلاث بشأن سد النهضة.
جاء ذلك خلال إطلاع كل من نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإثيوبي دمقي مكونن، ووزير المياه والري الإثيوبي، سليشي بقلي، السفراء الأفارقة المعتمدين بأديس أبابا.
وبحسب بيان للخارجية الإثيوبية، فإن مكونن، أكد خلالها تمسك إثيوبيا بقيادة الاتحاد الإفريقي للمفاوضات الثلاثية بشأن سد النهضة والتوصل لاتفاق بين البلدان الثلاث.
وسلط الوزيران الضوء على القضايا التي نوقشت في اجتماع كينشاسا ووجهات نظر إثيوبيا في هذا الشأن. وأكد أن التعاون وروح الأخوة الإفريقية هما الخيار الأفضل لإدارة واستغلال مياه النيل.
وفي سياق متصل، عقدت مصر وكينيا جولة مشاورات سياسية عبر وسائل التواصل المرئي، تمت فيها مناقشة قضايا المياه وسد النهضة، والموضوعات الإفريقية، ومسائل الأمم المتحدة. وتم الاتفاق، خلال المشاورات، على تنسيق الجهود في الأمم المتحدة، لمعالجة جذور النزاعات الإفريقية، وتحقيق استدامة السلام في القارة، أخذاً في الاعتبار رئاسة مصر الحالية للجنة بناء السلام، وعضوية كينيا غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي لعامي 2021 و2022.
و في سياق آخر، طالبت إثيوبيا المجتمع الدولي بالضغط على السودان بزعم اجتياح أراضيها منذ نوفمبر متهمة السودان باجتياح أراضيها و"قرع طبول الحرب" ليأتي الرد السوداني في تصريحات خاصة لقناتي العربية والحدث على لسان قائد القوات البرية السودانية الذي أكد على أنه لم يحدث تصعيد جديد لتقول إثيوبيا إننا ندق طبول الحرب ولا توجد اشتباكات مع الجيش الإثيوبي الآن.
وأضاف قائد القوات البرية السودانية إن بلاده أبدت حسن النويا تجاه أديس أبابا حيث سلمت إثيوبيا 61 أسيرا يوم الأثنين مشيرا إلى أن الجيش منتشر في كل أراضي البلاد لحماية المواطن. وكان الجيش السوداني قد سلم الاثنين، نظيره الإثيوبي، عشرات الأسرى في مدينة القلابات الحدودية، بمبادرة من الحكومة والقوات المسلحة السودانية.