إن الحرب التي تدور رحاها في غزة تعد فسحة أمل لبعض الدول في المنطقة، خاصة بشار الأسد ورجب طيب أرودغان، فالأول انشغل العالم عن الاحتجاجات التي تواجهه داخل مناطق مثل السويداء، أما الثاني فقد انشغل العالم عن جرائمه التي يواصل اقترافها عبر الضربات المتواصلة على مناطق شمال شرق سوريا.

ولطالما كانت القضية الفلسطينية إحدى أهم الأوراق التي يتلاعب بها النظامان السوري والتركي، إذ يضع بشار الأسد نفسه ضمن ما يسمى بمحور المقاومة الذي يضم إيران وحزب الله اللبناني وحركتي حماس والجهاد الفلسطينيتين، أما أردوغان فدائماً ما كان يستغل القضية كورقة يدغدغ بها مشاعر العرب والمسلمين في مختلف دول العالم، فضلاً عن اكتساب أصوات بعض القواعد الشعبية داخل بلاده.

هكذا يستفيد بشار الأسد

في هذا السياق، يقول عبد الرحمن ربوع الإعلامي السوري، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن نظام بشار الأسد إلى حد كبير استفاد من الأحداث في غزة، وبات كل شيء معطل ومتوقف في سوريا فيما الجميع يتابع مأساة غزة، ما عدا قوات النظام التي تقصف إدلب وحلب ودير الزور.

وأضاف "ربوع" أنه في نفس الوقت ثمة انشغال عربي عن سوريا بالتركيز على موضوع فلسطين، وبالفعل توقف كل ما يتعلق باللجنة الوزارية العربية واجتماعات النظام والمعارضة في العاصمة العمانية مسقط، بينما الشيء الوحيد الذي استمر وربما ازدهر هو تصنيع وتصدير المخدرات إلى الدول العربية ونمو إيراداتها في هذه الفترة.

وأتت التطورات في قطاع غزة بينما كان بشار الأسد كذلك يواجه احتجاجات غير مسبوقة في عدة مناطق خاضعة لسيطرته أبرزها محافظة السويداء، والتي وصلت الاحتجاجات بها إلى الدرجة التي حملت فيها صور بشار الأسد وأحرقت، نتيجة لسوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية، كأكبر حد واجهه نظامه منذ سنوات في أعقاب إحكام قبضته على بعض المناطق مستعيناً في ذلك بالدعم العسكري الروسي الإيراني الذي قلب كفة المعركة لصالحه بعد أن كان حكمه قاب قوسين أو أدنى من السقوط.

جرائم أردوغان وحرب غزة

في تركيا المجاورة لسوريا، جاءت حرب غزة هي الأخرى في صالح النظام التركي الذي يشن واحدة من أعنف الهجمات على مناطق في شمال سوريا مرتكباً فظائع تصل إلى جرائم حرب منذ بداية الشهر الجاري في أعقاب تفجير استهدف مقراً أمنياً

بالعاصمة أنقرة، والتي يشنها بزعم مرور منفذي الهجوم من الأراضي السورية، رغم أن قوات سوريا الديمقراطية نفت أن يكون هذا صحيحاً.

في هذا السياق، يقول محمد ربيع الديهي الباحث في العلاقات الدولية إن الرئيس التركي ربما استفاد كثيراً مما يجري، حيث بات العالم منشغلاً في تطورات قطاع غزة وانعكاساتها الإقليمية وبالتالي انصرفت الأنظار تماماً عما يجري في شمال شرق سوريا من تجاوزات وانتهاكات، كما هو الحال عندما اندلعت الحرب الروسية – الأوكرانية والتي قد استفاد منها كذلك.

وأضاف "الديهي"، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن هناك كثير من التقارير الغربية والدولية التي حذرت من مسألة أن ينشغل العالم في تطورات الصراع بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، تاركاً ممارسات النظام التركي دون حساب، معتبراً أن أردوغان شخص عادة ما يكون لديه كثير من الأوراق السياسية التي يعرف كيف يتلاعب بها ويوظفها لصالحه.

ويلفت الباحث في العلاقات الدولية إلى أن أردوغان مثل بشار الأسد في مسألة الاستفادة من التعاطف الشعبي مع القضية الفلسطينية، حيث أنه استغلها كثيراً ويستغلها هذه الأيام من أجل توسيع شعبيته، وجعل المجتمع التركي ينشغل عن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، والتي كانت أحد أسباب انخراط النظام في مزيد من الضربات تجاه المكون الكردي خارجياً والقمع له داخلياً.