هاكان فيدان والكرد.. توقعات باستمرار التصعيد

ارتبط حكم رجب طيب أردوغان تقريبا باسم هاكان فيدان هذا الرجل التركي الكردي الذي يوصف بأنه الصندوق الأسود للرئيس التركي وكاتم أسراره وذراعه اليمنى، والذي اختاره لشغل حقيبة الخارجية بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية الأخيرة.

بعد أن شغل لنحو 13 عام منصب رئيس الاستخابارت التركية ولعب دورا كبيرا في تنفيذ كثير من أجندات أردوغان التخريبية.

يرى مراقبون أن اختيار "فيدان" لمنصب وزير الخارجية في ولاية أردوغان الجديدة، ما هو إلا بمثابة نوع من الإشهار للدور الذي كان يلعبه خلال توليه الاستخبارات، حيث أنه كان وزير الخارجية الخفي، وهو الذي أدار كثير من الملفات الحساسة مثل سوريا وليبيا والعلاقات مع مصر، وما حدث أنه خرج إلى العلن كوزير للخارجية.

الموقف من الكرد

الملف الكردي والتعامل مع قضايا الكرد داخليا وخارجيا أحد أبرز الملفات التي تطرح نفسها على الساحة التركية خلال الفترة الأخيرة، وقد لعب هاكان فيدان دورا مهما فيه سواء في فترة التفاوض أو حتى في مرحلة عسكرة الملف، فهو نقطة محورية أيا كانت طبيعة هذا التطور، وفق الباحث التركي عدنان جيليك.

ولعل معضلة الكرد في تركيا لا تقتصر فقط على ممارسات النظام التركي ضدهم، ولكن المشكلة أن تلك الممارسات ترتبط بخطاب قومي متطرف اعتمد عليه أردوغان بصفة رئيسية لكسب الانتخابات، كما أن المعارضة أيضا انغمست في هذا الخطاب، وكانت الأفكار القومية عاملا حاسما في مسار تلك الانتخابات.

ويقول "جيليك" في تصريحات له إن "فيدان" كان له دورا مهما في محادثات أوسلو مع حزب العمال الكردستاني عام 2009، وإمرلي في الفترة من 2013 و2015، لكنه كان أيضًا نشطاً جداً في الجيش النظامي والحرب شبه العسكرية ضد شمال سوريا وجنوب كردستان في وقت لاحق، مضيفاً: "لقد استخدم القدرة العسكرية المعززة التي وصلت إليها الطائرات بدون طيار لأغراض استخباراتية وقاد جريمة خطيرة عن طريق اغتيال مسؤولين من المستويات العليا والمتوسطة من حزب العمال الكردستاني".

وأشار "جيليك" إلى أن أردوغان قام بحماية هاكان فيدان ضد جميع المنتقدين، بدليل أنه تم إرساله إلى أوسلو وإمرلي، ومن ثم سيكون "فيدان" نقطة حاسمة فيما يتعلق بالقضية الكردية، إما في مفاوضات يتم إجراؤها مع الحركة الكردية، أو في استمرار التصعيد العسكري.

بدوره، يقول مصطفى صلاح الباحث في الشأن التركي، لوكالة فرات للأنباء، إن فيدان سيواصل نفس سياسة التصعيد التي اتبعها أردوغان ضد الكرد خلال السنوات الماضية، مؤكدا أن الأمر لن يكون مقتصرا فقط على الكرد داخل تركيا، بل كذلك الكرد خارج تركيا.

وأضاف "صلاح" أن هاكان فيدان رغم أنه كردي لكنه متشدد جدا في التعامل مع وضع الكرد، ومن ثم فإن اختباره وزيرا للخارجية يعني أن هذا الملف سيكون مهما بالنسبة للرئيس التركي، وأن أردوغان يولي السياسة الخارجية أهمية كبيرة ولهذا اختار من يثق فيه.

تخريب سوريا وليبيا

وقبل سنوات كشفت تسريبات نشرتها وسائل إعلام تركية من بينها صحيفة "زمان" عن دور هاكان فيدان في تخريب سوريا، حيث قاد التخطيط لتحركات التنظيمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة في سوريا أو ما ارتبط بتركيا مثل الجيش الحر وغيرها، خصوصا وأنه يتعامل مع تلك التنظيمات وفق قناعاته بأنها أذرع يجب الحفاظ عليها.

وأكدت تقارير سابقة أن فيدان كان ينقل الأسلحة والذخيرة للتنظيمات الإرهابية في سوريا في سيارات تابعة للمخابرات التركية كانت تأتي تحت غطاء المساعدات الإنسانية، فضلا عن تسهيل الاستخبارات التركية انتقال المقاتلين والإرهابيين الأجانب إلى سوريا وتلقيهم التدريبات، وهم من اعتدت عليهم في احتلال مناطق واسعة بالشمال السوري.

نفس ما قامت به تركيا بترتيبات من هاكان فيدان قامت به في ليبيا عبر نقل المرتزقة للقتال في هذا البلد الواقع شمال أفريقيا ضد قوات ما يعرف بـ"الجيش الوطني الليبي" بقيادة خليفة حفتر، إذ أن "فيدان" نفسه زار طرابلس العاصمة الليبية الخاضعة لسيطرة تيارات الإسلام السياسي المرتبطة بتركيا.

 دور رئيسي في إحكام قبضة أردوغان على البلاد

في هذا السياق، يقول عمر رأفت الباحث في الشأن التركي، لوكالة فرات للأنباء، إن هاكان فيدان رجل أردوغان السري، والذي يعتمد عليه منذ فترة ليست بالقصيرة، فقد شغل منصب رئيس جهاز المخابرات التركية لمدة 13 عامًا منذ 27 مايو 2010، مضيفاً أنه وفقا لدراسات فيدان وعقليته فإنه يريد تحويل تركيا إلى دولة استخباراتية، وبعد محاولة الانقلاب عام 2016، أصبح هذا هو الواقع فقد ساعد فيدان أردوغان عبر سلطات الطوارئ في إحكام قبضته على البلاد

ويرى "رأفت" أن سياسة فيدان الخارجية ستضع مصلحة تركيا في المقام الأول خاصة في الملفات الأمنية وابرزها في ليبيا وسوريا والعراق، كما أن لديه علاقات ممتازة بالشرق والغرب، فهو من قاد المصالحة مع مصر والإمارات والسعودية، وهو من جلس مع بشار الأسد في وقت سابق، وهو متوافق مع أردوغان على ضرورة التحالف مع روسيا، وفي الوقت نفسه علاقاته الغربية جيدة لأنه يريد ترابطًا معهم، فهو خريج الجامعات الأمريكية، وله صلاته الوثيقة بحلف الناتو.

وأعرب الباحث في الشأن التركي عن اعتقاده بأن "فيدان يستطيع حل ملف التوتر في شرق البحر المتوسط والعلاقات مع اليونان وموقف تركيا من طلب السويد الانضمام إلى عضوية حلف شمال الأطلسي والذي يتطلع الحلف إلى الانتهاء منه قبل قمته المقبلة في فيلينوس عاصمة ليتوانيا في يوليو المقبل، والحرب بين روسيا وأوكرانيا بالاضافة إلى الاستمرار في تعزيز الدور التركي في دوائر علاقاتها ومصالحها في أفريقيا والقوقاز والبلقان، والعلاقات مع إيران وأرمينيا والقضية القبرصية.