ووفقا للخريطة التي نشرتها "واشنطن بوست" تنتشر القوات التركية في 3 أمكان مختلفة غرب ليبيا هي العاصمة "طرابلس" ومدينة مصراتة وقاعدة الوطية، وهي المناطق الخاضعة لسيطرة ما يسمى بـ"حكومة الوحدة الوطنية" المثار شكوك حول شرعيتها من قبل مجلس النواب الليبي.
تفاصيل انتشار القوات التركية والمرتزقة في ليبيا
في هذا السياق، يقول الكاتب الصحفي الليبي حسين مفتاح، في تصريح لوكالة فرات للأنباء إن لتركيا وجود حقيقي على الأرض الليبية لا سيما في المنطقة الغربية مثل مدينة طرابلس العاصمة ومسلاتة والخمس وفي أقصى الغرب الليبي في الوطية حيث قاعدة عقبة بن نافع التي تسيطر عليها القوات التركية سيطرة تامة منذ عام 2020.
وأضاف "مفتاح" أن تركيا تتواجد في ليبيا عن طريق مجموعات عسكرية نظامية بعدة مبررات منها التدريب ومنها إعادة هيكلة الجيش الليبي، لكن في حقيقة الأمر هو وجود عسكري كامل تسيطر به على قاعدة معيتيقة وقاعدة عقبة بن نافع وقاعدة الكلية الجوية بمصراتة والرصيف الحرب بميناء الخمس.
وإلى جانب تلك القوات النظامية، يقول مدير تحرير بوابة أفريقيا الليبية إنه يوجد كذلك مرتزقة ومقاتلين أجانب سواء كانوا سوريين أو غير سوريين ينتشرون عبر معسكرات في عدة مدن منها العاصمة طرابلس، مؤكدا أن هذا الوجود العسكري أثر بشكل كبير ليس على الوضع الأمني في ليبيا بل على العملية السياسية التي بالتأكيد من ضمن اشتراطات نجاحها هو استتباب الأمن وتهئية الظروف الكاملة من أجل إنجاح العملية السياسية.
الوجود العسكري التركي سبب رئيسي في فشل العملية السياسية
وقال "مفتاح" إنه في ظل الوجود العسكري الأجنبي بمختلف أشكاله، بالتأكيد فإن العملية السياسية ستكون مهددة بخطر هذا الوجود وتوجيه نتائج أي عملية سياسية لمصلحة هذه الأجندة التي تواجدت تركيا في ليبيا بسببها.
وقال الكاتب الصحفي الليبي، في سياق حديثه لوكالة "فرات" للأنباء، إن هناك مطالبات كثيرة في ليبيا لخروج هذه القوات، كما أن اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الأطراف الليبية سنة 2020 في جنيف من ضمن أهم بنوده هو ضرورة خروج القوات الأجنبية والمرتزقة الذين يتواجدون في ليبيا.
ويقول "مفتاح": "لكن للأسف، بعد مرور 3 سنوات على هذا الاتفاق، لا تزال هذه المجموعات موجودة وتسيطر على مصادر اتخاذ القرار في العاصمة طرابلس، وجاء هذا التواجد بطبيعة الحال بداعي توقيع اتفاقية تعاون وقعت بين حكومة الوفاق السابقة بقيادة فايز السراج ودعمتها حكومة الوحدة الوطنية الحالية بقيادة عبدالحميد الدبيبة.
القوات التركية في ليبيا نقطة خلاف رئيسية بين مصر وتركيا
واستدرك الكاتب الصحفي الليبي: "لكن هذه الاتفاقيات بالتأكيد ليست مبررا لاستمرار هذا الوجود العسكري التركي، كون هذه الاتفاقيات غير قانونية وهذه الحكومات غير مخولة بالأساس بأن توقع مثل هذه الاتفاقيات"، معربا عن اعتقاده أن خروج القوات التركية وخروج تركيا من المشهد الليبي أمر في منتهى الصعوبة، وحتى رغم التقارب المصري التركي فإن الملف الليبي نقطة الخلاف الرئيسي في مفاوضات التقارب بين القاهرة وأنقرة.
وقال "مفتاح" إن تركيا تعتقد أن وجودها في ليبيا وجود استراتيجي، كما أن أردوغان يحلم بعودة المجد العثماني القديم والعودة إلى منطقة شمال أفريقيا من خلال السيطرة على ليبيا، واستغلال وجود حكومات ضعيفة تحتاج إلى دعم خارجي وحماية خارجية لاستمرارها في الحكم، وبالتالي أردوغان هو من يوفر لها هذا الدعم السياسي الخارجي والغطاء الأمني في وجود أكثر من 20 ألف مقتل بين مرتزقة ونظاميين يتبعون القوات التركية في ليبيا.
مطالبات من الأمم المتحدة بخروج القوات الأجنبية من ليبيا
وكانت الأمم المتحدة دعت مرارا إلى ضرورة سحب تركيا مرتزقتها من ليبيا، وكذلك خروج كل القوات الأجنبية من ليبيا، كون وجود تلك القوات من شأنه تأخير عملية الانتقال السياسي في ليبيا المتعثيرة، والتي مرت بمنعطفات كثيرة لم تفض إلى استقرار حقيقي في هذا البلد العربي منذ الأطاحة بنظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي عام 2011 ضمن موجة ما سمي بـ"الربيع العربي".
ويشبه الوجود العسكري التركي في ليبيا بالاحتلال التركي لشمال سوريا، حيث تدخلت القوات التركية في بعض مناطق شمال سوريا عسكريا بداعي التصدي لمن تصفهم بالإرهابيين، وخلال وجودها ارتكبت كثير من جرائم الحرب.