اربعة أعوام على التحرير.. كيف أصبحت عاصمة "خلافة داعش"المزعومة ملاذا لكل السوريين

أشبه بمدينة أشباح, هكذا كانت مدينة الرقة منذ 4 أعوام, وبعد التحرير باشر مجلس الرقة المدني وأهالي الرقة بكل إصرار ونشاط على إعادة الحياة إلى مدينتهم, لتحيا مجدداً لتعود من بين الانقاض كما كانت وأفضل من السابق.

حررت قوات سوريا الديمقراطية مدينة الرقة بشكل كامل من مرتزقة داعش بدعم من التحالف الدولي في ال17 من تشرين الأول عام 2017, بعد معارك شرسة شهدتها المدينة خلفت على إثرها دمار بنسبة 90 بالمئة.

وقُبيل خروج تنظيم داعش من المدينة عمل على زرع الألغام في كل موقع اتخذه كنقطة عسكرية, وذلك لإخفاء المخططات والملفات السرية وخرائط الأنفاق المعقدة التي شكلت مدينة تحت الأرض للقدرة على التحرك ونقل السلاح والغذاء وإنشاء سجون بسرية تامة, واستخدام العربات المفخخة في حال فقد السيطرة على المناطق الخاضعة لهم.

كما وتعرضت كافة القطاعات الخدمية والصحية والبنى التحتية لدمار كامل نتيجة المعارك التي شهدتها المدينة والتي دامت لمدة 166 يوماً وخلفت أضرارا جسيمة  في كافة مقومات الحياة الاساسية.

وفور تحرير المدينة, بدأ مجلس الرقة المدني أعماله الخدمية بوضع مخطط عمل للجانه المختلفة من أجل إعادة إعمار المدينة مجدداً, بعد نقل المجلس المدني الذي أسس في 17 نيسان عام 2017 مقره من ناحية عين عيسى إلى مدينة الرقة.

وبعد 4 سنوات من التحرير, بدأت ملامح مدينة الرقة تعود تدريجياً بتكاتف مجلس الرقة المدني مع أهالي المدينة المتشبثين بالبقاء في مدينتهم رغم الدمار الذي لحق بها, لتصبح الرقة الملاذ الأمن لكل السوريين.

وليبلغ عدد سكان مدينة الرقة وريفها عام 2020, 785 ألف نسمة ,فيما بلغ عدد النازحين في المخيمات النظامية والعشوائية والقاطنين ضمن المدينة 81 ألف نازح من مختلف المناطق السورية.

وحول دور المجلس المدني في إحياء المدينة تحدث الرئيس المشترك لمجلس الرقة المدني محمد نور الذيب لوكالة فرات للأنباء ANF عن الصعوبات التي واجهت المجلس المدني, والأعمال الخدمية التي شهدتها المدينة خلال 4 أعوام من العمل المستمر.

واستهل محمد نور الذيب حديثه بالقول "يصادف 17 تشرين الأول الذكرى السنوية الرابعة لتحرير مدينة الرقة  من تنظيم داعش, بعد تشكيل دولة الخلافة في العراق والشام واتخاذ مدينة الرقة العاصمة المزعومة لها, لتنظيم وتخطيط الهجمات في الداخل والخارج".

معركة الحسم

وقال محمد نور الذيب "أعلنت قوات سوريا الديمقراطية معركة الحسم لتحرير المدينة, وانضم الألاف من أبناء العشائر العربية إلى صفوف قوات سوريا الديمقراطية لتحرير مدينتهم من رجس التنظيم الإرهابي, وقدمت أكثر من 12 ألف شهيد و20ألف جريح لتحرير مناطق شمال وشرق سوريا من التنظيمات الإرهابية.

وأكمل الذيب "وبعد تحرير مدينة الرقة, بدا المجلس المدني بإعادة إعمار وتأهيل أكثر من 90 بالمئة من الأماكن المدمرة في المدينة, والعمل على إعادة الخدمات الاساسية, وافتتاح المدارس, وترحيل الركام, وإزالة الألغام, وتوصيل المياه, وإعادة تأهيل القطاع الزراعي والصناعي والاقتصادي لتعود الحياة إلى المدينة تدريجياً".

وأوضح الذيب "الانتصار التي حققته قوات سوريا الديمقراطية ليس لأبناء سوريا فقط, إنما انتصار قوة الخير على قوة الظلام في العالم, ,إلا إن ذلك الانتصار لم يعجب دولة الاحتلال التركي, وشنت هجمات متكررة على مناطق شمال وشرق سوريا, وعملت على احتلال الاراضي السورية تحت ذرائع كاذبة".

بناء المدينة بسواعد الأهالي

أصرار الأهالي  على العودة كان له دور كبير في مساندة أعمال مجلس الرقة المدني, وقُبيل إزالة الألغام توافد الألاف من الأهالي إلى  مدينتهم لإحيائها مجدداً.

وأكد الذيب "نطمح خلال العام 2022 للانتقال من التخطيط التكتيكي والاسعافي إلى التخطيط الاستراتيجي لإعادة المدينة من كافة القطاعات الخدمية.

 ونوه محمد نور الذيب "مناطق شمال وشرق وسوريا أصبحت الملاذ الأمن لكل السوريين بسبب الأمن والاستقرار التي تشهده المنطقة, حيث يتوافد يومياً العشرات من الأهالي القاطنين في مناطق النظام السوري والمناطق المحتلة.

واختتم الرئيس المشترك لمجلس الرقة المدني حديثه قائلا "نتمنى أن يعم السلام في عموم المناطق السورية بعد 10 سنوات من الظلام الذي عاناه الشعب السوري, واستخدام كافة الأسلحة ضد المدنيين العزل, جميعنا سوريين ومن حقنا العيش بسلام".

انتشال الجثث

وخلفت مرتزقة داعش ورائها العديد من المقابر الجماعية التي دفنت فيها مقاتلين من المرتزقة, وعدد كبير من المدنيين الذين تم تنفيذ حكم الإعدام بحقهم، وكان لفريق الاستجابة الأولية دور كبير بالعمل على انتشال الجثث.

تأسّس فريق الاستجابة الأولية بتاريخ 9 كانون الثاني 2018 ، ويضمّ 5 أقسام " فريق الإطفاء وفريق الإسعاف وفريق الغواصين وفريق الطب الشرعي (انتشال الجثث) وفريق إزالة الأنقاض".

وخلال لقاء مع مدير فريق الاستجابة الأولية ياسر الخميس قال "اكتشفنا 34 مقبرة جماعية إلى الأن عملنا على 28 مقبرة منها وتم انتشال 6100 جثة منها في مدينة الرقة ومنها في الأرياف تم التعرف على 700 جثة منها فقط عن طريق ذويهم".

وأوضح ياسر الخميس "سيذهب فريق انتشال الجثث إلى أربيل لتلقي التدريب من قبل فريق أرجنتيني للتعرف على كيفية التعامل مع الجثث وكيفية التعرف عليها عن طريق جهاز فحص الـDNAلأن سجل المفقودين كبير جداً وهناك وعود بتقديم جهاز فحص الـDNAفي الفترة المقبلة".

مشاريع تحيي المدينة

وتعرضت مدينة الرقة لدمار كبير على المستوى الخدمي من خلال الدمار الكامل للبنى التحتية والخدمية والتي تشكل أساس المدينة, لتبدأ اللجنة المحلية للبلديات التابعة لمجلس الرقة المدني على وضع خطط عمل لإعادة إحياء المدينة مجدداً.

ومن جانبه تحدث الرئيس المشتركة للجنة الإدارة المحلية والبلديات في مجلس الرقة المدني أحمد الخضر قائلا "منذ بداية التحرير كان أهم عمل لدينا هو إزالة الأنقاض وترحيلها وفتح الشوارع وتم إزالة أكثر من 5 مليون م3، بالإضافة إلى تأهيل شبكات مياه الشرب كونها مصدر الحياة, وإعادة تأهيل 12جسر في مدينة الرقة وريفها من أصل 60 جسر مدمر".

نهوض القطاع التعليمي

حُرمَ أبناء مدينة الرقة من حقهم في التعليم لمدة 5 سنوات على التوالي وخضع العديد منهم لدورات شرعية على يد  تنظيم داعش, ناهيك عن إعاقة الطلبة من التعليم خارج مناطق سيطرتهم.

وبعد 4 سنوات على التحرير, يشهد القطاع التعليمي نمواً ملحوظاً, إذ بلغ عدد الطلبة في المدينة وريفها 116 ألف طالب وطالبة موزعين على 400 مدرسة, بكادر من المعلمين المختصين البلغ عددهم 5420 معلم ومعلمة بقدرات, فيما تم تأهيل  90 مدرسة بشكل كامل, وبلغ عدد المدارس المؤهلة جزئياً 201 مدرسة في الرقة وريفها.

إزالة مخلفات الحرب القابلة للانفجار

ومنذ بداية التحرير, عمل الأمن الداخلي واللجان التابعة له, على بسط أمن واستقرار المنطقة من خلال إزالة الألغام التي زرعها تنظيم داعش قُبيل خروجه, وكان لقوى أمن الداخلي دورا كبير في ملاحقة الخلايا النائمة بشكل مستمر.

وبلغ عدد الألغام التي زرعتها تنظيم داعش في الرقة والريف 14874 لغم وعبوة ناسفة, بالإضافة إلى إتلاف أكثر من 70 ألف و 729 بين عبوة ناسفة وحزام وقنبلة.