مسؤولان سابقان في البنتاغون: أردوغان هاجم حلفائنا الكرد وهدد حياة جنودنا الأمريكيين وينبغي أن نتحالف مع اليونان ومصر

دعا إثنان من كبار المسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إلى وضع استراتيجية أمريكية لمواجهة المخاطر التركية في شرق المتوسط، معتبرين أن الصراع على الطاقة انتقل من الشرق الأوسط إلى شرق المتوسط.

وذكرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية في مقالة للمسؤولين السابقين بالجيش الأمريكي، أنه في الوقت الذي تعارض فيه تركيا مصالح الولايات المتحدة بعد ان فشل أردوغان في تشكيل تحالف وحزام نفوذ في الدول التي صعد فيها الاخوان بعد 2011، وتحركت أنقرة بعدوانية في شرق المتوسط للتنقيب عن الغاز، فإن مصر وبالتعاون مع قبرص واليونان يمكنها توفير إمدادات الغاز إلى أوروبا عن طريق دورها كمركز اقليمي للطاقة، وبما يقلل من الاعتماد الألماني والأوروبي على الغاز الروسي، مشيرا في نفس الوقت لخطورة التقارب التركي-الروسي على المصالح الأمريكية.

وأكدت المجلة الأمريكية في مقال تحليلي مطول لمايكل ماكوفسكي الباحث بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والمسؤول السابق في البنتاغون في إدارة جورج دبليو بوش، والرئيس والمدير التنفيذي للمعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي (جينسا)، والجنرال المتقاعد تشارلز والد، نائب القائد السابق للقيادة العسكرية الأمريكية الأوروبية والزميل المتميز في مركز الدفاع والاستراتيجية التابع لجينسا، أنه مع التحولات الجارية في شرق البحر المتوسط، فإن بعضها يشكل تهديدات متزايدة لمصالح وحلفاء الولايات المتحدة، بينما يقدم آخرون آفاقًا جديدة للاستقرار والازدهار، مؤكدة أنه يتعين على واشنطن الآن تطوير إستراتيجية إقليمية متماسكة تعالج هذه التحديات وتستغل هذه الفرص.

وأعتبرت المقالة أنه من منطلق أيدولوجي تحالف أردوغان مع جماعة الإخوان، وسعى الرئيس التركي بعد الاضطرابات العربية عام 2011 إلى بناء حزام نفوذ لجماعة الاخوان في مصر وغيرها من الدول، سمح للارهابيين بدخول سوريا، وأجبر اللاجئين على الفرار إلى أوروبا، وهاجم حلفاءنا الكرد في سوريا، وهدد حياة الجنود الأمريكان ممن يقاتلون تنظيم "داعش" في اطار التحالف الدولي لهزيمة داعش في العراق وسوريا.

وأعتبر المؤلفان أن تركيا تعادي المصالح الامريكية واتجهت نحو روسيا، مشيرة إلى أن موقف تركيا العدواني لم يقتصر على الولايات المتحدة ومصر فقط، بل امتد لعدد كبير من دول منطقة الشرق الأوسط ودول الاتحاد الأوروبي في اشارة للتهديدات التركية لقبرص العضو في الاتحاد الأوروبي.

وأعتبر المؤلفان أن مستقبل الطاقة الآن ليس في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي كما كانت في البداية ولكن في منطقة شرق المتوسط، ويجب على صانعي السياسية الأمريكية توجيه اهتمام أكبر لهذه النقطة الساخنة وتخفيف حدة الصراع وتعزيز التعاون من أجل الاستفادة من فرص الرخاء المشترك التي توفرها اكتشافات الغاز الحديثة في المنطقة.

تركيا عدوا للمصالح الأمريكية

لفت التقرير إلى أن الدافع الرئيسي للتغيير في المنطقة هو الموقف الاستراتيجي العدواني لتركيا. اصبحت تركيا، التي كانت ذات يوم حليفًا موثوقًا به للولايات المتحدة، تتباعد بشكل متزايد عن المصالح الأمريكية وتعارضها بشكل مباشر في كثير من الأحيان. هذا لا يقتصر بأي حال على شرق البحر الأبيض المتوسط ​​، لكنه تباعد حاد بشكل خاص في هذه المنطقة.

وتابع المقال الذي كتبه إثنين من مسؤولي البنتاغون: "قطعت تركيا روابطها الإستراتيجية الطويلة الأمد مع إسرائيل والتي كانت تساعد على تشكيل حجر الأساس للاستقرار الإقليمي. وتعمل بنشاط على تقويض أمن إسرائيل، ودعم الجماعات الإسلامية المتطرفة في سوريا وغزة ومصر وليبيا. كما أنها تقترب أكثر من موسكو - بما في ذلك الموافقة على شراء أنظمة دفاع جوي روسية متقدمة من طراز S-400 – وتقترب من طهران، بينما تصبح أكثر خصومة تجاه اليونان في بحر إيجه ومصر وقبرص في البحر الأبيض المتوسط.. وفي الوقت نفسه، تجلب الطرق الروسية والإيرانية منافسة كبرى على شرق البحر المتوسط. فخلال الحرب الباردة، لم يتحدى الاتحاد السوفيتي التفوق البحري الأمريكي هناك. لكن الرئيس بوتين يستخدم قاعدة بحرية دائمة لروسيا في سوريا للقيام بذلك، وكذلك لإنشاء منطقة لحظر الطيران/ أي القدرة منع الوصول الجوي التي تغطي معظم المنطقة. فلم يعد شرق البحر المتوسط ​​منطقة غير متنازع عليها للجيش الأمريكي".

 

وأعتبر المقال أن إيران الآن لديها بالفعل رأس متوسطي أيضًا. حيث تسيطر قواتها وحلفائها ووكلائها على جزء كبير من سوريا، وحيث قامت أيضًا بتأجير ميناء استراتيجي حيوي. ومن خلال حزب الله، الذي يهيمن على الحكومة اللبنانية ويمكن أن يهدد الممرات البحرية ومنصات الطاقة المجاورة بصواريخ مضادة للسفن. وفي حين أن مصالح إيران وتركيا وروسيا لا تتماشى تمامًا مع بعضها البعض، إلا أنها تبدو موحدة بشكل متزايد في نهجها المعادي لأمريكا في تلك المنطقة.

ورغم تلك التهديدات التركية والايرانية، لفت المقال إلى أن "هناك بعض التطورات الإيجابية الملحوظة في شرق البحر المتوسط. تتميز المنطقة باكتشافات جديدة للغاز الطبيعي في الخارج ، والتي تقوم إسرائيل واليونان ومصر بتطويرها بالفعل. فهي تمكن من توثيق العلاقات بين إسرائيل ومصر والأردن ، ويمكن أن تقلل في النهاية من الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي".

 وأكد المقال على أهمية دعم الولايات المتحدة للتحالف الاستراتيجي الثلاثي بين مصر واليونان وقبرص، فضلا عن العلاقات اليونانية الاسرائيلية القبرصية المتطورة من جانب آخر وفقا للمبادرة اليونانية، قائلا: "علاوة على ذلك، فإن التهديدات المذكورة أعلاه تحث على إعادة تنظيم سريع للدول التي عادة ما يكون لديها القليل من القواسم المشتركة. كانت اليونان هي القوة الدافعة - ربما بشكل مفاجئ، لأن تاريخها الحديث مضطرب بسبب الانهيار الاقتصادي والتوترات مع الناتو بشأن البلقان. لكن اليونان تستغل هذه التغييرات الزلزالية ببراعة، كما تعلمنا من اللقاء الأخير مع قادة الأمن والمعارضة رفيعي المستوى هناك. أصبحت اليونان تتحول إلى حصن جديد جنوب شرق الناتو، حيث تستضيف بحماس مناورات الحلف وتجعل قاعدتها البحرية في جزيرة كريت متاحة للولايات المتحدة. كما تأخذ اليونان زمام المبادرة الدبلوماسية في إنشاء منتديات جديدة لتعميق التعاون الإقليمي مع قبرص ومصر وإسرائيل. نمت العلاقات مع إسرائيل بسرعة خاصة، خاصة بالنظر إلى معاداة اليونان التاريخية للدولة اليهودية. وارتفعت قيمتها الاستراتيجية للولايات المتحدة بشكل متناسب.. ومع ذلك، لا يبدو أن أمريكا تمتلك استراتيجية متماسكة لشرق المتوسط. بالتأكيد، دعم وزير الخارجية مايك بومبيو في وقت سابق من هذا العام للمنتدى الثلاثي بين القادة اليونانيين والقبارصة والإسرائيليين يدل على اعتراف الولايات المتحدة لتطور الجغرافيا السياسية في المنطقة.

واختتم المقال بالقول: "لكن يجب أن يتبع ذلك المزيد من الجهود المتضافرة بقيادة الولايات المتحدة. يتضمن ذلك استراتيجية للرد بقوة على تجاوزات أردوغان، بما في ذلك تقليص وجودنا العسكري في تركيا مع الحفاظ على إمكانية استعادة العلاقة الاستراتيجية الأمريكية التركية إذا عادت أنقرة إلى اتجاه أكثر علمانية وديمقراطية وغربية. كما سيتطلب وجود أمريكي وبحري أكثر قوة في شرق البحر المتوسط، بما في ذلك تعاون أعمق مع اليونان".