وكان بشار الأسد شارك في أعمال قمة جدة يوم الجمعة وألفى كلمة، كما أجرى عددا من اللقاءات الثنائية مع بعض القادة العرب، وذلك بعد دعوة الرياض له للمشاركة في القمة في أعقاب قرار عودة النظام إلى الجامعة العربية الذي اتخذ مؤخرا بعد مجموعة من اللقاءات العربية.
"جارديان": نقطة تحول في الشرق الأوسط
في هذا السياق، قالت صحيفة "جارديان" البريطانية إن عودة بشار الأسد إلى جامعة الدول العربية دون أي شروط مسبقة بشأن المعاملة المستقبلية لملايين السوريين الذين شردتهم الحرب الأهلية تعد نقطة تحول في الشرق الأوسط، وتشير إلى أن قدرته على التحمل ووحشيته قد أثمرت. ولفتت الصحيفة إلى أن منتقدي حكمه داخل سوريا يرونه لا يزال هشًا، حيث توجد أجزاء كبيرة من شمال البلاد خارجة عن سيطرته، ويعارض ملايين اللاجئين حكمه في البلدان المحيطة بسوريا.
ولفتت الصحيفة البريطانية إلى انسحاب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني من القمة قبل حديث الرئيس السوري، في إشارة إلى مشاركة بعض الدول العربية في رفض الولايات المتحدة لإعادة تأهيل الأسد وعودته إلى الجامعة العربية، وأضافت أن أمير قطر لم يجر أي اجتماعات ثنائية أو يتحدث بنفسه في القمة، ومن الواضح أنه لا يريد الإضرار بالعلاقة الحساسة والمشحونة مؤخرًا مع المملكة العربية السعودية، في ظل معارضة "الدوحة" للموقف السعودي من "الأسد"، وخصوصا أن هذا يأتي في أعقاب مصالحة أتت بعد خلاف دام لسنوات.
"بي بي سي": اعتراف بانتصار بشار الأسد في حربه ضد شعبه
موقع هيئة الأذاعة البريطاني "بي بي سي" بدوره قال إن مشاركة بشار الأسد في أعمال القمة العربية بالسعودية كانت أوضح اعتراف حتى الآن بانتصاره في حربه ضد شعبه، وأضافت أن مشاركته ينظر إليها بجزع من قبل السوريين الذين يلومون هذا النظام على تدمير بلدهم، بما في ذلك جميع اللاجئين السوريين.
واستطلعت "بي بي سي" آراء بعض اللاجئين السوريين في لبنان والذين قال أحدهم إن "نظام الأسد ديكتاتوري مثل الأنظمة العربية الأخرى، إنهم يساعدون بعضهم البعض، ويتعاونون ضد الشعب السوري". ولفتت "بي بي سي" إلى أن في الوقت الذي يشارك بشار الأسد في القمة العربية فإن سوريا لا تزال تحت العقوبات الأمريكية والأوروبية. ونقلت انتقادات لمنظمة العفو الدولة إلى الرئيس السوري وقالت إنه قد حول بلاده إلى "مسلخ"، داعية بريطانيا إلى أن تعارض أي محاولات لتعزيز مكانة الأسد الدولية.
"واشنطن بوست": السوريون يشعرون بالخيانة والخذلان
أما صحيفة "واشطن بوست" الأمريكية فقالت إن السوريين يشعرون بالخيانة والخذلان بعد عودة بشار الأسد للجامعة العربية ومشاركته في أعمال القمة العربية الأخيرة، والذي يعود إليها بعد نحو 11 عاما من شغور مقعد بلاده. واعتبر كثير من السوريين أن عودة بشار للجامعة رسالة لكثير من الأنظمة الاستبدادية خارج سوريا بأنه يمكن التغاضي عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الاجتماعية والتي تتورط فيها مثل هذه الأنظمة.
وقالت واشنطن بوست إنه على الرغم من محدودية القوة السياسية للجامعة، إلا أن حضور الأسد القمة كان بمثابة انتصار رمزي كبير للمنبوذ السياسي السابق، الذي اتهمت قواته باستخدام الأسلحة الكيماوية واستهداف المستشفيات والمناطق المدنية خلال حرب أهلية دامية استمرت أكثر من عقد من الزمان ولا تزال مستمرة، مضيفة أن دول الخليج العربي كانت من بين تلك الدول التي دعمت في السابق جهود تدريب وتسليح فصائل المتمردين الذين يسعون للإطاحة بالأسد.
"رويترز": انقسام كبير في سوريا البلد الذي مزقته الحرب
أما وكالة أنباء رويترز فقد استطلعت آراء سوريين في مناطق مختلفة بشأن مشاركة الأسد في أعمال القمة، وسط حالة من الانقسام، إذ رحب من هم في مناطق سيطرة النظام بهذه المشاركة، معربين عن سعادتهم بتلك الخطوة. أما من هم في مناطق المعارضة خصوصا في الشمال فاعتبروا عودته ترحيبا من الدول العربية بإرهابي استخدم جميع الأسلحة اللازمة لتدمير المنازل وإحبار الناس على الفرار.
وقال "رويترز" إن وجهات النظر المتباينة تعكس انقسامات عميقة في بلد مزقته الحرب التي أودت بحياة أكثر من 350 ألف شخص، مع استمرار سيطرة المعارضين للأسد على مساحات شاسعة من الأراضي. ولفتت إلى الدعم الخليجي السابق للمعارضة المسلحة إلا أن ذلك تغير مع هزيمة المعارضة نتيجة الدعم الروسي الإيراني للنظام.