وكانت السفارة الإيرانية وكذلك القنصلية تعملان بشكل غير رسمي على مدار الأيام الماضية في إطار تسهيل أمور الحج، ليأتي الافتتاح الرسمي، في وقت قالت مصادر دبلوماسية إيرانية إن طهران عينت الدبلوماسي الإيراني البارز علي رضا عنايتي سفيراً للجمهورية الإسلامية في الرياض والذي كان يشرف على دائرة الخليج في وزارة الخارجية الإيرانية، وسبق له أن عمل سفيرا في الكويت.
انعكاسات على الملفين السوري واليمني
في هذا السياق، يرى الدكتور أيمن سمير الخبير في العلاقات الدولية أنه سيكون هناك انعكاس إيجابي لهذه الخطوة على كافة العلاقات العربية الإيرانية، وهي خطوة جيدة تصب في صالح السلام والازدهار في المنطقة، مضيفاً أنها أيضاً خطوة تنهي خلافاً عميقا بين المشروعين العربي والإيراني، ونحن أمام مصالحة حقيقية لدرجة أن إيران تتحدث عن تشكيل تحالف بحري مع دول الخليج وفي مقدمتها السعودية.
وقال "سمير" إن اتفاق عودة العلاقات بين البلدين وتطبيقه فعلياً عبر فتح السفارات بين البلدين سوف ينعكس برداً وسلاماً على كل القضايا الإقليمية بداية من سوريا والعراق ولبنان وصولا حتى إلى اليمن، موضحاً أنه على سبيل المقال فقد رأينا في اليمن كيف حدثت حلحلة حقيقية واختراق كبير في ملف الأسرى.
ولفت خبير العلاقات الدولية إلى أن عودة سوريا إلى مقعدها بجامعة الدول العربية كان نتاجاً لهذا التقارب بين السعودية وإيران، وخصوصاً أن دمشق حليف قوي في العالم العربي لطهران، وبالتالي فهذه الخطوة ستشكل نقلة لنقل العلاقات الإيرانية مع العرب من مربع التصعيد والمواجهة إلى مربع الحياد على الأقل في المرحلة الأولى من خلال عدم تدخل كل طرف في شؤون الطرف الآخر، واحترام خصوصية كل طرف.
التقارب بين مصر وإيران
ويرى "سمير" أن مرحلة الحياد هذه إن سارت بشكل إيجابي يمكن أن تتطور في المستقبل إلى تعاون كبير بين العالم العربي وإيران، خصوصا في ظل الحديث عن محاولات من سلطنة عمان للتوسط بين إيران ومصر، معرباَ عن اعتقاده بأن عودة التمثيل الدبلوماسي وفتح السفارات بين الرياض وطهران خير مقدمة لتطبيع العلاقات بين القاهرة وطهران في المستقبل.
وقال الدكتور أيمن سمير، في سياق حديثه لوكالة فرات للأنباء، إن هذه الخطوة يمكن أن يكون لها انعكاسات إيجابية على العالم العربي، فقد كانت هناك ضغوطاً كبيرة بسبب الخلافات العربية مع إيران على مفردات الأمن القومي العربي، فيما يتعلق بالعراق وسوريا واليمن ولبنان، وبالتالي فإن وضع مصفوفة من القيم التي يحترمها ويقبلها كل طرف من الآخر يشكل خريطة طريق للسلام وتبريد الصراعات في الشرق الأوسط، وبالتالي سيكون ذلك مقدمة لاكتشاف مساحات مشتركة جديدة بين الشعوب العربية وإيران.
وفي ختام تصريحاته، قال إن هذا الأمر قد يقلل حدة الاستقطاب الدولي حول المنطقة، وربما في مرحلة ما عندما كانت هناك احتمالات عن حرب بين أمريكا وإيران كان لذلك انعكاسات على الاستقطاب الحاد في المنطقة، مؤكداً أنه اليوم ومع هذا السلام يتوقع أن الاستقطاب الدولي في الشرق الأوسط سيتراجع حتى لو عادت روسيا ودخلت الصين المنطقة لن تكون بذات الحدة التي عليها الأمور منذ عام 1979 وحتى الآن.
الدور الصيني في المنطقة
وشهد العاشر من مارس المنصرم تطوراً كبيراً عندما نجحت الصين في رعاية اتفاق لتطبيع العلاقات بين الرياض وطهران، لتنهي بذلك قطيعة دبلوماسية دامت لنحو 7 سنوات بعد هجمات على البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران، إثر تنفيذ حكم الإعدام في المملكة بحق رجل الدين الشيعي البارز نمر النمر.
وكان نجاح الرعاية الصينية في إعادة العلاقات بين الغريمين التقليديين في الشرق الأوسط بمثابة مؤشر على اتجاه التفاعلات الإقليمية والدولية في المنطقة خلال الفترة الحالية، إذ يرى مراقبون أنها تشهد على تعاظم الدور الصيني على حساب دور الولايات المتحدة الأمريكية.