بايك: تصعيد نضال الحرية في كردستان يهز التوازن في الشرق الأوسط والعالم

أكد الرئيس المشترك للهيئة التنفيذية في منظومة المجتمع الكردستاني (KCK) على أن قضية كردستان من أصعب القضايا في العالم، ومن أجل حل هذه القضية، يتطلب وجود قيادة فدائية وحزب وشعب وكادر فدائي.

الجزء الثاني من حديث الرئيس المشترك للهيئة التنفيذية في منظومة المجتمع الكردستاني (KCK)، جميل بايك، لوكالة فرات للأنباء (ANF) بمناسبة الذكرى الـ (41) لتأسيس حزب العمال الكردستاني (PKK).

- قبل أن يصبح حزب العمال الكردستاني حزباً، تم تسيير الفعاليات في مناطق كثيرة من كردستان، كيف ولدت الحاجة للذهاب إلى تشكيل الحزب؟ هل كان للنمو الكمي والنوعي للمجموعة الإيديولوجية أي تأثير على ذلك؟ ما هي العوامل الأخرى التي لعبت دورها في تأسيس الحزب؟

لقد النظام الفاشي الاستعماري إلى تحطيم المجتمع الكردي وتقطيع أوصاله، وأبعد الفرد والمجتمع الكردي عن انتمائهما وكانوا على وشك الانقراض الإبادة، حيث كانت مشكلة الوجود والحياة الحرة في كردستان خطيرة للغاية، هذا الشيء الذي يجعل تدخل القائد أوجلان في تلك الحقبة تاريخياً وهكذا تطورت الحياة من الموت، ولم يكن تحقيق ذلك ممكناً إلا من خلال تنظيم حزبي أيديولوجي شامل. وقد كان النظام الفاشي الاستعماري فاعلاً في جميع المجالات، وتمكن من تمزيق شخصياتهم وعقولهم وتغريبها، وتشكيل عقلية تصب لخدمة العدو... حتى ولو أحرز تدخل القائد أوجلان بجهوده تقدماً هاماً في هذا المجال، إلا أن القضاء على العقلية العميلة والمواقف التي التابعة للعدو، كان بالضرورة يستلزم تأسيس الحزب، حينها قال القائد أوجلان " من دون تأسيس الحزب لا يمكن تحريك ورقة" كما قال أيضاً " بالتحول الحزبي يمكننا تحقيق النصر."

كانت الفعاليات تسير بين فئات متعددة من المجتمع، وكانت قد خرجت من مرحلة المجموعة واكتسبت طابعاً اجتماعياً، واضحت الحركة ملكاً للمجتمع وأصبحت حركة اجتماعية واجتماعيا، حيث شارك العديد من شرائح المجتمع في النضال والكفاح ونما ذلك أكثر فأكثر مع مرور الوقت، وأزداد الكادر من الناحية الكمية والنوعية، ولم يعد حينها بإمكان مجموعة حديثة العهد أن تجاري وتواكب تطورات المرحلة وكانت تبقى خلف الأحداث والتطورات، وكان من الضروري جداً التحول إلى الحزب.

وحينما كنا في مرحلة التحول إلى الحزب، وقعت مذبحة الرفيق "حقي قرر"، وكانوا يسعون بذلك إلى عرقلة تأسيس الحزب من خلال ترهيب الكوادر ودفعهم نحو الهرب وترك القضية، وكذلك عرقلة انضمام ابناء الشعب التركي إلى هذا النضال، وكان الهدف من ذلك منع وحدة الشعوب التي بدأت ذلك بالنضالات التي بها " كمال بير- حقي قرر" كمال وتحقيق أهداف الإبادة الجماعية من خلال مواصلة الصراع الكردي التركي، وكان الموقف خطيراً جداً وإن لم تتوج المجموعة حينها بالتحول الحزبي كانت الحركة ستنهار، وكان الوجود والحرية مرهونان بتحقيق التنظيم الحزبي، واستطاع القائد أوجلان بذلك الرد على المؤامرة الخطرة التي استهدفت الحركة في شخص " حقي قرر"، واعتبرها سبباً نحو التحول الحزبي، وكان الانتقام لتلك الخسارة الكبيرة، هو التحول إلى حزب.. بهذه الطريقة يكون الالتزام بمبادئ الحياة الرفاقية، وحقق الالتزام بمبادئ التضحية وذكرى الشهيد حقي قرر إسراعاً كبيرة نحو التحول الحزبي، حيث تم كتابة البرنامج السياسي وسارت نقاشاته واكتسبت صفة الحزب في المؤتمر، وأعطى الرفيق "حقي قرر" بذلك الحياة لحزب العمال الكردستاني وجعله خالداً، وتطور تنظيم حزب العمال الكردستاني على أساس التضحيات العظام، ولذلك يعتبر حزب العمال الكردستاني هو حزب الشهداء، حيث كان استشهاد كل رفيق لنا، سبباً لمضاعفة النضال والجهود من أجل توسيع الحزب ونمائه.

- ككوادر حزب العمال الكردستاني، كيف كان تصوركم وتحليلكم للمجتمع والدولة والعالم وكذلك العدو؟ ما هو دور ذلك في الاندماج مع الشعب والتحول إلى قوة ثالثة في المنطقة والعالم؟

إذا أصبح حزب العمال الكردستاني اليوم أملاً للمضطهدين والشعوب والنساء والشباب وأصدقاء البيئة والمناضلين من أجل الديمقراطية والحرية والاشتراكيين في العالم، وأن القائد أوجلان هو من يقود ذلك، فلا ريب أن لذلك علاقة مع البداية، ففي السنوات التأسيسية الأولى كان حزب العمال الكردستاني بحسب ظروف ذلك الحين، يمثل الإيديولوجية والفلسفة الأكثر تقدمية للاشتراكية التي طرحها ماركس وأنجلس وطبقها لينين. واتخذ حزب العمال الكردستاني ذلك أساساً له. ولكنه لم يتصرف أبداً وفقاً لمراكز الاشتراكية المشيدة، واعتمد على الدوام على مبادئه وأهدافه التي طورها بنفسه، وأثناء الممارسة العملية أدرك جيداً النواقص والأخطاء التي وقعت فيها الاشتراكية المشيدة وانتقدها وطوّر فهمه الاشتراكي الخاص ومع هذه الفلسفة والأيديولوجية، أصبح يمتلك أفقاً أوسع للنظر إلى القضايا والمشاكل.

أوضح القائد أوجلان أن مسألة كردستان لا تتعلق بالدول الأربعة فقط، بل تتعلق بكامل منطقة الشرق الأوسط وحتى أنها تحمل طابعاً عالمياً، لقد رأى أن الشرق الأوسط هو منطقة يتم فيها إنشاء توازنات القوى العالمية وأن كردستان تقع في قلبه. والحقيقة هي أن كردستان مقسمة إلى أربعة أجزاء، وفي كل جزء هناك حقيقة الفرد والمجتمع الكردي الممزق إلى أجزاء متعددة، ولذلك قال " لا يمكن العيش بهذا الشكل، وهذه ليست حياة" وهكذا طرح مشكلة الوجود والحياة الحرة للكرد، وبدأ بانتقادات كبيرة ولم يتناول القضية كونها فقط مشكلة كردية فحسب، بل كقضية الحياة الحرة والديمقراطية، وعمل على أساس أن القضية الكردية هي مسألة عالمية وأن مثل هذه القضية لا يمكن حلها بأفق قومي ضيق....وقد اتخذ الحياة الحرة القائمة على وحدة وأخوة الشعوب أساساً لنضالاته، وطور نهجاً يتخذ من تحقيق التحول الديمقراطي والحرية في تركيا والشرق الأوسط أساساً له، ولذلك احتضنه جميع الشعوب، وكان هذا هو السبب في أنه خطى خطوته الأولى برفقة الرفاق كمال بير وحقي قرر وهي الوحدة الحرة والمتساوية والديمقراطية للشعوب.

تعتبر قضية كردستان من أصعب القضايا في العالم، ومن أجل حل هذه القضية، يتطلب وجود قيادة فدائية وحزب وشعب وكادر فدائي، كما لا يمكن حلها بسهولة أو في وقت قصير، وكذلك لا يمكن حلها دونما تضحيات ودون مبدأ الاستقلال التنظيمي والسياسي والإيديولوجي، وعمل القائد كذلك على تجذير مفهوم " أن حل القضايا الكبيرة تتطلب نضالاً كبيراً"، إن تطوير كفاح الحرية في كردستان يعني هز التوازن في الشرق الأوسط. وهذا يعني هز موازين العالم. وهذا يعني إحداث عالم بديل، وهذا هو السبب الذي جعل القائد أوجلان مستهدف الآن من قبل جميع القوى المهيمنة والحداثة الرأسمالية، كممثل لآمال جميع المظلومين والمستضعفين والشعوب والنساء والشباب والاشتراكيين وأصدقاء البيئة والقوى التي تناضل من أجل الحرية والديمقراطية؛ ذلك لأنه من الواضح أن الثورة التي تطورت في كردستان وفق نهج القائد أوجلان أحدثت تطورات أكبر من الثورتين الفرنسية والروسية.

- في كردستان ، تعيش مجتمعات من مختلف الديانات والطوائف والأمم والأديان والثقافات؛ كيف تعاملتم أنتم كحزب العمال الكردستاني (PKK)  مع هذه الاختلافات؟

منذ البداية، لم يُولد حزب العمال الكردستاني فقط كحركة كردية ولم يكافح على هذا الأساس، ولدت وتشكلت وكافحت كحركة حرية، لذلك لم تكن حركة قومية، حيث حاربت المتعاونين مع الأعداء من الكرد والخونة والأغوات والباشوات بقدر ما حاربت ضد الحداثة الرأسمالية والاستعمار والفاشية المبيدة، وهذا أعطى الثقة لجميع الشعوب والأديان والثقافات، وطرحت أهدافها وخططها ومبادئها بطريقة واضحة منذ البداية كحركة حرية وناضلت على هذا الأساس، ولم تبني كوادرها وتنظيمها بالاستناد على الكرد فقط بل على الاشتراكيين والمناضلين من أجل الحرية والمساواة والعدالة والديمقراطية والكوادر والمنظمات التي تسعى إلى الحرية والديمقراطية والمساواة والعدالة، في الخطوات الأولى من مسيرة القائد أوجلان كان الرفاق كمال بير وحقي قرر إلى جانبه في وقت لم يرتبط بفكره أي كردي أو كردستاني ولم يكونوا إلى جانبه، ومع مرور الوقت تطورت الكادرية والمنظومة على هذا الأساس، والشعوب والأديان والثقافات التي رأت ذلك، أعطت ثقتها الكبيرة، لقد اعتبروا حزب العمال الكردستاني (PKK) منظومتهم وكفاحها، كفاح من أجل الحرية.

ربما لم تكن الأمة الديمقراطية قد تطورت وتوضحت في البدايات من الناحية النظرية كما هي اليوم، لكن في الواقع العملي كانت تسير الفعاليات على هذا الأساس، حيث قام القائد أوجلان بوضع الناحية النظرية لها وتحويلها إلى باراديغما (نموذج مشروع)، إذا لم يكن هذا الموقف ومفهوم التقارب من الشعوب والأديان والثقافات موجوداً من البداية، لما كان بالإمكان  تطوير نظريتها ونموذجها الآن.... حزب العمال الكردستاني هو حركة تجدد نفسها على الدوام، هي حركة لا تستند فقط إلى النظرية بل على الممارسة العملية أيضاً، وأفضل مزج ما بين النظرية والممارسة قام به القائد أوجلان ويستند على القيام بفعل ما تفكر به والتفكير أثناء القيام بالعمل، هذا هو القائد الذي طبق الديالكتيك في الحياة بشكل أكثر فاعلية في هذا المستوى هي القائد الذي يطبق الحياة على هذا المستوى بشكل أكثر فعالي، وأولئك الذين يتخذون من ذلك أساساً لهم، يمكن لهم  تصحيح أوجه القصور والخطأ النظري في التطبيق العملي كما يمكنهم تصحيح القصور والأخطاء العملية من خلال الناحية النظرية، وهكذا ينجحون ويتفوقون، لأن هذا سر نجاح وتفوق القائد أوجلان و (PKK)، هذا هو سبب تجاوزها للدوغمائية والتغلب على النزعة المحافظة الضيقة والبقاء على قيد الحياة والنمو على الرغم من كل المؤامرات والهجمات التي تتعرض لها...لذلك ترى جميع الشعوب والأديان والثقافات ينظرون إلى القائد أوجلان ويتخذونه قائداً لهم ويعتبرون حزب العمال الكردستاني ريادتهم، وهم يرون وجودهم وحريتهم في هذا النضال السائر ولذلك ينضمون إليه ويدعمونه، ويرون الوحدة الحقيقية والإخاء والعيش بسلام وفق مبدأ المساواة على نهج وخط حزب العمال الكردستاني.

منذ خطواته الأولى، رأى حزب العمال الكردستاني دائماً الاختلافات واتخذ الوحدة ما بين الاختلافات أساساً له، في مفهوم الديمقراطية لا يمكن الحديث عن الأقلية والأكثرية، لأن الديمقراطية والحرية هي مسألة حقوق وعدالة ،لا علاقة لها بقضايا الأقلية والأغلبية؛ لهذا السبب، تعامل حزب العمال الكردستاني باحترام مع كل الناس من المعتقدات والثقافات واحترم خصوصيتهم ولم يفضل أحدهم على الآخر ولم يعتبره متفوقاً على غيره، وعاملهم جميعاً على أنهم ثروة المجتمع والإنسانية، وتعامل مع الجميع بنفس الحقوق التي يتمتع بها الآخرون، لهذا السبب انضمت الكوادر إلى صفوفها من جميع الشعوب والأديان والمذاهب والثقافات، واكتسبوا الإرادة من أجل الدفاع عن هويتهم وثقافاتهم ولغتهم ووجودهم وشاركوا في النضال من أجل الحياة الحرة..... شارك شعبنا في كردستان من جميع الديانات والمذاهب (من السنة والعلوية والإزيدية) في النضال من أجل الحرية وهم فخورون بانتمائهم وهويتهم وحافظوا عليها في هذا الصراع، وجدت جميع المعتقدات والثقافات المضطهدة حياتهم الحرة والديمقراطية في واقع حزب العمال الكردستاني وفي مفهومه الاجتماعي والسياسي للحياة... استطاعت حركة (PKK) جمع أتباع المعتقدات العلوية والسنية والإزيدية والمسيحية في كردستان في نضال مشترك إلى درجة لم تحقق أية حركة أخرى ذلك في كردستان... كما شارك الأذريون والعرب والتركمان والآشوريون والأرمن أيضاُ في الكفاح من أجل حرية كردستان....وإذا كانت الشعوب والثقافات والطوائف والمذاهب الدينية تقاوم الاستعمار ونظام الإبادة الجماعية اليوم في شمال شرق سوريا، على الرغم من جميع الهجمات والمؤامرات، و أظهرت نماذج الوحدة والإخاء والتضامن، فلا بد أن يكون لها صلة بحقيقة القائد أوجلان، لأن القائد أوجلان هي قيادة قائمة على أساس جميع الإيمان والقيم الثقافية في الشرق الأوسط، وهذا هو واقع الشرق الأوسط أيضاً، لذلك، ترى العرب والآشوريون يقولون "القائد أوجلان ليس فقط للكرد، بل هو قائدنا"،  وهذه حقيقة متزايدة التطور في الشرق الأوسط والعالم.

يتبع ....