تحليل| هل تلقى دعوة مستشار الأمن القومي الأمريكي حول سد النهضة ترحيباً في القاهرة؟

دعا مستشار الأمن القومي الأمريكي، قادة مصر والسودان وإثيوبيا للتعاون لحل أزمة سد النهضة، لكن مواقف جيك سوليفان إزاء القاهرة خلال العقد الأخير تحمل الكثير من علامات الاستفهام بحسب مراقبين.

حثّت الولايات المتحدة مصر والسودان وإثيوبيا، على التعاون لحل نزاعاتهم حول سد النهضة، ومواردها المائية المشتركة.

وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، في بيان، مساء الجمعة، إن الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع حلفائها وشركائها لتعزيز السلام والازدهار المشتركين في جميع أنحاء القرن الأفريقي.

وأعلنت الخارجية الأمريكية، في وقت سابق الجمعة، اختيار جيفري فيلتمان مبعوثا خاصا لمنطقة القرن الأفريقي.

وذكر بيان نشره موقع البيت الأبيض إن "عمل السفير فيلتمان سيعتمد على جهودنا المستمرة لمعالجة الأزمات الملحة في إثيوبيا ، حيث نواصل الحث على الانسحاب الفوري للقوات الإريترية ، ووقف الأعمال العدائية من قبل جميع الأطراف ، ووصول المساعدات الإنسانية دون عوائق."

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في بيان، إن الدبلوماسي الأمريكي المخضرم والمسؤول السابق بالأمم المتحدة جيفري فيلتمان سيعمل مبعوثا خاصا لمنطقة القرن الأفريقي.

وذكرت الخارجية الأمريكية، في البيان كذلك، أن "مبعوث القرن الأفريقي سيعمل على قضايا إقليم تجراي والخلاف بين السودان وإثيوبيا وملف سد النهضة".

لماذا يعد سوليفان شخصية مثيرة للجدل بالمنطقة؟

يعقوب (جيكوب) إرميا سوليفان أو جيك سوليفان، هو مسؤول حكومي أمريكي يعمل مستشار الأمن القومي للرئيس الديمقراطي جو بايدين، كما كان مستشارا في حملة المرشحة الخاسرة هيلاري كلينتون، وعمل سوليفان في إدارة أوباما نائب مساعد الرئيس، فضلا عن عمله سابقا بوزارة الخارجية على مقربة من وزيرة الخارجية السابقة كلينتون أيضا.

وخلال أحداث يناير (كانون الثاني) عام 2011 في مصر، كان مساعدا لبنيامين جيه. رودس، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق في عهد الرئيس باراك أوباما، وكان أيضا عضو بخلية متابعة "الأزمة" آنذالك، وكان يتلقى بحسب وسائل أمريكية مسربة وعلى رأسها صندوق بريد هيلاري كلينتون، ما وصف في تلك الرسائل بـ"إحاطات استخباراتية" حول الأوضاع المتعلقة "بالربيع العربي" وخاصة في مصر وليبيا، حيث كشفت بعض من تلك الوثائق مواقفا مثيرا للجدل، مثل التخطيط لاستغلال "الاحداث الطائفية" أو ما وصفه في إيميل منسوب إليه بـ"اضطهاد المسيحيين"، وكذا ما كشفت مؤخرا خطابات مفتوحة، تدعو إلى الضغط على القاهرة، وفرض شروط مجحفة بشأن المساعدات السنوية التي تتلقاها البلاد منذ عقود، والتي غالبا ما وصفها المسؤولون الأمريكيون بأنها تمثل إلتزاما في إطار الشراكة الاستراتيجية بين البلدين لتحقيق الاستقرار في المنطقة وغيره.

كما يعد مستشار الأمن القومي أيضا هو مهندس الاتفاق النووي المثير للجدل مع إيران، والذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في يوم في يوم 8 مايو (آيار) عام 2018، لكن المستشار، أكد مجددا قبل أيام أن بلاده لن تقدم أي تنازلات لإيران من أجل إعادتها للاتفاق النووي. وكشف سوليفان عن شرط واشنطن لرفع العقوبات عن إيران قائلا: "الولايات المتحدة لن ترفع العقوبات المفروضة على إيران قبل امتثالها الكامل للاتفاق النووي".

ويرى عمرو عبدالعاطي الباحث المصري المختلص في الشؤون الأمريكية، إن مواقف جيك السابقة كانت تعبر عن انقسام في إدارة أوباما بين فريقين أحدهما متشددة تجاه القضايا الجدلية في العلاقات الثنائية وكان من أبرزهم سولفيان، والآخر فريق يتمسك بأولوية المصالح المشتركة بين الجانبين، وكان من بينهم وزير الخارجية الأسبق جون كيري، على سبيل المثال.

سولفيان الذي بدأ حياته الوظيفية في مجال الصحافة والإعلام والبحث السياسي، من خلال عمله كزميل أقدم بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، عمل مستشارًا للجنة القضائية بمجلس النواب خلال اتهام وكذا أثناء محاكمة الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب في مجلس الشيوخ، قبل أن تتم تبرأته. وهو صاحب مقولة ”FYI: we are working on Christian persecution.” أو "لمعلوماتك: نحن نعمل على الاضطهاد المسيحي"، وذلك في خطاب كان موجه إلى هيلاري كلينتون ومنسوب إليه، ولاقى استهجان واسع من جانب نشطاء ومعلقين أمريكيين على مواقع التواصل الاجتماعي عند تسريبه.

وقال عبدالعاطي، إن الحزب الديمقراطي لديه نفس المواقف الخاصة بقضايا حقوق الإنسان وخاصة كمدخل لممارسة الضغوط، مشيرا إلى أن سولفيان معروف بمواقف مثيرة للتساؤلات تجاه بعض القضايا الجدلية في العلاقات الثنائية.

وتابع مساعد رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية الصادرة في القاهرة "في تقديري أي موقف أمريكي من الإدارة الحالية بشأن أزمة سد النهضة التي تعاني انسدادا وتصعيدا حادا، لن يكون في مصالح مصر والسودان، أو على أقل تقدير لن يكون على نفس مستوى الإدارة السابقة في انخراطها في هذا الملف"، في إشارة إلى اتفاق واشنطن الذي وقعته مصر في آواخر فبراير شباط 2020 بالأحرف الأولى ورفض إثيوبيا حضور الجولة الاخيرة من تلك المفاوضات التي تمت برعاية واشنطن والبنك الدولي.