عقدت الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، التي يرأس مجلس إدارتها الأستاذ الدكتور أحمد الشربيني، ندوة بعنوان "التاريخ الحديث والمعاصر" يوم السبت، 2 تشرين الثاني 2024، في مقرها في مدينة نصر في العاصمة المصرية القاهرة. وقد أدار الندوة السفير شريف شاهين، سفير مصر الأسبق في العراق. وقد تناولت الندوة محورين:
- تطور القضية الكردية خلال القرن العشرين والدولة العثمانية والمسألة الكردية حتى مؤتمر لوزان.
- تطور الزعامة الكردية بين الأمراء ورجال الدين والسياسة في النصف الأول من القرن العشرين.
شارك في الندوة كمتحدثين رئيسيين كل من:
- الأستاذ الدكتور محمد رفعت الإمام، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب، جامعة دمنهور وعميدها الأسبق، حيث تحدث عن "تطور القضية الكردية خلال القرن العشرين".
- الأستاذ أحمد محمد إنبيوة، باحث دكتوراه في جامعة القاهرة، الذي ناقش موضوع "تطور الزعامة الكردية خلال القرن العشرين".
كما حضر الندوة عدد من الباحثين والمؤرخين والإعلاميين والمثقفين المهتمين بالملف الكردي، وضمت الندوة عددًا من الشخصيات البارزة في المجال الأكاديمي المصري ضمن "أسرة الندوة"، من بينهم:
- الأستاذ الدكتور خاف الميري
- الأستاذ الدكتور عبد الحميد شلبي
- الدكتور حسين السيد
- الدكتورة صفاء شاكر
في البداية، تحدث الأستاذ الدكتور أحمد الشربيني ورحب بالحضور، مؤكدًا على أهمية تناول التاريخ ومكوناته وشعوبها، بما في ذلك تاريخ ومراحل التي مر بها الشعب والقومية الكردية. ثم انتقل الحديث إلى مدير الندوة السفير شريف شاهين، الذي أكد وجوب تناول التفاعل التاريخي بين شعوب المنطقة وضرورة فهم الحيثيات والمشاكل التي حصلت، مبينًا ضرورة تكاتف وتضامن شعوب المنطقة في ظل التحديات الراهنة، وأن التاريخ هو مدرسة للحاضر والمستقبل.
أما الأستاذ الدكتور محمد رفعت الإمام، فقد بدأ بالتعريف بالكرد وبجغرافية كردستان الواسعة، وعرض بشكل تفصيلي المراحل التاريخية المختلفة لتطور القضية الكردية، وكذلك الصراعات التي جرت على كردستان بين القوى الإقليمية، مثل الدولة الصفوية والعثمانية. مذكّرًا أيضًا بالاتفاقيات التي تم فيها تقسيم كردستان، بدءًا من اتفاقية قصر شيرين عام 1639 وصولاً إلى اتفاقية لوزان التي قسمت كردستان التي كانت ضمن الدول العثمانية إلى ثلاثة أقسام بين تركيا وسوريا والعراق. وعرض الدكتور محمد رفعت الإمام كذلك الممارسات التي تعرض لها الكرد من الدول والسلطات القومية بعد تقسيم الكرد.
وقد تحدث الأستاذ الدكتور محمد رفعت أيضًا عن الإمارات الكردية التي تجاوزت 21 إمارة بين العراق وإيران وتركيا، وكيفية عمل وإدارة هذه الإمارات وطموحاتها التي لم تتحقق في التبلور إلى كيان شامل يضمن الكرد جميعًا، رغم الخطوات الكبيرة المماثلة لما قام به محمد علي الكبير في مصر. كما أشار إلى استغلال الصفويين والعثمانيين للكرد في حروبهم ثم التخلي عن أي تعهد أو التزام تجاههم.
وقد أشار الأستاذ الدكتور إلى أن الاتحاد والترقي الذي ظهر في تركيا كان له دور سلبي جدًا في الذهاب نحو تشكيل دولة قومية تم فيها إنكار حقوق الكرد الطبيعية. وقال الإمام إن الأتراك كان لهم استراتيجية وفق ثلاث مراحل حسب كل فترة: استغلال الكرد والاستفادة منهم أثناء ضعفهم، ومحاربتهم وإضعافهم عندما يشعرون بالقوة، أو التفاوض معهم لدرء خطرهم وللتحكم بهم.
أما الدكتور أحمد إنبيوة، فقد تناول موضوع الزعامة في المجتمع الكردي وتحولاتها المختلفة، من الأمراء إلى رجال الدين والشيوخ وكذلك زعماء العشائر، مؤكدًا على أهمية الزعامة كتبلور لوعي جمعي يلتف حول قائد له كاريزما وهيبة تجعل له من التأثير والمكانة ما يؤهله لقيادة قطاعات كبيرة من الشعب. مذكّرًا بعدد من القادة الكرد وصولًا للقائد أوجلان، الذي برأيه استطاع أن يحقق قفزة نوعية وكبيرة ومختلفة في مفهوم القيادة والزعامة الكردية. مؤكدًا أن فلسفته التنظيمية والسياسية والمجتمعية أسهمت في تشكيل الهوية الكردية الحديثة والنضال من أجل حقوق الكرد، مذكّرًا بالثورة الذهنية التي حققها أوجلان من خلال كتبه ومجلداته. كما أكد الدكتور محمد إنبيوة على أهمية ما طرحه أوجلان من مفهوم التعايش والأخوة بين الشعوب وحرية المرأة في مشروع الأمة الديمقراطية، قائلًا إنه بهذا الفكر والمشروع استطاع أن يحقق هوية نضالية وشخصية كردية قادرة على قيادة عمليات التغيير والبناء ومواجهة التحديات المختلفة بالتعاون والتشارك مع باقي شعوب المنطقة.
تلا ذلك جولة من النقاش والحوار مع الحضور الذين أكدوا على أهمية الموضوع وضرورة تناول قضايا شعوبنا الأصيلة ومكونات المنطقة، لكي يكون هناك فهم ووعي بهذه الشعوب والمساهمة التي قامت وتقوم بها هذه الشعوب في بناء الحياة المستقرة والآمنة في المنطقة.
وقد أشار عدد من الحضور إلى ضرورة وجود قراءات تاريخية للملف الكردي، خاصة أن المصادر الكردية بحد ذاتها قليلة، والموجود من الدول الأخرى والقوى الاستعمارية التي تدخلت في شؤون المنطقة وشؤون الشعب الكردي. كما أكد الحضور على أهمية أفكار وفلسفة الأمة الديمقراطية للقائد والمفكر أوجلان في حل القضية الكردية ضمن الحدود الموجودة، والحفاظ على وحدة الدول والشعوب أمام التحديات والهجمات المختلفة التي تريد تكرار اتفاقيات لوزان وسايكس بيكو مرة أخرى.