خبراء ومختصون بقضايا الإرهاب: لابد من موقف عربي صريح يمنع العمليات العسكريات التركية التي تدعم داعش

عقد مركز الجسور للدراسات جلسة حوارية، تحت عنوان "الأرهاب في سوريا تفاعلات داخلية وتأثيرات إقليمية" وناقش المركز الإرهاب، والمشاريع الإقليمية الداعمة لداعش وأهمية منع العمليات العسكرية والتدخلات الخارجية وتحقيق التسوية السورية بما يحقق حقوق كافة المكونات.

 

عقد مركز الجسور للدراسات جلسة حوارية، تحت عنوان  "الأرهاب في سوريا تفاعلات داخلية وتأثيرات إقليمية" وناقش المركز الإرهاب، ووجود دعم ومشاريع إقليمية داعمة لداعش وأهمية منع العمليات العسكرية والتدخلات الخارجية وتحقيق التسوية السورية بما يحقق حقوق كافة المكونات ووحدة وسيادة الدولة السورية.

في غمرة هذا التداعي في النظام الإقليمي، تبدو الأزمة السورية المتواصلة في سوريا مستعصية على الحل حيث تحولت سوريا الى منطقة صراع مفتوح بالوكالة بين العديد من القوي الإقليمية والدولية وتدخلاتها.

وقد تضافرت أربعة عوامل، بشكل خاص، على تصعيد هذه الصراعات وإدامتها، الأول هو أن توازن القوى الإقليمي بدأ يشوبه الغموض والتقلّب في أعقاب انتفاضات الربيع العربي العام 2011 وبفعل سقوط النظام العراقي في عام2003

العامل الثاني هو سوء إدارة النظام السوري و النزاعات المحلية أصبحت المسرح الذي تدور عليه المنافسات الإقليمية المتواصلة على هيئة صراعات أوسع نطاقاً وأشدّ فتكاً، أما الثالث، فهو أن توريد السلاح إلى المنطقة تعاظم بصورة حادة، وهي صفقات  تتنافس فيها العديد من القوى الإقليمية والعالمية بصورة نشطة كتركيا وإيران، والعامل الرابع هو أن الشرق الأوسط يعاني من شحٍّ ملموس في معايير الحرب وآليات فضّ النزاع وتحقيق التسويات السياسية، بالمقارنة مع مناطق العالم الأخرى، وكان من نتائج ذلك أن المنطقة تحوّلت بجميع بقاعها إلى وكر دبابير من التدخّلات العسكرية والمشاريع الإقليمية الاستعمارية كالمشروع التركي العثماني.

يمثّل تذليل هذه العوامل مهمة عسيرة لراسمي السياسات الإقليميين والدوليين، فالمرجّح، حتى في أكثر السيناريوهات تفاؤلاً، أن التقدم في مجال التهدئة وإعادة الاستقرار سيكون تدريجياً، وبطيئاً، ومتقطّعاً، ومع ذلك، في وسع الفاعلين الإقليميين والدوليين أن يستقرئوا بعض الخطوات العينية الملموسة للتخفيف من مخاطر هذه العوامل المؤدية إلى تصعيد النزاع، بالإضافة إلى هذه العوامل، ينبغي النظر كذلك إلى الخصائص المميزة لكل هذه النزاعات ومصالح الأطراف المتدخّلة، والتي سيجري التعامل معها في نهاية هذا الفصل من خلال سلسلة من التساؤلات والإجابات التي سيطرحها خبراء من البلدان التي تغطيها النقاشات.

وفي السياق، شاركت وكالة فرات للأنباء ( ANF)  في حوار بمركز جسور  للدراسات الاستراتيجية ، مساء أمس الأحد 29 يناير 2023 تحت عنوان "الإرهاب في سوريا تفاعلات داخلية وتأثيرات إقليمية" انطلاقا من اهتمام مركز جسور بقضايا الأمن الإقليمي وقضايا الشرق  الأوسط نظم المركز جلسة ضمن سلسلة حوار جسور حول ملف "الارهاب فى سوريا وتفاعلاته الداخلية وتأثيراته الاقليمية" وذلك ضمن برنامج دراسات الشرق الأوسط و الأمن الإقليمي بحضور نخبة من الباحثين والمتخصصين فى مجال العلاقات الدولية بوجه عام والملف السوري على وجه الخصوص، يوم الأحد 29 يناير 2023، بهدف إعادة رسم خريطة للتحركات الإرهابية والمتطرفة الحالية في الداخل السوري وتحديد إمتداداتها الإقليمية سواء تأثيرًا وتهديدًا أو دعمًا وتشجيعًا.

في بداية الجلسة قدم الدكتور مصطفى صلاح، الباحث في العلاقات الدولية والأمن الإقليمي تصورًا عامًا عن الحالة الجهادية في سوريا، وأبرز العوامل المحيطة بانتشار الجماعات الارهابية بسوريا ببعضها يتعلق بالجماعات نفسها والبعض الأخر يتعلق بالنظام السوري والبعض يتعلق بقوي خارجية خاصة القوى الإقليمية بشمال سوريا، وأشار صلاح إلى ظهور نوع من أنواع الاندماج الجهادي بين بعض الجماعات المتطرفة والتي تحولت لاحقًا إلى صراع بينهم، فهيئة تحرير الشام تمكنت من بسط نفوذها في شمال غرب سوريا وأضفت على نفسها الطابع المحلي مما ساعدها على التفاوض مع الولايات المتحدة الامريكية، هذا المنظور الذي بدا أن يظهر بتحويل الجماعات الارهابية إلى جماعات محلية تستطيع من خلالها التفاوض وبالتالي نحن أمام نموذج شبيه بطالبان أفغانستان عندما تتحول الجماعات الإرهابية إلى هيئات مسلحة تبسط نفوذها العسكري والسياسي ويتم الإعتراف بها والتفاوض معها ،وحذر صلاح من قدرة الجماعات الإرهابية على التحرك وبناء مجتمعات حاضنة لهم في الإقليم في ظل هشاشة النظام السوري الداخلي وهو ما سيطال دول الإقليم وعودتهم إلى بلدانهم الأصلية خاصة الدول العربية سيمثل تهديدًا لاستقرارها.

 من جهة أخرى أبرز السيد رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الانسان، أن النظام السوري استفاد من المنظمات الجهادية لكن هناك أطراف اقليمية داعمة للإرهاب في سوريا حيث أن أول عملية ارهابية في سوريا من تنظيم القاعدة وجبهة النصره، داعش جاءت من العراق من خلال تسهيل الأطراف الإقليمية المتورطة لهم، كما أن هيئة التحرير الشام قتلت اللاجئين السوريين وقامت بخطف الراهبات، وأشار إلى أن داعش أرسلت إرهابيين إلى ليبيا وكانت تستهدف مصر لولا وضع خط سرت كخط أحمر من قبل القيادة المصرية وهو ما منع تمددها شرقًا في الاتجاه المصري. وإتهم السيد / رامي عبد الرحمن بعض الأطراف الاقليمية داخل سوريا وعلى رأسهم تركيا بدعم الإرهاب ونوه على أن خطر الأطراف الاقليمية هو الخطر الأكبر على سوريا والشرق الاوسط ويجب على دول المنطقة وضع ذلك دائما في الاعتبار وكما أشار إلى التواجد الإيراني وكذلك أطرف ومليشيات محسوبة عليها مارست الإرهاب أيضاً.

 أما الأستاذ منير أديب الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإرهابية والجماعات المتطرفة، أشار أن المنظمات الجهادية هي صناعة عدد من الأطراف الدولية واستخدمت ووظفت ذات التنظيمات لتوجيه نفس الضربة للولايات المتحده فهذه التنظيمات لم تنشأ بعيدا عن القوي الدولية بل بدعمها وتحت أعينها، هناك بعض الأطراف الإقليمية المتداخلة في سوريا كتركيا ما زالت موجودة وترى أن دعم أمنها القومي في دعم تلك التنظيمات، وهو دعم ليس مصلحي ولكن بعض الأنظمة ترى أن أمنه الحقيقي في دعم تلك التنظيمات واستمرارها، يرى منير أيضا أن التنظيمات الداعشية أبنة البيئة العربية ووجدت فيها حاضنة لها بسبب إنتشار خطاب الكراهية والذي يجب مكافحته على كافة المستويات لأن إستمراره يغذي الإيديولوجيا المبررة لوجود هذه الجماعات الإرهابية. وإستنكر أديب أن يتم وضع قوات سوريا الديمقراطية على قوائم الإرهاب عند بعض الدول وهي القوات الوحيدة التي أثبتت جدارتها في محاربة التنظيمات الجهادية وعملت على إستقرار المناطق التي حررتها، وشدد أديب علي أن مصر لديها تجربة ناجحة في مواجهة الإرهاب لذا لابد من تعميم تلك التجربة وكذلك التجارب الناجحة في مواجهة الإرهاب لذا على الجميع ان يتعاون ويواجهه، فلكي نقضي على الارهاب لابد من ان تكون المواجهة دولية وحاسمة، وعبر تقنية الزووم شارك السيد فرهاد شامي المتحدث الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية، وقام بعرض الموقف الحالي في الداخل السوري حيث إنتشار الجماعات الإرهابية في البادية السورية وأن هناك حملة عسكرية لتطهير منطقة الرقة من الجماعات التي تتخذ من العمليات الفردية تارة والعمليات الجماعية تارة أخرى لإعلان تواجدها بالداخل السوري.

وأكد السيد فرهاد شامي علي أن استراتيجية القضاء على الجماعات الإرهابية تقتضي وجود نظام سياسي سوري يمثل كل السوريين ومتفق عليه من الجميع لأن الإرهاب يستفيد من التشرذم السياسي وينفذ إلى العمق السوري ويعيش على اختلالاته السياسية. كما أشار إلى أهمية البعد الاقتصادي والإجتماعي في محاربة التنظيمات المتطرفة فإيجاد بيئة مستقرة ونمو اقتصادي يؤدي إلي رفض الحاضنات الإجتماعية لنمو أو تعايش هذه الجماعات ولابد أن يكون هناك تضافر جهود لاستمرار مكافحة داعش على كافة المستويات، وأشار أن التهديات التركية بالاجتياح وموقفها يساعد داعش وخلاياه بشكل كبير.

 وفي كلمته أشار النائب عاطف مغاوري عضو مجلس النواب ونائب رئيس حزب التجمع، أنه منذ 2012 عندما كان عضو في لجنة الشؤون البرلمانية بمجلس النواب وكان وقتها تشكيلته سلفية إخوانية حذر من دعم للجماعات الإرهابية الذي ظهر جليا منذ اليوم الأول للأزمة السورية، كما أنه رفض الموقف المصري وقتها بطرد السفير السوري من القاهرة وسحب السفير المصري من سوريا لأن إنسحاب مصر من الملف السوري سوف يعطي المساحة للقوى الأخرى بالتواجد والتغلغل على حساب أمننا القومي، ويشير النائب عاطف مغاوري، إلي رصد عدد 169 تنظيم ارهابي نشط في الداخل السوري وهذا يمثل تهديد حقيقي ووجودي للأمن الاقليمي بمفهومه الضيق والواسع ولابد من دعم كافة الجهود التى تحافظ على وحدة سوريا وعلى تخليصها من الارهاب وتجفيف منابعه خاصة من جانبه التركي ونوه الى أنه ضد أي عمل عسكرى من جانب تركيا يستهدف الشمال السورى فهذا اعتداء مرفوض ويعطى فرصة لاعادة الحياة لبعض التنظيمات الارهابية التى تتعايش على هذه التدخلات العسكرية التركية .

الاستاذه ليلى موسى ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية بالقاهرة أكدت أن هناك خطر يهدد أمن المنطقة عموما والعالم أجمع بوجود الجماعات الارهابية ففي سوريا لا يوجد بيت واحد لم يقدم شهيدا في الحرب ضد الارهاب والتطرف وحذرت من "أن الارهاب لم ينتهى وداعش لم ينتهى لانه مشروع فكرى أيديولوجي لذا نحن بحاجة الى مشروع فكرى حقيقي يتصدى للايديولوجيا المؤسسة للتنظيمات الجهادية "

ونوهت السيدة ليلي أن تركيا دائما تهدد باجتياح سوريا بري وعسكري وهو ما يزعزع الشمال السورى ويعزز من تواجد الجماعات الارهابية التى تجد في الدعم التركي طوق نجاة لها واستمرار لوجودها .

وفي نهاية اللقاء أشار الدكتور هاني ابراهيم رئيس مركز جسور للدراسات الاستراتيجية، أن الجلسة تناقش الارهاب في سوريا ولكن الأزمة السورية لها تشعبات كثيرة وأنه شديد التشابك ويحتاج الى سلسلة من الجلسات التى يتم فيها دعوة كافة الاطراف الممثلة للداخل السورى ، لكنه أشار الى ثلاث نقاط رئيسية وهي:

 1- الدولة المصرية نادت في كافة المحافل بضرورة تجفيف منابع تمويل الارهاب وعلى الدول الراعية للجماعات المتطرفة أن تتوقف عن تمويلها لهذه الجماعات اذا كنا نريد للارهاب أن يختفى .

 2- الارهاب في سوريا يتواجد بسبب هشاشة النظام السياسي الداخلي وعدم تمثيله التمثيل العادل لمختلف مكونات الشعب السورى .

 3- الأهم هو المحافظة على وحدة سوريا مع الأنصات لمطالب الداخل السورى وطرح مشروع الأدارات الذاتية للأقاليم السورية داخل الدولة السورية وهو ما يمكن أن نسميه لا مركزية الحكم في سوريا وهو حل ديمقراطى أخذت به العديد من الدول لتنمية أقاليمها الداخلية والحفاظ على وحدتها العامة وقد يكون هذا هو طريق القضاء على التنظيمات الأرهابية .

وفي نهاية الجلسة كان هناك عدد من التوصيات:

  • ضرورة وضع استراتيجية عامة لمواجهة تنظيمات العنف والإرهاب.
  • أن تناقش هذه الاستراتيجية في الأمم المتحدة وأن تراعي خصوصية كل دولة في مواجهة تلك التنظيمات.
  • البدء بخطوات عملية لحل الأزمة السورية.
  • لابد أن يكون هناك موقف عربي صريح يمنع أي عملية عسكرية جديدة.
  • يتطلب من المجتمع الدولي إيجاد حل جذري لعناصر التنظيم أمام المحكمة الدولية.
  • أن يكون لمجموعة السلام العربي دور في سوريا ويقوموا بزيارة لسوريا.
  • تأسيس تحالف المجتمع المدني الداعم للسلام في سوريا.