"ناقشتها مصر مع بيدرسون".. هل تنجح مقاربة خطوة مقابل خطوة مع بشار الأسد؟

تتمسك مصر بمقاربة خطوة مقابل خطوة فيما يتعلق بالتقارب العربي مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وهي المقاربة التي كانت حاضرة أمس في الاتصال الهاتفي الذي تلقاه وزيرالخارجية المصري سامح شكري من مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا جير بيدرسون

وكانت مناقشات ومباحثات عربية خلال الفترة الماضية بشأن التعامل مع النظام السوري أفضت إلى عودة دمشق إلى مقعدها الشاغر بجامعة الدول العربية والذي كان معلقا منذ عام 2011، على اعتبار أن هذه الخطوة يمكن أن تساعد في صياغة حل عربي للأزمة، وأيضا تقليص النفوذ الإيراني، رغم تشكيك كثير من المراقبين في جدوى تلك الخطوات.

تفاصيل اتصال شكري وبيدرسون

وبحسب بيان لوزارة الخارجية المصري تناول "شكري" مع "بيدرسون"، خلال الاتصال الهاتفي، سبل العمل على مقاربة خطوة مقابل خطوة والتنسيق في هذا الشأن بين اللجنة الوزارية العربية المعنية بسوريا والأمم المتحدة لانسجام الجهود الرامية إلى الدفع بتلك المقاربة.

وقد أعرب بيدرسون في هذا الشأن عن كامل تقديره وثقته في حرص مصر على استمرار العمل ووتيرة التنسيق المتميزة مع الأمم المتحدة من أجل إعلاء مصلحة الشعب السوري وإنهاء تلك الأزمة الممتدة.

وصرح السفير أحمد أبو زيد، المُتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، بأن الاتصال يأتي في إطار متابعة اللقاء الأخير بين شكري وبيدرسون في جنيف في 25 مايو الماضي، والتنسيق المستمر بين مصر والأمم المتحدة للدفع بالحل السياسي في سوريا.

وأضاف أبو زيد، أن الجانبين ناقشا مجمل الاتصالات والاجتماعات التي عقدت على مدار الفترة الماضية من جانب مختلف الأطراف، وسبل جسر الهوة بين مختلف المواقف بما يقرب الرؤى حول التعامل مع الأزمة السورية بشكل متدرج من أجل حلحلتها ورفع المعاناة عن الشعب السوري الشقيق.

رؤية مصر تجاه الأزمة السورية

في هذا السياق، يقول محمد فتحي الشريف رئيس مركز العرب للأبحاث والدراسات، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء، إن مصر لديها منذ البداية سياسة خارجية واضحة في التعامل مع الملف السوري، وهو أولا الحفاظ على وحدة الدولة السورية وسلامة أراضيها، إذ أن القاهرة مقتنعة بأن هدم الدول العربية وخصوصا سوريا وليبيا بعيداً عن أي اعتبارات سياسية ومن المتسبب في ذلك، أمراً يهدد الأمن القومي المصري وكذلك الأمن القومي العربي.

وأضاف "الشريف" أنه في الوقت ذاته كانت القيادة السياسية المصرية حريصة على القيام بكل ما يلزم من تحركات وخطوات ومبادرات لحقن دماء الشعب السوري ورفع المعاناة عن السوريين، وبالتالي فإن مصر تتحرك في أي مسار يمكن أن يساهم في تحقيق هذا الغرض والهدف، خصوصاً وأن الواقع على الأرض في سوريا تغير مع الوقت ومسألة سقوط النظام لم تعد محتملة في ظل الدعم الروسي الإيراني، وأيضاً التغيرات الإقليمية.

وقال الباحث في الشؤون العربية إن سنوات المقاطعة مع الحكومة السورية وفي ضوء التغيرات العسكرية على الأرض في سوريا لم تأت بأية نتائج على صعيد حل الأزمة، وبالتالي مقاربة خطوة مقابل خطوة تجد هنا وجاهة لدى "القاهرة"، بأنه لا مانع من تجربة مسار آخر والمبادرة وانتظار ردة الفعل من الحكومة السورية.

وفي ختام تصريحاته، لفت "الشريف" إلى أن مصر تتميز في تعاملها مع الأزمة السورية أنه كان لديها قنوات اتصال مع جميع أطراف الأزمة السورية، باستثناء الجماعات الإرهابية، وبالتالي لديها مصداقية وثقة عند كثير من الأطراف السورية، ولهذا شاركت في كثير من الوساطات لوقف إطلاق النار، وكان ذلك منذ بداية الأزمة، ولهذا ربما تكون وضعية مصر مختلفة في المقاربة مع الملف السوري وأطرافه مقارنة بأطراف عربية أخرى اختارت لفترات طويلة أن تكون في صف طرف على حساب طرف.

رسالة حزينة وإفلات من العقاب

لكن صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في تقرير لها تشكك في نجاح هذه المقاربة، ورأت أن التقارب العربي مع بشار ومشاركته في أعمال الجامعة العربية كانت رسالة حزينة تقشعر لها الأبدان إلى ضحايا فظائع نظام بشار الأسد، لأن هذا الأمر يعني أن رئيس حكومة دمشق يفلت من العقاب الذي كان يستحق إن يناله.

وتقول الصحيفة إن نهج الدول العربية اتجه تدريجيا إلى فكرة العصا والجزرة، وذهبت الإمارات من قبل إلى فتح سفارتها في دمشق وضغطت إلى أبعد من ذلك من أجل التطبيع مع بشار والذي دعته كذلك للمشاركة في قمة المناخ المقبلة، لكن الصحيفة ترى أنه ليست هناك أية مؤشرات على أن الأسد سيغير من سلوكه البلطجي والذي لم يظهر أي ندم على جرائمه، على حد تعبير الصحيفة.

يأتي هذا في وقت يرى بعض المراقبين أن الدول المسارعة إلى التطبيع مع النظام السوري وخصوصا السعودية والإمارات لم يعد يشغلها كثيرا كيفية تعامل بشار الأسد مع شعبه، أو أن يكون هناك حل سياسي حقيقي، بقدر ما يشغلها تحقيق بعض المصالح الإقليمية، لا سيما إذا كان الأمر يتعلق بالبحث عن الزعامة السياسية لتلك الدول في المنطقة.