ماذا يعني فوز ترامب برئاسة أمريكا؟.. 4 مراقبين يرصدون ملامح الفترة المقبلة

بنتائج مذهلة حسم ترامب الفوز بسباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، والأعين الآن مسلطة نحو عديد من الملفات التي سيتعامل معها سيد البيت الأبيض الجديد القديم لا سيما حالة الشرق الأوسط.

وتتباين حساسية تأثر القضايا والملفات الإقليمية والدولية تجاه نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وتحديداً فوز الرئيس الأسبق دونالد ترامب بولاية ثانية، لكن بلا شك كان هناك اتجاهاً عالمياً سائداً يميل إلى أن فوزه سيشكل حلاً لكثير من تلك الملفات التي أخفقت الإدارة الديمقراطية منتهية الولاية في التوصل إلى خطوة تشكل دفعة فيها، وإن كان رأي آخر يرى أن الأمر قد يكون العكس تماماً.

إزاء ذلك، استطلعت وكالة فرات للأنباء (ANF)، آراء 4 من السياسيين والمراقبين بشأن تداعيات فوز دونالد ترامب على عدد من الملفات الرئيسية التي يأتي في مقدمتها الوضع بالشرق الأوسط، خاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وإيران، وكذلك الوضع بالنسبة للأزمة الأوكرانية والعلاقة مع روسيا، وكذلك ملف العلاقات مع الصين.

الوضع في غزة

على مدار أشهر فشلت الإدارة الديمقراطية سواء من خلال جو بايدن أو كامالا هاريس في دعم التوصل لوقف لإطلاق النار، في وقت كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على كسب الوقت حتى يفوز ترامب، وهو ما قد كان فمن المعروف طبيعة العلاقات الجيدة التي تربط "بيبي" برجل المقاولات الأمريكي الذي سيتولى مقاليد السلطة.

يقول الدكتور أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إننا كفلسطينيين نعتبر من يفوز بالانتخابات الرئاسية كلاهما سيء سواء الجمهوريين أو الديقراطيين، ولكن هناك بعض الاعتبارات السياسية تجعل الأمور تأخذ وجهة نظر أخرى.
وأوضح أن الديمقراطيين بصرف النظر عن أي شيء يتبنون فكرة حل الدولتين، ومن ثم فإن فوز كامالا هاريس كان سيكون أفضل للوصول إلى اتفاق من ترامب الذي سبق وطرح خارطة طريق تدمر كل ما بذل من جهد لتحقيق حل الدولتين، مضيفاً أن الولايات المتحدة تحكمها دولة عميقة لديها ثوابتها فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، حسب رأيه.

ويرى الرقب أن الرهان يمكن أن يكون على الفترة المتبقية من ولاية الديمقراطيين الرئاسية أي ما بين 5 نوفمبر/تشرين الثاني وحتى 20 يناير/كانون الثاني، ويمكنهم اتخاذ قرارات جريئة وإدانة جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وتمرير قرارات في مجلس الأمن الدولي للدفع باتجاه وقف إطلاق النار، معتبراً أننا قد نكون أمام فرصة خلال هذه الفترة، معتبراً أن فوز هاريس كان يشكل فرصة أكبر لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان، لا سيما أن هذه الحرب أرهقت الخزينة الأمريكية.

الموقف من إيران

ملف العلاقات مع إيران لا ينفصل عما يجري في الأراضي الفلسطينية، لا سيما مع تحول طهران لطرف رئيسي بتداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة، وهنا يعتقد كثيرون أن ترامب سيكون أكثر تشدداً في التعامل مع طهران، كما كان الحال عليه في ولايته الأولى، عكس وجهة نظر أخرى كانت تقول إن الرئيس الجديد لن يميل إلى فكرة الضربات العسكرية تجاه الإيرانيين.

"ترامب ليس كما يتصور الجميع"، بتلك العبارة استهل محمد العالم الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الأمريكي تعليقه لوكالة فرات للأنباء (ANF) على فوز المرشح الجمهوري وانعكاس ذلك على الوضع في الشرق الأوسط، موضحاً أن الكل يعتقد أن فوزه يعني استقرار أكثر للشرق الأوسط، لكن ما قد يحدث هو العكس، أي أننا ربما نكون أمام مرحلة أكثر من التوتر.

وأضاف العالم، الذي يقيم في ولاية فيرجينيا الأمريكية، أن ترامب من قبل لم يتبن فكرة توجيه ضربات لإيران خلال ولايته الأولى بسبب التكلفة الكبيرة، لا سيما أننا أمام سياسي يتعامل بمنطق "المقاول"، لكن ما حدث أن طهران تم تقليم كثير من أظافرها بالضربات التي طالتها الفترة الماضية، وكذلك استهداف وكلائها مثل حماس وحزب الله اللذان لم يعدان يشكلان خطراً على إسرائيل كما كانوا في السابق.

ويرى الكاتب الصحفي أنه في ضوء ذلك فإن تكلفة ضرب إيران أصبحت أقل ومن ثم قد يكون أول قراراته توجيه ضربة للجانب الإيراني، مشيراً كذلك إلى أنه قد يتدخل بشكل مباشر ضد حركة حماس، لا سيما وأنه سبق وقال إن الحركة لم تتفاوض بجدية وقد قتل غالبية الرهائن، ومن ثم ستكون هناك ضربات مباشرة.

الموقف من الأزمة الأوكرانية

ملف الأزمة الأوكرانية والعلاقات الأمريكية مع روسيا أحد أهم الملفات العالمية أمام ترامب، وتسود توقعات حتى الآن ليست في صالح الأوكرانيين، لأن الرئيس الجديد لا يميل إلى فكرة الدعم المفتوح لكييف أو الناتو، وأثبت خلال ولايته الأولى أنه لا يميل إلى تصعيد التوتر بشكل كبير في علاقته مع روسيا، خاصة أنه تحدث عن أنه قادر على صناعة السلام في العالم.

يقول الدكتور عماد أبوالرب مدير المركز الأوكراني للتواصل والحوار، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن المؤشرات في السابق أوضحت أن الحزب الديمقراطي أظهر دعماً واسعاً لأوكرانيا في مواجهة روسيا، رغم بعض التحفظات من قبل كييف، مضيفاً أنه لهذا كان الجانب الأوكراني يفضل استمرار الإدارة الديمقراطية في ظل توافقات كثيرة أهمها أن الديمقراطيين كانوا ينظرون بشدة إلى أن روسيا تشكل خطراً وجودياً.

وأضاف أن كييف كانت تعول على بقاء الحزب الديمقراطي، لكنها أعدت عدتها أيضاً لفوز ترامب، ورأينا أحاديث لوزير الخارجية الأوكراني يقول إن بلاده تتعامل مع الولايات المتحدة كدولة أياً كان الحزب الذي يدير البلاد، لافتاً إلى أن الأوكرانيين سيعملون على أن يكون ملفهم أولوية لدى الرئيس الأمريكي الجديد، حتى يستمر دعم واشنطن.

لكن السياسي الأوكراني من أصول فلسطينية يتوقع أن الدعم الأمريكي لكييف لن ينقطع، لكنه قد يقل ويشح مع فوز ترامب، ما قد ينعكس على استمرار أوكرانيا في الحرب، وبالتالي يمكن أن تقلل من شروطها للجلوس والتفاوض مع روسيا، مشيراً إلى أن ترامب لديه رغبة جادة في إنهاء الحرب، ولهذا تتجه التوقعات إلى أن تكون هناك جلسات تفاوض مع موسكو في ظل إعادة كييف قراءة وضعها الحالي وقدراتها بفوز ترامب.

ملف الصين

الملف الآخر المهم هو العلاقات الأمريكية مع الصين، التي كانت الحرب التجارية عنوانها خلال الولاية الأولى لترامب، وهنا فإن الأمور تتعلق بصفة رئيسية بموقف واشنطن من دعم سلطات تايوان كقضية محورية في العلاقات، إلى جانب اتجاه أمريكي لتعظيم خطر الصين، لكن عادة هذا الملف لا يشهد تطورات دراماتيكية. 

يقول حسين إسماعيل نائب رئيس تحرير مجلة الصين بالعربية، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الصين تتعامل مع الولايات المتحدة كدولة من منطلق مصالحها الاستراتيجية، وبالتالي فوز ترامب أو حتى لو فازت هاريس فالأمر لن يكون له تأثيراً كبيراً على العلاقات بين باكين وواشنطن في ظل أن الأولى تتعامل مع أمريكا كدولة، بصرف النظر عن الحزب الذي يقود الثانية الديمقراطيين أم الجمهوريين.

وأوضح إسماعيل أنه بالتأكيد هناك استثناءات يمكن أن يظهر فيها تأثير فوز ترامب مثل قضية تايوان محور التوترات الرئيسية بين الصين والولايات المتحدة، مشيراً إلى أن الرئيس الجديد سبق وصرح أن بلاده لن توفر الحماية لمن لا يدفع، وهنا يمكن أن يكون لفوز ترامب تأثيراً في قضية تايوان إذ سيكون العبء المالي على الأخيرة كبيراً، وكذلك يمكن أن نرى عودة إلى ما يشبه الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، فمن المرجح أن يزيد فرض الرسوم على التجارة الصينية.