ولدت "سلام" الفلسطينية الأصل، وترعرعت في مدينة دمشق في مخيم اليرموك والذي يضم لاجئين فلسطينيين ،لجؤا الى سوريا عام 1948، أحبت الشعب الكردي والقضية الكردية ،تأثرت بمدى التشابه الكبير بين القضيتين الكردية والفلسطينية.
تُشير سلام من خلال حديثها لوكالتنا بأن الجميع يعرف قضية اللجوء الفلسطيني وذلك عندما احتلت اسرائيل الاراضي الفلسطينية ،واضطرالفلسطينيون للجوء الى الدول المجاورة ،ومنهم جدها الذي اختار اللجوء الى سوريا .
تتابع سلام حديثها بالقول: في عام 1948 دخلنا الى سوريا توجهنا الى محافظة دمشق حيث مخيم اليرموك ،تعلمنا في مدارسها ،وكان تعليمنا يقتصر على القضية الفلسطينية ، اكملت تعليمي الجامعي في دمشق حتى بدء الأزمة السورية، والتي نزحنا على اثرها الى منطقة أخرى ضمن محافظة دمشق، وكغيرنا من اللاجئين ضمن الحرب السورية، والذين نزحوا من مناطقهم ،وتغيرت اماكن اقامتهم ،حطينا الرحال في منطقة كانت تضم لاجئين من عدة قوميات ومكونات هُجروا اليها بسبب الحرب، تعرفت وفي محض الصدفة على زوجي وهو كردي الأصل يقيم في منطقة الغوطة.
وتُضيف سلام :زوجي كردي ،ولكن بسبب ظروف الحياة أضطر ومنذ ما يقارب العشرين عاماً لمغادرة مدينته والتوجه الى محافظة دمشق ،منطقة الغوطة، تزوجنا وعشنا معاً الى ان قرر العودة الى قريته.
وتقول سلام: بعد عودتنا الى القرية لم اكن اعرف شيئاً عن الكرد وعن القضية الكردية وعن طبيعة مجتمعهم لم يكن لدي اية معلومة تجاههم ،عند وصولي الى القرية، في البداية تغيرت حياتي كثيراً وهذا ما سبب لي شعوراً بالانزعاج ،لم اكن سعيدة ،ولكن ومع مرور الوقت وحتى الوقت الراهن، بدأت اعمل كمعلمة في القرية و اندمجت مع المجتمع بشكل اكبر، تعرفت عليهم اكثر ،احببتهم واحببت طبيعتهم وطباعهم ،لأنهم شعب متألف ولديهم ثقافة وتقاليد جميلة ، تعرفت على قضيتهم وافكارهم واهدافهم عن قرب والتي تتشابه مع القضية الفلسطينية في الكثير من الافكار والاهداف".
تؤكد سلام قائلة : الشعب الفلسطيني والشعب الكردي لديهما الوجع ذاته تقريبا ،ففي النهاية كِلا الشعبين فقدوا وطنهم ،لهذا تألفت واندمجت سريعاً معهم ،أصبح لدي رفاق وصديقات منهم ،لهذا تغيرت حياتي للأفضل، مع بداية مجيئي والعيش في القرية ،شاهدت فيلماً حول فتاة كردية مناضلة وكيف تدافع عن تراب وطنها .الشيء الذي تأثرت به كثيراً هو ان الفتيات لديهم قوة ارتباط بالأرض وخوف كبير على شعبهم قد يكون أكثر من الشبان ،هنا وضمن هذا المجتمع الفتاة هي التي تقاوم وتناضل وتحارب ،كانت هنالك نظرة سائدة حول المرأة تشير بأنها انسان ضعيف ،وأن الرجل هو المسيطر ،لكن ضمن المجتمع الكردي تغيرت النظرة ،واصبحت الفتيات هن المقاومات والمحررات لأرضهم ،هذه النظرة للمرأة هي ترجمة لفلسفة القائد ( عبدالله أوجلان) في سياق حقوق المرأة ،والشيء الذي أحببته اكثر هنا هو حقوق المرأة ،وإستحالة الزواج مرة أخرى للرجل ومنع العنف على المرأة ،هذا الشيء ايضاً ترك اثراً كبيراً في شخصيتي، أفكار القائد تنصف المرأة ،رغم وجود بعض المجتمعات التي مازالت تضطهد المرأة وتجردها من حقوقها والتي لاتزال تنظر للمرأة بأنها للمنزل فقط ،ولكن هنا وضمن المجتمع الكردي لا وجود لهذه الأفكار والنظريات ،وهذا ما زاد تعلقي وحبي لهذا المجتمع، لذلك أقوم بتربية أطفالي على هذا النهج لانه الأفضل لهم .
وتابعت سلام: أقوم الان باتباع دورات لتعلم اللغة الكردية ،وأنا الان اتعلم اللغة والعادات والتقاليد ،لتوليد صلة تواصل اسهل مع المجتمع، شاركت في مراسم تشيع الشهداء عدة مرات ،كانت المرة الأولى بالنسبة لي بالخروج لتشييع الشهداء ،رأيت الكثير من الناس،ومثلما يشار اليهم في القرأن فالشهداء هم انبل البشر،وانبل مرتبة في الحياة هي مرتبة الشهادة ،لأن الشهداء يضحون بأرواحهم فداء للوطن والقضية، هنالك ضمن عائلة زوجي ايضاً العديد من الشهداء ،ونفتخر بشهادتهم ،واحسست هنا ان العوائل هي التي تدفع بأولادهم للشهادة في سبيل تحرير تراب وطنهم والافتخار بهم ،من اجل تكوين مجتمع كردي حر.