لماذا يحاصر الحزب الديمقراطي الكردستاني روج آفا بينما (ENKS) على طاولة التفاوض؟

بينما تستمر المحادثات بين(ENKS-PYNK )بالتوصل إلى بعض الاتفاقات، أنشأ الحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK)، أحد رعاة المجلس الوطني الكردي السوري، خنادق ومخافر واستقدم أسلحة ثقيلة على حدود روج آفا مما يثير الشكوك حول نوايا ونتائج المحادثات.

في مرحلة اشتدت العزلة ضد قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان وبلغت سياسات الاحتلال والإبادة الجماعية ذروتها بحق الكرد من قبل الدولة التركية في شمال كردستان وعفرين وسري كانيه وجنوب كردستان؛ بدأت المحادثات بين أحزاب الوحدة الوطنية الكردية (PYNK) والمجلس الوطني الكردي السوري (ENKS) في شهر نيسان الماضي.

على الرغم من الشكوك التي تراود الكردستانيين في الأجزاء الأربعة من كردستان بمدى مصداقية (ENKS)، بكم الجهات الداعمة له، إلا أنهم يعتقدون أن هذه المحادثات ربما تكون "خطوة نحو الوحدة الوطنية" أو تساعد في منع هجمات الاحتلال التركي على روج آفا، كما أن نوعية العلاقات التي تربط (ENKS) بالحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK)، وإنشاء الأخير خنادق ومخافر واستقدامه لآليات عسكرية ثقيلة على حدود روج آفا، يزيد الشكوك حول الهدف الحقيقي من هذه المحادثات الجارية!!

الشراكة في تأسيس المرجعية الكردية العليا

بدأت المرحلة الثانية من المحادثات بين الطرفين بتاريخ الثالث من آب الماضي، حيث تمت فيها مناقشة "آلية القرار السياسي" ووضع الإدارة الذاتية وكيفية انضمام المجلس الوطني الكردي السوري إلى هذه الإدارة؛ كما أن مسائل مصيرية أخرى مثل التعليم والدفاع، سوف تناقش في مراحل لاحقة.

في لقاء له على فضائية (Ronahi-TV)، تحدث عضو مجلس الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، آلدار خليل عن سير هذه المحادثات، وقال: "اتفقنا بالإجماع على تحديد آلية صنع القرار السياسي الكردي في سوريا، تحت اسم "المرجعية الكردية العليا"، وستتم مناقشة تفاصيل هذه المسألة في الجولات اللاحقة، للانتقال إلى مناقشة الأمور المتعلقة بالإدارة الذاتية".

وبحسب المعلومات المتوفرة أن كلا الطرفين توافقا على نسبة التمثيل في "المرجعية الكردية العليا" مناصفة بنسبة 40% لكل طرف، فيما نسبة الـ 20% الباقية هي من نصيب باقي الأحزاب والقوى التي هي خارج إطار الطرفين.

المجلس يرغب في المشاركة في الإدارة قبل الدخول في الانتخابات

وأشار خليل إلى أن موضوع الإدارة الذاتية هي إحدى النقاط الأكثر إشكالية في المحادثات الجارية، وقال: "أخبرناهم إن كانوا يرغبون الانضمام للإدارة الذاتية، فلنحدّد فترة الانتخابات و ليشارك المجلس في هذه الانتخابات؛ المجلس من جهته يقبل المشاركة في انتخابات الإدارة الذاتية ولكنه يقول "لأجل فهم سير هذه الإدارة وإجراء الاستعدادات والتحضيرات اللازمة للانتخابات؛ عليكم أن تقدموا لنا نسبة من حصة المشاركة الكردية في الإدارة الذاتية".! ولم يتم الاتفاق بالكامل على مثل هذه النقاط"، مما يؤكد أن المجلس الوطني الكردي السوري يرغب المشاركة في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا قبل الدخول للانتخابات.

وأكد خليل أنهم يحاولون إيجاد حل لهذه المشكلة وتخفيف العبء قبل الذهاب إلى الانتخابات، مستدركاً: "لا يمكن ممانعة من يريد خدمة الشعب، ولكن، جميع المجالس المشكلة والإدارة العامة تعبر عن إرادة الشعب، وهي نتاج انتخابات شعبية، ونحن كطرف كردي لا يمكننا تجاهل ذلك، كما أن هذه الإدارة لا تغطي فقط المناطق الكردية ولسنا وحدنا ضمن هذه الإدارة، لدينا شركاء من المكون العربي والآشوري، ولا يمكننا أبداً اتخاذ القرار بمفردنا".

ضغوط سياسية وليست محادثات وحدة وطنية

لسنوات، لم يفتأ المجلس الوطني الكردي (ENKS) التشكيك في الطابع الكردي لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، لأنه يتبنى فلسفة الأمة الديمقراطية المتجسدة في الإدارة الذاتية؛ ولكن المجلس الوطني الكردي نفسه طور جميع أنواع التحالفات القذرة مع دولة الاحتلال التركي والحزب الديمقراطي الكردستاني وكذلك مع روسيا وأمريكا ودول أوروبية، بهدف ضرب الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا التي تعتبر مكسباً كردياً أيضاً، كما أن المجلس شريك للاحتلال التركي على عفرين ولا يزال شريكاً في الائتلاف السوري الذي يعتبر مظلة سياسية للمرتزقة الذين يمارسون جميع أنواع الجرائم بحق الكرد في عفرين من عمليات نهب وسلب واختطاف واغتصاب وتهجير قسري، إضافة عمليات التغيير الديمغرافي التي تشرف عليها دولة الاحتلال التركي من أجل محو الهوية الكردية التاريخية في عفرين.

إضافة إلى ذلك، تصدر تصريحات عوجاء عن بعض قادة المجلس الوطني الكردي السوري، تتوافق مع سياسات ولغة خطاب الحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK)، حيث صدرت مؤخراً عدة تصريحات لا عقلانية من رئيس المجلس الوطني الكردي السوري، سعود الملا، من قبيل "الدعوة إلى خروج كل كردي لا ينتمي إلى آفا من روج آفا...!!" كما أشار في تصريح آخر إلى أن المحادثات تسير ببطء و اتهم حزب العمال الكردستاني (PKK) بعرقلة المباحثات.

ألاعيب الطاولة

بالنظر إلى ما تم ذكره والنتائج التي تحققت، نرى أن القوى والأحزاب الديمقراطية الوطنية الموحدة في ظل (PYNK) قدمت تضحيات جدية من أجل شد المجلس الوطني الكردي السوري أو جزء منه إلى نهج وطني ديمقراطي ومنع انجرارهم إلى جبهة مضادة؛ لا شك في أن الهدف هو حماية مكتسبات الكرد وشعوب شمال شرق سوريا. ومع ذلك، لن يكون من الخطأ القول إن الهدف الرئيسي للـ ( ENKS) للألاعيب التي يلعبها على الطاولة بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، هو "تقاسم السلطة" أكثر من العمل على توحيد الصف الكردي.

وفي حديث له لقناة (Rudaw) الفضائية، قال عضو المجلس الرئاسي للمجلس، سليمان أوسو: "التمثيل السياسي في "المرجعية الكردية العليا" بين أحزاب الوحدة الوطنية والمجلس الوطني الكردي بنسبة 40%، هو مقترح أمريكي"؛ حيث يتم فرض الشراكة بالتساوي في الإدارة الذاتية التي لم يساهم المجلس أبداً في تشكيلها وتعزيزها، على العكس كان المجلس شريكاً لأعداء تجربة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا على مر سنوات ثورة روج آفا..!!

كما أن القول بأن المحادثات ستجرى على أساس اتفاقية دهوك، لا يعني البتة أن اتفاقية دهوك سيتم نسخها حرفياً؛ لأن مرور ست سنوات على هذه الاتفاقية تفرض تغييرات كثيرة على الأرض، كما أنه على مر السنوات الستة الماضية، فيما كان أحد الأطراف يدافع عن روج آفا ويحمي التجربة الوليدة حديثاً للإدارة، ويبذل الغالي والنفيس في سبيل ذلك، كان الطرف الآخر اتحد مع الاحتلال والعدو وكان شريكاً في تدمير مكتسبات الكرد في شمال شرق سوريا؛ لذلك دون أخذ كل ما سبق بعين الاعتبار لن يكون الحديث عن "المناصفة" سوى ضغط سياسي وفرض ذات.

تساؤلات وردود أفعال الشعب

ظهرت العديد من التساؤلات والمخاوف لدى الشعب في مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا خلال مرحلة المباحثات الجارية ما بين أحزاب الوحدة الوطنية (PYNK) والمجلس الوطني الكردي السوري (ENKS)، من قبيل، هل يمكن للمجلس الوطني الكردي السوري تقديم النقد الذاتي وتحمل مسؤولياته عما جرى في عفرين وقطع علاقاته مع دولة الاحتلال التركي والخروج من الائتلاف الإخواني؟

كما أن الكرد في روج آفا يتساءلون عن كيفية عقد الوحدة الوطنية الكردية في وقت يساند فيه راعي المجلس الوطني الكردي، الحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK)، دولة الاحتلال التركي في هجماتها المستمرة على مقاتلي حرية كردستان، كما تشرعن الهجمات الاحتلالية للجيش التركي على مخمور وشنكال!!

ولا ينسى الشعب في روج آفا احتجاج المجلس الوطني الكردي السوري ومعارضته للانتقال إلى المناهج التعليمية باللغة الكردية في العام 2016-2017، حيث يتساءل الشعب عما إذا يريد المجلس فرض مناهج نظام البعث بدلاً من مناهج الإدارة الذاتية؟

المجلس على الطاولة والديمقراطي الكردستاني يحاصر روج آفا

في الفترة الأخيرة تزداد مخاوف الشعب بشكل عام حول احتمالية نشوب حرب، حيث ترد معلومات حول إنشاء الحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK) خنادق ومخافر لها على حدود روج آفا من جهة جنوب كردستان واستقدمت آليات ومعدات عسكرية ثقيلة وبناء أكثر من 40 موقع عسكري جديد على التلال المحيطة بمنطقة بيشخابور في الجهة المقابلة من معبر سيمالكا الذي ما زال مغلقاً.

والجدير بالذكر أن عدد المخافر الحدودية للبيشمركة في زمن نظام البعث السوري لم يتجاوز خمسة مخافر حدودية ومركز واحد فقط للشرطة.

ولدى الأخذ بعين الاعتبار التعاون والتنسيق الواجد بين الدولة التركية والحزب الديمقراطي الكردستاني، إلى جانب طبيعة العلاقة الوثيقة بين المجلس الوطني السوري والحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK)، يزيد كل ذلك من مخاوف تعرض مناطق شمال وشرق سوريا لغزو واحتلال جديد من قبل الدولة التركية بالتعاون والتنسيق مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، وينظر إلى المباحثات أيضاً من هذا المنظور، حيث تميل التوقعات إلى فترة توقف المباحثات في مرحلة معينة.

هل هو مخطط مشترك لهجوم احتلالي جديد؟

بالنظر إلى التطورات الجارية في جميع أنحاء كردستان من وجهة النظر التاريخية، من الواضح أن مخاوف شعب روج آفا محقة؛ لأن الحزب الديمقراطي الكردستاني ساعد دولة الاحتلال التركي وقدم لها دعماً سرياً في كل الهجمات الاحتلالية وعمليات الإبادة الجماعية التي نفذتها ضد الكرد في جميع أجزاء كردستان، وفي الوقت الذي يشير فيه جميع الصحفيين ومن ضمنهم الأتراك إلى أن الدولة التركية تستهدف جنوب كردستان بأكمله وتهجر المدنيين العزل وتتسبب في إخلاء المئات من القرى في جنوب كردستان وروج آفا، وأن الدولة التركية تسعى إلى احتلال الموصل وكركوك، لا يزال الحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK) يشرعن الاحتلال التركي، بذريعة أن العمليات التركية تستهدف فقط حزب العمال الكردستاني (PKK)!!

وأعرب الرأي العام في جنوب كردستان عن امتعاضه للزيارة التي قام بها رئيس إقليم جنوب كردستان، نيجيرفان البارزاني مع بعض مسؤولي حزبه إلى تركيا واللقاء مع وزير خارجية دولة الاحتلال التركي، مولود جاويش أغلو ورئيس النظام التركي أردوغان؛ حيث أن الوفد الزائر لتركيا لم يضم شركاء في حكومة الإقليم من الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير (كوران)؛ كما تتفق جميع الأطراف الكردستاني تقريباً على أن هذه الزيارة واللقاءات التي جرت، بحثت سبل التنسيق والتعاون بين الدولة التركية والحزب الديمقراطي الكردستاني من أجل القضاء على حركة التحرر الوطنية الكردستانية.

وبحسب المعلومات التي قدمها صحفيون ميدانيون، أن الجيش التركي الذي يحتل جزءاً من حفتانين، لا يمكنه بناء القواعد ومد الطرق إليها بالرغم من كل ترسانته العسكرية والتقنية الحربية التي يمتلكها، لأنها تجابه بمقاومة عنيدة من مقاتلي الكريلا بكل قوته ومعداته التقنية ، حتى أن الحديث يدور حول احتمالية اضطرار جيش الاحتلال التركي للانسحاب مع اقتراب فصل الشتاء.

ومن المهم جداً إدراك الأهداف الاستراتيجية لدولة الاحتلال التركي وطموحها في احتلال كامل روج آفا وجنوب كردستان، لإحياء "الميثاق المللي".

مع مرور الأيام تطفو إلى السطح حقيقة الهزيمة التي مني بها جيش الاحتلال التركي في حفتانين، وهناك توقعات أن تقوم دولة الاحتلال التركي بهجوم احتلالي جديد على روج آفا لإخفاء وتغطية هزيمتها في حفتانين؛ كما أن إنشاء بيشمركة الحزب الديمقراطي الكردستاني خنادق ومخافر حدودية في مواجهة معبر سيمالكا من جهة جنوب كردستان، يزيد من احتمالية وقوع هجوم احتلالي منسق ومشترك.

وبذلك اتفق مع بعض الأصدقاء الصحفيين الذين علقوا على المباحثات التي تجري بين أحزاب الوحدة الوطنية الكردية (PYNK) والمجلس الوطني الكردي السوري (ENKS)، على أنها "محادثات مشكوكة المصداقية" من حيث الأهداف الرئيسية للمجلس الوطني الكردي السوري منها؛ حيث أن ما يقوم به المجلس من المطالبة بفتح المكاتب تصنف ضمن استراتيجية "الإلهاء" لأن علاقات المجلس مع تركيا والحزب الديمقراطي الكردستاني معروفة للجميع، كما لا يمكن تجاهل دور الولايات المتحدة الأمريكية وممارسات المبعوث الأمريكي الخاص، جيمس جيفري إلى حد اللحظة لها دلالات على حياكة مؤامرة مشتركة من نوع ما تستهدف حركة التحرر الوطنية الكردستانية ومكاسب الشعب الكردي.