مقاومة العصر ... بطولة سُطِّرت بدماء الشهداء ونضال شعب عفرين

أثبت أهالي عفرين انتصارهم ومقاومتهم منذ اليوم الأول للهجمات التركية على مدينتهم، ورغم استخدامها كافة صنوف الأسلحة على مدار 58 يوم، الا انها لم تستطيع كسر إرادة هذا الشعب، مع نزوحهم الى مناطق الشهباء، دخلت مقاومة العصر مرحلة ثانية من النضال.

منذ تاريخ الإنسانية، والكرد يناضلون ضد الرأسمالية والقوموية، ومن اجل ذلك دائماً يتعرض للإبادة والصهر، و دائماً يُنظَر للكرد كأعداء، عفرين استطاعت تنظيم نفسها على فلسفة الأمة الديمقراطية والعودة الى  جذورها في فترة وجيزة ولذلك كانت هدفاً لجميع الأعداء للقضاء على مشروعها الديمقراطي، بتراثها الحضاري والنضال من اجل الحرية، استطاعت ان تنظم نفسها وفق الاحتياجات في ذلك الوقت، وعلى هذا الاساس تم انشاء مؤسسات ولجان متخصصة من الناحية الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وقامت هذه اللجان والمؤسسات بجميع  واجباتها في اطار ادارة موحدة وديمقراطية وبالتعاون مع الشعب كله، تمكنت من حل الأزمات الاقتصادية والدفاعية وادارة استقلاليتها.

ومع الاعلان عن المشروع الديمقراطي والادارة الذاتية، بدأت الدول المهيمنة وخاصة تركيا بمعارضته عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، تعرضت المنطقة لهجوم من قبل تنظيمات ارهابية مثل داعش وجبهة النصرة وتم تنظيم هذا الهجوم بشكل مباشر من قبل دولة الاحتلال التركي، بالإضافة إلى هذه الهجمات، تعرضت المنطقة لحصار خانق، لم يسمحوا بدخول أية مواد غذائية ومعدات صحية ووقود وغاز، ارتبط هذا الحصار الاقتصادي بالمفهوم السياسي لمقاومة ثورة الشعب، كان الغرض من هذا المفهوم هو تدمير الثورة وإنجازات الشعب، فرغم جميع هذه السياسات اثبتت عفرين نضالها ومقاومة شعبها.

في  20 كانون الثاني 2018 شنت دولة الاحتلال التركي بقيادة اردوغان هجوماً احتلالياً براً وجواً وحاصرت عفرين من 4 جهات ونفذت هجماتها بـ 72 طائرة من طراز(إف 16)، ومن اليوم الاولى من الهجمات بدأت دولة الاحتلال بارتكاب جرائم حرب واستهداف  البنية التحتية والخدمية لمدينة عفرين وارتكاب المجازر.

 

المقاومة التي ابداها الاهالي بجانب المقاتلون والمقاتلات هي اساس للحرب الشعبية الثورية التي جعلت جيش الاحتلال التركي يعمد الى استخدام الاسلحة المحرمة دولياً والمدافع الثقيلة واستهداف المنازل وبيوت المدنيين، وهذا دليل على عجز قواته ومرتزقته في الجبهات ويدفع المدنيين الى النزوح، ولكن خلال المواجهات العنيفة اثبت أهالي عفرين قدرتهم على التصدي لهذا الهجوم، حيث وقفوا صفاً واحداً خلف قواتهم التي كانت تخوض معارك الدفاع عنهم، ولم ينزح احد منهم واستمروا في نضالهم رغم ارتكاب جيش الاحتلال التركي اكثر من مجزرة بحقهم، ان تاريخ الكرد لا يخلو من المقاومة وروح التضحية لآلاف شهداء الحرية الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل صد الهجمات التركية.  

لا يتوفر وصف.

الحقيقة الضائعة.... صناعة التزييف والتضليل الاعلامي التركي ترويها لنا مراسلة فضائية (Stêrk TV) فريدة زاده قائلة: "عندما نتحدث عن الحرب التي كانت دائرة في مدينة عفرين ونتذكر هذا التاريخ وهجمات جيش الاحتلال التركي  فإن المتضرر الاكبر هو المدنيين الابرياء، فعندما بدأ جيش الاحتلال التركي بشن عمليته العسكرية على المدينة، كانت بحجج واهية من اجل نيل مساندة المجتمع الدولي ودعمها للقيام بهذه العملية، وهي اتهام وحدات حماية المرأة وحماية الشعب بـأنها قوى خارجية اتت من خارج عفرين وقامت باحتلالها، وبهذه الرواية، استطاعت تركيا ان تأخذ المساندة والدعم من قبل المجتمع الدولي لشن هجماتها على  مدينة عفرين، علماً بأن  مدينة عفرين كانت الحضن الذي لجأ إليه الكثير من الشعب السوري الذين هربوا من الحروب الدائرة في سوريا باحثين عن الامن والاستقرار، ومن كثرة أعداد النازحين تم انشاء مخيمات من اجل إسكانهم فيها ومنها مخيم كشتعار وروبار.

وتابعت فريدة حديثها بالقول:" روسيا التزمت الصمت كدولة عظمى ضامنة لنزع فتيل الحرب في سوريا ومهدت لتركيا تنفيذ هذا العدوان، وانسحبت قبل بدء العملية العسكرية، إن التخاذل الدولي وصمته حيال جرائم جيش الاحتلال التركي، افسح الطريق امام دولة الاحتلال التركي باستمرار عمليتها العسكرية وبشكل وحشي، وارتكاب مجازر وحشية بحق الشعب، في ذلك الوقت واثناء الهجمات، قامت المؤسسات الاعلامية ببناء آلية للعمل من اجل تغطية الحرب الدائرة في المدينة، فقد توجه قسم منهم الى المشافي، ومنهم من بقي بين المدنيين، من اجل توثيق مقاومتهم ورصد آرائهم، ومنهم من توجه الى الخطوط الامامية في الجبهة لتغطية مقاومة المقاتلين والمقاتلات، واستطاعت هذه الاقسام الى حد ما ايصال الانتهاكات الى الراي العام، علماً بأنه كانت هناك حرب اعلامية من اجل اخفاء الحقيقة وتزييف الاخبار التي تحصل في عفرين عبر القنوات الفضائية و مواقع التواصل الاجتماعي التركية، الا اننا استطعنا و رغم الامكانيات الضئيلة، ايصال جرائم الاحتلال التركي الى العالم، ولدى توثيق هذه المشاهد وجرائم الاحتلال التركي الى العالم، ركز جيش  الاحتلال التركي الى استخدام تقنية متطورة في التكنولوجيا واستهداف مواقع المقاتلين والمقاتلات عند مرور المراسلين الى خطوط الجبهة، ومن اجل تفادي وعدم ارتكاب خسائر في صفوف قواتنا، اتخذنا قرار بعدم الذهاب الى خطوط الجبهات الامامية.

واشارت فريدة في حديثها الى أنه رغم نشر مقاطع تثبت جرائم جيش الاحتلال في عفرين، الا انه كان هناك صمت دولي واتحاد عالمي لنسب المقاطع التي قمنا بنشرها من المجازر التي حصلت بأن مرتكبيها هم قوات حكومة دمشق، ولدى مطالبة المجتمع الدولي المقاطع التي تثبت جرائم الاحتلال رغم انقطاع تام لشبكات الانترنت وصعوبة إرسالها ولدى وصولها، التزمت الصمت، وهنا لعب الاعلام التركي دوراً كبيراً من اجل كسر معنويات الشعب من خلال نشر أخبار كاذبة بسيطرتها على بعض النواحي من أجل إخلائها من الشعب، حتى نتذكر ارسال حكومة دمشق قواتها الى مدينة  عفرين من اجل مساندة الشعب، فلقد اردنا في ذلك الوقت إيصال رسالة لرفع معنويات الشعب بأن هناك من يساندهم ويدعمهم لصد هذا العدوان ولكن كان الشعب يدرك بان لولا اعطاء الضوء الاخضر من روسيا وحكومة دمشق فلا تستطيع تركيا شن عملياتها على مدينة عفرين .

وانهت مراسلة فضائية (Stêrk TV) فريدة زاده حديثها بالقول: " لدينا الكثير من المقاطع التي تثبت مقاومة شعب عفرين امام هجمات جيش الاحتلال التركي، ومنها لدى مرور اهالي شمال وشرق سوريا الى عفرين من اجل مساندة شعب عفرين ورغم ارتكاب المجازر والقصف العشوائي، الا أن الأهالي ومن خلال نضالهم ومقاومتهم الباسلة وفي منتصف الليل وفي ظل القصف المستمر والبرد القارص، استقبلوا ضيوفهم بمعنويات عالية جداً تؤكد نضالهم بوجه الاحتلال، فرغم  تعرض الكثير من المراسلين لإصابات اثناء تغطيتهم للحرب الدائرة والظروف التي كنا نعيشها من افتقار لشبكات الانترنت وانشاء  جيش من الإعلام لكشف الحقيقة في عفرين ومحاربة التضليل والزيف، إذا استطاع الان، الاعلام الكردي في عفرين ايصال صوت الحقيقة والمقاومة الباسلة التي ابداها مقاتلو ومقاتلات وحدات حماية الشعب والمرأة، فإن وجودنا الآن في مناطق الشعب وعملنا الدؤوب في الشهباء، هو من اجل ايصال صوت أهالي عفرين المهجر قسراً وايصال مقاومتهم الباسلة في مخيمات الشهباء الى العالم اجمع، والتي هي استمرار لمقاومة العصر التي دخلت المرحلة الثانية.

لا يتوفر وصف.

وللحديث اكثر عن المجازر التي حصلت اثناء العملية العسكرية على مدينة عفرين تحدث لنا عضو الهلال الاحمر الكردي  لإقليم عفرين حيدر روج وهو احد الشهود على المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال التركي وقال: " منذ بدء العملية العسكرية على مدينة عفرين، كنت شاهداً على المجازر التي ارتكبت فيها، والتي وقعت في قرية جلبره، حيث استهدفت طائرة الاحتلال التركي عائلة من المكون العربي الذين نزحوا جراء الحروب الدائرة في سوريا للبحث عن مكان آمن في مدينة عفرين، ولكنهم لقوا مصرعهم جراء الهجمات التركية، وكان عددهم اكثر من 12 شخص، بينهم اطفال ونساء، كما ان المجزرة الثانية التي حصلت في قرية كوباله التابعة لناحية شيراوا، حيث تعرضت إحدى العائلات النازحة من مناطقهم للعيش بأمان في مدينة عفرين، ولكنها ومع الأسف، استهدفت طائرات الاحتلال التركي خيمتهم التي كانت تأويهم، حيث كانت من احد المشاهد المؤلمة حيث فقد 7 اطفال حياتهم واحترقت جثمانهم، ومنهم من فقد بعض اطرافهم، كان عدد افراد العائلة 17 شخص، فقد منهم 7 اشخاص لحياتهم على الفور، واشتدت هجمات الاحتلال التركي يوماً بعد يوم، وارتفعت اعداد الضحايا والجرحى من المدنيين، فكل يوم كانت ترتكب مجازر بحق المدنيين في عفرين، ومنها في اليوم العالمي للمرأة، حيث تعرضت قرية ترنده لقصف طائرات جيش الاحتلال التركي مما ادى الى فقدان أفراد عائلة بأكملها لحياتهم.

وانهى عضو الهلال الاحمر الكردي حيدر روج حديثه بالقول: "استمرت هجمات جيش الاحتلال التركي على مدينة عفرين بشكل وحشي، مما ادى الى ارتفاع عدد الضحايا والجرحى، وكان قرار الخروج من مدينة عفرين هو من أجل حماية المدنيين من هجمات جيش الاحتلال التركي، وعدم ارتكاب مجازر أخرى، ولكن منذ تهجيرنا الى مناطق الشهباء، استمر جيش الاحتلال التركي والمرتزقة باستهداف المدنيين العزل بشكل يومي، وخاصة في القرى والنواحي الحدودية، ونتيجة هذه الهجمات، ارتكبت الكثير من المجازر بحق المدنيين، ومنها مجزرة تل رفعت، والتي راحت ضحيتها اكثر من 10 اشخاص منهم ثمانية أطفال، و مجازر اخرى حصلت نتيجة مخلفات الحرب من قذائف وألغام في مناطق  الشهباء، فمن لم يمت برصاص الحرب، مات هنا باحثاً عن فرصة للحياة.