وصفت بعض تلك التيارات انتخاب الرئيس المنتهية ولايته لولاية جديدة بمثابة الواجب الشرعي أو المقدس، ويشتد الحال في ظل الذهاب إلى جولة ثانية بين أردوغان وكمال كليجدار أوغلو مرشح تحالف المعارضة.
والمفارقة في تلك البيانات أن بعضهم اعتبر أن احتلال تركيا لشمال سوريا وتدخلها في ليبيا كانت من الأمور التي جلبت الخير على الإسلام والمسلمين، بحسب ما سردوه في "محاسن أردوغان" وأهمية انتخابه لولاية جديدة، وهو الأمر الذي كشف عن حالة كبيرة من القلق وسط هذه الجماعات والتيارات، خشية سقوط "أردوغان" الذي وفر لهم المأوى والملاذ والدعم الكامل على مدار السنوات الماضية في إطار منافع متبادلة بينهم حتى لو على حساب تدمير وتخريب بعض دول المنطقة.
تنظيمات الإسلام السياسي كانت منخرطة في الدعاية لـ "أردوغان"
في هذا السياق، قال أحمد سلطان الباحث في شؤون الحركات الإسلامية إن تنظيمات الإسلام السياسي لم تقم بدور المراقب فقط للانتخابات التركية، فهذه التنظيمات منخرطة بشكل كبير في دعم أردوغان، سواء من خلال الانخراط في جملته الانتخابية، أو الدعاية له عبر منصات مختلفة سواء إعلامية أو مواقع تواصل اجتماعي وغيرها.
وأوضح "سلطان"، في تصريحات لوكالة فرات، أن هذه التنظيمات مشغولة ومتوجسة من أن تؤدي نتائج هذه الانتخابات إلى تغيير في السلطة السياسية التركية، وبالتالي تجد نفسها أمام واقع جديد يعود عليها بالسلب، وبالطبع سيؤدي إلى حالة من الشتات الجديد لها، لأن تركيا خلال السنوات الأخيرة كانت الملاذ الآمن لتنظيمات الإسلام السياسي.
وقال "سلطان" إنه في حال فوز أردوغان بانتخابات الرئاسة خلال الجولة الثانية، فإن وضع هذه التنظيمات سيتعزز بالطبع وستعمل بنفس الطريقة في إطار التفاهمات القديمة بينها وبين السلطات التركية، أما لو خسر فهنا ستحل الكارثة على تيارات الإسلام السياسي وستكون كارثة أكبر للقيادات الوسيطة لهذه الحركات، فالقيادات يمكنهم الانتقال إلى ملاذات أخرى آمنة، أما المجموعات الشبابية ليس لديهم إمكانية الانتقال لبلدان أخرى، وبالتالي صعوبات في الانتقال إلى أماكن أخرى، وربما يتم تسليم بعضهم أو ترحيلهم إلى بلدانهم.
مخاوف من عدم تسليم أردوغان السلطة حال الخسارة واللجوء إلى سيناريو العنف
على مدار الأيام الماضية، تحدث أكثر من تقرير غربي عن إمكانية عدم تسليم أردوغان السلطة حال خسارته، وأبرز تلك التقارير هو ما نشرته وكالة رويترز للأنباء، التي أشارت إلى أن الرئيس الحالي متشبث بالسلطة لدرجة كبيرة، وجاءت تصريحات عديدة لـ "أردوغان" ووزير داخليته سليمان صويلو من قبيل أن أمريكا أعطت أوامراً بالإطاحة بأردوغان، وأن دول غربية تدير انقلاباً ضد أردوغان عبر الانتخابات، لتثير المخاوف وكثير من علامات الاستفهام بشأن موقف أردوغان من تسليم السلطة.
وتحدث الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، لوكالة فرات للأنباء، عن سيناريو لجوء تلك الجماعات إلى العنف في حال خسارة أردوعان واختيار الأخير عسكرة النتائج، قائلا إنه لا بد من الإشارة إلى أن الواقع العملي في تركيا يقول إن تنظيمات الإسلام السياسي وكل ما يدور في فلكها هي تحت سلطة الأجهزة الرسمية في تركيا سواء أجهزة الأمن والمعلومات أو ما إلى ذلك.
وأضاف: "وبالتالي فإن تلك الحركات لن تتجه إلى العنف إلا إذا كان هناك اتجاهاً تصعيدياً من حزب العدالة والتنمية وأردوغان في حال خسارته الانتخابات"، معبراً عن اعتقاده بأن أردوغان لن يقبل على هذه الخطوة حال خسارته، لأنه سيكون لها تأثيراً كارثياً عليه وعلى حزبه، وبالتالي هذه الجماعات تحركها مرهون بالقرار الذي يمكن أن يتخذه أردوغان وحزب العدالة والتنمية بشأن التعامل مع الانتخابات حال الخسارة في الجولة الثانية.
التنظيمات المسلحة السورية الموالية لـ "أردوغان" تخشى كارثة خسارته الانتخابات
تحدث "سلطان" كذلك عن التنظيمات الإسلامية المسلحة مثل هيئة تحرير الشام والفصائل السورية المسلحة التي تدعمها تركيا في شمال غرب سوريا، وقال إن فوز كمال كليجدار أوغلو سيفاقم من أزمات تلك التنظيمات الحالية، وسيكون هناك واقع جديد في سوريا ليس في صالح هذه التنظيمات.
وأوضح أن هذا يعود إلى أن المعارضة التركية تتبنى وجهة نظر مغايرة للرئيس التركي فيما يتعلق بملف سوريا على وجه التحديد، وفوز كليجدار أوغلو يعني الإخلال بجميع التوازنات الموجودة والتفاهمات الحالية بين تركيا وتلك الجماعات، والتي ستدفع ثمناً باهظاً لخسارة أردوغان إن حدثت، وبالتالي كل تنظيمات الإسلام السياسي تتمنى فوز الرئيس التركي، لأن البديل سيكون مكلفاً وكارثياً بالنسبة لتلك الجماعات والتنظيمات.
وأعلن رئيس لجنة الانتخابات التركية، أحمد ينار، مساء أمس الأول، النتائج النهائية للجولة الأولى لانتخابات الرئاسة التركية بعد فرز جميع الأصوات، لتكون البلاد على موعد جديد مع جولة إعادة، وأوضح أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حصل على 49,4 بالمئة وكمال كليجدار أوغلو على 44,96 بالمئة من الأصوات.
منصات الإخوان والإسلام السياسي ستفتح النار على كل معارضي أردوغان
بدوره، تحدث حازم العبيدي المحلل السياسي العراقي، إلى وكالة فرات للأنباء، وقال إن أردوغان عمل خلال السنوات الماضية على استغلال كل تنظيمات الإسلام السياسي وكذلك جماعات الإرهاب المختلفة، ومن الطبيعي أن تشعر تلك الجماعات بحالة من القلق والتوجس غير المسبوق جراء ما قد تسفر عنه الجولة الثانية من الانتخابات.
وأضاف "العبيدي": "ولذلك كما رأينا تلك التنظيمات تقوم قبل الانتخابات بالحشد عبر منصاتها المختلفة لانتخاب أردوغان والادعاء بأن ذلك واجب شرعي، فإنها ستقوم بالأمر ذاته سواء داخل تركيا أو خارجها، بل وستكثف حملاتها ضد معارضي أردوغان حتى نصل إلى يوم 28 أيار، اليوم الذي ستجرى فيه الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية".
وقال "العبيدي" إن تنظيمات الإسلام السياسي والجماعات الإرهابية المتحالفة معها لا تعرف إلا مصالحها وليس مصلحة الأوطان، وبالتالي هم يخشون سقوط أردوغان لأن حساباتهم ستتعقد وتختلف، ويكفي أنهم سيدركون أن تركيا لم تعد ملاذ يمكنهم التحصن به، كما أن الدعم التركي المقدم لهم سيتوقف، خصوصا الفصائل المسلحة الموالية لتركيا في الشمال السوري.