وشدّدَ الموقع بأنه يمكن أن يؤدي (الانفتاح الكردي) في الداخل التركي إلى تسهيل الطريق إلى تفاهم أو صيغة مقبولة من قبل الولايات المتحدة للحساسيات التركية تجاه وحدات حماية الشعب، ولكن هكذا انفتاح يبدو مستحيلاً، لأن أردوغان يعتمد سياسياً في الداخل التركي على تحالفه مع حزب الحركة القومية المتطرف المناهض بشدة للكرد، ولذلك كان اختيار (بايدن) ل(لويد أوستن) وزيراً للدفاع و(بريت ماكغورك) منسقاً للشرق الأوسط وشمال أفريقيا له وقع سيء في أنقرة، إذ ينظر مؤيدو أردوغان وحكومته إلى أوستن وماكغورك على أنهما مهندسا العلاقات الوثيقة التي أقامها الجيش الأمريكي مع وحدات حماية الشعب الكردية، واللذان لا يزالان يتعرضان للهجوم والانتقادات من قبل وسائل الإعلام الموالية للحكومة التركية, ولذلك من المرجح أن يستمر حوار الصُم بين أنقرة وواشنطن حول قضية وحدات حماية الشعب الكردية في المستقبل المنظور.
وبحسب المونيتورفقد أكد محللون بأن موقف أردوغان ضعيف في ما يتعلق بخلافات تركيا مع الولايات المتحدة, وأن لديه القليل من النفوذ الذي يمكن استخدامه لإجبار واشنطن على الامتثال لمطالبه بما يتعلق بقضايا مثل S-400 أو وحدات حماية الشعب الكردية, وأن التهديدات التركية بطرد الولايات المتحدة من قاعدة (إنجرليك) الجوية في تركيا يبدو أجوفاً أيضاً، لأن هكذا خطوة ستؤدي في النهاية إلى نتائج عكسية على أنقرة.
ومن جهة أخرى أكدت المونيتور بأن الاقتصاد التركي كان يتدهور كلما تدهورت العلاقات التركية مع الولايات المتحدة وأوروبا, وليس حب أردوغان للغرب هو الذي يجبره على محاولة إصلاح العلاقات مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الآن, بل لأنه لا يملك خياراً آخر سوى الانفتاح على الغرب مرة أخرى, للحصول على رأس المال الأجنبي والاستثمارات التي تشتد الحاجة إليها, ومن أجل استمالة أوروبا أعلن أردوغان أن حكومته تعمل على حزمة إصلاح تشريعي جذري, والاستعداد لاستئناف محادثات العضوية المتعثرة بين تركيا والاتحاد الأوروبي كوسيلة لدعم الاقتصاد التركي المتدهور, ولكن محللون مستقلون مازالوا يشككون بشدة من ذلك, فالسفير التركي المتقاعد (أردوغان إسكان) علّق على ذلك بالقول:
إن الشرط المسبق لإعادة علاقات تركيا مع أوروبا إلى مسارها الصحيح هو امتثال الحكومة التركية للمعايير الديمقراطية القائمة على سيادة القانون, ولا يمكن الاحتفاظ بـ S-400 والعودة إلى برنامج F-35 في نفس الوقت، هناك رغبة تركية في فتح صفحة جديدة مع الاتحاد الأوروبي, ولكن مع رفض تنفيذ أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والامتثال للمعايير الديمقراطية لن تكون هناك نتائج.
وأيّدت رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي (أورسولا فون دير لاين) هذا التقييم بعد اجتماعها مع وزير الخارجية التركي (مولود جاويش أوغلو) في بروكسل الأسبوع الماضي, حيث غردت على تويتر: الحوار ضروري، لكننا نتوقع أيضاً إجراءات ذات مصداقية على أرض الواقع.
وفي ظل غياب مثل هذه الإجراءات، فإن أي حوار تركي مع الاتحاد الأوروبي سيُجرى في إطار محدود, وسيهدف إلى التعاون بشأن قضايا روتينية فقط مثل الهجرة غير الشرعية والإرهاب.
كما نوّه موقع المونيتور بأن الإصلاحات الجريئة التي وعد بها أردوغان ستكون صعبة التحقيق بسبب رفض قاعدة الدعم الإسلامية القومية لأردوغان, ويعتقد أنصار أردوغان بأن أي ضغط غربي على أنقرة بشأن ديمقراطيتها وحقوق الإنسان هي محاولة لإحداث تغيير في النظام بتركيا, ولن يقوم أردوغان بأفعال تؤدي إلى ابتعاد مؤيديه عنه في الوقت الذي تحرز فيه أحزاب المعارضة الجديدة تقدماً سياسياً في الداخل.
واختتم موقع المونيتور المقالة بالتأكيد على أنه ليس واضحاً كيف يأمل أردوغان في تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإخراج تركيا من ورطتها الاقتصادية دون تقديم أية تنازلات كبيرة, ومن ناحية أخرى لن تكون مهمة إدارة بايدن في التعامل مع تركيا سهلة.